|
الدفاع عن سيادة لبنان الديمقراطي دفاع عن كل المستقبل العربي
سالم جبران
الحوار المتمدن-العدد: 1746 - 2006 / 11 / 26 - 11:15
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بعد أسبوعين من توقُّف الحرب بين إسرائيل وحزب الله, أعلن السيد حسن نصر الله الأمين العام لهذا الحزب في مقابلة مع تلفزيون "نيو تي في" اللبناني أنه "لو كان يعلم أن إسرائيل سوف ترد هذا الرد الكاسح المدمِّر على اختطاف جنديين إسرائيليين لما كان، بكل تأكيد وقطْع، اتخذ قراراً بتنفيذ هذه العملية"؟؟ لقد قال حسن نصر الله هذا الكلام، لأنه كان يدرك أن عشرات ألوف العائلات التي خسرت أحباءها يسألون نفس السؤال، وعشرات ألوف العائلات التي تهدمت بيوتها يسألون نفس السؤال. وكل الشعب اللبناني الذي كلفته الحرب خسارة تصل إلى أكثر من عشرين مليار دولار، يسأل نفس السؤال! بعض المدافعين عن مغامرة حسن نصرالله يقولون: "إنه شجاع إنه صريح". وماذا استفاد لبنان؟ هل القائد السياسي الحقيقي، المسؤول والمتزِّن، لا يجب أن يحسب كل الاحتمالات؟ وهل حسِب حسن نصرالله، أن إسرائيل أصبحت "بقرة عرجاء " أو "نعجة ذليلة" ولذلك كل ما تبقى هو الانقضاض لقتلها؟! ولكننا نقول، في يقين سياسي كامل، إن حسن نصر الله توقَّع ردّاً همجياً، وانتظر هذا الرد ايماناً منه، بأن ضربة عنيفة ردّاً على حرب مليشيات حزب الله سوف تُسْكِت القوى الوطنية اللبنانية التي تقول، بحق، بضرورة استكمال سيادة لبنان على كل أرضه، بعد إلغاء "الوصاية" السورية، وعنوان السيادة اللبنانية هو بسْط السلطة اللبنانية فوق كل لبنان، ووجود جيش واحد، هو الجيش الوطني اللبناني في كل أرض لبنان. كثيرون جداً خارج لبنان لا يعرفون أنه في الثلاثين سنة الماضية، منذ الاحتلال السوري للبنان، لم يصل جندي لبناني واحد إلى الجنوب، وبرعاية سورية، صار الجنوب "دويلة" للأصولية الشيعية، حليفة، ويقال تابعة للنظام الطائفي العلوي في سورية وللنظام الأصولي الشيعي في ايران. كل الذين يدافعون عن حزب الله، يجب أن يجيبوا على الأسئلة المنطقية البسيطة، إذا كانت هذه التجربة فعالة في عملية التحرير، فلماذا لا تسمح سورية بإقامة "حزب الله" في سورية لتحرير الجولان؟ وهل تسمح سورية لجيش في بلادها غير الجيش "العقائدي" البعثي؟ هل تقبل الأردن أو مصر أو السعودية أو ليبيا أو تونس أو المغرب بوجود أكثر من جيش واحد فيها؟ كيف يمكن لحزب يخوض الانتخابات للبرلمان اللبناني، (وكان عنده وزيران!) أن يكون عنده جيش خاص به؟! إن حسن نصرالله ذكي، حقاً. ولذلك نسمعه يتحدث عن "المواطنة" وعن" التعددية" وعن "العيش المشترك". ولكن مَن يصدِّق هذا الكلام؟ إن حزب الله هو حزب ديني أصولي، على الطريقة الايرانية، فهل "المواطنه" التي يعد السيد نصر الله بها هي شبيهة، أو نسخة طبق الأصل، للمواطنه على الطريقة الايرانية؟! إننا نسأل: ما هي المصادر المالية للدويلة التي أقامها حسن نصر الله في جنوب لبنان؟ وما هي مصادر الأسلحة التي في حوزة حزب الله؟ أحقاً ايران تقدِّم كل هذا لمليشيات حسن نصرالله من منطلق" الورع الإسلامي"، أم أنّ ايران ترى في حزب الله ركيزة أيديولوجية وسياسية وعسكرية لايران؟ إننا نقول وبصوت عالٍ، إن ايران وهي ترى العالم العربي مفككاً وضعيفاً وأنظمته عاجزة سياسياً وفكرياً، تسعى إلى نشر الأصولية الدينية "القتالية" الايرانية، تسعى إلى جرّ بلدان عربية للتبعية الايرانية، وهذا يساعدها على أن تصير الدولة الاقليمية الرئيسية في المنطقة العربية. إسألوا ايران: لماذا تتمسك باحتلال جزيرتين عربيتين في الخليج العربي؟ واسألوا الدول العربية المجاورة لايران لماذا تخاف خوفاً شديداً من نزعة التغلغل والهيمنة الايرانية؟ وحتّى لو وضعنا كل هذا جانباً فإننا نسأل: لبنان بعد أن تخلص من الوصاية السورية الخانقة يريد أن يكون بلداً ديمقراطياً، فيه تعددية حزبية وفيه انفتاح على العصر سياسياً وثقافياً واجتماعياً، يريد الشراكة الأخوية المتساوية بين كل مواطنيه والأخوّة المجتمعية بين طوائفه. أليس وجود حزب مليشيات مسلحة يُشكِّل تهديداً خطيراً لذلك؟ كيف يُمكن "لحزب واحدٍ أحد" أن يكون ممثلاً في البرلمان والحكومة وعنده جيش خاص فئوي أقوى من جيش الدولة؟!! لقد خطف مقاتلو حزب الله جنديين إسرائليين وقتلوا ثمانية جنود. ولكن هل يقول لنا حسن نصرالله ما هو عدد الشهداء اللبنانيين خلال الحرب؟ هل يقول لنا بصوته المؤثِّر ما هو عدد الذين رحلوا وتركوا وراءهم بيوتاً مهدومة؟ ليعترف أن أكثر من مليون إنسان لبناني ظلوا في العراء، واكتظّت بهم حدائق بيروت صيفاً، وأين هم الآن، في الشتاء؟ هل يقول لنا السيد حسن نصرالله، كم عمارة هدمها القصف الوحشي الإسرائيلي 38 ألف عمارة. حتّى لو أن ايران ستدفع كل تكاليف إعادة الإعمار هل هذا يعزي اللبنانيين؟ هل لبنان، دولة وشعباً، هو حجارة شطرنج، في يد اللاعب الايراني، في مناوراته السياسية والعسكرية ضد إسرائيل؟ إن لبنان، بعد انحسار الاحتلال السوري، بدأ يحقق أملاً بالغ الأهمية، بناء تحالف وطني ديمقراطي واسع، يشمل كل الطوائف اللبنانية. إن القيادات السياسية في السُنّة، وكذلك القيادات بين المسيحيين، وكل القيادات بين الدروز، تنصهر في حركة وطنية ديمقراطية واحدة. لقد قال الشهيد رفيق الحريري مرّة: "لبنان وطن كل الشعب اللبناني، وطن المسلم والمسيحي والدرزي، وهم أُخوة ومتساوون في المواطنة، وفي المسؤولية عن بناء البلد وازدهار البلد". وهذه هي روح حركة 14 آذار الجبارة التي قامت كالربيع وكالعاصفة، بعد استشهاد الحريري، وسورية وايران مرعوبتان من إمكانية تحول لبنان إلى دولة ديمقراطية حضارية وعصرية مفتوحة على العصر، تشكِّل قوَّة جذب وإشعاع أمام كل شعوب الأمة العربية. إن الدور المنوط بحزب الله هو أن يكون القوة المضادة، داخل العالم العربي، خدمة للمآرب الإرهابية المغامرة لايران، وخدمة للنظام السوري الدكتاتوري المرعوب من "عدوى" التجربة الديمقراطية اللبنانية. إن حزب الله، مثل كل الحركات الأصولية الدينية المتطرفة ليس ديمقراطياً بل هو معادٍ للديمقراطية بطبيعته الأصولية المتطرفة. وكذلك هي الحركات الأصولية الدينية المتطرفة التي "فقسّت" في العديد من البلاد العربية، بما فيها الشعب الفلسطيني. الحركات الأصولية الدينية معادية للقومية وتحاول أن تكون بديلاً لها، معادية للتعددية، لأنها شمولية معادية للديمقراطية لأن الديمقراطية "بدعة غربية مستوردة"، ومعادية لقبول الآخر والاعتدال والصراع السلمي على السلطة..كل الديماغوغيا واللعب بالألفاظ ليس بإمكانه إخفاء هذه الطبيعة الأيديولوجية للأصولية الدينية المتطرفة.كل أصولية دينية متطرفة هي معادية للقومية المعاصرة ومعادية للتعددية ،ولذلك لا تقبل الآخر المختلف عنها. ويبدو أن المؤامرات الأصولية الايرانية المتحالفة مع الدكتاتورية البعثية في سورية، ترى في لبنان "الحلقة الأضعف"، تريد خنق التجربة الديمقراطية اللبنانية، قبل أن تصبح الشرارة لهيباً يحرق أنظمة الفساد والدكتاتورية وتريد بقاء الأوطان العربية سجوناً لشعوبها. إن الحجم السياسي والحضاري للبنان أكبر بكثير من حجمه الجغرافي. وحماية لبنان ومساره الديمقراطي التعددي، هي مهمة قومية وحضارية كبرى، يجب أن لا يقوم بها شعب لبنان، العربي الديمقراطي، وحده، بل يجب أن تلتف حول شعب لبنان ومسيرته الديمقراطية الحضارية، كل قوى التقدم والحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان ، في العالم العربي وعالمياً. لجوء قوى الأمس المظلم إلى الإرهاب والاغتيالات ليس دليل قوة، بل دليل ضعف. وليكن دم قافلة الشهداء-رفيق الحريري وباسل فليحان وجورج حاوي وسمير قصير وجبران تويني وبيار الجميل، النار التي تحرق أنظمة الدكتاتورية والإرهاب، والنور الذي يضيء المستقبل اللبناني والمستقبل العربي كله!
#سالم_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمواجهة قوى التطرف الديني والاستبداد
-
لا قيمة للإنسان وحياة الإنسان
-
ربيع الثورة يعم أمريكا اللاتينية
-
-أدولف ليبرمان يدعو إلى ..تنظيف- إسرائيل من العرب
-
تقول إنك قومي ماذا تقصد؟
-
لماذا يقرر كل متطرف متخلف أنه إمام فينا
-
المهاجرن العرب إلى الغرب.. غيتوات مغلقة..أم شركاء في المجتمع
...
-
البطل غير قابل للتدجين
-
جامعات أم مصانع
-
الدين سماء لا زنزانة
-
الطريق للخروج من المأزق واللحاق بالتقدم الإنساني العاصف
-
لبنان بتجربته الحضارية أكبر بكثير من مساحته
-
الشعب لا يأكل أوهاماً
-
- العرب الجيدون - - العرب الساقطون في خدمة نظام القمع الاسرا
...
-
الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل تعيش أزمة قيادة غير مسبوقة
-
دور المثقف في نظر إدوارد سعيد
-
ماركسية الحقبة الجديدة-ثورية,إنسانية,ديمقراطية
-
أكبر من أزمة ثقافية
-
كذب الظَّن ,لا إمام سوى العقل!
-
إسرائيل بدأت تستعد للحرب القادمة
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|