الحسن بن طلال........؟أوحكاية الحمير العطشى!!!!!
لا شك أن الاحتلال الامريكي قد أدى الى انهيار البنية التحتية الاساسية للمجتمع العراقي وانعدام وغياب ملامح النظام السياسي والحكومة التي يفترض أن تعقب حكومة وسلطة البعث وصدام حسين الاجرامية،النظام السياسي والحكومة المؤقتة أو الدائمية أصبحا في خبر كان،كذلك انعدام كل ما يشير الى ان المجتمع العراقي هو جزء من المجتمع البشري المعاصر بلا دولة ولا سلطة ولا قانون وتم فرض مآسي كثيرة ومرعبة على العراقيين حيث أصبحوا يواجهون مصيراً مجهولاً ومستقبلاً يصعب عليهم استشفاف ملامحه في ظل سيادة فضاء واسع من الاضطراب السياسي والأمني وأصبح الشعور بالامان والحصول على لقمة العيش حلماً صعب التحقيق.الاحتلال الامريكي حوَل العراق الى ساحة لحسم الكثير من القضايا العالمية العالقة وأقصد بها قضايا النفوذ والمصالح الاقتصادية والاستراتيجية بين امريكا من جهة والعالم قاطبة والذي تريده امريكا ان يسير وفق معطيات و مجددات نظامها العالمي الجديد، من جهة اخرى،فالعراق اصبح الحلقة الاضعف التي تنطلق منها امريكا لغرض سيطرتها وهيمنتها السياسية والعسكرية على العالم غير مترددة في توجيه رسائلها الى دول العالم بضرورة الانصياع لغطرستها وعنجهيتها السافرة.وفي مشهد كهذا فأن حياة ومعيشة الجماهير في العراق وأمنها وأستقرارها ومستقبلها قد أصبح ميداناً لصراع البدائل وبروز القوى السياسية المختلفة داخل العراق والسعي الكثير من القوى،حكومات،احزاب،شخصيات من الدول المجاورة للتدخل وفرض بديلها وتحقيق أهدافها ومطامحها السياسة في العراق من خلال دعمها لقوى وتيارات معينة قد تكون نسخة منها وربما اسوء بكثير أو من خلال عقد المؤتمرات والاجتماعات الاقليمية لبحث موضوع العراق والاوضاع المترتبة على تواجد امريكا،كدولة محتلة في العراق.
كثيرة هي البدائل التي تقدمت بها دول الجوار وكثيرة أيضاً هي الشخصيات التي تسعى لأن يكون لها دور ما في رسم المصير والمستقبل السياسي في العراق،ولعل(الحسن بن طلال) الامير المخلوع،واحد من الكثير من الشخصيات الساعية أو الباحثة لها عن دور في خضم التحولات والانهيارات التي يعيشها العالم العربي بدوله وجامعته العربية،غير أن دخول الامير المخلوع على مسار الاوضاع السياسية في العراق هذه المرة قد جاء بشكل فظيع ومثير للاستهجان والمرارة.ففي لحظة من هذا الزمن الرديء الذي يُسحق فيه العراقيين بقسوة وبوحشية قل نظيرها،نطق(حسن بن طلال) وحول العراقيين الى حمير عطشى وبحاجة الى من يسقيها،هذا الكلام ليس من بنات أفكارنا أو تجاوز على شخصية ومكانة هذا الامير،بل هو نص ما قاله في مقابلة مع قناة ابو ظبي الفضائية في يوم 13/حزيران/2003 وعبر برنامج(دنيا) اذ استدرك أقواله أو حاول ان يعززها بمثل ساقه دون تردد أو حتى تأمل بسيط حيث قال(هناك مثل يقول ـ أنا امير وانت أمير.. مين يسقي الحمير)واردف قائلا لتعزيز مثله البائس،(الناس في العراق عطشى وبحاجة الى الماء الصالح للشرب والى من يوفر لهم الماء)أي أن مثله هذا ينطبق على العراقيين تماماً.يقال أن الامثال تضرب ولا تقاس،ولكن حسن بن طلال،بقي مصراً على ايراد هذا المثل البائس دون حياء ودون لحظة خجل أو تردد!!!!!
حتماً ستكون هناك اسئلة كثيرة حول اسباب بروز(حسن بن طلال)على مسار الاوضاع في العراق،يقال أنه يسعى لأن يكون له دور في الاوضاع السياسية المتردية التي يشهدها العالم العربي،ويقال أيضا أنه يسعى للبقاء في مشهد الاحداث وتعويض النقص الذي اصاب مكانته بعد أن تم خلعه من كرسي العرش الملكي في الاردن والذي كان قاب قوسين أو ادنى من الوصول اليه،غير ان المسالة الاساسية بالنسبة للـ (حسن بن طلال)أنه مثل الكثير من حالمين بعودة الملكية الغابرة والمقبورة في العراق،اسوة بأنصار وزعيم الحركة الملكية الدستورية الحالمين ابداً بعودة المجتمع والتأريخ والبشرية الى الرواء واعادة الحياة الى العائلة المالكة مجدداً.وربما يطمح هو أيضاً أي(حسن بن طلال)لتولي عرش الحكم في العراق،كما حدث في العشرينيات القرن العشرين حيث نصب أحد افراد العائلة الهاشمية ملكاً على العراق.
أن على(الحسن بن طلال)ومن هم على شاكلته من الطامحين،الحالمين بعودة الملكية،أن يفهموا أن الملكية هي وليدة نظام أجتماعي واقتصادي معين وفي مرحلة معينة من تطور المجتمع البشري وان فرضها على العراق من قبل بريطانيا في عشرينيات لقرن العشرين قد جاء نتيجة توافقات سياسية ونتيجة لاتفاقيات تقسيم مناطق النفوذ بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولى ولم تكن لها أية ارضية اجتماعية واقتصادية في العراق رغم التخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي كان سائداً انذاك واذا كان الحكم الملكي في العراق قد حظي بدعم وتأييد معين من العراقيين،فأن مرد ذلك الى النزعة القومية السائدة انذاك مقابل الاحتلال والتواجد والتسلط البريطاني.واذا كان المطبلون لعودة الملكية يتعكزون على قضية الدستور والتعددية السياسية والحزبية وان النظام الملكي هو الضمانة الاكيدة لتحقق كلا القضيتين،فأن دول العالم المتحضر التي انقرضت فيها سلطة وسطوة العشيرة والدين وتقاليدهما واعرافهما المقيتة،فيها دستور يقر اساسا بحقوق الانسان وحرياته الكاملة وغير منقوصة وفيه ضمان للتعددية السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان والبيئة والدفاع عن الحيوان.... الخ وهي انظمة جمهورية واذا كانت هناك دول متحضرة كالسويد والدنمارك وهولندا والنرويج وبريطانيا،ما زالت تعرف كأنظمة ملكية،فهذه الملكيات ليست الا بقايا من تأريخ هذه المجتمعات،تم تعليبها والاحتفاظ بها في زاوية ما كالمخللات،ليس لها دور أو مكانة في السياسة والاقتصاد والعلاقات الخارجية،غير أن البرجوازية المتسلطة في هذه البلدان ستقوم في لحظة ما بأطلاق الاسر المالكة من قمقمها وعلبها التي حفظت بها،وستكون في لحظة ما ايضا،ممثل المصلحة الوطنية والقومية ورمزها وراع الشعب،وممثل الله في الارض، يحدث هذا عندما لايكون بأستطاعة البرجوازية وقواها المختلفة،من السيطرة على مطالب الجماهير واحتياجاتها ضد استلاب حقوقها ومكتسباتها.
(الحسن بن طلال)يسعى مثل غيره من ممثلي الحكومات العربية المتمرسة بالرجعية والقبلية ومعاداة كل ما هو متمدن وانساني،وكل ما يقولونه عن استقلالهم وشفافيتهم المقيتة كاذب ومخادع،لان يكون لهذه الحكومات وخصوصا المجاورة منها للعراق دور ما في تحديد مسار الاوضاع السياسية في العراق والنظام السياسي القادم فيه من اجل مصالحها واهدافها وخشية من ممارسة الجماهير في العراق لدورها في اختيار النظام سياسي متلائم مع تطلعاتها وآمانيها سيكون حافزاً للمقموعين والمنكوبين بحكومات اقل ما يقال عنها انها رمز الرجعية والاضطهاد والاستبداد السياسي وخنق الحريات،وسعيهم لفرض ارادتهم على هذه الحكومات وسحق مكانتها المتعفنة.
(والحسن بن طلال)مطالب بتقديم اعتذار رسمي للجماهير في العراق عن المثل الذي اوردت في موضوع يتعلق بهم،وان كل الشخصيات والقوى السياسية المناضلة من اجل مصالح ومطالب الجماهير مطالبة بالتدخل وفضح كل محاولات التدخل في مستقبل ومصير الجماهير وشجب تصريحات واقوال(الحسن بن طلال)التي تمثل استخفافا قل نظيره بأماني وتطلعات الجماهير في العراق.
14/جزيران/2003