كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 100 – حرب البحر الأحمر والجغرافيا السياسية للمنطقة والعالم

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7856 - 2024 / 1 / 14 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع


*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

1) الحوثيون يورطون امريكا

كونستانتين دفينسكي
كاتب صحفي وباحث سياسي روسي

10 يناير 2024

قال الحوثيون اليوم إنهم نفذوا أكبر هجوم لهم على الإطلاق على الأمريكيين باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ. لكنهم لم يبلغوا عن نتائج هذا "الإجراء". وفي وقت سابق، ذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن فرقاطتها، مع السفن الأمريكية، صدت في الصباح أكبر هجوم للحوثيين في البحر الأحمر، ودمرت “عددا كبيرا” من الطائرات بدون طيار الهجومية.

وبالحكم على حقيقة عدم نشر أي صور أو مقاطع فيديو تشير إلى نجاح الحوثيين، فقد تم صد الهجوم بالفعل بدرجة عالية من الاحتمال. ومع ذلك، فإن الشيء الرئيسي هنا، بالطبع، ليس أحداث اليوم بشكل مباشر، ولكن كيف يتكشف الوضع.

فالولايات المتحدة، التي قررت دعم إسرائيل حتى النهاية وفشلت في ثني تل أبيب عن مسار التصعيد، وقعت في الفخ. وهذا بالضبط ما كانت تعول عليه إيران منذ البداية، وهي إدارة الصراع وفق سيناريو مرحلي وإجبار الولايات المتحدة على إنفاق المزيد والمزيد من الموارد. فواشنطن تقاوم فقط، ولا تتقدم. والأهم من ذلك أنه ليس لها أهداف واضحة. فهي لا تحمل "صورة النصر" سيئة السمعة وإمكانية الخروج غير المؤلم.

وبطبيعة الحال، كل هذا جزء من لعبة عالمية أكبر، هدفها إجبار الولايات المتحدة على تشتيت الموارد، ومنعها من التركيز على شيء واحد. وبالفعل، فإن الولايات المتحدة مضطرة إلى تقديم مساعدة كبيرة لإسرائيل. وليس فقط المالي والعسكري، ولكن الأهم من ذلك، الإداري. أوكرانيا والشرق الأوسط وتايوان والانتخابات الرئاسية داخل البلاد – كل هذا يمثل صداعًا كبيرًا للولايات المتحدة. بالإضافة إلى العراق.

منذ بعض الوقت أيضاً، كانت فنزويلا أيضاً تثير الأعصاب، والتي، مع ذلك، "هدأت". ولكن، فمن غير المرجح أن يكون مادورو قد بدأ هذه القصة برمتها باستفتاء على ضم غيانا-إيسيكويبو والتهديد بالغزو، أولا، بنية جدية للقتال، وثانيا، دون التنسيق مع رفاقه الكبار من القارة الأوراسية. . الهدف هو خلق نقاط توتر مستمرة للأنجلوسكسونيين حول العالم. والآن، على سبيل المثال، صعد كيم جونج أون من خطابه المتطرف، كما أن تطور التعاون العسكري الفني بين روسيا وكوريا الديمقراطية يجعل واشنطن تشعر بقلق متزايد بشأن مواقفها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

دعونا نعود إلى الشرق الأوسط. كان استفزاز الحوثيين وإيران خلفهم في البحر الأحمر ناجحا. كان الخيار الأكثر وضوحا للمرحلة التالية من تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الدخول الكامل لحزب الله في الحرب. لكن المرحلة الجديدة كانت مفاجأة حقيقية: اليمن. ولم يكن من الممكن إلا أن تثير الهجمات على السفن المتجهة إلى إسرائيل رد فعل من جانب الأمريكيين، الذين أعلنوا في 18 ديسمبر/كانون الأول عن عملية بحرية ضد الحوثيين "حارس الازدهار" (اسم حمار آخر). مر شهر تقريبًا. هل هناك نتيجة؟ من الواضح أنه لا. وفي الأسبوع الأول من شهر يناير، انخفضت حركة الشحن في البحر الأحمر بنسبة 90%، وفقًا لبيانات شركة Clarksons، والولايات المتحدة مجبرة على إهدار الموارد.

إن ابحار الأسطول ذهابًا وإيابًا أمر مكلف. إن كبار الزعماء في واشنطن لا يهتمون الآن بروسيا الصغيرة(جنوب شرق أوكرانيا) فحسب، بل ولا حتى بإسرائيل. والآن ما زالوا بحاجة إلى مراقبة نشاط الحوثيين في اليمن وبالقرب من شواطئه. عليهم ان يكونوا مستعدين دائمًا للهجمات الجديدة. ومع ذلك، إلى متى سيستمر كل هذا، غير معروف للغرب. ما الذي يجب أن يحدث حتى يهدأ الحوثيون؟ الوضع لا يعتمد بشكل مباشر حتى على الأحداث التي تجري في فلسطين. لنتخيل نظريًا أن إسرائيل طهرت قطاع غزة وانتصرت (رغم أن هذا مستحيل في الوضع الحالي). هل سيوقف الحوثيون هجماتهم؟ بالطبع لا.

**********

2) امريكا وقعت في الفخ

كونستانتين دفينسكي

12 يناير 2024

الليلة، شن "التحالف الدولي"، أو دعونا نسمي الأشياء بأسمائها – شنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على الأراضي اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون. والسبب هو الرد على الهجوم الضخم على السفن الأمريكية والبريطانية الذي وقع في 10 يناير.

لقد كتبت أن الهدف ليس الهجوم المباشر على الأسطول، بل التصعيد المستمر للوضع. الصراع في الشرق الأوسط، الذي بدأ في أكتوبر 2023، له طابع مرحلي واضح. كل مرحلة ليست مرئية بوضوح فحسب، بل إن تطورها واضح أيضًا: البداية والذروة والنهاية. حاليا لدينا ما يلي:

1● المرحلة الأولى هي هجوم على إسرائيل من قبل حماس بهدف استفزاز الجيش الإسرائيلي

2 ● المرحلة الثانية هي جر الجيش الإسرائيلي إلى معارك ضارية في قطاع غزة، حيث يتكبد خسائر فادحة

المرحلة الثالثة كان من المفترض والمتوقع – هي فتح جبهة ثانية لحزب الله في شمال إسرائيل؟! وهذا لم يحدث .... !؟
سأشرح المزيد حول هذه النقطة.
في البداية، افترضت أن المرحلة الثالثة ستكون قيام حزب الله بإطلاق العنان لأعمال عسكرية واسعة النطاق. وبمجرد أن تنجذب إسرائيل إلى قطاع غزة، فسوف تتعرض للهجوم من الشمال وربما من الضفة الغربية. نعم، حركة فتح الآن غير قادرة على القيام بأعمال عسكرية نشطة، ولكن من الممكن جداً زعزعة الوضع في المنطقة عن طريق ضخها بالسلاح.

لكن الصراع تجاوز حدود إسرائيل وفلسطين. لقد تورط الحوثيون، وهي خطوة غير متوقعة ومبتكرة للغاية.
وتبعا لذلك .....
3 ● المرحلة الثالثة – هجمات الحوثيين على إسرائيل، وعرقلة الشحنات التجارية عبر البحر الأحمر، واستفزاز الأنجلوسكسون بشكل مباشر

4 ● المرحلة الرابعة – جر الأنجلوسكسون إلى الحرب

نحن الآن في المرحلة الرابعة. أعلن دعاة العولمة عن عملية بحرية تحمل الاسم التافه "حارس الازدهار". ومع ذلك، بعد أن تمركز الأسطول قبالة سواحل اليمن، فإنهم مجبرون فقط على صد هجمات الحوثيين، التي تتصاعد. كان الهدف من الهجوم الضخم على الأساطيل الأمريكية والبريطانية، والذي تم صده، هو استفزاز الأنجلوسكسون لاتخاذ خطوات أكثر جذرية.

وهذا ما حدث الليلة. وبحسب الحوثيين، تم تنفيذ 73 غارة على أراضيهم.

ما هو المهم الذي يجب أن نلاحظه هنا؟
كان رد فعل الحوثيين هادئا نسبيا، دون الكثير من الهستيريا وما إلى ذلك. وكان هناك انطباع قوي بأنهم مستعدون لمثل هذا السيناريو. وبطبيعة الحال، قاموا بتأمين مواقع الضربات المحتملة مقدما. ومن الواضح أننا لن نرى وفرة من الصور أو مقاطع الفيديو من اليمن. ومع ذلك، لا توجد في الوقت الحالي معلومات يمكن من خلالها الاستنتاج بأن الحوثيين تعرضوا لأضرار جسيمة.

وإذا كان الحوثيون مستعدين لمثل هذه الهجمات، فهذا يعني أنهم مستعدون لإجراءات انتقامية. الخيار الأكثر وضوحًا لهذه الإجراءات الانتقامية هو تكثيف الهجمات على الأسطولين الأمريكي والبريطاني بهدف إصابة سفينة واحدة على الأقل واخراجها من الخدمة. زودتهم إيران بالصواريخ والطائرات المسيرة بكثرة، وتوقعت وصممت مسار الأحداث مسبقا.

إذا نجح الهجوم، فسوف يعاني أنصار العولمة، أولاً، من أضرار جسيمة في سمعتهم. ثانياً، من أجل حفظ ماء وجههم، سيضطرون إلى الانخراط أكثر في الصراع. وصولاً إلى العملية البرية في اليمن. بالطبع، ليس مع وحداتهم البرية، التي ستتلقى الدعم من المتخصصين والقوات البحرية والقوات الجوية. أي أنهم سوف ينفقون المزيد من الموارد.

وفي الوقت نفسه، نتذكر حزب الله الذي يمكن أن يفتح جبهة ثانية لإسرائيل في أي لحظة. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نفكر في القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، والتي تتزايد الهجمات عليها أيضًا.

أحد الأهداف الرئيسية – هو توسيع وتوزيع موارد أنصار العولمة (وليس فقط في جميع أنحاء الشرق الأوسط). مثل هذه العمليات مكلفة. بادئ ذي بدء، بسبب الطرق اللوجستية الممتدة. اسمحوا لي أن أذكركم بأن الولايات المتحدة اعتمدت مؤخراً ميزانية "دفاعية" قياسية بقيمة 886 مليار دولار. ومن المتوقع أيضًا أن يصل عجز الميزانية للسنة المالية إلى مستوى قياسي – 2 تريليون. لكن الأميركيين لم يعد بإمكانهم طباعة النقود كما فعلوا من قبل. ناهيك عن الموارد العسكرية والإدارية التي هي أقل من المالية.
إن تفكيك النظام العالمي المعولم يجري على قدم وساق. وهناك "تحالف دولي" حقيقي يعمل على ذلك.

*************

3) من يشعل النار في الشرق الأوسط حقاً؟

يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

13 يناير 2024

أوجز كونستانتين دفينسكي سيناريو يتم بموجبه توسيع وتشتيت موارد الغرب الجماعي، بقيادة الولايات المتحدة، في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في الشرق الأوسط، بهدف تفكيك النظام العالمي المعولم.

▪️المراحل بحسب دفينسكي هي كما يلي:

1. هجوم حماس على إسرائيل بهدف استفزاز الجيش الإسرائيلي.

2. جر الجيش الإسرائيلي إلى معارك ضارية في قطاع غزة، حيث يتكبد الإسرائيليون خسائر فادحة.


3. هجمات الحوثيين على إسرائيل، وعرقلة التدفقات التجارية في البحر الأحمر، واستفزاز الأنجلوسكسونيين بشكل مباشر.

بالإضافة إلى تصرفات حزب الله في الشمال، والتي تعمل على كبح جماح قوات إسرائيلية كبيرة. وما كان يمكن أن تكون المرحلة الثالثة، لكن الحوثيين كانوا “متقدمين” من حيث التأثير على الوضع العام.

▪️ بالطبع، يمكن وضع مثل هذا السيناريو في الاعتبار – ولكن في نفس الوقت يجب على المرء أن يضع في اعتباره منطقًا مختلفًا للأحداث.

وليس من قبيل الصدفة أن تطلق تل أبيب على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 اسم "11 سبتمبر الإسرائيلي".

بعد الهجوم الإرهابي المنسق في 11 سبتمبر، غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها أفغانستان والعراق وسوريا، ودمرت ليبيا، وبدأت الربيع العربي.

يبدو هجوم حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) مشابهًا - مذهل للغاية، ودموي، ولا يُنسى - ويثير نفس السؤال "كيف تم السماح بحدوث ذلك؟"

من الممكن أننا نشهد اليوم محاولة لتكرار نفس سيناريو 11 سبتمبر القديم – وفي نفس المناطق الجغرافية تقريبًا. في هذا السيناريو، يعمل أنصار العولمة، " Collective Wall Street"، على تأجيج نيران الحرب الكبرى من أجل الخروج منتصرين من أزمة النظام التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، والحفاظ على هيمنتهم على الكرة الأرضية.

ويدعم هذا الإحتمال أيضًا موقف روسيا الحذر إلى حد ما بشأن الصراع في أوكرانيا. وكقاعدة عامة، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا هما اللتان توصلاه إلى مستوى جديد من التصعيد، ونحن نرد فقط. وذلك - داخل الحدود الجغرافية للأراضي الأوكرانية.

▪️ من الممكن أيضًا هنا إجراء المزيد من التدقيق، والذي يميز بوضوح، على سبيل المثال، بين مصالح واشنطن ولندن.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كتبنا أن "الأسماك البريطانية" يمكن اصطيادها في المياه العكرة للصراع في الشرق الأوسط.

لقد كانت بريطانيا هي صاحبة منصب الوكيل الطويل الأمد في فلسطين، وكان هجوم حماس هو الذي جلب لها الفائدة الرئيسية: فقد اشتبك كل منافسيها، وكان الجميع يعاني من مشاكل - باستثناء بريطانيا. وتستفيد لندن من ضعف الولايات المتحدة، وأزمة الاتحاد الأوروبي، والتحول إلى إيران وروسيا والصين. (موقف الوكيل في الأدبيات السوفياتية – المنصب الذي يشغله عميل وكالات أمن الدولة في المخابرات والاستخبارات المضادة وغيرها من الخدمات الخاصة للدول الرأسمالية، في المنظمات والجماعات المناهضة للسوفيات، بين القوميين، والعناصر المناهضة للسوفيات من بين رجال الكنيسة والطوائف، وكذلك في الدفاع و مرافق أخرى ذات أهمية خاصة، مما يمنحه الفرصة لتنفيذ مهام أجهزة أمن الدولة في الاتحاد السوفياتي-المترجم).

اليوم، أصبحت بريطانيا أكثر نشاطا في مجالين من مجالات السياسة الخارجية في وقت واحد – قبالة سواحل اليمن وفي أوكرانيا. علاوة على ذلك، فإن ما يلفت النظر في أوكرانيا ليس فقط توقيع سوناك وزيلينسكي على اتفاقية التعاون في مجال الأمن، والتي تمكنت لندن في إطارها من ترك يديها غير مقيدة، ولكن أيضًا الأخبار المتعلقة بالوفاة في الزنزانات الأوكرانية. للمواطن الأمريكي "غونزالو ليرا"، والتي يبدو أنها جاءت في توقيت مناسب لزيارة رئيس الوزراء البريطاني...

▪️بطريقة أو بأخرى، وبغض النظر عن السيناريوهات التي يلعبها خصم واحد أو أكثر، فإن روسيا لديها دائمًا الفرصة للعب لعبتها الخاصة ضد لعبة شخص آخر. واتخاذ خطوات معينة في لحظة مناسبة.

ومن الأمثلة الصارخة على ذلك - إعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع روسيا. نظمت الولايات المتحدة انقلابًا في أوكرانيا خلال ما سمي الميدان الأوروبي في الفترة 2013-2014 وكانت تخطط بالفعل لطرد أسطول البحر الأسود الخاص بنا من شبه الجزيرة – مع نشر قواعدها البحرية والجوية لاحقًا . ولكن عادت شبه جزيرة القرم إلى روسيا.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات