|
انتهاك حريات--دينية--رق--عبودية--5
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1745 - 2006 / 11 / 25 - 05:37
المحور:
حقوق الانسان
انتهاك حقوق الانسان يشمل أيضا فيما يشمله الحرية الدينية، وهذا معناه أن أية ديانة غير الاسلام لا يمكن ممارسة شعائرها ، وأية مخالفة لهذ القاعدة تعاقب بالطرد الفوري .ولتبرير هذا الخرق الفاضح للبند 18 من بيان الأمم المتحدة ، تؤكد السلطات الدينية ان الههم قد جعل من هذا البلد موطن الاسلام . ومن الاثم السماح بممارسة شعائر اخرى --- هذا المنطق الظلامي يمنع الطوائف غير الاسلامية من ممارسة شعائرها وهذه حال الطائفة الكاثوليكية (500000 نسمة) التي اضطرت الى تنظيم نفسها في السر . وهكذا يتم تبليغ افراد الطائفة شفهيا بموعد القداس الذي يقيمه قساوسة يتنكرون كمهندسين أو فنيين كي يحصلوا على تأشيرات دخول. ويقوم المسيحيون بالظل بتقديم حقيبة للقس المتنكر تحوي على كل مستلزمات القداس . وقبل الموعد تكون سيارة دبلوماسية قد أحضرت أرغنا قديما وموسيقيا . ولا تجهل السلطات السعودية حتما هذه المواعيد شبه السرية . اذ ان العدد الكبير من السيارات التي تلتقي يومي عيد الميلاد والفصح امام مساكن السفراء ، هو مؤشر كاف ، لكنها تفضل تجاهل الموضوع كيلا تُثير مشاكل دبلوماسية . لكن هذه القداديس لا تمس الا عددا محدودا من ابناء الطائفة المسيحية بينما تبقى الغالبية العظمى دون طقوس دينية . وكل هذا تحت سمع وبصر الحكومة الأمريكية حامية الحريات وحقوق الانسان في العالم. ويعني غياب الحرية الدينية أيضا أن السعودي هو مسلم بالضرورة وأنه ليس بالامكان تغيير دينه . وفي ايلول من عام 1992 ، قُطع رأس أحد المواطنين السعوديين بتهمة الارتداد عن الدين واعتناق المسيحية ، وقيل انه كان يحمل معه انجيلا ورفض العودة عن المسيحية فقُطع رأسه، على مرأى ومسمع من السفارة الأمريكية، والتي لم توجه أي انتقاد لهذه الجريمة ، فالمصلحة فوق الحق.
في هذا الجو من الاكراه الديني كيف لا نذكر التمييز والمعاملة السيئة التي تتلقاها الطائفة الشيعية (500 ألف نسمة) الموجودة في المملكة وخاصة في المنطقة الشرقية . فهذه الطائفة لا يُسمح لها الا نادرا ببناء المساجد وتحيط السلطات أي تظاهرة دينية شيعية في الأماكن العامة -------وهذا الارتياب ، الكلمة ضعيفة، اذ يجب التكلم عن الاحتقار -تجاه الشيعة- ينعكس أيضا في الدوائر المدنية والعسكرية حيث يُعتبرون كمسلمين من الدرجة الثانية ، ولا يترقون الا نادرا الى الوظائف العليا. وخلف هذه المعاملة المجحفة تختبئ ، طبعا أسباب سياسية : فالسلطة ترتاب من طائفة قد تستجيب لأوامر طهران ------ على أن هذا الاحتقار المعلن للحرية الدينية لا يمنع الصحف السعودية ، وبوقاحة نادرة، من توجيه مقالات تقريع وهجاء عنيفة ضد أولئك الذين يُظهرون تعصبهم في العالم . وهكذا وبوقاحة سعودية مطلقة، تعرضوا بالسخرية للسلطات الفرنسية متهمينها بالتعصب بمناسبة ائارة قضية الحجاب الاسلامي . فهل يجب ان نذكرهم ان مجرد تعليق الصليب حول العنق قد يضع المسيحي في وضع غير مريح ، اذا ما أوقفته الشرطة الدينية؟ اما أثناء حرب الخليج فقد تلقت سيارات اسعاف الجيش الفرنسي، وبوقاحة قل نظيرها، تعليمات بشأن تسوية الصلبان الحمر المرسومة على سياراتها----
تم الغاء العبودية رسميا في العربية السعودية عام 1962 ، بصعوبة أي بعد أربعة عشر عاما من التصديق على ميثاق الأمم المتحدة حول حقوق الانسان . أي أن السعودية التي تُقدم نفسها كقائد روحي للأمة الاسلامية قد أخذت وقتها كي تضع حدا لاحدى الممارسات الأكثر جورا التي تخلت عنها الأمم المتحضرة منذ نهاية القرن التاسع عشر بينما استمرت هذه الظاهرة في السعودية. وهو سؤال يطرح نفسه: هل سمح الاسلام طيلة هذه الفترة بانتهاك حقوق الناس، ثم عاد وغير رأيه، ومن الذي يُقرر كل ذلك؟. لكن أما تزال هناك أنواع من الرق في المملكة؟ السؤال هذا في محله، ولنا أن نتساءل عما اذا كانت هناك صنوف من العمل ليست عبودية بالمعنى الحرفي للكلمة، اولئك الخدم ذوي البشرة الداكنة ، حفاة الأقدام، يُقدمون للضيوف القهوة الخضراء مع حب الهال؟ انهم ليسوا جزءا من الخدم الأجانب الذين يعج بهم المكان . انهم (الخربان) الذين ترعرعوا مع الأمير وهم مرتبطون به كليا ومع انهم سعوديون الآن ، فانهم كانوا بشكل عام أبناء العبيد القدامى . انهم تحت تصرف السيد ليلا نهارا ويعيشون في غياهب القصر، ولا يملكون حرية الخروج، فأغلبهم لا يعرف أين يذهب ولا يملك مكانا آخر وغالبا ما يتكنون باسم الأمير الذي يخدمونه ، لأنه لا أسماء لهم. لكن ما يصدم اكثر ، هو تصرف السعوديين المؤمنين تجاه طبقة معينة من المهاجرين وخاصة أولئك من البلاد الآسيوية . من منا لم ير صفوف الانتظار الطويلة في المطارات حيث يقف اليرلنكيون والهنود ينتظرون ساعات طويلة ريثما يأتي (كفيلهم) السعودي ؟ وكعلامة عرفان ، فانهم يحملون على بطونهم ، أو في ايديهم، لافتة صغيرة عليها رقمهم . وهكذا يكتشفون مع تعنيف رجال الشرطة والجمارك البلد الذي حلموا به . وأول ما يفعله الكفيل هو مصادرة جوازات سفرهم محتفظا بها طوال مدة اقامتهم . هذا يعني ان صاحب الجواز بات متعلقا بكفيله وليس بمقدوره مغادرة اليلاد دون اذنه. وكم من هؤلاء البشر رأوا احلامهم تتحطم ، هم الذين كانوا يحلمون بالثروة في العربية السعودية؟ هذا الطباخ الذي وعد بالعمل في مطابخ مطعم كبير ، وجد نفسه أمام ألة لقلي البطاطس مدة ثلاث سنوات، وهذا المهندس الزراعي الباكستاني الذي وظف للعناية بمزرعة على النمط الكاليفورني ، وجد نفسه في نفس المزرعة لكن مع راتب لا يتجاوز نصف ما وعد به ولا تتجاوز مهمته دور عامل عادي . وماذا نقول عن أولئك الشباب الذين لا يملكون أية مؤهلات والذين وجدوا أنفسهم في الصحراء يرعون قطعان الجمال والماعز ويتقاضون راتبا بائسا لا يكفي لسد رمقهم؟ هذه اليد العاملة مؤهلة ام غير مؤهلة تجد نفسها دون دفاع امام تجاوزات ارباب العمل . وعندما تعلم السفارات عن الصعوبات التي يواجهها رعاياها تتردد في التدخل. فالمعنيون الذين غالبا لا يتكلمون العربية ولا يستطيعون التوجه الى المحاكم التي لا تهتم بالدفاع عن اولئك البائسين . ومن جهة ثانية فلا توجد أية نقابات أو جمعيات حرفية ، كما تمنع الاضرابات ويتوجب على المهاجرين في السنة الأولى تسديد نفقات من جلبهم الى السعودية . ومن هذه النفقات العمولة السمينة التي تلقاها الكفيل كي يسهل لهم الحصول على تأشيرة الدخول . اما اذا ارادوا العودة الى بلادهم قبل نهاية العقد فيتوجب عليهم ان يفعلوا ذلك على حسابهم . ونادرا ما يقوم هؤلاء بهذه الخطوة . وبعد تجاوزهم حدود المرارة ، يعتاددون حياة هي مساوية للبؤس الذي تركوه.
من كتاب السعودية الديكتاتورية المحمية جان ميشيل فولكيه اصدار ميديويست للنشر منشورات اليان ميشيل
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيير الجميل--ويستمر الجرح المسيحي ينزف
-
حقوق الانسان عند اصدقاء امريكا--4--
-
((لا يستقم حكم العرب الا بالدين أو السيف)) ويحكم السعوديون ا
...
-
ملكية عائلية--3-
-
ان عائلة سعود شديدة التنظيم مثل فرقة عسكرية-2-
-
((قالت ان الملوك اذا دخلوا قريةَ أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أ
...
-
----نطلب قانون عصري للأحزاب لحماية سوريا من الفوضى والخراب.
-
صراع خير وشر ---وليس صراع حضارات
-
نستحلفكم بالله جميعا، حافظوا على سوريا-----الحوار المتمدن أي
...
-
رسالة الشعب السوري بخصوص المحكمة الدولية
-
فلافل و---كبسة
-
مواطن اسمه جبر-----
-
فاتحة--ومزمور--وخاتمة
-
-سيدي بوش--حزينون لمشروع استقبال الطغاة والقتلة
-
شركاء في (الثراء) والضراء -----
-
اللي استحوا ماتوا--واللي ما استحوا راحوا على العمرة--
-
لتسقط كل الحكومات ---ماعدا السورية--
-
قال الملك: على لبنان أن يُصبح مسلما --الكسليك الجوهرة التي ح
...
-
أغبياء القمع الأنترنيتي وموقع الحوار المتمدن.-----
-
سيدي الكاردينال---مجلس المطارنة الموارنة الموقر----
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|