أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(5)















المزيد.....

صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(5)


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7854 - 2024 / 1 / 12 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


تختلط الأشياء في هذه الرأس التي لا تريد أن تنسى .. تمنى مرارا أن ينهض في إحدى سِناته ليجدها في غير محلها في أي داهية لا يهم لتبتعِدْ ليتخَلصْ منها .. لو أنها تزول من هناك تنتحي جانبا وتترك المكان .. لو تسنى له ذلك، لرَمَى بها في أقرب سلة مهملات يصادفها في طريقه ولآقتنى من أقرب حانوت بَزَارٍ رأسا مناسبا معتدلا مستقيما ثابتا و .. هههه .. جميلا، بيد أنه ليس في الإبداع أبدع مما كان .. يُسَلِّمُ مصيره للمصائر تفعل به ما تشاء مهدئا إياها راضيا مقتنعا حامدا النعمة ومَنْ جاد بها، لكن أوجاعا تنتابه من حين لآخر يكون سببها رأسه المنحوسة التي تأبى إلا أن تتذكر ولا تنسَى، فيتكدر طبعه ويسود ميزاجه .. يعوذ بالله من شر ما خلق من الوساوس والهواجس .. يغتسل .. إيييهْ .. يتوضأ كما كانت تفعل طفولتُه طقوسَها آلأثيرة .. يقصد مُصلى قريبا هناك .. يصلي المغرب بركعات ثلاثة كما عهدها آخر مرة قبل أنْ .. لم يتغير شيء، ثم يقضي ما بقي في ذمته من صلوات لم يُصلها في وقتها .. قضى ما تذكر منها وتمنى مخلصا أن يتذكر ما تبقى لكنه لم يتذكر .. مَنْ يدري .. قد يكون صلاها ونسي ذلك في غمرة ما يكابده مع هذه الرأس اللعينة العامرة بالمفارقات .. دعا صادقا أن يُغفرَ له تهاونه وكسله وأن تتم مساعدته في محنه آلعشواء المتناسلة التي لا تريد أن تنتهي .. بقيَ كذلك مدة من الزمن آستمع لأصوات ذَكَّرَتْهُ بادية الجبل .. فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ .. كانوا يرتلون .. وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .. لا، لم يخلد هناااك ولا هنا .. هي لحظات من جمر وجِنان كلٌّ منها ينخسه بلواعج تسيخ به تارة في الأسفلين وأخرى تسمو تعلو حتى لَيُوشك يصدق حقيقة النعيم وأزله الدائم .. لااا .. هي محن كبرى، عليه أنْ يسلُوَ يَنسى .. لكن هاته الفضاعة التي فوق الرقبة تفعل ما تشاء دون أن تراعي خواطره الثكلى .. ليقاوم إذن بعض الوقت ليشاكس ليناور قليلا حتى .. قضى والجماعةَ العشاء وما بعد العشاء، ولم يخرج إلا ونفسه راضية مرضية، هكذا أحس، كذلك شعر، لكن فور معاودته دخوله الدار إلا و .. طق طق طق .. المطارق ذاتها تعاود الرجوع والطرق والضغط والضرب بلا هوادة آتية بآلااااف الوساوس تحط رحالها في مسامه من جديد مرفرفة بأجنحة من صديد قميئ لا يهدأ لا يلين .. يحاول طردها بتلاوة بعض الآيات تحفظها طفولته الأولى عن ظهر قلب منذ زمن مسيد الجبل العالي وكُتَّاب الحي القديم في المدينة ذات مَرَج البحرين لا يلتقيان بينهما برزح لا يبغيان .. لقد ولى زمن الجبال والبحار يا لِيتِيلْ بيݣْمَانْ فاسحا الفُسحَ لمزيد من العثار والبوار .. لا مفر .. لقد جرب وخبر .. كل براري الداخل فلوات عجاف لا تُبقي وحوشها لا تذر لواحة للبشر عليها رؤوس ناتئة متورمة كرأسه آلمشدوخة محملةً على خوازيق مدببة مسننة حادة تشجُّ تشقُّ تقصل تفتق تُدْمي دون أنْ تترك الروح تذهب لحالها، فهي رهينة المحابس .. مأكلها رُغام مشربها زؤام .. لا حينَ لها يرحمها لا حتف يأويها ولا ثقة في أعين حُورها الحَوَر .. يحاول قراءة الكتب التي لم يقرأها قبل أنْ ... أو قرأ صفحات معدودات كثيرة أو قليلة ولم يكملها لظروف شتى كهذه التي يعيشها الآن .. لا فائدة .. فور تصل عيناه الصفحة الرابعة عشرة يعتريه نوم جديد .. يصفع خديه .. يقسو في الضرب .. يضيئ الغرفة كلها ليعطي آنطباعا بيقظة فائقة .. يحس نفسه ثقيلا كركدن كحلوف غابة تالف لم يألف مدن الإسمنت وحواري أسياخ النحاس .. باسر الوجه والعينين مقتضب العبارة والإشارة لا يكلم إنْ تكلم غير نفسه .. يعجز عن إبداء أدنى الحركات يُسرا .. يتناسل في قدميه الإرهاق يتنملان يتشنجان ينحبس فيهما صعود الدماء وآنحدارها .. يجر جثته بالزعط يحس رغبة في مزيد من السبات .. يحاول أن يقاوم هذه الطبيعة المقيتة .. ينهض من مرقده الدائم يرتاح من نوم بنوم .. بنَوم .. دائما مُكبل بسلاسل ثقال ينوء بجرها بدنه الموشوم بعشرات العلامات شوهت تضاريسه جعلتها مساحة لخرائط محدودبة لعالم ينهار .. تنهار قواه مجرد أن يستفيق .. يزمجر يلعن يغضب يسب الهواء المضغوط .. يهفو للصراخ .. يحاول .. يفتح فاه ليُخْرِجَ هَواما وفواجع ومنغصات، فلا تخرج غير زفراته المبتورة تاركة الأصوات تنحبس بالداخل تشل حباله والذبذبات تقف وقفات حادة تلهث من فرط الإنهاك .. يجف الحلق ويُهْلِك الحَنجرةَ الكسادُ .. يمر الزمن متثاقلا بين يديه .. لا يقدر أن يوقفه .. لا يبدي أدنى محاولة في هذا الاتجاه .. الساعات تتلو الساعات .. الدقائق تتراقص والدقائق .. تتواتر الثواني بالرتابة نفسها مثل نزيف يتدفق رقراقا دون نهاية من أحد ثقوب رأسه الكثيرة .. يجلس في أحد الأركان .. تبا لكَ كونتان سحقا لكِ كاندس (1) .. لا يلوي على شيء تتابع مقلتاه بفتور الفيضان الأحمر يخضب بدنه لا يبالي .. شيء ما بالداخل شيء ما بالخارج شيء ما في كل مكان يسعى يزحف يخبش يخز ينخس يوسوس تتسابق اللحظات بتراخ ممل .. العقرب الصغير يطارد الكبير أو العكس .. يتبادلان المطاردة. يدورالعَقْرَبان حول نفسيهما بعَتَهٍ واضح لا هدف من ورائه سوى عودة الدورة نفسها من نقطة لنقطة، من بداية تلبس لبوس النهايةً ومن نهايةٍ تُعيد البداية ذاتها بالإيقاع ذاته لا تغيير في المدة الفاصلة بين حركة وأخرى لا تبديل في قوانين اللعبة، ويبدو أن المؤشريْن آستهواهما الدوران في الفراغ فراحا يتكتكان بحماس يزيد صدى وقعه الصمتُ المطبقُ في الأرجاء .. فراجيل يغرق أزلُهُ في فوهة شرهة تفتح الأفواه لا قرار لقعرها .. تسقط فيها أحلامه، أمانيه، رغباته وأوهامه .. ينظر إليها تخر من سقف الغرفة تصطدم بإسمنت وياجور وحديد ونحاس كطائر أرعن يروم آختراق زجاج لا يراه، تتخبط بين رجليه كسمكة أخروجوها للتو من جالوقها الذي تتنفس فيه تغرق في عراء عار، بصمت يرقبها يتابع حركاتها العشواء دون أن يفعل شيئا .. فقط ينظر مستسلما لثقل لذيذ يسافر به إلى أطياف أرجوانية لا يفيق بعدها إلا على صوت أجش عميق يحفر أخاديد رأسه المليئة بالطين وركام الأحجار، يعمق الحفر بكلمات رصاصية تقول ...

مَجِّدُوا آلْكَرَى عَظِّمُوهُ، فَلَهُ آلْمَقَامُ آلْأَوَّلُ، تَحَاشُوا مُرَافَقَةَ مَنْ سَاءَ رُقَادُهُمْ وَمَنْ آسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ آلْأرَقُ ... (2)

☆إشارات :
1_(كونتان)و(كاندس):شخصيتان رئيستان في رواية (الصخب والعنف) لوليام فوكنر
2_هكذا تكلم زرادشت، فريديرك نيتشه



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(4)
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(3)
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(2)
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(1)
- اُنْظُرْ وَرَاءَكَ في حَنَق
- قَبْضَةُ يَدٍ شَائِبَة
- وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ
- السَّعادةُ الأَبدِيَّة(10 و 11)
- السَّعَادَةُ الأَبَدِيَّة(9)
- السَّعَادَةُ الأَبَدِيَّة(7 و 8)
- السَّعَادَة آلأَبَدِيَّة(5 و 6)
- السَّعَادَة الأَبَدِيَّة (3 و 4 )
- السَّعَادَة الأبَدِيّة(2)
- السعادة الأبدية (1)
- المُدَرّسُ، تلكَ الذاتُ التي لا تعِي قوتَها
- نَحْنُ هُنَا فِي آلأَعَالِي
- مَتْنٌ، إِشَارَاتٌ، وَ حَوَاشٍ
- ضَادُ عِياض
- آلَااالِي آلَاااالِي
- .. فَ .. رَ .. أَ .. يْ .. تُ ..


المزيد.....




- من هنا رابط موقع ايجي بست 2024 لتحميل فيلم ولاد رزق 3 وأهم أ ...
- قصيدة : فَلسَفَةُ العَزَاء - الشاعر العراقي : - - - - محسن م ...
- في انتظار الموت
- عـشقٌ من طرفٍ واحد
- الشاعر العراقي : - - - - محسن مراد الحسناوي - فَلسَفَةُ العَ ...
- -دانشمند-.. خطوة نحو رواية معرفية عرفانية
- مصر.. أول رد من نقابة الممثلين بعد فبركة صورة رانيا يوسف بال ...
- أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية وأهم القنو ...
- رسمي وشغال 100%.. رابط دخول ايجي بست 2024 اتفرج على فيلم ولا ...
- لبنان يستعد للمهرجانات الفنية على وقع التهديدات الأمنية


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(5)