|
أهمية إعمال العقل في الحروب:اسبابها وتداعياتها
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 7851 - 2024 / 1 / 9 - 13:17
المحور:
القضية الفلسطينية
الحروب يخوضها العسكريون ولكن قرار إعلانها وخوضها، أيضا المفاوضات حول إنهائها والترتيبات على الأرض بعد الحرب هو قرار سياسي بامتياز بمشاركة العسكريين، وهو قرار يحتاج الى درجة كبيرة من العقلانية والابتعاد عن العواطف وقد يضطر العسكريون للتنازل بعض الشيء عن طموحاتهم وكبريائهم العسكري من اجل المصلحة الوطنية. منذ سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007 وحصاره وتوالي موجات العدوان والحرب حتى حرب الإبادة الراهنة ونحن نتحدث ونكتب محذرين من مخطط صهيوني هدفه إبعاد الأنظار عما يجري في الضفة وتكريس فصل غزة عن بقية الوطن وحتى تقول إسرائيل للعالم إنها تتعرض لتهديد وجودي من صواريخ وأنفاق وكتائب حماس والمقاومة المحتشدة على حدودها الجنوبية وبالتالي لها الحق في الدفاع عن نفسها، وتحت شعار وذريعة الدفاع عن النفس تمرر كل مخططاتها في فلسطين وفي المنطقة، وما زاد الأمر تعقيداً العلاقات القوية بين حركتي حماس والجهاد من جانب وإيران ومحور المقاومة من جانب آخر. من مفارقات هذه الحرب التي حركت وحرضت العالم ضد دولة الكيان الصهيوني بحيث تعم المظاهرات كل المدن عبر العالم وتم عقد عدة اجتماعات دولية في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وطرحت كل هذه الجهات مقترحات وتصورات لمواجهة العدوان وحلول مقترحة لوقفه وسيناريوهات لإدارة القطاع ... ومع ذلك لم نسمع عن أي اجتماع أو مجرد لقاء تشاوري بين الفصائل الفلسطينية وهي المفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني، لا على مستوى استراتيجية توحيد الجهود لصد العدوان ولا على مستوى الاتفاق على مستقبل القطاع ومن يديره بعد الحرب. لن نجدد الجدل حول تفرد المنظمة بقيادة الشعب وتمثيله وموقف حماس من الموضوع منذ أن ظهرت في الثمانينات كبديل عنها وما زال الجدل محتدماً حتى اليوم، وكلما حدثت مواجهة أو حرب بين إسرائيل وحماس كلما ابتعدت فرص المصالحة وتراجعت إمكانية انضواء حماس وحركة الجهاد في المنظمة. حتى مع التسليم بأن المنظمة تمثل الشعب قانونياً وشرعياً فإن هذه الصفة لم تبرز أو تثبت حضورها عملياً على أرض الواقع لا في الضفة المحتلة ولا في غزة التي تتعرض للإبادة الجماعية حتى حضورها شبه غائب في التحركات العربية والدولية حول مجريات الحرب ومستقبل القطاع، ليس فقط لأن المنظمة غير راغبة في ذلك أو لأنها ضعيفة بل أيضا لأن هناك محاولات مقصودة لإبعادها عن الموضوع، وهو الأمر الذي يجعل إمكانية عودتها لحكم قطاع غزة دونه صعاب كثيرة وخصوصاً أن حماس لن تسمح لها بذلك، أيضاً إسرائيل التي لن تسمح إلا إن كان عودة السلطة والمنظمة لغزة مقابل إنهاء وجودها في الضفة والقدس. أما بالنسبة لحركة حماس وفصائل المقاومة في غزة ومع تقديرنا لملاحم البطولة في التصدي لجيش الاحتلال إلا أن التباساً يشوب خطابها السياسي حول الحرب بشكل عام ومفهوم وشكل النصر الذي تسعى له وحول مستقبل القطاع بعد الحرب، وتصريحات بعض قادتها تربك المشهد أكثر فأكثر كحديث البعض أن حماس وفصائل المقاومة وأهل غزة جاهزون ومستعدون لمواصلة الحرب لأشهر وسنوات حتى آخر طفل ورجل في القطاع! ولا ندري إن كانت الجيوش والحكومات وحركات المقاومة وجِدت من أجل الدفاع عن الشعب وحمايته والتضحية من أجله أم أن الشعب وجِد من أجل حماية الأنظمة والحكومات وحركات المقاومة، وفي حالة القضاء على الشعب وتدمير كل مقدراته فما قيمة وفائدة أي انتصار؟ أيضاً حديث بعض قادة حماس بأن الحركة لن تقبل بوجود أية سلطة فلسطينية لحكم غزة بعد الحرب إلا سلطة حماس. صحيح أن حركة حماس لن تختفي من المشهد السياسي بغض النظر عن نتائج الحرب، ولكن استمرار تمسكها بحكمها لغزة بعد الحرب معناه استمرار الحصار وتحكم إسرائيل إعادة الاعمار بل حتى منع دخول متطلبات الحياة اليومية من دواء وتجهيزات طبية وغذاء ووقود واصلاح شبكات الكهرباء والمياه مما سيجعل الحياة بعد الحرب لا تقل قساوة عن حالة الحرب، وهو الأمر الذي يتطلب سلطة محلية مقبولة دولياً وعربياً لإدارة القطاع بعد الحرب.
هذه الجولة من الحرب وإن كان مركز ثقلها وقوتها التدميرية في القطاع إلا أنها جزء من استراتيجية صهيونية أوسع تهدف لتدمير المشروع الوطني التحرري وتصفية القضية الفلسطينية بما فيها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وفكرة حل الدولتين أيضا كل شكل من أشكال المقاومة سواء كانت حمساوية أو غيرها، كما أنها حرب لا تنفصل عن مخطط صناعة الانقسام ودولة غزة وتكريس كيان في غزة منفصل عن الكل الوطني الفلسطيني، وبالتالي فإن مواجهتها تتطلب رداً من الكل الفلسطيني وعدم الوقوف في انتظار نتائج الحرب ، ونتمنى تغليب العقل الجمعي الوطني حتى لا تذهب هباء دماء أبناء غزة وعذاباتهم وهذا التعاطف والتأييد الشعبي المتعاظم عالمياً ليس لغزة والمقاومة فقط بل لكل القضية الوطنية الفلسطينية. وبالعودة لغزة ما بعد الحرب، فبالرغم من عدم معرفة ما الذي يخطط له نتنياهو بالضبط ومتى تنتهي هذه الجولة من الحرب بالفعل، وما إن كانت نهايتها بتهجير أهل القطاع أو الاكتفاء بما جرى، فمن الضروري وطنيا التفكير بكيفية إدارة قطاع غزة بعد خروج جيش الاحتلال وعدم ترك الأمر للمخططات الإسرائيلية والأمريكية. ومع تقديرنا للمنظمة والسلطة وحركة حماس وفصائل المقاومة إلا أن صعوبة تعقيدات المرحلة والكرب الشديد الذي يعانيه أهل القطاع يتطلب درجة كبيرة من التعالي على الجراح ووضع المشاحنات الحزبية جانبيا ولو مؤقتا لإنقاذ أهل القطاع من التصفية وضمان ثباتهم على الأرض. ونقولها بصراحة لا يجوز لمن لم يستطيع حماية الضفة والقدس من الاستيطان وعربدة المستوطنين أن يحكم قطاع غزة منفردا وخصوصا إن كانت عودته لغزة بشروط إسرائيلية وعلى حساب التخلي عن الضفة والقدس، وليس من حق من شارك في الانقسام وفصل غزة عن الضفة وتسبب بكل هذه الحروب المدمرة على غزة أن يعود لحكم القطاع. قطاع غزة يحتاج في هذه المرحلة وبشكل مؤقت أن يكون منزوع السلاح تديره حكومة محلية غير حزبية ترتبط فيدراليا بالدولة والسلطة الفلسطينية، إدارة قادرة على التعامل مع كل الأطراف المحلية والعربية والدولية وحتى الإسرائيلية لإنقاذ ما تبقى من الشعب والأرض. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب ومستقبل قطاع غزة والقضية
-
هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
-
بعد خمسين عام حرب أكتوبر/تشرين بنسخة فلسطينية حمساوية
-
تطبيع مكة و (أورشليم) و(السلام الإبراهيمي)
-
قد يكون المعارضون للنظام السياسي أسوأ من النظام ذاته؟
-
المخاض العسير للانتقال الديمقراطي في افريقيا
-
ما بين (خطة الحل النهائي) النازية إلى (خطة الحسم) الصهيونية
-
اتفاقيات أوسلو ما زالت حية وفاعلة لغياب البديل
-
هل سيكون مصير أبو مازن نفس مصير أبو عمار؟
-
(محور المقاومة) وإسرائيل وبروباغندا (الحرب الشاملة)
-
خروج (مسيرات العودة) عن منطلقاتها الأولى
-
لماذا لجنة لتعيين المحافظين؟
-
مقاومة وطنية وليس أجندة خارجية
-
لماذا يختلف التطبيع السعودي الاسرائيلي عن غيره ؟
-
التباس العلاقة بين السلطة والدولة والوطن
-
ملاحظات على تصريحات خالد مشعل حول الانقسام الفلسطيني
-
لماذا تفشل حوارات المصالحة الفلسطينية؟
-
حتى لاتنزلق الأمور في قطاع غزة إلى ما هو أسوأ
-
مناورة صهيونية تتكرر مابين غزة والضفة
-
الرئيس أبو مازن وسدنته ومستقبل القضية الفلسطينية .
المزيد.....
-
مشهد ناري مضاء بالمشاعل على مد النظر.. شاهد كيف يحيي المئات
...
-
من الجو.. نقطة اصطدام طائرة الركاب الأمريكية والمروحية العسك
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة
...
-
ضغوط وحرب نفسية وسياسية.. ما المراحل المقبلة من تنفيذ اتفاق
...
-
سقوط قتلى إثر تحطم طائرة على متنها 64 شخصا بعد اصطدامها بمرو
...
-
تواصل عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة دعوة حكوم
...
-
تحطم طائرة ركاب تقل 64 شخصًا بعد اصطدامها بمروحية عسكرية في
...
-
مبعوث ترامب يوجه رسالة لمصر والأردن
-
أنباء عن وجود بطلي العالم الروسيين شيشكوفا وناوموف على متن ط
...
-
شبكة عصبية صينية أخرى ستضرب إمبراطورية ترامب للذكاء الاصطناع
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|