|
الحلول الهمجية
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7848 - 2024 / 1 / 6 - 20:15
المحور:
القضية الفلسطينية
ينبئنا المؤرخون أن الأديان التوحيدية ظهرت في مجتمعات تشكلت في بلاد ما بين النهرين وعلى ضفاف النيل ، أو لدى أقوام كانت مجاورة لهذه الأخيرة ،فنشأت علاقة فيما بينهم ،و أن هذه الأديان توالدت على التوالي بعضها من بعض كما نستنج من الكتب المقدسة ، حيث كانت الديانة الجديدة تجتذب دائما أعداد من أتباع التي سبقتها . مجمل القول أن هذه الديانات لا تصلح ، إذا جاز التعبير ، لأن تكون أداة للتمييز العرقي ، بالضد بل بالرغم من محاولات المستعمرين تخصيص " وطن " لكل ديانة وأتباعها .يحسن التذكير في هذا السياق ، على سبيل المثال ، بان اليهود كانوا يسكنون بلدان شمال إفريقيا قبل دخول المستعمرين المستوطنين إليها ، و أن الأخيرين ساووهم بأنفسهم ، فاضطر اليهود الأصليون إلى الرحيل عن بلادهم عندما رحل المستعمرون ، المستوطنون عنها ، علما أن هؤلاء اليهود لم يكون أصلا مستعمرين و مستوطنين و إنما صاروا بالوكالة . يقول في هذا السياق ، المؤرخ و عالم اللسانيات ماكسيم رودنسون في مؤلف له عنوانه ، إسرائيل ظاهرة استعمارية ، ان دم السكان العرب في فلسطين يحتوي بالقطع جينات مشتركة مع قدماء العبرانيين اكثر مما لدى يهود الشتات ، تأكيدا على ان الديانة ليست مبدئيا ، رابطة عرقية أساسية ، هنا لا بد أن نلفت النظر أيضا إلى أن الإشكال في هذا كله هو عندما تتقمص السياسة الديانة ، كما يتجسد ذلك في الأصوليات الدينية ، حيث نجد و راءها ، دائما ، ديناميات من أجل التوسع و الهيمنة و مراكمة الربح . فمن البديهي أنه لولا إنكلترا لما قويت الحركة الصهيونية إلى حد ارتكاب تصفية ضد السكان الأصليين في فلسطين و إقامة كيان استيطاني في موطن الأخيرين ، و لولا الولايات المتحدة الأميركية "وأصدقائها" لما ظهر تنظيم داعش الأصولي في العراق و سورية . لننتقل بعد هذه التوطئة إلى القضية المركزية التي تهمنا في الواقع ، منذ أفول الدولة العثمانية إلى اليوم ، في بلاد الشام ، و ما بين النهرين ، ومصر . تحسن الإشارة هنا إلى أنها ليست دينية كما أنها ليست قومية فنحن ننحي جانبا مسألتي القومية العربية و الأمة الإسلامية . من البديهي أن المجال لا يتسع لتناول هذا الموضوع ، لذا نقتضب لنقول أن الرأي عندنا هو أن القضية الفلسطينية هي مثل أية قضية وطنية ، أساسا قضية مواطن ، و بالتالي لا نرى مسربا للخروج منها إلا بالمساواة بين المواطنين و إلا غرق الجميع . و حتى لا نطيل الكلام ، نعترف بأن محاولة تصفية السكان الأصليين في قطاع غزة خصوصا و في الضفة الغربية عموما ، جعلتنا نرتجع ما علق في الذاكرة من خلاصات و ملحوظات عن الحربين العالميتين اللتين اشتعلتا في القارة الأوروبية 1914ـ1918 و 1939 ـ 1945 ، كون هذه التصفية التي تفتق عنها ذهن الحركة الصهيونية و السلطات في الدول الغربية المنضوية في حلف الناتو، جميعا ، كحل لأزمات النظام العالمي التي تتفاقم بوتيرة متصاعدة منذ سنوات 1980 و انهيار الإتحاد السوفياتي ، تحاكي في جوهرها الحلول التي انقادت إليها نظم الحكم الفاشية و النازية التي و فرت لها الأزمات المالية و الاجتماعية شروط الانقضاض على السلطة في الدول المذكورة . من البديهي أن المجال لا يتسع لنرسم معالم فترة ما بين الحربين العالميتين ، و لكن نكتفي بالتذكير بأن السلطة النازية في المانيا اعتمدت حلا يقضي بتصفية اليهود في كل المناطق التي تقع تحت سلطتها ، و أن الدول الغربية ، لم تعترض على ذلك ، و تحديدا إنكلترا و فرنسا اللتان توافقتا في نهاية 1938 مع المانيا على حل الخلافات فيما بينهم بالأساليب السياسية . مجمل القول اننا نجد تطابقا إلى درجة عالية بين النهج التي تتبعه السلطة الفاشية في إسرائيل في البحث عن حلول للأزمة التي وصل إليها النظام من جهة و بين السلطة النازية في ألمانيا في سنوت 1930 من جهة ثانية ، و في الحالتين نلاحظ أن الدول الغربية تلتزم موقفا مؤيدا لتمرير التصفية العرقية ، فعلى الأرجح أنها تأمل في الراهن بأن نجاح إسرائيل في حل أزمتها ، السكانية ، عن طريق التخلص من السكان الأصليين ، كما لو كانوا " مهاجرين " و ليسوا أصليين ، سوف يساعد هذه الدول على تسليط النظر على "مشكلة المهاجرين " في مجتمعاتها و على اجتراح الحل المناسب لها .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب واحدة أم حربان
-
لا جديد تحت الشمس سيدي الجنرال
-
ملحوطات عن موضوع تصفية عرقية
-
عنصريتان
-
كيان استيطاني في أزمة
-
كيان أستيطاني في أزمة
-
كشف الكواشف
-
بناء الدولة الوطنية من مسافة صفر !
-
حرب النكبة 2
-
حرب النكبة
-
الذهنية القبلية و الذهنية الوطنية
-
قنبلة الوزير
-
الخاسرون و الرابحون 2
-
الخاسرون و الرابحون 1
-
من أجل أم نفهم ، انصر أخاك ظالما أو مظلوما
-
كل حرب إسرائيلية هي حرب أميركية أيضا
-
جولة جديدة
-
الصلف القاتل
-
ملحوظات على الزيارة
-
الفرد المهاجر و جماعة المهاجرين
المزيد.....
-
رسوم ملونة لفتاة صغيرة تتحوّل بالكامل إلى ملعب أطفال ..كيف ذ
...
-
دراسة جديدة تكشف وسيلة ممتعة لمحاربة الشيخوخة.. ما هي؟
-
شركة طيران تحظر زوجين نهائيا من السفرعلى متن رحلاتها..ما الس
...
-
مسؤول: الجيش الإسرائيلي أعلن عن مقتل حسن نصرالله لهذا السبب
...
-
شاهد كيف وصفت صحفية في CNN لحظة الغارة الإسرائيلية على بيروت
...
-
لم يذكر اسم حسن نصرالله.. رسالة طمأنة من علي خامنئي لحزب الل
...
-
الجيش الإسرائيلي: -الطريق ما زال طويلا- في الحرب ضد حزب الله
...
-
كيف بدت ليلة اللبنانيين سكان الضاحية الجنوبية تحت القصف العن
...
-
إسرائيل تعلن اغتيال نصر الله وتقول مهددة: في جعبتنا الكثير و
...
-
ولاية فلوريدا الأمريكية تصحو على دمار واسع.. الإعصار هيلين م
...
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|