الوصايا العشر...أية أصابع كتبتها؟!

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

الحوار المتمدن-العدد: 7848 - 2024 / 1 / 6 - 13:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تقول التوراة في سفر الخروج إنها، أي الوصايا، "كُتبت بأصابع الله على لوحين من الحجر"، وتلقاها النبي موسى في جبل سيناء أو جبل حوريب. وفي الديانات التوحيدية ترد الوصايا كتشريعات أخلاقية وسلوكية، من دون الإشارة إلى المصدر كما فعلت التوراة. ففي إنجيل (متى/ الإصحاح الخامس) تُدرج فيما يُعرف ب"عظة الجبل"، حيث يُذكر مصطلح "وصايا"، ثم تنبسط التشريعات: "فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعَلَّمَ الناسَ هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السموات". بعد ذلك تبدأ "الوصايا" ب"لا تقتل" في صيغة "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل".
لكن الباحث الطُّلعة لا بد سيوقظ تأمل الوصايا العشر بداخله ما يغريه بالعودة إلى تراث "الأولين"، ونعني ما يسميه الباحثون ذوو الاختصاص النص الأدبي الأول في التاريخ. وهو نص سومري كُتب في حدود 2600ق.م، متضمنًا تعاليم "وصايا" الملك السومري "شروباك" إلى ابنه "زيوسودرا". النص السومري، حتى بمعايير اليوم" يمكن تصنيفه إلى حدٍّ كبير بأنه ينبض بالحكمة والأدب والسلوك القويم.
والآن ننتقل إلى المقارنة بين "الوصايا العشر" والنص السومري، كما هما بالحرف، لنقف على التطابق شبه التام بين مضامينهما. الوصية الأولى من الوصايا العشر"لا يكن لك آلهة أخرى أمامي"، يقابلها في النص السومري:"أوتو (إله الشمس) فريد من نوعه، هو لوحده يعادل الكثيرين في حياتك...كُن دائمًا إلى جانب أوتو". الوصية الثالثة: "لا تحلف باسم الهك باطلًا"، يناظرها في النص السومري:"لكي تمتلك السلطة، ولكي تمتلك ما تريد، تَدَرَّع بقوة الالهة". الوصية الخامسة:"أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك"، وفي النص السومري نقرأ:"لا تتكلم بغطرسة مع أمك وتجعلها تكرهك، يجب ألا تشكك في كلامها وفي إلهها الخاص. الأم مثل أوتو تلد الرجل. الأب كأنه إله يجعله مشرقًا. الأب مثل إله كلماته موثوق بها. تعاليم الأب يجب الأخذ بها". الوصية السادسة "لا تقتل". وفي النص السومري وردت بالصيغة ذاتها تقريبًا:"لا ينبغي أن تقتل". الوصية السابعة:"لا تزنِ"، نجدها في النص السومري أكثر شمولية وأبلغ:"لا ينبغي اختطاف الزوجة أولًا وجعلها تصرخ...لا تشترِ عاهرة، هي الفم الذي يعض، لا تغتصب ابنة رجل ما، المحكمة ستعرف بذلك. لا تمارس الجنس مع خادمتك، لأنها تستخدمه طُعمًا لك". الأمر ذاته ينسحب على المقارنة بين الوصية الثامنة:"لا تسرق"، وما يناظرها في النص السومري:"يا ولدي...لا تسرق، لا تسرق، لا تقتحم بيتًا، لا تُحب مالًا". الوصية التاسعة:"لا تشهد شهادة زور"، يناظرها في النص السومري بصيغة أعمق:"لا تشهد على شخص زورًا لأنه سيملك عليك حقًّا ولا تدع أحدًا يتكفل بك لأن من سيتكلفك سيحتقرك". الوصية العاشرة:"لا تشتهِ بيت قريبك، لا تشتهِ امرأة قريبك، ولا عبده ولا أمَتَه، ولا ثوره، ولا حماره، ولا شيئًا مما لقريبك". وفي تعاليم (وصايا) الملك السومري شروباك لابنه يقول:"لا تتلاعب بامرأة شابة متزوجة فقد تكون النتائج خطيرة. يا ولدي، لا تجلس لوحدك، في غرفة، مع امرأة متزوجة".
وأنت عزيزنا القارئ، أما تزال مصرّا على أن أصابع "يهوه" خَطَّت هذه الوصايا، أم أنك بعد المقارنة ترجح أن أصابع الملك السومري شروباك، هي التي جرت بالقلم على القرطاس وكتبتها قبل النبي موسى بحوالي 1500 سنة؟!

#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات