كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7842 - 2023 / 12 / 31 - 01:58
المحور:
القضية الفلسطينية
هذه حكاية واقعية لمواطن من السودان اسمه الكامل: (منصور إسحاق إسرائيل داود بنيامين رحامين). لكن الاسم الشائع لهذا الزول هو: (إسرائيل)، ولكم ان تتخيلوا كيف يعيش هذا الزول في مجتمع سوداني قبلي قروي ملتزم بتعاليم الدين. مجتمع يتصف بالصدق والعفوية والشفافية، لا يعرف الخداع، ولا التلون ولا المجاملات السياسية. مجتمع بسيط متدين مبني على الاحترام المتبادل بين الناس. لكنه لا يطيق إسرائيل، ولا يرغب بترديد اسمها، ولا يتعامل مع من يحمل هذا الاسم. .
يقول: (منصور إسرائيل): كنت ومازلت أجد صعوبة كبيرة في التعامل مع الناس في السودان. لأنهم ما ان يقرأوا اسمي، أو يسمعوا به، حتى يتشائموا ويقولوا: اعوذ بالله، من دون ان يعتذروا مني. ثم يشيحون بوجوههم بعيدا عني. ومنهم من يقرأ المعوذتين. وكأني هبطت عليهم من عوالم الشر والعصيان. .
إسرائيل: واحد من اليهود القلائل الباقين في السودان. كان يواجه مصاعب لا حدود لها في الحصول على جواز سفر، أو الحصول على وظيفة في مؤسسات الدولة. .
تذكرني حكايته بحكاية رجل آخر من جنوب العراق. كان يعشق التمثيل وتجسيد الأدوار المسرحية. فأختاره المخرج ذات يوم لأداء دور المتهم الاول بقتل الإمام الحسين بن علي، وهو: (شمر بن ذي الجوشن) في مسرحية (الحسين شهيدا) من تأليف: (عبدالرحمن الشرقاوي). ربما اختاروه لهذا الدور بسبب ملامحه القبيحة. ولم يخطر على باله كيف سيعامله الناس بعد عرض المسرحية. فقد وجد نفسه منبوذا مستبعدا من الصغار والكبار، كانوا ينفرون منه في السوق وفي المقهى وفي مكان عمله. فكان كلما وقف امام دكاكين البقالة ليشتري شيئاً لمنزله. يطردونه ويحتقرونه، واحيانا يبصقون بوجهه. يقولون له: نحن لا نبيع بضاعتنا لقاتل سيد الشهداء. أو يسمعونه كلاما جارحا. الأمر الذي اضطرّه للانتقال إلى بغداد ومغادرة الجنوب إلى غير رجعة. .
ومثلها حكاية المواطن الليبي (علي سالم) الذي مثّلَ شخصية (وحشي) قاتل الحمزة في فيلم الرسالة. طردته والدته العجوز من البيت بعد ما شاهدته يقتل الحمزة في المشهد المشهور من الفيلم. ولم يتمكن من مصالحتها والعودة الى المنزل إلا بعد ان استعان بشيوخ دين و اناس معروفين من المنطقة حيث اقنعوها ان ابنها لم يكن كافراً ولم يقاتل المسلمين، وانه كان يؤدي تمثيلية. .
ختاماً: لا شك ان الجرائم التي اقترفتها إسرائيل ضد الفلسطينيين هي التي ترسخت في ذاكرة الناس، وجعلت اسمها مكروها منبوذا لا يطيقه أحد. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟