|
بين الزواج والمساكنة تناقض العدميين
عبد الحق سرار
مفكر جزائري مهتم بالواقع السياسي و الاجتماعي
(Abdelhak Serrar)
الحوار المتمدن-العدد: 7840 - 2023 / 12 / 29 - 19:53
المحور:
المجتمع المدني
إنَ موضوعَ المساكنةِ والزواج قدْ طَرَحَ نفسهُ في السنواتِ الأخيرة في المجتمعاتِ المغاربيةِ خاصةً معَ ازديادِ عدد الملحدين واللادينيين عموما، وكما قلت في كثير من المراتِ فهؤلاءِ ليسوا ملاحدةً عقلانيينَ كملاحدةِ عَصْرِ الأَنْوارِ، بل هُم ملاحدةُ ما بعد الحداثة ونتاجُ عملٍ استخباراتيٍ هدفهُ تدميرُ المجتمعاتِ الشمالِ افريقية.
يطرحُ كثيرٌ من الناسِ التساؤلَ التالي
ما الأفضلُ للمرأةِ هل هو الزواجُ أم المساكنةُ؟
كثيرٌ ما يكونُ ردُ الطائفةِ العدميةِ هوَ أنَّ المُساكَنَةَ أفضلُ للمرأةِ من الزواجِ، وَحُجَّتُهُمْ في ذلك هيَ أنَ الزواجَ يَظلمُ المرأةَ والمساكنةُ أفضل لها، ولكن كيف يكون ذلك؟ كيفَ تَكونُ المساكنةُ أكثر أمن للمرأةِ منَ الزواجِ، كيفَ يكون ذلكَ صحيحًا؟ هل عندما تعيشُ المرأةُ مع رجلٍ دونَ أيِّ اثباتٍ على ذلكَ يكونُ أفضلَ لها منْ أنْ تكونَ علاقتها مرسمة؟
هل عندما تحملُ المرأةُ يكونُ الشريكُ الجنسيُّ في المساكنةِ مُطالبا بتربيةِ طفلهِ؟ كما نَعلمُ فالزواجُ عقدٌ دائمٌ وفي حالاتٍ يكونُ الطلاقٌ لكنَ أغلبَ الزيجاتِ تكونُ دائمةً فهل أفضلُ للمرأةِ أن تعيشَ مع والدِ طفلها يتعاونان على تربيتهِ وإعطائهِ الحنانَ والدعمَ النفسيَ وخبرتهما في الحياةِ، أم الأفضل أن تربي الأم ابنها وحدها أو يتربى في دور الأيتامِ؟
في العلاقات الرضائيةِ لا يكون أحد الطرفين ملزمًا بالوفاءِ للآخرِ، فكثيرًا ما ينكرُ الآباءٌ نسبَ أبنائهمْ، ويصبحُ الحلُ بالنسبة للمرأةِ هو المحاكم وتحليل ال «دي أن اي»، فهل هذا أفضل للمرأة من زوج يعيشُ معها ويربي أبنائهُ وأبنائها؟
المنطق يقول أَن الزواجَ أفضلُ وأنَ المساكنةَ تعني أمهاتٍ عازبات وأبناء يعيشون في دور الأيتامِ وجثث الأجنةِ مرمية في المزابلِ أو يتمُ اسقاطها في المستشفياتِ، هل هذا هو الحل الأنسبُ للمجتمعِ؟
الملحدُ العربيُ أو الشمال افريقي لا يفكرُ هكذا و إنما تفكيرهُ كلهُ منصبٌ على مخالفةِ الإسلامِ، فكلُ ما يقولُ بهِ الإسلاُم يعتبرهُ خاطئًا و الإسلامُ كأغلبِ الدياناتِ يرى بالزواجِ و الأسرةِ فلابدَ على هؤلاءِ أن يتخذوا موقفًا معاديًا للزواجِ نكايةً في الإسلامِ فقط، فهم لا يهمهمْ لا المجتمع و لا المرأة ولا الطفل همهمُ الوحيدُ هو مخالفةُ الإسلامِ و لو كان الإسلامُ يدعوا للمساكنةِ لكانوا أشد أعدائها، رغمَ أن كثيرا من الدول العلمانيةِ فيها الزواجُ المدنيُ فلو كان الزواجُ فعلاً دينيا فقط ما كان ذلك، لكنَ الزواجَ أمرٌ لابد منهُ لإنشاءِ الأسرِ اللبناتِ الأساسيةِ لبناءِ المجتمعِ.
إنَ هؤلاءِ الذينَ يقولونَ بأنَ المساكنةَ أفضلُ للمرأةِ منَ الزواجِ و أقصدُ الرجالَ منهمْ، هم أنفسهمْ الذينَ يقولون أنهم ليسوا ملزمينَ بالعيشِ مع امرأةِ و تربيةِ الأبناءِ و أنهم يريدونَ أن يعيشوا حياتهم، لهذا يقولونَ أن المساكنةَ أفضلُ وهم محقون فعلا بالنضر لأهدافهم، فالمساكنةُ أفضلُ من الزواجِ في ما يتعلقُ بالمتعةِ الجنسيةِ و النفسيةِ التي يتحصلُ عليها من يعشق ُالعلاقاتِ المتعددةِ، إلا أنها ليست كذلك بالنسبة للمجتمعِ و القوانينُ توضعُ للفردِ و للمجتمعِ و ليست للفردِ فقط، على هذا الأساسْ يمكننا القولُ أنَ السرقةَ حلٌّ أفضل من العملِ لكسبِ المالِ فهيَ توفرُ الجهدَ للفردِ و لو كانت القوانينُ خاصةً بالفردِ لأجزنا السرقةَ بل لما كانت هناك قوانينُ أصلا، لأنَ القانونَ و الأخلاقَ و الأعرافَ و الشرائعَ الوضعيةَ توضعُ لأجلِ حفظِ المجتمعِ و ليسَ للأفرادِ كأفرادٍ، والشيءُ نفسهُ بالنسبةِ لتعاطي المخدراتِ فلو أخذنا بالاعتبارِ أنَ الفردَ يشعرُ بالنشوةِ و السعادةِ عند تعاطيها فسنجعلها مباحةً و لن نهتمَ بالضررِ الذي قد يُلحقهُ بالآخرين بل وقد يُلحقُ الضررَ بنفسهِ أيضا و قِسْ على ذلكَ القتلَ و الاغتصابَ و التعذيبَ و الجرائمَ بأنواعها تُمنعُ عُرفًا و شرعًا و قانونًا لأنها تؤدي لهلاكِ المجتمعاتِ
وكما سبقَ وأشرنا فهذا التيارُ يتم التحكم فيهِ وفي أفكارهِ، فليس من مصلحةِ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أن يجعلهُ يؤمنُ بالزواجِ بل يجبُ الترويجُ للمساكنةِ واعتبارُ الزواجِ مشروعًا فاشلاً
نفس التيار الذي يهاجم الزواجَ ويروجُ لخرافةِ أنهُ مشروعٌ فاشلٌ يدعي كثيرٌ من المنتمينَ لهُ أنهمْ لا يؤمنونَ بالمجتمعِ أصلاً و يعلنَ كثيرٌ منهم أنه لا إنجابيٌّ وليسوا ملزمينَ بإتباعِ قوانينِ بلدهمْ لأنهم لم يشاركوا في وضعها ويرددُ كثيرٌ منهم عباراتٍ مثل أن الإنجابَ جريمةٌ و لا يجب علينا أن ننجبَ الأطفالَ لأننا لم نستشرهم في ذلك و الزواج مشروعٌ فاشلٌ و من حق الانسانِ أن ينتحرَ و غير ذلك من الأفكارِ العدميةِ المعاديةِ للمجتمعِ فليسَ من الغريبِ أن يقومَ هذا التيارُ بمعاداةِ فكرةِ الزواجِ فهو تيارٌ يهدفُ إلى هدمِ المجتمعاتِ.
ببساطةٍ إذا أردت هدمَ مجتمعٍ ما، اِجعلْ أفرادهُ ملحدينَ ثم تَحكمْ في أفكارهم واجعلها عدميةً سفسطائيةً سوداويةً، حاربْ فكرةَ الزواجِ وحاربْ أيَ شكلٍ من أشكالِ التدينِ حاربْ فكرةَ الأخلاقِ حاربْ فكرةَ الأسرةِ حاربْ العقلانية والتفكير المنطقي حاربْ فكرة الدولة والمجتمع وأي فكرٍ بناءٍ.
#عبد_الحق_سرار (هاشتاغ)
Abdelhak_Serrar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغالطة الأخلاق عند التيارات التاغنانتية العدمية
-
التحكم في الحشود تسيير القطعان
-
الإمبريالية: صوت الشعوب المنسيّة
-
ردا على لبيب سلطان
-
ما الذي يجب علينا تعلمه من مجازر غزة
-
سلطة الخطاب جرائم نيتشة
-
ما بعد الحداثة مستنقع الخرافات
-
اليسار أصبح حصان طروادة
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|