أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - الجوع يتجول في شوارع غزة!














المزيد.....

الجوع يتجول في شوارع غزة!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 7838 - 2023 / 12 / 27 - 16:13
المحور: حقوق الانسان
    


مَن حوَّل شعبنا الفلسطيني إلى قطيعٍ من الجوعى والمتسولين والفوضويين؟!
مَن شوَّه نضال الفلسطينيين وأطاح بقدسية نضالهم الوطني الشريف، بعد أن ظل النضال الوطني نبراسا اقتبسه كلُّ أنصار الحرية في العالم؟!
ظلَّ شعبنا الفلسطيني متمسكا بثوابته النضالية، تمكن من النجاة من مزالق كثيرة، واجتاز حروبا عديدة أثبت فيها جدارته بالنضال الشريف الحر، وأدار نفسه في سنوات الانتفاضة بلا سلطات حزبية أو حكومية، وتمكن من اجتياز كل المؤامرات الهادفة إلى تفكيكه وتحويله إلى قطيع من الغوغاء الإرهابيين، ظل الفلسطينيون مثالا نضاليا يُحتذى به!
لم تعد علامات الجوع على وجوه أطفال غزة المهجَّرين صورا سريالية أو رسومات خيالية، بل تمكن الجوع أن يغزو قسمات وجوههم وينشر علاماته على جباههم وخدودهم الغضة، وبخاصة على شفاههم بما يستحلبه من شهوة، مما يدفعهم ليقتربوا من بسطات البائعين وسط الأسواق المكتظة، وهم يراقبون المشترين، هؤلاء الجوعى يُحجمون عن الاستجداء والطلب المباشر مكتفين بإرسال نظرات الجوع التي تلدغ أعماق القلوب!
كنتُ أظنُّ أن تعبير (رأيتُ الجوع يمشي في شوارع المدينة) تعبيرا مجازيا ليس حقيقيا، حتى رأيت جحافل الجوع والفاقة والعوز تتجول في كل مكان في معسكرات اللجوء في غزة!
وخزات الجوع في عيون الأطفال كالشوك تدمي قلوب المشترين! ليس غريبا أن يقترب منك طفلٌ صغير وهو يلتهم بعينين جائعتين بعض ما تحمله، حينئذ، فأنت أمام خيارين، إما أن تعاف ما اشتريته لأنه مُشتهى من طفل جائع، أو أن تشتري له ما يمكن أن يخفف من قسمات جوعه إن كنت تملك فائضا من النقود!
ليس غريبا في مراكز اللجوء في غزة أن ترى كيف تصبح السرقات، وتجارة السوق السوداء ظاهرة مستساغة ومعتادة ولم تعد مُستقبحة!
رأيتُ في وضح النهار كيف يخرج سكان الشوارع في مناطق اللجوء، ليشكلوا عصاباتٍ تُخطط لأنجح الوسائل لنهب القاطرات المحملة بالغذاء والدواء، كان مفروضا أن تصل لمحتاجيها، راقبت بعناية كيف يتولى محرضون مختصون توزيع الأطفال والشباب على مفترقات الطرق، يضعون العوائق أمام هذه الشاحنات ليتمكنوا من القفز عليها وانتهاب ما يمكنهم!
جرى إفساد شباب كثيرين، وأسر كثيرة، بعد أن غاب الردع، والتبشير والتوجيه والإرشاد، واختفى الساسة والمعلمون والموجهون، وأسدلت الجمعيات الخيرية ستائرها، وأُغلقت ودمرت الإذاعات المحلية، وأصبح التوجيه والإرشاد مُستقبحا وخطيرا!
هناك فئات مأجورة تكمل جرائم الاحتلال تدمر كل ما نجا من الدمار، أكثر المخربين لا يُخربون مقدرات الوطن لحاجتهم، بل يبيعون هذه المقدرات جهارا نهارا، فمن يخلع عمود الكهرباء الخشبي ويقطعه ليبيعه وقودا لأفران الخبز مأجورٌ عميل، ومن يخلع بلاط الشوارع ليبيعه أيضا لبناء أفران الطين ينتمي إلى الزمرة نفسها، ومن يقطع الأشجار في المقابر والشوارع ليبيعها هو أيضا مأجور! لم يُبقِ هؤلاء المخربون منتجعا، أو بيتا مدمرا، أو مقرا رسميا إلا وانتهبوه ليبيعوا مقتنياته في الأسواق العامة، أمام أنظار البسطاء والجوعى والفقراء!
حاولت أن أمنع بعض الشباب ممن يخلعون بلاط الشارع ويكومونه للبيع بأسلوبِ الأب الناصح، لكنهم رفعوا في وجهي سكينا حادا، وهددوني بدون أن أجد نصيرا بين المارَّة!
أخيرا، تذكروا أيها المغردون صباح مساء بشرف وقدسية المقاومة والوطنية والعزة الفلسطينية، والإباء والتضحيات، والشهداء الأبرار أنكم لم تقصروا فقط في نصرة جماهيركم، بل أفسدتم ما أنجزته الثورة والنضال الفلسطيني طوال عقود النضال، لأن الفلسطيني ظل عزيزا شريفا يُباهي العالم بنضاله الحر الشريف، ويُفاخر بشرف ثورته ورفعته، كان هذا الشرف مصدر دخله الوطني الوحيد ذو الربح الوفير!
تذكروا دائما: إن الديكتاتوريات الحزبية والفصائلية المؤسَّسة على الخوف والرعب والقهر بالسجن والموت لا تبني وطنا حرا شريفا مستقلا، بل إنها تؤدي إلى الخراب!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية إسرائيل من دمار قطاع غزة!
- هل انتصرنا في غزة؟
- هل نجح الإسرائيليون في غزة؟
- وداع بيتي الأخير
- صدمة حرب أكتوبر 1973 على إسرائيل!
- جامعات الحفلات والمهرجانات!
- الحكام المتآمرون والجواسيس!
- اتفاقية أوسلو سفينة تايتنك!
- أحزاب الطواويس والميليشيات!
- دول جمهوريات الموز
- قصتان من علم النفس!
- ميدالية، باروخ غولدشتاين الإرهابية!
- من يقف خلف الإصلاحات القانونية في إسرائيل؟!
- هل هناك جامعات حزبية؟!
- سيناريوالحرب الأهلية في إسرائيل!
- ضحايا الذكاء الصناعي!
- أهلا بكم في مملكة (غلعاد)!
- أنقذوا إسرائيل من مخيم جنين!
- لماذا يبصقون علينا؟
- مرض التشاؤم والإحباط!


المزيد.....




- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...
- مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا ...
- اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات ...
- اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
- ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف ...
- مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
- الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
- تونس: توجيه تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام إلى عبير موسي رئيسة ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - الجوع يتجول في شوارع غزة!