[email protected]
استقادت الولايات المتحدة من قرار 1483 لمجلس الأمن الدولي لتمرير ما تتخذه من السياسات و الشؤون الإدارية في العراق، حسب مقتضيات سياساتها، وحسب الظرف السياسي الداخلى وموازين القوى بين التيارات الإجتماعية وطموحاتهم وما ستقابلها من جانب الإدراة الأمريكية، وعلى هذا الأساس يقوم بول بريمر بتغير آليات عمله يومياَ، فتارة يقول "سننعقد مؤتمرا وطنيا موسعاً في منتصف شهر تموز" وتارة اخرى يقول نلغي هذا المؤتمر وكل قرارات المؤتمرات السابقة للمعارضة البرجوازية العراقية بما فيها مؤتمر لندن التي وضعت كافة تيارات المعارضة البرجوازية في خانة السياسات الامريكية بلا حدود، كما يسعى إلى تغيير كل ما قام به سلفه غارنر او زالماي خليل زادة دون أي إعتبار لهما ولكافة التيارات في المعارضة البرجوازية من أمثال الحزب الديمقراطي الكردستاني و الإتحاد الوطني الكردستاني و الوفاق الوطني والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وال CIN وحزب الدعوة والشيوعي الذين إنضموا إلى دائرة المؤتمر الموسع للقوى "الوطنية" العراقية أخيراَ !!، والذي أدت إلى إمتعاض قادة المعارضة البرجوازية و مغادرة ثكناتهم في بغداد حيث رجع الطالباني من بغداد إلى مقره الأصلي في كردستان، و إنتقل مقر احمد الجلبي من نادي الصيد إلى موقع اخر واعلن زعيم "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" محمد باقر الحكيم رفضه المشاركة في المجلس الاستشاري، معتبراً اياه "فكرة مرفوضة شرعاً وقانوناً" في حين رأى INC ان فكرة بريمر تعني "تجريد الشعب العراقي من حقه في الحكم والمشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات". إذن لقد خدعوهم مرة أخرى، وللأسف ليس عندى جهاز حاسوب كي احسب عدد المرات التي إنخدعت بها هذه المعارضة وخصوصا القومية الكردية منها. وعليه فقد أصبحت كل القرارت و المؤتمرات السابقة لهذه المعارضة جزء من التأريخ المنسي وموضع سخرية الجميع، وأخيرا" وليس آخرا" يسعى بول بريمر إلى تشكيل مجلس إستشاري، سيكون تحت سلطته و يعمل بأمرته مباشرة، كإدراة إنتقالية، وبسلطة محدودة. ولا يتطرق لا من قريب ولا من بعيد عن الفيدرالية ولا عن التعددية والديمقراطية ولا حتى عن الحكومة المؤقتة التي تطبل لها الحزب الشيوعي العراقي ايضاَ !! بل يركز على المجلس الإستشاري أو المجلس السياسي حسب مقابلة بريمر مع بىبىسي اون لاين، وبهذا الخصوص فمن المرجح أن لا يمنح تلك المعارضة حتى الصلاحيات المحدودة التي وعد بمنحها لهم، في حين هناك حديث عن عقد مؤتمر عراقي موسع يقرر شكل الحكم المقبل ويختار حكومة عراقية في مدريد على غرار مؤتمر مدريد لقضية الصراع العرابي- الإسرائيلي. وعليه فقد تبخرت آمال المعارضة البرجوازية، مع قدوم حر شهر حزيران وتموز، حيث تعرضوا للذل والخداع من قبل أمريكا. أما الولايات المتحدة فإستخدمتهم كذريعة وو سيلة دعائية في محاولاتها وتهديداتها و أخيراَ في حربها ضد العراق، لكي تنوه بوجود المعارضة العراقية معها امام الراي العام العالمي، ولتبرير سياساتها في 13 السنوات الماضية بما فيها الحصار الإقتصادي اللعين ضد جماهير العراق، بينما هم يطبلون لكافة سياساتها وإجرائاتها،، واليوم بعد سقوط النظام، إنتهت مهمة هذه المعارضة وخصوصا جماعات مثل الجلبي والوفاق والوطني، اللتان لاتمثلان اي حركة إجتاعية او حتى أي فئة من فئات المجتمع العراقي، على حد قول احد المسؤولين الأمريكن إنهم " مجرد هواة لايحترفون السياسة". لكن لماذا ذلتهم الولايات المتحدة، لماذا يقول لهم بول بريمر صراحة " بأنهم لايمثلون العراق" ؟! بينما قبل سقوط النظام كانت الولايات المتحد تؤكد بأنهم يمثلون كافة أطياف المجتمع العراقي، وخصوصا" في فترة إنعقاد مؤتمر لندن لتلك المعارضة في نهاية العامل الماضي.
فعلا إنهم لا يمثلون العراق و لاالمجتمع العراقي، إنهم يمثلون جماعاتهم و أحزابهم، يمثلون مصالح جماعاتهم و احزابهم بغية إشغال مقعد من مقاعد الحكومة العراقية القادمة دون الأخذ بنظر الاعتبار تطلعات الجماهير ومصالحهم في العراق، لقد برهنت التجربة القومية الكردية في كردستان العراق تلك الحقيقة، على امتداد فترة السنوات ال(11) المنصرمة لسيطرتهم على كافة منافذ الحياة فيه. من جانب أخر فان هذه المعارضة ليس فقط لا يمثل جماهير العراق، لا وبل وقفت ومنذ أكثر من 13 السنوات الماضية ضد آمال و تطلعات الجماهير أيضا"، حيث وقفت إلى جانب الولايات المتحدة أثناء فرضها الحصار الاقتصادي على العراقيين، تلك السياسة التي راح ضحيتها اكثر من مليون ونصف مليون قتيل بسبب إنعدام الوسائل الضرورية والتكنولوجيا الطبية والصحية و إنعدام الأدوية الضرورية و المياه الصالحة للشرب، وانقطاع التيار الكهربائي و… ومن جانب آخر طبلوا للقصف اليومي الأمريكي وقتل المدنيين في العراق بذريعة " إسقاط الديكتاتور" و جلبوا جيوش الدول المجاورة للعراق إلى المنطقة سعيا" من كل واحد منهم لتغير الموازنات الداخلية لصالح حزبه، إن المعارضة البرجوازية شريك وجزء من الحملة اللاإنسانية التي وقعت على رؤوس العراقيين. وعليه فإنهم لا يمكن أن يحظوا بالقبول الجماهيري وبالرعاية الجماهيرية. إذن هذه هي الورطة التي وقعت فيها المعارضة البرجوازية، ذلك لأن الولايات المتحدة لا تعتبرهم بشكل جدي كممثلين لجماهير العراق هذا من طرف، ومن الطرف الأخر فإن الجماهير يعرف جيدا" من هم هؤلاء، فلا يمكن أن يحظوا بتأييدهم والتصويت لهم. ولكي نعرف بالتحديد لماذا لا يشكل الولايات المتحدة الحكومة المؤقة من تلك الأطراف أو تسليم تشكيلة المجلس السياسي إليهم، لمعرفة حقيقة ذلك يجب علينا بالضرورة ان نعرف ماهي تصور الولايات المتحد لحكم العراق القادم. إن جوهر هذا التصور يتمثل بالمسعى الأمريكي الهادف إلى تشكيل حكومة مستقرة او على الأقل مستقرة نسبياً، وتمثل الطبقة البرجوازية العراقية بكافة فئاتها، حكومة تتبنى إقتصاد السوق حسب المفهوم الأمريكي، أي تهيئة الأجواء المناسبة لخصخصة كافة المرافق الإقتصادية في العراق، وتساعد على جلب الإستثمارات الاجنبية وبالتحديد الأمريكية منها، وتشريع الدستور والقوانين المناسبة لتسيير هذه العملية او هذا الإنتقال، بما فيها سن قانون تنص بعدم وجود حقوق للعمال، اي إن مصلحة الولايات المتحدة وكافة القوى الراسمالية تتمحور في " عامل الهادئ، والعمل الرخيص"، ايحرية المطلقة للإستثمار الراسمال، وحرية المقيدة للعمال( العامل حر في يعمل او لايعمل، اي حر في أن يعش او يموت) ومن الناحية السياسية تتمحور في إيجاد حكومة مروضة لها ومطيعة لكافة سياسات و حركات الولايات المتحدة في العراق و في المنظقة بما فيها الإعتراف الرسمي والصريح بالحكومة الإسرائيلية، و نبذ الإرهاب الأسلامي، و قمع وسحق الحركات العمالية بواسطة القانون إين يمكن، وإذا يتعذر القانون عن أداء دوره، إذن المؤسسات المقعية موجودة بالوفرة. يتعذر على الولايات المتحدة تشكيل حكومة من هذه النوعية من المعارضة البرجوازية العراقية، وحقاَ أنهم لا يمثلون الطبقة البرجوازية في العراق، لأنهم يمثلون مختلة الطوائف و القوميات والعشائر، وعليه فإن هذا الخليط المؤلف من الإسلاميين والقوميين الكرد والعرب إلى جانب الجماعات التابعة للبنتاغون، لا تربطهم بشئ سواء حبهم للسلطة، في حين ان هذه النزعةَ لا يتناسب باستمرار مع الحركة الواقعية للمجتمع. لهذا السبب و لهذا السبب بالذات، لا يثق بهم الولايات المتحدة في إعطائهم دور أكبر مما أعطاها لهم.
إن كل أطروحات المعارضة البرجوازية العراقية بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن و الحكومة الامريكية و ممثلها في العراق بول بريمر تجمعهم جوهر مشترك تتمثل بقضية إبعاد جماهير العراق من ممارسة دورها في رسم مستقبله و تحديد شكل حكومته.
أما بخصوص دور الجماهير و القوى التقدمية في العراق، فإن الجماهير المليونية التي تناضل من أجل حياة أفضل، وتناضل من أجل الرفاه والحرية و تصارع من اجل لقمة عيشه، عليه أن لا ينتظر في غرفة الإنتظار، بل عليهم ان يوحدوا وينضموا صفوفهم حول تطلعاتهم وآمالهم التي تضمنتها "بيان الحريات السياسية" و "قرار الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول الأوضاع السياسية في العراق وسقوط النظام البعثي وسياساتنا" الصادرة من قبل الحزب الشيوعي العمالي العراقي، والمنشورة في عدد 88 من هذه الجريدة، وعليه فإن هذه السياسات تتمحور حول تهيئة أرضية مناسبة لجعل جماهير العراق قادرا" على تحديد مصيره السياسي بحرية تامة وتحديد شكل حكومته، و بآليات واضحة كخروج قوى الإحتلال من العراق فوراَ وأن تحل الأمم المتحدة لفترة معينة محلها، وأن تتلخص مهماتها في نزاع أسلحة كافة القوى، وضمان الحريات السياسية لجماهير العراق باوسع مايمكن، وتحديد مدة لاتقل عن ستة اشهر لإنتخابات حرة وسرية وعامة تحت إدراتها ومراقبتها، ويستوجب في هذه المدة ضمان الحريات السياسية للجماهير وللأحزاب السياسية ومنحم إمكانات متساوية، وعندئذ اي بعد إتمام الإنتخابات و تشكيل الحكومة العراقية سينتهي مهمام الأمم المتحدة في العراق. وبهذا الصدد فإننا نرى بان الحكومة الأتية في العراق يجب ان تكون حكومة غير قومية وغير دينية وذلك لتلافي الصدامات القومية والدينية، حيث أن حكومة كهذه يمكنها القيام بتحجيم دور التيارت الرجعية القومية والإسلامية. وعليه فهل ستهب الرياح بعكس إتجاه السفينة الأمريكة المعبئة بالسلاح؟ سيكون الجواب إيجابيا" إذا حقق جماهير العراق حضورها السياسي و تماسكها التنظيمي وإلتف حول المطالب المدرجة في البيان والقرار الذين ذكرناهما أعلاه، وسيكون الجواب سلبيا" أذا أستسلم الجماهير للإنتظار ولما ستفعله الحكومة الأمريكية والتيارت الاخرى في المعارضة البرجوازية، وستكون الاشهر القادمة محك موضوعي للإجابة على تلك الاسئلة. أما نحن في الحزب الشيوعي العمالي فسنحاول جاهداً من أجل تحقيق الحضور السياسي للجماهير العراق.