أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - المنطق بالمقلوب















المزيد.....

المنطق بالمقلوب


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 521 - 2003 / 6 / 22 - 11:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



قال عربي  شقيق يتحدث العربية بطلاقة أن  الجثث التي عرضتها القنوات الفضائية تعود لجنود أيرانيين قتلوا  في حرب العراق مع أيران وليست جثث لعراقيين  ، وقال آخر أن الجثث التي يتم أستخراجها لا يوجد دليل مادي واحد على أن صدام حسين هو الذي قتلها ،  وفي تعقيب لمواطن عربي قال بعد أن بدأ كلامه بأسم الله وحمد الله وشكره على ماصار اليه الحال قال لافض فوه وماذا يريد أهل العراق من قائد يتأمر عليه نفر ضال غير أن يعمل فيهم أمر الله في القصاص العادل فيذهبون الى جهنم وتسجل له حسنة في الجنة عند الحساب .
وفي مداخلة في قناة عربية يقول أحد العرب أنه لم يستغرب من هذه القبور والجماجم لأن أهل العراق تعودوا على هذه الأعمال والأفعال ، كما علق آخر أن الأنشغال عن مقاتلة الغزاة الأمريكان وأخراجهم من بغداد عاصمة الخلافة العربية بتصوير الجثث والتحدث عنها مؤامرة تخدم الأمبريالية والصهيونية العالمية .
وكشف أحد المحللين من ذوي الكروش الكبيرة والعقول الصغيرة سراً خطيراً حين أكتشف أن الجثث تعود لعراقيين مسلميين قتلهم الشيعة في حرب البسوس .
وسأل صحفي عربي مواطنة عربية عن رأيها بالمقابر المعثور عليها في العراق ، فأجابت أن النساء ولودات ولن تنتهي الدنيا فما بالكم أقمتم الدنيا ولم تقعدوها ،  وعلقت مواطنة من دولة أسلامية أنها تتمنى لو أن شعب العراق بأكمله أبيد بالسلاح الكيمياوي وبقي لنا قائد النصر لوحده هدية من الله للأمة العربية التي تشعر أنها كم بحاجة لمثل هذا القائد في هذا الزمن العصيب الذي تمر به امتنا العربية المجيدة .
وتحدث عربي بحرقة كون الأفلام الخاصة بالجثث تم أخراجها في ستوديوهات هوليود وأنها أفلام مفبركة وأصطناعية وأقسم قسماً غليظاً  أنه لاصحة لكل ماتم  تصويرة وبثه من القنوات  ثم أدركته صلاة المغرب فأعتذر وقطع الأتصال  .
وأتصل مشاهد عربي بفضائية مكتشفاً أن مشاهد القبور مكررة وأفلام معادة وأن القبور لاتتعدى العشرات ، وأضاف أن القضية عادية في منطقتنا العربية ولاتستدعي كل هذه الضجة .
لم أستغرب هذا الكلام  وأنا أطالع بعض خفايا التاريخ العربي التي طمرت عمداً حتى لاتصل الى أسماع الأجيال اللاحقة ، لئلا تخدش أسماعها بقصص تناقض مايقولونه لنا ويكتبونه في قصص التاريخ المقلوب  ، لم أستغرب وأنا أطالع عن هند بنت عتبة التي أشتهرت أنها أكلت كبد الشهيد الحمزة بن عبد المطلب ، لكن كتبة التاريخ العربي تخفي قيامها بنبش قبر أمنة بنت وهب والدة الرسول ومن ثم أستخراج عظامها وطحنها ومن ثم التهام العظام بعد طحنها  ، وعلقت فوق ظفيرتيها عظمين من عظامها كانت متدلية من شعرها يوم أسلمت خوفاً لاطواعية وأيمانا بالدين الجديد  حين فتح الرسول مكة  وكانت بين يديه وأسأل نفسي عمن اخفى هذه الحقيقة ؟
لم أستغرب من كتاب  التاريخ العربي الذي يلعنون  ( أبن العلقمي ) زعماً أنه  سلم مفاتيح بغداد الى الغزاة ، مع أنه لم يتصل بالغزاة وليس بيده قفل ولامفتاح ولاسلسلة  ،  وأنما كان القادة والخلفاء من أتصل بهم  وفتح لهم البلاد خشية على أموالهم وغنائمهم وأرواحهم ومحظياتهم  .
لم أستغرب حين يرسم الدعاة شجرة النسب المزعومة  التي يندس  الرئيس البائد بينها  منتسباً زوراً في نسبه الى الأمام  علي بن أبي طالب ( ع ) وهو منه براء  .
لم أستغرب حين نستمع  لكلمات (  ماري أنطوانيت ) ملكة فرنسا  لما سألت عن سبب ثورة  الرعاع ، فلما أجيبت أنهم يريدون الخبز ، قالت لم لا يعطوهم الكيك بدلاً عنه  .
ماري أنطوانيت كانت تتصل بالفقراء وتمنحهم الطعام وتبكي على حالهم قبل أن تحصدها المقصلة ولأنها عارفة بحقيقة الفقراء ، ولأن لها موقف سياسي معروف  كان يجب أن تطالها حالة المقلوب في التاريخ .
وحقاً يجب أن لانكترث لكل هذا العدد من الشهداء في العراق  ، وحقاً علينا أن لانهول الأمر على أخوتنا  لئلا نزعج الضمير العربي وندنس الشفافية ونحول الأيام الهانئة للعرب الغارقة في أحلامها ونرجسيتها الى أضغاث  مزعجة ونعكر صفوها وشاعريتها .
وعلينا أن نتقدم للعرب كلهم دون أستثناء بالأدلة والمستمسكات التي تثبت أدعائنا وزعمنا  ، وحين نعجز أن نجد البينة فاليمين على من أنكر .
لكننا وحدنا  نعرف أن هذه الجثث لم تكن لجنود أيرانيين حيث لم تكن بين الجنود نساء وأطفال ، ولم يكن الأيرانيون يلبسون الملابس العراقية عند القتال ، ولاكان هناك سبب لربط أياديهم الى الخلف وأن تلتف العصبة على عيونهم وأن يدسوا المستمسكات الشخصية العراقية بين طيات ملابسهم  . وقد أعيد  رفات موتاهم ،  وبغير هذا  يترتب على ضمائركم البينة   .
لم تكن الجثث العراقية المدفونة في مقابر مجهولة من أرض العراق وحدها أشارة الى عمق محنة العراق وشكل   الموت الذي شرب أهلنا في العراق منه ، لم تكن افلام الفيديو التي تصور أعدام الشباب بالمتفجرات أو الدفن أحياء  دليلاً على البشاعة والظلم حتى في طرق الموت التي ننتقيها نحن أهل العراق .
لم تكن جثث النسوة والأطفال وحدها تشير الى قسوة السلطة وتحجر القلوب حين تستحيل الى صخور صلدة  لارقة فيها ، ونحن نتابع الركلات والضربات ثم أستلال المسدسات الأوتوماتيكية وتصويبها قرب الأصداغ والرؤوس ترسم الوشم البارودي وتسلب الحياة  .
لم تكن المفارم البشرية التي تحول الجسد البشري الى خليط ثخين من سوائل تنزلق عبر أكياس النايلون تستقر في قاع دجلة  دليلاً على سريالية الموت العراقي ،  حين تختلط العظام بالملابس وتتعدد المقابر فتذوب عشقاً بتراب العراق يمتصها فتلتصق به .
حقاً تميزنا بنبش قبورنا كما قالت عنا صحيفة عربية ، وتمتعنا حين نقلنا رفاة أولادنا بأكياس النايلون ، ربما أصطحبناها معنا الى بيوتنا والى منتدياتنا ريثما يتوفر لها المكان المناسب للدفن ، ربما عرضناها على أخواننا نتحدث لهم عن شهادة الميت الأكاديمية  وكفائته وأبداعه وطاقته العراقية التي لم تصب في خدمة الأمة العربية .
هل لم نزل جزء من الأمة العربية ؟
هل لم تزل جثثنا المدفونة سراً تحمل الهوية العربية أم سيتم تسفيرها ؟
لادليل لدينا غير موت أولادنا لعلهم أحبوا الموت وأشتهوا الأنتحار الجماعي ، لعلهم فكروا بحياة أخرى غير حياتنا ، ولعلهم خرجوا على تعليمات الخليفة وأمير المؤمنين وعبد الله المؤمن  فأستحقوا القصاص العادل ، ورسموا للعدالة صليبها وللحق ميزانه ، لكنهم بقوا معصوبي العيون خشية أن ننظر الى عيونهم الجميلة ، فقد كان بينهم شابات وشباب أستحقوا الزفاف .
زغردن أيتها العربيات ، وأدبكوا أيها العرب العاربة ، أرقصوا فقد تناقص أهل العراق . 
زغردوا أيها العرب من الرجال والنساء فقد أزف موعد زفاف أولادنا .
لماذا توقفت فضائيات الأخوة العرب عن بث الأغاني والمسرحيات الفكاهية  ؟
فنحن في زمن كل مافيه يستحق الضحك والسخرية ويكتب بالمقلوب .
أشتركوا معنا في فرحنا وأتركونا في آتون  ألمنا وحزننا ومأساتنا .
زغردن أيتها الماجدات فلم يعد الموت يعنينا ولاالفزع من فنائنا ولاالوجع من ألامنا ولاالحزن من فرقتنا ولاالرعب من خوفنا وموتنا ، تحولنا بقدرة هذا الزمن الهجين الى قطع من الأسفنج تمتص كل هذا الحزن والموت والرهبة وتختزنها كلها في بقايا العمر التي لن ننقلها للأجيال القادمة ، لئلا تتوسخ  عقولها من قصص المقلوب من التاريخ  والمبتور من الحقيقة .
وحقاً سيولد  جيل جديد من العراقيين نمسح من ذاكرته كل وجع الأمة وأكاذيب الأمة والملتف تحت عباءة الأمة والمتستر خلف أردية الأمة .
 ستلد النساء العراقيات  جيلاً لايحمل في ذاكرته سوى كلمة الحق والصدق والجرأة في الموقف ونعلمه أن بيع الضمائر ممكن في كل المحلات التجارية العربية  مثلما تباع السلع والكماليات والشرف العربي  في هذا الزمن الرديء ،  ونرسم له طريقنا العراقي ونترك له حرية  الأختيار ونحكي له قصتكم وقصتنا  أيها  الأخوة العرب .

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهداء العراق عنوان الخلاص ومعارضة السلطة البائدة
- متى نشطب صدام من ذاكرتنا ؟
- من يقطع أذن عبد حمود التكريتي ؟
- تعقيب على مقالة الدفاع عن قناة أبوظبي
- بالمحبة والتسامح نبدأ حياتنا العراقية الجديدة
- القاضي العراقي لايعمل أو يعين بأمر الحاكم الأمريكي
- الأحزاب والحركات السياسية وضرورة الجبهة الوطنية
- حزب الكتائب الحاضر في قناة العربية
- أعادة العقارات والحقوق المصادرة مهمة وطنية مستعجلة
- القوانين والقرارات يجب أن تكون عراقية
- الطاغية صدام مناضل في قناة ( العربية
- من وقف مع صدام عليه أن يعيد أموال العراق
- رسالة الى المحامي الأردني
- أعادة تأهيل القضاء العراقي
- العدالة
- العراق الحلم الذي تحقق
- حق أكراد العراق في أختيار الشكل الدستوري للحكم
- جابر عبيد – قناة أبو ظبي يتاجر بالمستندات العراقية
- ساحة عبد الكريم قاسم
- طرد مدير قناة الجزيرة عبرة للغير


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - المنطق بالمقلوب