أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شروق أحمد - شعب ماكوندوا العربي














المزيد.....


شعب ماكوندوا العربي


شروق أحمد
فنانة و كاتبة

(Shorok)


الحوار المتمدن-العدد: 7833 - 2023 / 12 / 22 - 22:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما يتحول الخيال العلمي إلى واقع و يتحول خيال الروائي إلى واقع هنا تكتشف عظمة الكاتب، هناك شعوب فجأة و من دون سباق إنذار يصيبها فقدان ذاكرة جماعي و يتحول الى قطيع يقاد من قبل حفنة متعصبة متطرفة كالإسلام السياسي ويتحول العلماني واليساري فجأة إلى قومي وإسلامي الهوى، ويقود البعض حملات تشويه ضد أي شخص يحاول إرجاع الذاكرة إلى هذه العقول التي نست كل ما هو أساسي، كما طارت العجوز في رواية غابرييل غارسيا ماركيز ونسيان ماهي البقرة و ماهي وظيفتها وكل الأحداث السحرية التي جرت في تلك البقعة التي أختلقها روائي والتي تصورها في مخيلته، حتى أضحت الواقع نسخة تعيشه الشعوب في العالم، العيش على الخيالات وحالة النسيان التي تصيب بعض الشعوب بعد عزلةً طويلة، لتصاب عقولها بالترهل والعجز عن التفريق بين ما هو واقع أو خيال.

وكما أصيبت قرية ماكوندو التي هربت إليها عائلة خوسيه أركاديو بويندا بعد جريمة القتل التي أرتكبها رب الأسرة إلى هذه القرية المعزولة لبدأ حياة جديدة، وسرعان ما تتحول هذه القرية إلى مقبرة لعائلة بويندا بعدما اختلطت الأحداث الخيالية مع الواقع وبعد زيارة الغجري إلى القرية والتي بسببه تحولت القرية إلى جحيم لأنه جلب معه كل أنواع السحر والخرافات التي أذهبت العقول رويداً رويداً، وما أشبه هذه الأحداث بالواقع العربي اليوم، وما الإسلام السياسي إلا هذا الغجري المشعوذ التي أتى وأخذ العقول المفكرة، العقول التي من المفترض أن تقود الشعوب، حتى أخذت هذه الخزعبلات والخرافات رويداً رويداً تفُقد الشعوب العربية رجاحة التفكير والتفريق بين ما هو واقع و بين ما هو سحر وشعوذة، ففي كل منعطف نعتقد أن الشعوب واعية لتلك الألاعيب، نكتشف أن العقول العربية كشعب مكوندو لا يريدون ان يعودوا إلى التحضر بل تعجبهم العزلة في تلك البقعة من العالم، وكل من يريد أن يحارب الإسلام السياسي وأفكاره التدميرية و خزعبلات هذه الفئة يصبح عميل، جاسوس، وصهيوني يعمل لجهة مشبوهة، هكذا كانت الشعوب العربية مصابة بمرض قرية مكوندو متمثلة بفقدان أي صلة لها بالواقع خارج القرية المعزولة حتى أتت رياح قوية أزالت القرية ومعها عائلة بويندا بسبب خطيئة ارتكبتها هذه العائلة ولم يبق أحد من هذه العائلة مع نهاية الرواية.

فالواقع اليوم كما في مكوندو في كل منعطف تاريخي لا نختار رجاحة العقل بل رجاحة العاطفة العمياء، نختار فقدان الذاكرة الجماعي و ننسى ما حدث قبل حتى أشهر من دمار و قتل وتنكيل وننسى حتى الدروس التي تستخلص منها كل شعوب العالم بعد كل أزمة يمرون بها، إلا نحن نختار أن تقودنا مجموعات لا تعترف بالعلم ولا تتعرف بالثقافة، ونختار أن نكون صامتين عن جرائم ترتكب بحقنا كل يوم، منذ ان أختار الرئيس البطل الراحل أنور السادات السلام مع إسرائيل وفي تلك اللحظة المفصلية في تاريخ أمتنا العربية أختار العرب مقاطعة مصر لا بل الدعوة لقتل السادات في وقتها، عندها أصبح الجميع قومي عربي ومشت الجموع مع أخوان المسلمين و تيار الإسلام السياسي واليوم وبعد أكثر من خمسين عاماً من السلام لم نستخلص أن ما فعله السادات هو أعظم قرار أتخذه زعيم عربي، والدليل أنه اغتيل على أيدي حفنة من المتخلفين لأنهم لا يريدون السلام ولا يريدون العيش في سلام مع الآخر، مثلما حدث في الحادي عشر من سبتمبر عندما احتفلت الأغلبية بذلك الحدث المرعب في الولايات المتحدة بقتل الآلاف من البشر الأبرياء و حُرب كل من شجب و أستنكر تلك الأحداث وقد كُفر أي شخص أدان تلك الهجمات الإرهابية و تحول كل شخص يدين تلك الهجمات صهيوني إمبريالي عميل للسفارات، وماذا حصل عندما جاء نجيب محفوظ بروايته التي فازت بجائزة نوبل حيث كفر وأهدر دمه وبعدها محاولة اغتياله الفاشلة، فقط لأن الجماعات الإسلامية صورته على إنه الشيطان الرجيم، قامت قيامة الجماعات الإسلامية ومعهم الأمة العربية و مجدداً أصيبوا بفقدان الذاكرة ونسيان العقل والمنطق والدعوة إلى إيقاف ومحاكمة نجيب محفوظ الروائي العظيم، ومن هنا عزيزي القارئ قس جميع الأحداث التي أصيبت بها هذه الأمم وتابع كل مرة ردة فعل الشعوب العربية، فجأة تنسى الدمار و الخيانة و الفقر والحروب والأمية ويصيبها فقدان ذاكرة جماعي و تسير نحو الهاوية نفسها التي وقعت فيها قبل خمسة وسبعون سنة، وفي كل بقعة من هذا الوطن العربي دائماً نصدق التخاريف ونظريات المؤامرة وننسى الحدث الأساسي الحقيقي أن المشعوذ دائماً كان يصيب في اختراق العقول وأدلجتها. ما الفرق بيننا وبين شعب مكوندو؟!



#شروق_أحمد (هاشتاغ)       Shorok#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسانية لا دين لها
- قطار الإسلام السياسي و الأنظمة
- احتفال عربي إسلامي!!
- المسكوت عنه في الدورة الشهرية


المزيد.....




- 24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل ...
- قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با ...
- قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى ...
- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...
- استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
- مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
- مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا ...
- غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
- أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين ...
- أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شروق أحمد - شعب ماكوندوا العربي