داخل حسن جريو
أكاديمي
(Dakhil Hassan Jerew)
الحوار المتمدن-العدد: 7830 - 2023 / 12 / 19 - 04:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا نبالغ كثيرا إذا قلنا أن القضية الفلسطينية تمثل أكبر كارثة إنسانية حلت يالشعب الفلسطيني في العصر الحديث ,لم يشهد أي شعب آخر في العالم مثيلا لها أبدا . بدأت فصولها المأساوية منذ أكثر من قرن من الزمان , على أيدى عصابات صهيونية مسلحة وافدة من شتى أرجاء العالم , ومدعومة من القوى الإستعمارية العالمية الكبرى , بذريعة إيجاد وطن آمن لليهود وكأن اليهود كانوا مشردين , بينما يعرف القاصي والداني أنهم ينعمون بالعيش الكريم في بلدان آمنة شأنهم شأن مواطني تلك البلدان ,ويخضعون لقوانينها ومتساوون تماما في الحقوق والواجبات . وإذا فرضنا جدلا أنهم كانوا مشردين حقا , هل أن الفلسطينيين مسؤولين عن تشريدهم , وهم لا علاقة لهم تربطهم إطلاقا بتلك البلدان لا من بعيد ولا من قريب .
تعايش الفلسطينيون والعرب بعامة في ود وآمان مع الجاليات اليهودية في بلدانهم , حيث تقلد بعض اليهود مناصب رفيعة في الدول العربية , يكفي أن نشير هنا إلى أن أول وزير مالية عند تأسيس المملكة العراقية عام 1921 , كان الشخصية اليهودية العراقية المعروفة ساسون حسقيل الذي بعد أفضل وزير عراقي تولى هذا المنصب حتى يومنا هذا .وكان لليهود العراقيين مجالسهم ونواديهم ومدارسهم الخاصة التي كانت تعد الأفضل بين مدارس العراق يومذاك . ومن من جيلنا لا يتذكر طبيب ألأمراض النفسية الدكتور جاكي عبود الذي ذاع صيته في جميع أرجاء العراق ,والشاعر والأديب مير بصري الذي شغل منصب رئيس غرفة تجارة بغداد عام 1943 ,وصالح الكويتي الذي لقب "أبو الموسيقى العراقية"، وهو أول من أسس الأغنية المأخوذة من المقام العراقي , وتولى آخرون مناصب قيادية في الحزب الشيوعي العراقي .لعبت الجاليات اليهودية دورا إقتصاديا وعلميا وفكريا وثقافيا بارزا في شتى مجالات الحياة في جميع البلدان العربية على مر العصور .لا يتسع المجال هنا للخوض بتفصيلاتها .
لا ننكر تعرض بعض اليهود لبعض المضايقات الفردية في أعقاب نكبة فلسطين وتأسيس دولة إسرائيل عام 1948 , بعضها بسبب قيام بعض الجماعات الصهيونية القادمة من فلسطين , بتفجيرات إرهابية في أماكن تجمعات اليهود بهدف تخويفهم ودفعهم للهجرة إلى فلسطين . لم يجبر أي من أفراد الجالية اليهودية العراقية , على ترك العراق بل سمح لمن يرغب منهم بإسقاط جنسيته العراقية والمغادرة إلى إسرائيل أو أي بلد آخر بكل حرية وآمان .
وإذا ما أخذنا بفرية تشريد اليهود في البلدان الأوربية , فيا ترى من قام بتشريدهم ؟ هل هم الفلسطينيون المغلوب على أمرهم في وطنهم ,ممن لا حول لهم ولا قوة تحت سلطات الإحتلال , تارة عثمانيا وتارة بريطانيا ؟ . وهل من العدالة والإنصاف تشريد شعب آمن من أرضه ووطنه دون ذنب , ولا ناقة له ولا جمل في صراعات وحروب إستعمارية أوربية في حربين عالميتين , ( 1914 – 1918 و 1939 – 1945 ) راح ضحيتهما ملايين البشر من شتى الأعراق والقوميات والأديان والطوائف بعامة , والروس والبولونيين والغجر الهنغاريين بخاصة, وتشريد ملايين أكثر بحثا عن ملاذات آمنة , ولم يكن اليهود الأوربيين وبخاصة الألمان إستثناء من هذه الفضائع . أليس المسؤولية الأخلاقية بإنصاف ضحايا هذه الحروب تقع على مرتكبيها بدلا من تحميلها على شعب يرئ أعزل لا علاقة له بها ,وربما لم يكن له علم بحدوثها في تلك البلدان البعيدة عن دياره , لتحل بهم نكبة لعينة شردتهم من ديارهم دون ذنب ؟ أي ظلم أفضع من هذا الظلم الذي أوقعه دعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بهم, وما زالوا يمعنون يسوء معاملتهم ويسومونهم سوء العذاب أكثر فأكثر حتى يومنا هذا , بدعوى حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها وهي تعيث في الأرض فسادا وترتكب فضائع يندى لها جبين الإنسانية بحق شعب أعزل سلبوه كل ما يملك .
نعود الآن إلى بداية فصول المأساة الفلسطينية التي حلت بالفلسطينيين منذ وعد بلفور المشؤوم الصادر من الحكومة البريطانية عام 1917 , المتضمن الإعلان عن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين دون إلحاق الضرر بحقوق سكان فلسطين . ويأتي هذا الوعد في سياق السياسة البريطانية الرامية لتحقيق طموح الحركة الصهيونية الجامح وسعيها الدؤوب لتأسيس دولة إسرائيل في فلسطين , بعد إنتزاعها من سكانها الفلسطينيين سواء بالترغيب أوالتهديد , لتكون قاعدة إستعمارية إستطيانية لتخدم المصالح الإستعمارية كلما إقتضت مصالحهم ذلك , وتبرئة أنفسهم من المجازر التي إرتكبوها بحق اليهود عبر السنيين بحسب إعترافاتهم أنفسهم .
والحركة الصهيونية هي حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر, ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين, بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد ,ورفض اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى. وبعد فترة طالب قادة الحركة الصهيونية بإنشاء دولة عنصرية خاصة بهم في فلسطين والتي كانت ضمن أراضي الدولة العثمانية. ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم. وبعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها توفير الدعم المالي والمعنوي لدولة إسرائيل. وبرغم كل ما قدمته الحركة الصهيونية من إسناد ودعم مادي ومعنوي على كل المستويات , فإن نسبة اليهود في إسرائيل لا تتجاوز أكثر من (42%) من إجمالي عدد اليهود في العالم في الوقت الحالي , الأمر الذي يفند دعاوى الصهيونية بمعاناة اليهود في الدول الأخرى التي تروج له أبواقهم الدعائية تحت باب معاداة السامية .
فتحت سلطة الإنتداب البريطاني أبواب الهجرة الواسعة اليهودية إلى فلسطين , دون إكتراث لمناشدات الفلسطينيين وتظاهراتهم وإضرباتهم السلمية ومطالباتهم بالحد منها , لما ألحقته من أضرار فادحة بمصالحهم وممتلكاتهم , تطورت فيما بعد إلى مصادمات مسلحة بين المواطنيين الفلسطينيين والمستوطنيين الجدد الذين أخذوا يمارسون أساليب الترويع والترهيب ضدهم, لدفعهم لإخلاء مساكنهم والنزوح منها , حيث شكلوا مجاميع إرهابية مسلحة لهذا الغرض ,لم تنجو من بعضها سلطات الإنتداب البريطاني نفسها , كما حدث في تفجير فندق الملك داود مركز سلطة الإنتداب في القدس عام 1946 , الذي نفذه أعضاء من جماعة الإرجون الصهيونية .
وقد إزدادت حدة الصدامات بين المستوطنيين ومنظماتهم الإرهابية , والمواطنيين الفلسطينيين بعد تزاييد أعداد المهاجرين الصهاينة القادمين إلى فلسطين , وإعلان بريطانيا عن تخليها عن فلسطين , وصدور قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم (181) والذي صدر بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947 , بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى القرار خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى( 3) كيانات جديدة :
1. دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي (11,000 كـم2) ما يمثل( 42.3% ) من فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
2.دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي (15,000 كـم2) ما يمثل ( 57.7% ) من فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً .
3. القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية .
بادرت القيادات الإسرائيلية إلى إعلان قيام دولة إسرائيل يوم 14 أيار عام 1948 بعيد انسحاب الانتداب البريطاني، ودعت يهود العالم بدعم الدولة الوليدة التي سارعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إلى الاعتراف بها بعد دقائق من إعلانها .بينما رفضت الدول العربية قرار التقسيم حيث عدته باطلا ,حسب القوانين الدولية للاحتلال (اتفاقيات جنيف) , إذ لا يجوز للأشخاص المحميين أنفسهم التنازل عن حقوقهم (المادة 8 من الاتفاقية الرابعة). وبحسب القوانين والتشريعات المتعارف عليها عالميا أنه وبعد انتهاء الانتداب يجب إعادة تسليم البلاد إلى أصحابها الحقيقيين , ذلك أن فلسطين هي دولة عربية كانت تحت الانتداب البريطاني منذ سنة 1923 حتى سنة 1948 . رفضت الدول العربية قرار التقسيم خشية أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية. ولم تأت مخاوف العرب من فراغ، فقد أعلن بن غوريون في حزيران 1938، في حديث أمام قيادة الوكالة اليهودية، بشأن اقتراح آخر لتقسيم فلسطين، عن نيّته في إزالة التقسيم العربي-اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم .
خاضت إسرائيل ودول الجوار العربي خمس حروب كبرى في أعوام 1948، و1956، و1967، و1973، و1982، خسرها العرب جميعا بإستثناء حرب عام 1973 حيث حققت فيها مصر نجاحا محدودا , بعبور بعض قواتها إلى الضفة الشرقية من قناة السويس بعد تحطيم ما يعرف بتحصينات خط بارليف, والتوغل في شبه جزيرة سيناء المحتلة منذ حرب عام 1967 . ويعزى هذا النجاح إلى عنصر المباغتة بشن الحرب من قبل الجيش المصري , والإعداد والتخطيط الجيد لها , بخلاف ما كان عليه الحال في الحروب السابقة التي كانت تفتقر إلى التخطيط المسبق وسوء تنسيق العمليات في جبهات القتال ,فضلا عن إستخدام ورقة قطع إمدادات النفط العربي عن الدول الداعمة لإسرائيل , الأمر الذي تسبب بإرباك الإقتصاد العالمي لبعض الوقت , مما دفع تلك الدول إلى بذل جهود حثيثة لوقف الحرب ,والسعي الجاد لحلول تراها مناسبة بعد جمود سياسي إستمر نحو خمس سنوات منذ حرب عام 1967, الذي نجم عنه تعطيل قناة السويس وإحتلال شبه جزيرة سيناء بما فيها قطاع غزة وهضبة الجولان السورية والضفة الغربية الفلسطينية .
أتاح هذا النصر المحدود لمصر السادات الفرصة لمفاوضات أفضل مع إسرائيل لإستعادة أراضيها المحتلة منذ حرب عام 1967 , بموجب قرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم( 242) الصادر عام 1967 والذي جاء فيه :
يؤكد أن تحقيق مبادىء الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ويستوجب تطبيق كلا المبدأين التاليين:
أ - سحب القوات المسلحة من أراض (الأراضي) التي احتلتها في النزاع .
ب - إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة .
2.يؤكد أيضا الحاجة :
أ- ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة .
ب- تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين .
ج - ضمان المناعة الأقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق إجراءات بينها إقامة مناطق مجردة من السلاح .
. د- وقف إطلاق النار
وجدير بالذكر حذفت «أل» التعريف من كلمة «الأراضي» في النص الإنكليزي بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار .
جرت مفاوضات مكوكية غير مباشرة عبر وسيط دولي عينته الأمم المتحدة بين مصر وإسرائيل إستمرت أكثر من خمس سنوات, وسط حرب إستنزاف شنتها مصر ضد القوات الإسرائيلية المحتلة لشبه جزيرة سيناء المصرية . لم تفض هذه المفاوضات لتحقيق أية نتيجة . وازاء هذا الجمود في المفاوضات قام الرئيس المصري عام 1977بزيارة غير مسبوقة لزعيم عربي إلى إسرائيل وإلقاء خطاب في الكنيست الإسرائيلي يدعو فيه إلى السلام والمصالحة بين إسرائيل والعرب. مهدت هذه الزيارة لتوقيع الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن إتفاقات كامب ديفيد في 17 أيلول 1978 إثر( 12 ) يوما من المفاوضات السرية في كامب ديفيد,تم التوقيع على الاتفاقيتين الإطارية في البيت الأبيض وشهدهما الرئيس الأمريكي جيمي كارتر, وثاني هذه الأطر (إطار لإبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل) أدى مباشرة إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 . وبذلك دخلت القضية الفلسطينية في نفق أكثر حلكة وظلاما من أي وقت سابق , بخروج كبرى الدول العربية من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي , ما زال يلقي بظلاله الثقيلة على مجمل القضية الفلسطينية . كان من أولى تداعيات معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ,إعلان إسرائيل في العام 1980 ضم القدس المحتلة إليها، وأعلنت عن القدس بشطريها عاصمة موحدة لإسرائيل , وضم هضبة الجولان السورية المحتلة في العام 1981 .
لحقت منظمة التحرير الفلسطينية بقافلة التسوية مع إسرائيل التي تخلت عنها في كامب ديفيد عبر ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي بموجب اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 أفرز هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد .تعتبر اتفاقية أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عرفات. وفي 26 تشرين الأول عام 1994، وقع الأردن وإسرائيل معاهدة سلام كامل. وفي عام 1995، تبادل الأردن وإسرائيل السفراء، وبدأت بينهما السياحة والتبادلات التجارية الأخرى .
وعلى الرغم من كل التنازلات المهينة التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية (التي إعتبرتها جامعة الدول العربية بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ), والكثير من الدول العربية المعنية مباشرة بالصراع الصهيوني الفلسطيني , والتي كان آخرها قيام البحرين والإمارات العربية والسودان والمغرب , بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل, وكان مؤملا إلتحاق المزيد من الدول العربية بقطار التطبيع الذي أوقفه طوفان الأقصى الذي هز إسرائيل مؤخرا . بينما كانت الدول العربية جميعها لا تعترف بدولة إسرائيل , وتقاطعها دبلوماسيا وثقافيا وإفتصاديا طوال عقود.يبدو أن إسرائيل مستمرة بغيها ونهجها العدواني وإستهانتها بالدول العربية من منطلق القوة والإقتدار وإستضعاف خصومها , كونها مدججة بالعتاد والسلاح بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل المحضورة دوليا , وتحضى بحماية أقوى دول عسكرية في العالم ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية ,تحول دون مقاضاتها جنائيا في المحاكم الدولية جراء إرتكابها مجازر بشرية ضد شعب أعزال من نساء وأطفال وشيوخ مسنيين في مناطق سكناهم. .
وأزاء حال التداعي التي تشهدها البلدان العربية التي تنخرها الصراعات العبثية, تا رة دينية وتارة طائفية وأخرى عنعنات عنصرية , حيث يصارع بعضها من أجل بقاء دولها كيانات موحدة , والأهم من كل ذلك إحتراب فصائل المقاومة الفلسطينية وإندلاع المعارك فيما بينها بين الحين والآخر, في الوقت الذي يفترض فيها وقوفها صفا واحدا للتصدي للعدوان الصهيوني , وإعتماد برنامج نضال وطني موحد لتحرير فلسطين من براثن الصهيونية والتصدي الحازم لمشاريعها الإستطيانية التي لو قدر لها لا سامح الله الإستمرار , فلن تبقى هناك أية أراض فلسطينية يمكن أن تكون نواة لدولة فلسطين العربية الحرة والمستقلة . وهنا ينبغي أن تكون أولوية النضال الفلسطيني توحيد الصف الوطني ونبذ كل أشكال التفرقة والتناحر السياسي , من منطلق أن لا شيئ يعلو على تحرير فلسطين ,وهذا يستلزم المزيد من الصبر والصمود والثبات في الأرض الفلسطينية ,والعمل على إعمارها وعدم التفريط بشبر منها مهما كانت الضغوط أو الإغراءات , وحماية سكانها من الإعتداءات الصهيونية وإستفزاتهم العدوانية .
وهنا نستذكر قول سيد البلاغة ونصير المستضفين وقاهر الجبارين الإمام الخالد علي بن أبي طالب عليه السلام : لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه . فتحية إجلال وإكبار لشعب فلسطين الصامد المرابط في أرضه رغم نزفه دماءا طاهرة , وندعو الله الواحد الأحد بالنصر المؤزر لهذا الشعب البطل الذي تكالبت عليه كل قوى الشر والعدوان , وفوق هذا وذاك يكيلون له تهما زائفة بمسؤولية أبطاله المقاومين الذائدين عن الشرف الفلسطيني , عما حدث من فضائع بحق الشعب الفلسطيني بعامة وسكان قطاع غزة بخاصة دون حياء , بدعوى حق إسرائيل بشن حربها العدوانية التي لم تتوقف أساسا يوما منذ عقود , دفاعا عن النفس بينما يرى القاصي والداني الأعمى والبصير حقيقة ما يجري في غزة حهارا نهارا . وكلنا ثقة أن النصر الفلسطيني آت لا محالة طال الزمن أم قصر , فلن يضيع حق ورائه مطالب وإرادة لا تلين . وما النصر إلاّ من عند الله . المجد والخلود لشهداء فلسطين والخزي والعار للصهاينة الجبناء . وما اللغ يغافل عما يعمل الظالمون .
#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)
Dakhil_Hassan_Jerew#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟