|
حقوق الانسان عند اصدقاء امريكا--4--
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 08:00
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
لا تجد حقوق الانسان المخنوقة بين العائلة المالكة المتمسكة بامتيازاتها ورجال الدين المحنطين أي فضاء رحب للأزدهار. ولكن من يكترث بهذه الحقوق؟ ان وزارة الخارجية الأمريكية تنشر سنويا تقريرا يتضمن معلومات حول وضع حقوق الانسان في كل البلدان ولكن هذا التقرير لا يوزع للأسف، الا بكميات محدودة ، ولا يلقى أية متابعة فعلية . وتقوم بعض المنظمات الدولية ، مثل لجنة العفو الدولية باصدار بيانات مماثلة ولكنها لا تكقي للتأثير على السلطة المركزية في الرياض. كانت المملكة السعودية دوما في موقف الدفاع فيما يتعلق بحقوق الانسان . وقد استنكف سفيرها عن التصديق على ((الاعلان العالمي لحقوق الانسان)) الذي صدر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1948 . وشملت التحفظات السعودية كل بنود الاعلان تقريبا ، وخاصة البند 18 الذي يضمن حرية التفكير والعقيدة والديانة ، والبند 13 الخاص بحرية التنقل ، والبند 16 الذي يدعو الى المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة ، ورفضت السعودية البند 23 المتعلق بالحريات النقابية ، والبند الرابع حول الرق، الذي لم يُلغ في السعودية الا بعد 14 عاما من هذا التاريخ. ولم تكذب الأيام التحفظات السعودية هذه: فليس هناك ، بالنسبة للسعوديين ، مفهوم دولي لحقوق الانسان، اذ يدينون الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 ويرونه متحيزا للقيم الغربية ، ولا يمكن لدولة اسلامية ان تقبل به اذا كانت حريصة على (حكم الشريعة) التي حددت والى الأبد، الحقوق الأساسية والتي على كل البشرية ان تتبعها . وتطالب السعودية لها ولبلاد الأمة الاسلامية بحق الاختلاف ، وترفض، ((توحيد الرأي)) حول هذا الموضوع ، وتعتبره تدخلا في شؤونها الداخلية يُغضب الله ورسوله. وهذه حجج غير مقبولة لأنها تخفي وراءها تصميم آل سعود على عدم السماح بالمساس ، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ، بحقهم في السلطة المطلقة.
ما هي الحقوق التي تضمنها الشريعة؟ وتخرقها المملكة السعودية: حقوق لها منطقها الخاص المستوحى من ايام محمد وقد لا يناسب حال العالم اليوم . القرآن يتحدث عن كرامة الانسان، وهناك عدم تمييز بين الآعراق والطبقات الاجتماعية .كما يتحدث عن عدم الاكراه في الدين. وعدم المساس بملكية وحياة الآخرين -----لكن كل هذه الحقوق تنتهكها المملكة السعودية : فحرمة المسكن وحرية الدين تخرقهما ، يوميا وباستمرار ، الشرطة الدينية التي لا يتردد عناصرها في ارغام المسيحيين على ارتداء العباءة والحجاب بالعصا اذا تطلب الأمر ، كما انها لا تتردد في دخول المنازل عنوة دون أي تصريح أو أذن رسمي.
العربية السعودية ما تزال من الملكيات القائمة على الحكم المطلق في العالم(صديقة حميمة لأمريكا) . ولا يتردد متملقوا النظام (غالبا الصحفيون الذي يقبضون ثمن خدماتهم) عن الاحتجاج على كلمة (السلطة المطلقة) مؤكدين ان المملكة تملك معاييرها الخاصة !أفلا تخضع لقواعد ومفاهيم الشريعة الاسلامية؟ أليس دستورها القرآن ؟ لكن هذه الحجج لا تقنع أحدا. فالواقع مختلف جدا. ولا يوجد في هذا البلد الا الملك وعائلته من جهة، والرعايا المجردون من أية حقوق من جهة ثانية . ومن المؤكد ان البعض سيقول ان العائلة المالكة استطاعت بناء البنية التحتية الضرورية لتطور المملكة -----لكن يبقى ان الحريات الأساسية ما تزال غائبة ، وليس لها الا وجود نظري .
راعي وغنم:
حرية التعبير معدومة ومكتومة ، البند 39 من القانون الاساسي صريح ، اذ يحظر بشكل قاطع التوجه بأي انتقاد للاسلام أو للعائلة المالكة أو للحكومة . والعدد الهائل من المخبرين الذين تستخدمهم اجهزة الامن يضمن عدم التعرض للنظام ، الا فيما ندر، وبكثير من الحذر . وفي ايار -1993- قامت مجموعة من ستة جامعيين بتشكيل هيئة للدفاع عن الحقوق المشروعة ، ولم تتردد في توجيه النقد الى الحكومة في تصريحات تناقلتها وكالات الأنباء والصحافة الدولية . ولم يتأخر الرد: فقد قُبض على اعضاء الهيئة وطرد الموظفون منهم من مناصبهم . وقد أدانهم مجلس الأئمة على اعتبارهم تجاوزا حدود حسن السلوك الاسلامي . وبعد عدة أشهر، أُلقي القبض على أربعين معلما لم يطلق سراحهم الا بعد عدة اشهر ، لأنهم طالبوا بالافراج عن زملائهم اعضاء الهيئة . وقد تم كل ذلك دون السماح بأدنى مراقبة قضائية . ولم تثر هذه التوقيفات العشوائية ، والتي عرفت بها الولايات المتحدة الأمريكية، أية ردود تذكر . لأن الضحايا كانوا من رعايا دولة صديقة ؟ هل يوجد لدينا ، فيما يتعلق بحقوق الانسان ، مكيالان؟
الصحافة السعودية . وهي ملكية خاصة . تخضع لسيطرة السلطة تماما . وأكبر صحيفتين ((الشرق الأوسط)) و((أراب نيوز)) واللتان تعتبران صحف شبه رسمية ، يملك أكبر عدد من اسهمهما الأمير سلمان شقيق الملك وحاكم الرياض ، قلعة الأصولية وانتهاك حقوق الانسان. أما صحيفة ((الحياة)) فقد اشتراها منذ عامين الأمير خالد بن سلطان ابن وزير الدفاع . وبقية اجهزة الصحافة تعمل وفق القاعدة البسيطة التالية: التناول باسهاب ما امكن القضايا الدولية والمآسي التي تجري في اماكن اخرى في العالم كي يكون في المستطاع مقارنة مدى ما ينعم به الناس من هدوء وسعادة واستقرار ، داخل المملكة، وفي الوقت نفسه الابتعاد قدر الامكان عما يجري داخل المملكة. كما يمنع قانون صادر عام 1965 ، اي نقد للحكومة داخل اجهزة الاعلام . وتتلقى الصحف توجيهات وزير الاعلام حول المواضيع الحساسة ، وبشكل عام تنفذ هذه التوجيهات . ويعين رؤساء التحرير بعد موافقة الجهات المعنية التي تملك الحق في طردهم عندما تشاء . وهكذا فقد اقيل احد رؤساء تحرير صحيفة تصدر في الاقليم الغربي لأنه انتقد علنا سلطة رجال الدين الراديكاليين بعد ان اثار غضبهم بما يكفي وتمكنوا من طرده. الراديو والتلفزيون باللغة العربية وباللغات الأجنبية يخضعان أيضا للمراقبة الشديدة في مجال الأخبار كما في مجال بقية البرامج . والرقابة المفروضة من الدولة ورجال الدين على حد سواء تجعل البرامج مملة ولا تجتذب الناس اليها. عام 1993 قام وزير الاعلام بطرد أحد منتجي الافلام التلفزيونية لأنه اجاز بث مشهد يُرى فيه البطل وهو يُقبل ابنته الصبية على خدها. وتخضع الصحافة الأجنبية ايضا لمقص الرقيب ، وغالبا ما يتم سحب أعداد كاملة من الأكشاك دون أن يُعرف السبب . اما ما يصل ليد القارئ فهو مزدان بخطوط الحبر السوداء العريضة التي تغطي عمودا من هنا أو صورة من هناك . ومن البديهي ان الرقابة تهتم اولا بكل ما يقال عن شؤون المملكة وتطال الصحف والمجلات التي يحملها المسافرون لدى عودتهم والتي تصادر عادة على الفور . اما حرية الاجتماع او الجمعيات التي اقرها ميثاق الأمم المتحدة في بنده ال 20 ، فهي ملغاة حكما . اذ أن الأحزاب السياسية والمظاهرات السياسية ممنوعة . أما التظاهرات الثقافية وهي نادرة، فلا تسمح بالاختلاط بين الجنسين --ومؤخرا تم اغلاق نوادي البريدج القليلة الموجودة ليس لأنها تقبل الاختلاط وانما ايضا لأن القمار ممنوع . ولنا أن نتساءل متى سيهاجم المطوعون نوادي القمار في نيس وكان التي يرتادها دوما الأمراء والمصطافون السعوديون؟
للحديث بقية حول الحرية الدينية للمسيحيين والشيعة وبقية الطوائف في المملكة من كتاب السعودية الديكتاتورية المحمية جان ميشيل فولكيه اصدار ميديويست للنشر منشورات اليان ميشيل
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
((لا يستقم حكم العرب الا بالدين أو السيف)) ويحكم السعوديون ا
...
-
ملكية عائلية--3-
-
ان عائلة سعود شديدة التنظيم مثل فرقة عسكرية-2-
-
((قالت ان الملوك اذا دخلوا قريةَ أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أ
...
-
----نطلب قانون عصري للأحزاب لحماية سوريا من الفوضى والخراب.
-
صراع خير وشر ---وليس صراع حضارات
-
نستحلفكم بالله جميعا، حافظوا على سوريا-----الحوار المتمدن أي
...
-
رسالة الشعب السوري بخصوص المحكمة الدولية
-
فلافل و---كبسة
-
مواطن اسمه جبر-----
-
فاتحة--ومزمور--وخاتمة
-
-سيدي بوش--حزينون لمشروع استقبال الطغاة والقتلة
-
شركاء في (الثراء) والضراء -----
-
اللي استحوا ماتوا--واللي ما استحوا راحوا على العمرة--
-
لتسقط كل الحكومات ---ماعدا السورية--
-
قال الملك: على لبنان أن يُصبح مسلما --الكسليك الجوهرة التي ح
...
-
أغبياء القمع الأنترنيتي وموقع الحوار المتمدن.-----
-
سيدي الكاردينال---مجلس المطارنة الموارنة الموقر----
-
هل تخافون من خدام أيها البعثيون؟؟؟؟؟؟؟؟؟
-
مع جهاد خدام في اعادة المنهوبات الى الشعب مباشرة-------
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|