أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لبنى حسن - المتشنجون في الأرض















المزيد.....

المتشنجون في الأرض


لبنى حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 08:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد يعتبر مقالي هذا سباحة ضد التيار في زمن سادت فيه ثقافة القطيع و أرهب فيه كل صاحب رأى و لكن ما باليد حيلة, فلم أستطع منع نفسي من التعقيب على كوميديا المتشنجين التي خلفتها تصريحات وزير الثقافة فاروق حسنى, و التي عبر خلالها عن رأيه الرافض "للحجاب" و "النقاب", لقد قامت قيامة الكثيرين بعد تلك التصريحات و انتشر الغضب على مواقع النت و بين معظم الكتاب و الصحف و شاركت الفضائيات في الجنازة, و كأن الوزير و تصريحاته و أفكاره أصبحوا رجساً من عمل الشيطان و خطر يهدد الأمن الدولي, فوجب وقف كل الأعمال و ترك كل المهام و الكوارث و استدعاء الاحتياطي للجهاد ضدهم, فاشتعلت المطالبات بإقالة الوزير و انهالت طلبات الإحاطة و انهمر سيل الاستجوابات في مجلس الشعب, و انتشر أعضاء الإخوان و نوابهم و أصدقائهم و أحبابهم و نسايبهم- من باب المجاملة- عبر مختلف وسائل الإعلام مكشرين عن أنيابهم و معلنين الحرب على الوزير, و سرعان ما انضم للزفة نواب آخرين منهم نائب محسوب على المؤسسة الدينية أطل علينا عبر شاشة قناة الجزيرة منفعلا و الشرر يتطاير من عينيه حيث تحدث زاعقاً و متوعداً ليؤكد بالحرف أن"غليل المؤمنين لن يشفى سوى بإقالة فاروق حسنى"!!!

إلى هذه الدرجة أصبح الرأي المخالف يصيبهم بالغل و التشنج؟ و هل ما طرحه الوزير أو المؤيدين لرأيه يعد بهذه الضخامة و يستعدى هذا التصريح الناري؟ و هل تفرغ نواب مجلسنا الموقر لهذا الموضوع العويص و وضعوا جانباً قضايا التوريث و استقلال القضاة و تعديل الدستور؟

الوزير فاروق حسنى ليس وحده صاحب هذا الرأي فهناك قائمة طويلة من المؤيدين له و المعبرين عن تلك الرؤية من قبله, فما الجديد خاصة و انه قد أَكد أن هذا رأيه الشخصي و لا يعبر عن وزارته و حتى لو كان يعبر عن الوزارة فما الجريمة؟ و لما الإرهاب و التهديد؟ و ما المشكلة و لما الانزعاج؟؟ أم هو فقط نوع من الاعتياد على ثقافة القطيع و انصياع أعمى لمشايخ الفضائيات الذين احترفوا تغيب العقول بالحديث عن الجن و تفسير الأحلام و الفتوى في الاقتصاد و النجارة - مش بس التجارة- والطب و السياسة و كيفية دخول المراحيض في ظل أزمة حقيقية متمثله في مقاطعة أمة أقرأ للقراءة.

أ لم يكن الأجدى الاكتفاء بالرد على التصريحات التي لم تروق لهم بتصريحات مضادة في إطار موضوعي هادى بعيد عن الغمز و اللمز و التشكيك في شخص الوزير, لأنه في النهاية يقدم لنا فكره لنقيمه و ليس شخصه لنصاهره, ثم هل اختزل الإسلام في تلك القطعة من القماش؟ ا لم يسيء الأصوليين بتشنجهم و عصبيتهم للإسلام كما لم يفعل احد من قبل؟ أ لم يضربوا مثلا في الضعف و التخلف بصراخهم؟ أ لم يكشفوا بمطالباتهم بالمنع و المصادرة و الإقالة عن منهجهم القمعي التسلطي ؟ أ لم يفشلوا في التحلي بالسلوك القويم و سماحة الإسلام و أصروا على تقديم صورة مشوهه و سلوك بدوى وهابي غريب على الثقافة المصرية؟

و هل من المفترض أيضا و طبقا لمنهج المتشنجين ملاحقة الآخرين المؤيدين لرأي الوزير و إقالتهم من مناصبهم لو كانت حكومية أو سياسية؟ أم أن هذه الهجمة البربرية على الرأي هي نوع من الإرهاب الموجه يصب جام تعصبه على شخص فاروق حسنى – لا على أفكاره فحسب- باعتباره ممثل لآخرين تنويريين في مصر و العالم الإسلامي, وجد بعضهم الشجاعة للتعبير عن رأى لا يروق للقطيع في حين صمت آخرون في انتظار التشجيع.

يبدوا أن المتشنجين بقيادة جماعة الإخوان قد أصروا على المبالغة في ردة الفعل حتى تكون حملة احترازية وقائية لردع أي محاولات مستقبلية لإعادة النظر في التفسيرات الدينية للمدعو "حجاب" الذي نجحوا في توظيفه درامياً و سياسياً ليصبح رمزاً لهم و دليلاً على اتساع نفوذهم و بسط سيطرتهم في الثلاثين عام الأخيرة, لقد بات واضحاً أن المقصود بالضجة الإعلامية هو إشاعة جو خانق و طارد لإرهاب كل من يتجرأ و يحاول التفكير أو إعلان "لا" لما هو مفروض بقوة التفاسير و المفاهيم الدينية الوهابية التي طرحوها و روجوا لها على أنها صحيح الدين لتحويل الناس لمجرد مهووسين موسوسين كارهين و رافضين لكل مختلف أو حتى داعي للتفكير والبحث و التطوير.

ما لم يستطع المتشنجون فهمه من فرط تشنجهم هو أن المعارضين "للحجاب" تقتصر معارضتهم على فرضه باسم الدين و ليس ارتداؤه هو أو غيره من الأزياء لأنهم يقدرون حرية الأفراد, و بالتالي فلا غضاضة لديهم من أن ترتديه المرأه كنوع من الحرية الشخصية دون أي محاولة للحديث باسم الله للوصاية و الإقصاء, و دون الدفع باعتبار المسائل الخلافية أو الجدلية ثوابت.

و لعل المثير للدهشة أو ربما للشفقة أيضا أن كلما ناقشهم احد بأسلوب هادي لا يجد سوى لغة الصراخ والعصبية و الشتائم و الاتهامات سابقة التجهيز بالخيانة و المؤامرة و العمالة, و الدعوة للإباحية و العري و كأن المقابل لغطاء الشعر هو خلع الملابس تماما فلا حل وسط!!! و هذا أن دل على شيء فيدل على محدودية ثقافة المتشنج و ضيق افقه الذي ينعكس على أسلوبه و ردة فعله المتوترة, أضف إلى ذلك كثافة الدخان الذي يبدأ في التصاعد ما أن تحدثهم عن روعة فترة الستينيات أي بعد ظهور الإسلام بقرون عدة وقبل ظهور الحجاب في مصر, فهل كانت مصر دار عراه في الماضي؟! و لو اعتبرناها كذلك فبماذا نفسر النهضة الثقافية و المجتمعية التي سادت تلك الحقبة و التي انعكست على السينما و الأدب و الموسيقى و الأخلاق و مظهر الشارع المصري حتى أننا مازلنا نترحم عليها و نفاخر بها و بما أفرزته من كتاب و مفكرين و روائع غنائية و سينمائية في ظل مناخ ساده التسامح و الشهامة و روح الجماعة و الأمان, و هي القيم التي تآكلت و أفتقدها المجتمع فيما بعد ليحل محلها التعصب و الانعزالية و التحرشات الجنسية في عصر ازدهار "التدين" المظهري و الدروشة المفتعلة و مشايخ البيزنس.

من المؤكد أن توقيت تصريحات السيد الوزير زاد الأمر حساسية بشكل كبير حيث واكب أحداث التحرشات الجنسية المتزايدة و التي طالت المحجبات و المنقبات فأسقطت لهم أسطورة الزى الإسلامي الذي يحمى المرأه و يمنع الفتنة عن الرجل و أثبتت بشكل عملي أن هذا الزى لم و لن يكون أبدا حصن الأمان للمرأة, و إلا فما تفسير أن النساء في الغرب المتحرر يتمتعن بالأمان و لا يتعرضن للمعاكسات و المضايقات و التحرشات, مما يؤكد أن القضية تكمن في أخلاق الرجل و نظرة المجتمع ككل و ليس في زى معين, و بالتالي الحل لا يكمن في تحجيب المرأة و لا حتى وضعها داخل الأكياس السوداء التي توزعها شركة أونيكس للنظافة و لكن في تربية الرجل و إعادة تأهيل المجتمع الذي سادة النفاق و السعار, و لمن يريد فقد وصلني فيديو يظهر سفالة التحرشات بالمنقبات و يسعدني إهداؤه للأخوة المتشنجين الذين يرون في قطعة القماش على الشعر حماية للمرأة!!



#لبنى_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !ممنوع الاقتراب أو التفكير
- أرض النفاق
- حضرة المتهم النظام
- إذا كانت الحرائق لم تنرها
- يبقى أنت أكيد في الجحيم
- تحت راية سحقاً للمصريين
- !!أوعى البطوط
- شعب نفسه يفرح
- كانت سنة سوداء
- نقاب آه...حجاب لا
- !أمسك....علماني
- دعوة للهدوء
- !المصري سريع الاشتعال
- آمالي السودا
- أزمة الغد صحية
- لو واحد فى المليون
- سعيد صالح...نحن نشكر الظروف
- كفاية حرام علينا
- أتخنقنا
- انتخبوا مبارك رجل الإنجازات الأول


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لبنى حسن - المتشنجون في الأرض