أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - سالم روضان الموسوي - الرق الوظيفي وشهوة السلطة














المزيد.....

الرق الوظيفي وشهوة السلطة


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 7825 - 2023 / 12 / 14 - 14:24
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


ان الرق كما شاع عنوانه هو امتلاك انسان لأنسان اخر يسخره لإرادته ويمحو أي اثر لحريته سواء في اتخاذ القرار او في الأداء، لكن هناك أنواع أخرى من الرق منها سطوة الشهوات على الانسان، فتتملكه وتعدم ارادته، الا بما يتوافق مع تلك الشهوات، ويتفرع منها حب السلطة، وحب المال، وهاتين متلازمتين تولد احداهما الأخرى، فاذا تزاوجت انتجت لنا وحشٌ كاسر لا يقيم وزنا للأخلاق السامية او القواعد الحضارية، ويشرع قواعد أخلاقية خاصة به، وكما يقول الفيلسوف نيتشة بانهم على الاغلب سيضعون قواعد أخلاقية تعبر عن ميلهم لتحصين سورهم الضعيف[1]، من خلال هجومهم على الانسان الحر ومحاولة كسر شوكته الإنسانية، لانهم عبيدٌ لشهواتهم وسطوتهم التي حصلوا عليها بالتزوير والتحايل على إرادة الشعوب والمجتمعات وهم كانوا من اسافلها، فيعكسون نظرتهم من خلال سلوكهم الدوني لإيهام انفسهم والأخرين بانهم على قدر عال من القوة،

لكن في واقع الحال انهم في ضعفٍ ووهنٍّ يقلقهم، لذلك تجدهم يبحثون عن كل ما يعزز سطوتهم على أبناء جلدتهم، ويطلق عليها نيتشة "أخلاق العبيد"[2]، التي تخشى من قوة الاحرار المتحررين من سطوة الشهوة نحو التسلط، الاقوياء بما هم عليه من مكنة ودراية ومخزون معرفي ورصيد مجتمعي وسمو أخلاقي في التعامل مع الاخر، فترى هؤلاء "عبيد السلطة" لا يرضون بفضائل الأقوياء، وينصبون لهم العداء، ويتحينون الفرص لمحاربتهم، حتى لو لم يكونوا في تنافس معهم على السلطة او الوظيفة او في شراهتهم لاجترار السحت الحرام، لان سمو اخلاق الاحرار ترهب تسافل اخلاق العبيد لشهواتهم التسلطية،

وهذه القواعد التي يضعونها بحكم سلطتهم التي اغتصبوها، ويطلقون عليها الشرعية ويجعلونها المعيار الذي يحددون بموجبه شرعية الأفعال، وهي في جوهرها، قيود على إرادة الاحرار، فهذه بسبب ضعفهم وخوفهم على مصالحهم، ويطلق عليهم احد المفكرين "سلطة العاجزين"، لانهم في قرارة انفسهم يدركون ضعفهم، فيتشبثون بأستار الشرعية باي عنوان كان (الديني، الاجتماعي ، الثوري، والقانوني)[3]، ويقول الكاتب محمد السقا الغزالي، بانها تدل ضعف شخصية المتجبر وليس على قوته، لان للسلطة المطلقة اغواء يوسوس ملكها بالتجبر واحتقار الاخرين واستصغارهم واستباحة دمائهم فيضعف امامها، ويصبح عبدا لها[4]، كما يرى فرانسيس فوكوياما ان من اهداف هؤلاء "عبيد السلط والرق الوظيفي"، هو نيل الاعتراف بهم مجتمعياً ولو قسراً على الاخرين، لانهم يدركون بانهم في عزلة دائمة، الا من المتزلفين والمنافقين ذوي المنافع الشخصية، ويرى بعض فلاسفة الاخلاق والاجتماع مثل "جون لوك وهوبز" بان تقنين اخلاقيات عبيد الرق الوظيفي او عبيد شهوة التسلط وشرعنتها، سيؤدي حتماً، الى عزلهم بمساحات ضيقة، ويترك النطاق الاوسع للأحرار الأقوياء بأخلاقهم، ومن ثم تتهاوى سلطة العبيد تجاه سعة اخلاق الاحرار او كما يسمى السلم الأخلاقي بمقابل الحرب والعنف الاخلاقي لهؤلاء "عبيد السلطة والرق الوظيفي"[5] ،

وما اود الوصول الى عرضه، ان لا توجد قوة بوجود الضعفاء، ولا ديمقراطية بوجود الطغاة والجبابرة، ولا اخلاق نبيلة بوجود عبيد للرق الوظيفي وشهوة السلطة، ولا حرية بوجود العبيد، لان العبيد بطبيعتهم، كما يقول هوبز، يخافون من الموت العنيف، فيضحون بإنسانيتهم، ويصبحون حيوانات ضحية لحاجاتهم وخوفهم، والخائف لا يصنع الحياة[6]

سالم روضان الموسوي

قاضٍ متقاعد


[1] نقلا عن الدكتور فؤاد زكريا في كتابه الموسوم (نيتشة)، ص 1151

[2] نقلا عن الدكتور فؤاد زكريا في كتابه الموسوم (نيتشة)، ص 149

[3] فرانسيس فوكوياما ، نهاية التاريخ والانسان الأخير ، ص 240



[4] الداعية الإسلامي المصري محمد السقا الغزالي ، الاسلام والاستبداد السياسي، ص 65

[5] نقلا عن فرانسيس فوكوياما ، نهاية التاريخ والانسان الأخير ، ص 245

[6] نقلا عن فرانسيس فوكوياما ، نهاية التاريخ والانسان الأخير ، ص 189



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية محمد الغزالي تجاه جبابرة العصر الراهن
- رؤية محمد الغزالي تجاه جبابرة العصر الراهن
- هل يجوز اصدار قرار التحكيم باسم الشعب
- ما مصير الاحكام التي تصدر من محكمة غير مختصة نوعياً؟ محكمة ا ...
- لا تصح خصومة الواقف في متعلقات الوقف، قراءة في اتجاهات القضا ...
- التحكيم الالكتروني ام التحكيم بالوسائل الالكترونية؟
- (لماذا استخدام المشرع العراقي في المادة (٤٠£ ...
- لماذا استخدام المشرع العراقي في المادة ٤٠٥ عق ...
- ميراث أبناء المقر له بالنسب، تعليق على قرار محكمة التمييز ال ...
- قراءة في قرار المحكمة الاتحادية العيا حول تفسير المادة (110) ...
- هل يجوز للمحكوم بعقوبة السجن ان يقيم دعوى الطعن بعدم الدستور ...
- هل اتباع الإجراءات القانونية السليمة تكفي لحماية الحقوق؟ (بي ...
- كيف يرفع التناقض الذي يحصل في قرار المحكمة الاتحادية العليا؟ ...
- الفساد المالي والإداري والحديث النبوي الشريف (هدايا الامراء ...
- هل يؤثر تأييد الحضانة على حجية الحكم القضائي بضم الحضانة، قر ...
- هل رد الطعن التمييزي شكلا بسبب عدم ذكر اسم الخصوم، بمثابة ال ...
- خفايا النص واضاءات المجتهد في الطعن بطريق إعادة المحاكمة
- التحكيم المحلي والتحكيم الدولي في ضوء احكام القضاء العراقي
- ان النقص الأول فينا هو ضعف الضمير القانوني
- حِمايةُ اليَراعْ من سَفاهةِ الرِعاعْ


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - سالم روضان الموسوي - الرق الوظيفي وشهوة السلطة