عبد السلام الزغيبي
الحوار المتمدن-العدد: 7823 - 2023 / 12 / 12 - 18:25
المحور:
الصحافة والاعلام
يقول الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام: ما جادلت جاهلا الا وغلبني، وما جادلت عالما الا وغلبته.
تحمل الشخصية العربية في داخلها فكرة خاصية مشتركة تتمثل في صعوبة تقبل النقد والرأي المخالف أو المعاكس لرأيها.
ويمثل السبب في عدم نضج الشخصية العربية فيما يتعلق بفكرة الاختلاف، بالعربي دائما يتمترس في فكرته، يتعصب لرأيه ويهمش رأي الاخر، ويحب ان يتلو مونولوجه الشخصي، حين يتحدث مع شخص اخر، اي ان هناك قطيعة تامة بين طرفي الحوار في كل حديث.
ربما يعود تنافر علاقتنا بالآخر الى بعض موروثاتنا الثقافية والحضارية، لاننا في الاساس شعوب لم تتعلم احترام الاخر سواء خالفنا الرأي إن خالفنا ولا نعرف لغة الحوار وآلياته ونتجنبه بكل الطرق الممكنة. ربما بسبب مركبات النقص التي نعاني منها، فالتوجس من الاخر ينطوي على حقيقة الخوف منه والتشكيك في مقاصده.
كل من يشاهد او يقرأ او يشارك في المنتديات والحوارات المرئية والمسموعة والمقرؤة في صفحات التواصل الاجتماعي، يمكنه ان يلاحظ بشكل صارخ مدة الحدة و العدوانية والعدائية التي تواجه بها من لا يوافقهم الرأي في امر ما،حتى ولو اتفقنا معهم على كل ما عداه.
يكفي ان توجه انتقادا لرأي ما أو لفكرة او موقف حتى ينقلب صاحبه الى وحش هائج يريد ابتلاعك، فكيف تتجرأ على النيل من قداسة رايه ومعتقده أو حتى التشكيك في جوانب طرحه.
ان اكتساب أسلوب الحوار، والتفاهم والوعي بمواقف الخلاف في الراي، وادراك ان كثير من قضايا المعرفة والحياة ليست مسطحة او ذات بعد واحد، وانما هي مركبة وذات أبعاد مختلفة. لذا يجب الوصول الى طريقة ممكنة للعيش مع الاخرين، وتقدير الاختلاف، بدلا عزلهم ولعنهم.
ان التسامح الحقيقي، يعني الاقتناع والاختيار الحقيقي لتقبل وجود الافكار المختلفة، وفي هذا يقتضي قدرا من التسامح في تحمل حق الآخرين في التعبير عن افكارهم المخالفة لافكارنا، وهذا يقودنا الى استيعاب وجود اراء مختلفة ومتناقضة يلتزم الجميع باحترام حق التعبير عنها.
إن الرأي الاخر هو تجسيد لأسس الديمقراطية التي تقوم أساسا على التعددية في الرأي والرؤيا واتجاهات التفكير في ظل اجواء من التفاهم والاحترام المتبادل غائبة للأسف عن ثقافتنا.
#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟