أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلياس التاغي - اُهربْ من حفرة الخراء














المزيد.....

اُهربْ من حفرة الخراء


إلياس التاغي

الحوار المتمدن-العدد: 7819 - 2023 / 12 / 8 - 17:00
المحور: الادب والفن
    


استيقظتُ من النوم خائفاً مريعاً مقزِّزاً مقرفاً كأنني خرجتُ للتو من بالوعةِ الخراء المتآكلةِ في حي "ديزا" بمرتيلِ. قفزتُ من سريري غاضباً هائجاً كالثَّور الطائشِ في مهرجان مطاردة الثيرانِ بشوارع إسبانيا.
لا أخفيكم سراً، كان وضعي وحالي كجنديّ مرتزق جَبَا البولَ بداخله خوفاً من الإقدام. وكجاسوس ذليل الروح ينتظر عقوبةَ الموت شنقاً في صباحٍ باردٍ. قلت في قرارة نفسي: يا الله، ماذا جرى لي؟
تحرَّكتُ تُجاهَ النافذة، أشرفت بنظرتي الحائرة نحو الشارع؛ أرى الناسَ تحولوا من عظم ولحم إلى خراء. فأفزعني المشهد حتى عرِقت عرقاً بارداً لامعاً على جبهتي، ومن تحت جناحي. صرخت حتى كادت أحبالي الصوتية تُشلّ: يا رب العالمين، ماذا جرى للناس؟
أخذتُ أتحرَّكُ في غرفتي ذهاباً وإياباً بقلق واضطراب لا يطاق كرجل شجين مكتئب كآبةً حادةً، وأقول : أين المفرّ؟
وقفتُ لحظةً طويلةً أمام باب غرفتي، وضعتُ أُذني موضِع ثقبة الباب، فأطلقت شُّبّاك أُذْني، فأسمع صريرا وألسنة تنطق الخراء!
تسلَّلت من غرفتي بهدوء واستخفاءٍ، حتى لا يراني والدي الفقيه، ويلاحقني باتهامات وأباطيل خالية من الصواب.
نزلت من الدرج كلص ماهرٍ. خرجت من باب البيت كمجرم مُتسلِّلٍ. كنت أحاول أن اشم هواء عليلاً في شارع علال الفاسي، فقط، أشم رائحة الخراء لطبقة اجتماعيةٍ محظوظةٍ. كانتا عيناي هائجتين مُتموِّجتين حائرتين مضطربتين كرجل مسعورٍ. فمي كان ثقيلاً لا ينطقُ إلا كلمة واحدة " خراء، خراء..."، كحالةِ فم المتسول الحاذق في شارع الجيش الملكي بتطوان الذي يتلفظ كلمة واحدة " 5 درهم، 5 درهم...". عقلي كان مُتَحَجِّراً كحجرة صلبة من الخراء، وقلبي كمرحاضٍ خبيثٍ. همستُ بصوت منخفضٍ: أعوذُ بالله من الخبث والخبائثِ. يارب العالمين، ما فعلتُ ذنباً أو جُرماً !
سمعتُ همساً لا يكاد يُفهم من ورائي، التفتُ بوجهي وراء ظَهري، فوجدتُ رجلاً طويلَ القامةِ، بمظهر لائقٍ، وبنظرةٍ حادةٍ، في يده كتاب صغير الحجم، وعلى ظهره محفظة. سألته: يا أيها الآخر الذي يشبهني، حالتي مقرفة، أيّ الطرق اختار؟
ابتسم ابتسامة ماكرة كابتسامة ثعلبٍ عجورٍ. ثم قال، وهو متجهِّم الوجهِ: اُهربْ بجلدك براً بحراً روحاً وجسداً. أتفهمني؟ هاجر من حفرة الخراء، هل تفهمني؟ اُهربْ من بالوعة الخراء بهمةٍ وجسارةٍ حتى لا تجد نفسك تطلب الاستعطاء والعطية من أولاد الق***!



#إلياس_التاغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتباري المحظوظ والمتباري غير المحظوظ
- قراءة في نص أدبي - آمال هاربة-
- قراءة في رواية ورود تحترق من الفهم إلى التأويل .


المزيد.....




- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...
- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فيلم -نورة- مقاربة بين البداوة ...
- ماذا نريد.. الحضارة أم منتجاتها؟


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلياس التاغي - اُهربْ من حفرة الخراء