أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - فوضى تغيير أسماء الشوارع.. لصوصية تحت واجهة دينية















المزيد.....

فوضى تغيير أسماء الشوارع.. لصوصية تحت واجهة دينية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 519 - 2003 / 6 / 20 - 11:01
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 
أفادت وكالات الأنباء عن استمرار (عملية ازالة آثار صدام حسين في الأحياء وتغيير أسماء العديد من الشوارع والمناطق التي تحمل اسمه باسماء شيعية..).
ابتداءً، نحن لسنا ضد تغيير أسماء هذه المعالم وإزالة آثار صدام حسين البغيض، إلا إننا ضد التغيير العشوائي الفج الذي يقوم به نفر قليل من المجهولين تحت واجهة دينية تارة وبإسم الشعب تارة أخرى.
 
لقد أطلق صدام حسين قبل سنوات قوله المشهور (أن الذي يحكم العراق من بعده سيستلمه خرائبَ بلا شعب). فرغم أن صدام فشل في تحقيق أمنيته الخطيرة هذه، إلا إنه نجح في تحقيق أخطر أنواع التخريب ضد العراق خلال 35 عاماً من سياسة التجهيل وفرق تسد، ألا وهو تدمير الإخلاق والنسيج الإجتماعي واستفحال الجريمة المنظمة التي نشهدها اليوم وقد تستمر إلى أجل غير معلوم. والأخطر من ذلك أن هذا التخريب لم يسلم منه حتى البعض من الذين يسمون أنفسهم برجال الدين والدين منهم براء.
ونظراً لعدائه الشديد للشعب العراقي، فقد حقق صدام حسين نجاحاً ملحوظاً في تكريس العداء بين المواطن والدولة، لأن الدولة كانت هي صدام وصدام هو الدولة. لذلك صار الناس يكرهون الدولة المتمثل بصدام حسين وحكومته وحزبه. وقد أصبحت هذه العلاقة داءً عضالاً قد يستمر إلى أمد غير منظور يحتاج إلى جهود كبيرة من قبل الحكومة الديمقراطية القادمة وحملة تثقيفية مستمرة من أصحاب الإختصاصات لمعالجته وإعادة ثقة المواطن بدولته.  
وبرز هذا العداء بين العراقيين والدولة في عملية النهب (الفرهود) التي أعقبت سقوط النظام يوم 9 نيسان /أبريل الماضي، حيث تركز النهب والتخريب ضد منشئات الدولة بشكل واضح. كنا نخاف على هذه المنشئات، وهي ملك الشعب، من الحرب وما يسمى بالخسائر الجانبية من قبل ضربات قوات الحلفاء، ولكن كما أثبتت دراسات المحللين السياسيين والعسكريين، أن الحرب كانت جراحية انتقائية بدقة لا مثيل لها، حيث سلمت منها أغلب بنايات الدولة ومؤسساتها ولم تصب بأذى وعدد الضحايا بين المدنيين كان في الحد الأدنى. ولكن حصل التخريب لهذه المنشئات بعد الحرب وعلى أيدي العراقيين أنفسهم. وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه أعلاه أن صدام حسين نجح في تحويل عدد لا يستهان به من العراقيين إلى وسائل تخريب ضد أنفسهم ودولتهم.
ولم يتوقف التخريب والفرهود على مجموعة معينة من الناس بل شمل قطاعات واسعة وعديدة. فوجدنا حتى الأحزاب والمنظمات السياسية المعارضة لصدام قد تسابقت في الاستيلاء على أبنية الدوائر الحكومية ونهب محتوياتها واتخاذها مقاراً لها.
ولكن أخطر أنواع السرقة واللصوصية والنهب هو ما قامت به شلة من أدعياء الدين بسلب حريات المواطنين وأفراحهم بسقوط النظام الجائر، حيث قاموا ومازالوا بنشر الرعب بين الناس تحت واجهات دينية إسلامية وذلك بفرض الحجاب على النساء وحتى المسيحيات منهن وإلقاء متفجرات على محلات بيع الخمور ودور السينما والتهديد بقتل أصحابها والمطالبة بقيام نظام إسلامي، تماماً على طريقة طالبان أيام حكمها المقبور في أفغانستان.
ولم يكتف هؤلاء المعممين المراهقين بهذا الإرهاب فحسب بل قاموا بنوع خاص من السلب والفرهود، ألا وهو تبديل أسماء معالم المدن والأحياء السكنية والشوارع حسب رغباتهم، مستغلين غياب السلطة وحكم القانون فتدخلوا لملأ الفراغ وفرضوا إرادتهم على الناس بالإرهاب وبإسم الدين. 
إن تبديل أسماء المدن وشوارعها ومعالمها مرض عضال ابتلى به العراق منذ مجيء حزب البعث إلى السلطة عام 1968. فكلنا نعلم أن الزعيم عبدالكريم قاسم قام بإنشاء أحياء سكنية عديدة وموانئ (ميناء أم قصر وخور العمية العميق) إضافة إلى عشرات المعامل والمشاريع الإقتصادية والشوارع والقنوات المائية ولم يسم أي منها بإسمه، بل أطلق عليها أسماءً وطنية وجغرافية كما هو معروف مثل مدينة الثورة، قناة الجيش، معمل كربلا للتعليب ومعمل سامراء للأدوية.. الخ إلى أن جاء الثنائي أحمد حسن البكر وصدام حسين حيث تغيرت الصورة. فميناء خور العمية العميق في الخليج صار ميناء البكر.. أما صدام حسين فبعد استيلائه على رئاسة الجمهورية، استحوذ على كل شيء في العراق وجعله بإسمه. فمدينة الثورة صارت مدينة صدام ومطار بغداد الدولي هو مطار صدام...وهكذا إلى أن صار العراق كله ملك شخصي له (مرحباً بكم في عراق صدام!!).
كذلك تم تبديل أسماء في عهد صدام بدوافع عنصرية مقيتة. فشارع أبي نؤاس صار الشارع العباسي بحجة أن الشاعر أبي نؤاس فارسي مجوسي وهو ليس كذلك. ولم يسلم من التبديل حتى مدينة سلمان باك (نسبة إلى الصحابي الجليل سلمان الفارسي) إلى المدائن.
وبعد سقوط النظام يوم 9 نيسان/أبريل الماضي، ظهرت علينا شلة من المتلبسين بلباس الدين مدعين أنهم ينتمون إلى الحوزة العلمية وراحوا يقومون بنوع آخر من الفرهود وهو تبديل أسماء المدن والأحياء والشوارع كما يشاءون بأسماء شخصيات إسلامية وأغلبها شيعية. فمدينة الثورة  صارت مدينة الصدر وجسر صدام (جسر الحسين) والشارع العباسي المفروض أن يعود إلى إسمه الأصلي شارع أبي نؤاس، أطلقوا عليه (شارع الإمام المهدي المنتظر) وهكذا ..
مع تقديرنا العميق لهذه الشخصيات الإسلامية الكبيرة، إلا إننا نعتقد إن الطريقة التي يتم بها تغيير الأسماء غير صحيحة. إن تغيير إسم شارع إبي نؤاس إلى إسم شخصية إسلامية شيعية، لا يخلو من مخاطر ونوايا مريبة. فالشارع هذا كان ملتقى العراقيين والسياح من مختلف الأعمار والمشارب في المساء حيث المقاهي والحانات والمنتزهات يؤمها الجميع بعد ساعات العمل المرهق ليتنفسوا الهواء الطلق ويستمتعوا بنوع من الراحة والإستجمام. فحتى هذه الساعات يريد الإسلاميون حرمان العراقيين منها. إن تسمية هذا الشارع بإسم شخصية إسلامية تمهيد لمنع الحانات وحتى الموسيقى والأغاني في هذا الشارع الجميل وكمقدمة لدولتهم الإسلامية التي يبشرون بها.
 
من المسؤول عن تغيير أسماء هذه المعالم؟
كما أشرت أعلاه، أني مبدئياً، لست ضد تغيير أسماء هذه الشوارع والمعالم التي تحمل إسم صدام حسين أو أي إسم تذكِّر بعهده المقبور. ولكن تغيير الأسماء واختيار البديل يجب أن يكون خاضعاً لقواعد وإجراءات قانونية وتصدر عن جهة مخولة من قبل حكومة معترف بها وليست بهذه الطريقة العشوائية الفجة من قبل زمرة تفرض نفسها خارج حكم القانون. إن تبديل الأسماء من قبل مجموعة مجهولة تدعي أنها تنفذ إرادة الشعب أو الدين أمر مرفوض لأنه لا يمكن لأي شخص الادعاء بأنه يمثل الشعب ما لم يكن منتخباً من قبله. (مسكين أيها الشعب، كم من جرائم ترتكب بإسمك). كذلك حكر الأسماء على شخصيات دينية شيعية لا يخلو من دوافع مريبة ومغرضة القصد منها دق الإسفين الطائفي البغيض بإثارة الطوائف الأخرى في هذه الفترة الحرجة من تاريخ العراق وأغلب الظن أن وراءها عناصر موالية لصدام حسين بعد أن تسترت وراء واجهات إسلامية. فنحن نعرف من بيانات أصدرتها الحوزة العلمية تحذر المواطنين (أن بعضاً ينسبون أنفسهم للحوزة العلمية في بعض مناطق العراق.. ويقومون بأعمال لا تقرها الحوزة...الخ).
لقد انتقد العلامة علي الوردي حملة تغيير أسماء المدن التاريخية التي قامت بها حكومة البعث في سنواتها الأولى وقال أن هذه الأسماء لها مدلولاتهما التاريخية ولها عواقبها السلبية على معرفة مواقعها بعد أن تختفي أسماءها الأصلية من الذاكرة الجمعية.
لذلك فإني أقترح على الحاكم المدني لقوات الإحتلال السيد بول برمر التدخل السريع ووضع حد للفوضى وعشوائية تغيير أسماء معالم المدن العراقية وإناطة هذه المسؤولية إلى لجنة موسعة تضم ممثلين عن مختلف قطاعات وشرائح الشعب العراقي وتنظيماته السياسية والثقافية والإجتماعية أن يكون من بينهم ناس من مختلف الاختصاصات، مؤرخون وفنانون وسياسيون ورجال دين من مختلف الأديان والمذاهب وعدم ترك هذه المسؤولية حكراً على مجموعة صغيرة تختطف إرادة الشعب والإسلام.
 



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفع الحصار إنتصار آخر للشعب العراقي
- هل هؤلاء رجال دين أم بلطجية؟
- سقطت الفاشية ولم تسقط بغداد..!!
- هل ظاهرة النهب والشغب في العراق مجرد بداية لما هو أدهى وأمَّ ...
- محاولة لفهم الفوضى والنهب بعد سقوط الإستبداد!
- كـمسـتقبل ألمانيا بـعـد هــتلر
- مخاطر إنسحاب الحلفاء المبكر من العراق
- لماذا ترفض روسيا وفرنسا رفع العقوبات عن العراق ما بعد صدام؟
- الصحاف هو الوجه الحقيقي للإعلام العربي
- 9 نيسان 2003 أسعد يوم في حياة الشعب العراقي
- نريدهم أحياءً !! بمناسبة مصرع علي الكيمياوي
- رحيل باحث نزيه - بمناسبة أربعينية الفقيد علي كريم سعيد
- لماذا تأخرت الإنتفاضة؟
- الديمقراطية لن تولد متكاملة وقد لا تكتمل!
- الوصايا العشر إلى الحكومة العراقية القادمة
- الإقتصاد العراقي - الماضي والحاضر وخيارات المستقبل
- موقف فرنسا وألمانيا من الحرب المرتقبة انتهازي نفعي وليس اخلا ...
- هل تؤثر المظاهرات على قرار الحرب؟
- نصرالله يقوم بدور عمرو بن العاص
- أسباب اغتيال ثورة 14 تموز العراقية


المزيد.....




- الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي ...
- إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
- طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
- صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
- هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
- وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما ...
- حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر ...
- صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق ...
- يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - فوضى تغيير أسماء الشوارع.. لصوصية تحت واجهة دينية