أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رشيد غويلب - الديمقراطيات الغربية لا تقوم على المحاصصة السياسية















المزيد.....

الديمقراطيات الغربية لا تقوم على المحاصصة السياسية


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 7812 - 2023 / 12 / 1 - 22:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قد تبدو المقدمات مملة، وخصوصا عندما تتعلق بتوصيف نظام الفوضى في العراق، والذي وضعت دولة الاحتلال اسسه الرئيسية، وابدعت القوى العراقية المتنفذة لا حقا في تكريس نظام المحاصصة الطائفية – الاثنية المتداخل مع والمدعوم من منظومة الفساد، وهياكل السلاح الموازي المتنوعة والمتباينة من حيث حجمها وتركيبتها وقوة التأثير التي تمتلكها على القرار السياسي في البلاد.
إذا ما اعتمدنا الشكلية في تثبيت شرعية النظام السياسي القائم، فسنجده قائما على دستور اقرفي استفتاء وتداول "سلمي" للسلطة على أساس انتخابات عامة، ومجموعة من القوانين غير المكتملة، والكثير منها موروث من الدكتاتورية المنهارة. بالإضافة الى إمكانية الاتفاق على ان الدستور النافذ يحتوي على مواد إيجابية قابلة للتطوير، وفق رؤية ديمقراطية حقيقية، وأخرى تكرس عدم الوضوح وقابلة للتأويل، وبالتالي توظفها الكتل المتنفذة لإدامة سلطتها، وحماية منظومة الفساد المرتبطة بها.
لقد تحول الدستور في الواقع الى وسيلة يجرى اللجوء اليها عن الحاجة، وتوظف في خدمة مراكز القوى الرئيسية، في حين يغيب بالكامل، عندما يتعلق الامر بمكافحة الفساد، والسيطرة على السلاح الموازي، والكشف عن ملفات اغتيال المعارضين وعمليات قتل المحتجين.
فاذا كان من الطبيعي ان تصر القوى المتنفذة على ان النظام القائم ديمقراطي، ويمتلك مقومات التطور والانتقال بالعراق الى ضفة الأمان والديمقراطية، فان الامر مختلف عندما تتسرب هذه الرؤية الى بعض الأوساط في معسكر قوى معارضة النظام، وخصوصا القوى الجادة في عملها من اجل تحقيق التغيير الشامل بعد ان اقتنع اغلبها بان نظام الدولة الفاشلة السائد لا يمكن إصلاحه. وبالتأكيد لا يمكن وضع أصحاب هذه الرؤية في سلة واحدة، فبعضهم ينطلق من قناعات يؤمن بصحتها وهي حق له، في حين يمكن وضع البعض الاخر في خانة من يتجنب أدنى مواجهة سياسية سلمية مع المراكز المتنفذة، لكيلا يتحمل التبعات المترتبة على ذلك ولا يخسر المنافع التي حصل عليها.
وفي سياق البحث عن البدائل الممكنة، يلجأ أنصار فكرة تطور الوضع القائم الى دولة ديمقراطية مستقرة، حتى لو كلف ذلك استمرار سرقة عقود إضافية من عمر العراقيين ومستقبلهم الى التركيز على قضايا تعد بديهية وشكلية، حتى في أكثر دول بلدان جنوب العالم المبتلاة بالاستبداد وانتشار الفساد، مثل وجود دستور، ومؤسسات دستورية وقضائية، بعيدا عن حقيقة كون ان جميع هذه الأشياء مهمشة، وحتى مغيبة. وأكثر من هذا يذهب البعض الى مغالطة كبيرة تستند الى التبسيط، عندما يخلطون بين نظام المحاصصة السياسية السائد في العراق، والأنظمة الديمقراطية السائدة في بلدان متنوعة قوميا وثقافيا، ويقوم نظامها السياسي على الفيدرالية او الكونفدرالية، كما هو الحال في سويسرا وبلجيكا مثلا.
ان هذا التبسيط يدعي ان الأنظمة في هذه البلدان الغربية عمادها أحزاب سياسية تفوز بالانتخابات وتختار ممثليها في السلطات التشريعية والتنفيذية، ولا يختلف الامر في العراق. اما الفرق بين طبيعة تلك الأحزاب، والأحزاب والكتل المتنفذة عندنا فليس مهما لدى هؤلاء. ولا يضيرهم ان ابسط المهتمين بالشأن السياسي في العراق يعرفون ان اغلب الأحزاب والكتل السائدة، تفتقر الى ابسط المقومات الحقيقية للحزب السياسي مثل البرنامج واضح المعالم والملموس، وعقد مؤتمرات دورية تسبقها مناقشات علنية لتجديد قيادات هذه الأحزاب، وان اغلب هذه الأحزاب والكتل هي ليست اكثر من اطر للتحشيد للحفاظ على السلطة في اطار نظام المحاصصة، واشكال لتجميع الأنصار لترسيخ الانقسام الطائفي والعرقي والقبلي أيضا، والكثير من هذه الأحزاب مشاريع شخصية تختفي باختفاء مالكيها، بل اكثر من هذا ، ان جنون السلطة والمال قد همش وابتلع احزابا سياسية ، لعبت في العهود السابقة دورا مؤثرا، بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع توجهاتها.
اما الحجة الأكثر ضررا فهي القول ان أنظمة الديمقراطيات الغربية ذات التنوع القومي والثقافي هي أيضا أنظمة قائمة على المحاصصة، فلماذا هذه المبالغة والتهويل في توصيف نظام المحاصصة في العراق. ينسى أصحاب هذه الرؤية ان التنوع القومي والثقافي محكوم بدستور نافذ وفاعل وليس مركونا جانبا، وان هناك تراكما قانونيا وثقافيا حاميا للدستور ولتطبيق القوانين بدرجة كبيرة في هذه البلدان، وان مجتمعا مدنيا عماده الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية والنقابات، وليس المنظمات غير الحكومية المنتشرة في العراق، والتي يخضع الكثير منها لإملاءات المانحين.
بالإضافة الى ان التداول السلمي للسلطة، يجري في إطار تحالفات تقوم على برامج اقتصادية – اجتماعية متنافسة، وليس على أساس التجييش الطائفي والعرقي والقبلي، وتحت تأثير غير محدود للمال السياسي، وسلطة السلاح. وحتى الأحزاب التي تحمل في تسمياتها مفردات دينية مثل "الديمقراطي المسيحي" في البلدان المذكورة، لا تتبنى برنامجا يقوم على تعصب ديني، على الرغم من الطبيعة القيمية المحافظة لها. وان تغيير الوزرات يجري هناك وفق معايير قانونية تمتلك الديمومة، فالذي يتغير في الوزارة بعد الانتخابات الوزير وفريقه ومناصب سياسية محدودة، ولا تتحول الوزارة الى اقطاعية لحزب الوزير وعائلته ويجري تطبيق المحاصصة، في أكثر الأحيان، حتى على ابسط المستخدمين.
ان الصراع على دساتير الدول وتشريع قوانينها هي في الجوهر معارك سياسية اجتماعية بامتياز، كما رأينا ذلك في تجربة تشيلي الأخيرة، لذا فان أي فصل بين شكل ومضمون هذه الوثائق وخلفيتها السياسية والفكرية يؤدي في النهاية الى تقديم خدمة مجانية، غبر محسوبة، للقوى المتنفذة
ويؤدي ذلك عمليا ايضا، حتى وان كان غير مقصود، الى نشر الأوهام في صفوف أنصار مشروع التغيير، وخصوصا غير المختصين او من أصحاب الاهتمامات الاكاديمية، ويضعف هذا الطرح إمكانيات تحشيد الناس لصالح مشروع التغيير، فالمواطن من حقه ان يسأل، اذا كان الدستور لا غبار عليه، ومنظومة القوانين قابلة للتطور بما يعزز الديمقراطية، وان القضية لإزالة هذا الخراب المطبق على البلاد والعباد مسألة وقت لا اكثر، فلماذا اذن النضال وتحمل المشاق والاخطار لتحقيق التغيير الشامل؟



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضامن بالأفعال لا بالأقوال
- صعوبات جدية تواجه تشكيل الحكومة الجديدة / اليمين الهولندي ال ...
- بمشاركة تحالف اليسار دورة ثانية لحكومة يسار الوسط في إسبانيا
- مساهمتي في ملف الذكرى السبعين لاصدار الثقافة الجديدة / سبعون ...
- هل ستشهد منطقة البلقان حربا جديدة؟
- في برلين مثقفون يهود ضد حظر التضامن مع الشعب الفلسطيني
- بعد أن وصل الصراع الداخلي إلى طريق مسدود / انشقاق كبير في صف ...
- في محاولة لإعادة سيناريو نكبة 1948 / وثيقة إسرائيلية مسربة ت ...
- خطاب تضامني استثنائي مع الشعب الفلسطيني
- إسرائيل تلاحق الشيوعيين واليساريين والمدافعين عن حقوق الانسا ...
- إسرائيل بعد هجوم حماس لن تعود الى سابق عهدها *
- الحكومة الألمانية تضيق الخناق على طالبي اللجوء
- بمشاركة أحزاب ومنظمات من 75 بلدا من بينها الحزب الشيوعي العر ...
- السياسة الألمانية في رفض إدانة جرائم إسرائيل
- رغم هستيريا «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» / مواقف وأصوات ت ...
- الإبادة الجماعية في غزة ونفاق الديمقراطية الغربية*
- في الذكرى السنوية للوحدة الألمانية.. الإرث النازي وصعود اليم ...
- نواب أمريكيون يدعون إلى الاعتذار عن التورط بالانقلاب الفاشي ...
- هل ستُكسر هيمنة اليمين القومي المحافظ في بولونيا؟
- حكومات اليسار في أمريكا اللاتينية تتحدى المراكز الرأسمالية ا ...


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رشيد غويلب - الديمقراطيات الغربية لا تقوم على المحاصصة السياسية