إلياس شتواني
باحث وشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 7811 - 2023 / 11 / 30 - 23:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعد وليم جيمس (1842-1910م) أول فيلسوف صاغ النظرية البراغماتية أو «المذهب البراغماتي» (Pragmatism)، الذي يرى في فلسفة الإنسان التفسير الأمثل لموقفه و رؤيته إلى أبعد المجالات و الحدود في الحياة. «برجما» (Pragma)، أو الفعل، يقصد بها ذلك الجانب الفكري الذي يهتم بتحديد الوقائع الملاحظة التي يجب أن توجد إذا كانت الفكرة صادقة، ثم بعد ذلك تحديد ما إذا كانت هذه الوقائع موجودة أو لا عن طريق التجربة و الملاحظة. إذا كانت هذه الوقائع موجودة، وهنا يرجح العقل البراغماتي ذلك لأن وجودها مرتبط بصدق الفكرة نفسها، فإن الفكرة إذن تكون صادقة. يدور الفكر البراغماتي حول عدة أسئلة جوهرية نذكر أهمها:
ما نوع الوقائع التي لا بد أن توجد لكي تكون فكرة ما صادقة؟
ما الفرق العملي الذي يمكن أن يوجد الآن إذا ما كانت المادة أو الروح هي أصل الوجود و محركه؟
للإجابة عن هذين السؤالين، يميز جيمس بين ثلاثة أنواع من المقولات:
1. مقولات الحس المشترك. كالشيئ، و الشبيه و المختلف، و الأنواع، و الأجسام، و الزمان الواحد، و المكان الواحد، و الذات و الصفات، و التأثيرات العلية، و الخيالي و الواقعي.
2. مقولات العلم. و هي أكثر تعقيدا كالذرات، و الأثير، و القوى المغناطيسية و الكهربائية.
3. مقولات الفلسفة. و هي أكثر تنوعا و إختلافا كالمادية و المثالية.
جميع هذه المقولات، في رأي جيمس، لا يمكن أن تمدنا بحقائق ثابتة و مطلقة. فمقولات الحس المشترك هي أكثر تأثيرا في الحياة العادية، و مقولات العلم هي موضوع العلم، و الرصد، و التجريب، أما مقولات الفلسفة فهي إستنباطات لمواضيع و مباحث ذات طبيعة فكرية خاصة. لكن تبقى هذه المقولات من حيث أهميتها عبارة عن آليات و أدوات عقلية تخضع للتحسين و التنقيح كلما بلغ الإنسان مرتبة تطورية أعلى و أكثر تلائما مع عالمه و محيطه. فالحقيقة إذن هي مسألة نسبية تتفق مع الواقع، فهي تتحرك في الزمان على شروط الحاجات و الضرورات التي يفرضها الواقع الراهن. يميز جيمس بين الحقيقة و الصدق، حيث أن الصدق يشير دائما إلى فعل ما يمكن أن يحدث في المستقبل، و لذلك يرى جيمس أن ليس الحاضر فقط هو رهين النسبية و التغير، بل حتى الماضي و المستقبل معا.
#إلياس_شتواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟