حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 7810 - 2023 / 11 / 29 - 02:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اِستعَرَت معاناةُ المدنيين في غزة، اِستخدَمَ الجيشُ الإسرائيلي كلَ ما لديه من أسلحةِ التدميرِ لتحويلِ غزة إلى أكوامِ ترابٍ. كَم من السنين والأموالِ ستعيدُ ما دُمِرَ وإلى متى قبلَ أن يُعادَ تدميرُه كما حدَثَ من قبل؟ مأساةُ غزة ضاعَت وسطَ ذرائعِ دفاعِ اسرائيل عن نفسِها؛ تعاطُفُ الغربِ المُطلقُ مع اسرائيل لم يفترْ حتى مع بعضِ تظاهراتٍ من مناصري حقوقِ الإنسانِ.
اِفتعلَ الغربُ بقيادةِ أمريكا أزمةَ أوكرانيا وتكتلوا ضد مصالحِ روسيا الأمنيةِ وعاقبوها بكلِ غِلٍ واِتهموها باِنتهاكِ حقوقِ الإنسانِ وهي لم تمحْ مدنًا مأهولةً كقطاعِ غزة. ألا أنهم اِعتبروا هجومَ اسرائيل على المدنيين بالقطاع حقُ شرعي في الدفاعِ عن النفس، وكأن أرواحَ البشرِ درجاتٌ.
حلالٌ للغربِ حرامٌ على غيرِهم، هو مبدأُ الغربِ الأولِ؛ كلُ ما يفعلونه مباحٌ مبررٌ، تجميدُ أصولِ، اِستخدامُ أسلحةٍ مُحرمةٍ، اِعتقالاتٌ، تقييدُ حرياتٍ. سماتُ الغربِ المتأصلةُ فيها تعدُدُ المعاييرِ، برودةُ المشاعرِ، الأنانيةُ، التعالي؛ لكن في دولِنا من ينسون أو يتغافلون. هناك من يُقلدونهم في ملبسِهم المُقَطعِ، وفي أسلوبِ حياتِهم المُنفلِت.؛حتى من يَتَصدون لما يُسمونَه تطويرَ التعليمِ الجامعي يَبتسرون ساعاتِ وسنواتِ الدراسةِ وكأنهم بذلك سيَحصُلون على مفتاحِ رضا الغربِ، وواقعًا لن يرضى. جامعاتٌ خاصةٌ وأهليةٌ وحتى حكوميةٌ تنتهجُ المَظهرياتِ بلوائحٍ مُسمياتُها بلا مُحتوىً متكاملٍ، وكأن الغربَ سَهلُ الخِداعِ.
الغربُ يَعي، ويَعرَفُ أهدافَه ويسعى لها بنفسِه وبمن يُسَخِرُهم، وهو ما لا يجبُ أن يغيبَ عن أذهانِنا؛ لا حبيبَ له إلا مصالحَه. كثيرون من أهلِ الشرقِ الذين يعيشون في الغربِ يعانون عدمَ الاِستقرارِ النفسي ولو اِستقَرَت أحوالُهم الماديةُ، يسمعون عن مُثُلٍ ومساواةٍ تكشِفُ حقيقَتَها الأيامُ والأحداثُ. ألا أن الغربَ ليسَ كلُه سيئًا، ففيه العلمُ والعملُ وتقديرُهم، لكن بشرطِ الإنعزالِ تمامًا عما يرونه ثوابتًا مثلَ معاداةِ الساميةِ، والمثليةِ، وحقِ الإجهاضِ، وغيرِها مما قد لا يتفهَمُه غيرُهم.
يجبُ أن نُقَدِرَ أنفسَنا ولا نتصورَ أن إلغاءَ طبيعةِ مجتمعِنا يُحققُ التقدمَ. اليابان والصين وكوريا والهند وروسيا وغيرُها لم تقلدْ الغربَ بل اِعتزَت بثقافتِها وتاريخِها وأخَذَت عن الغربِ ما يناسبُها فقط. ليت من يَرفَعون شعاراتِ التطويرِ يَعون، وليت من يَتّصورون أنهم طبقةً اجتماعيةّ أعلى يفهمون.
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟