فتحى سيد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:18
المحور:
الادارة و الاقتصاد
خلال اليوم الثالث من أيام المؤتمر وفى الجلسة المسائية كان اللقاء مع د . عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية الذى بدأ حديثة بأن الهدف من التنمية هو تحقيق نوعية حياة فضل لجموع المواطنين ، لذلك فأن النمو الاقتصادى يعتبر مدخل هام وهدف لكل برامج التنمية ، وتساءل : لماذا لا يستشعر البعض أن ما تحقق كبير ؟ ربما لأن حجم طموحاتنا اكبر ، فحتى لو حققنا الكثير فما يزال تطلعنا إلى الأفضل .ثم قدم تصورا لمحددات برامج التنمية على اعتبار أن الدولة لديها رؤية واضحة للمستقبل تتضمن العديد من العناصر تم طرحها فى تقرير التنمية البشرية الذى اكد ضرورة بناء عقد اجتماعى جديد ، هذه الرؤية تقوم على الانتقال من الإصلاح إلى النهضة من خلال بناء اقتصاد سوق يقوم القطاع الخاص بدور رئيسى فيه ، إضافة إلى ضرورة وجود حكم رشيد . هناك أهداف قصيرة ومتوسطة الأجل تنبثق من أهداف استراتيجية، ولابد من وجود اقتصاد متنوع يقوم على مزيد من التقدم فى الزراعة ، إضافة إلى تحديث الصناعة خاصة الصناعات التحويلية التى ما تزال فى مستوى ضعيف ، القطاع الخاص هو المعول عليه فى القيمة المضافة وليس الحكومة ، ولابد من وجود توافق مجتمعى بين الحكومة وشركائها فى التنمية القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى .فى هذا الإطار تتقدم الحكومة خلال الأسابيع المقبلة بالخطة الخمسية السادسة إلي مجلس الشعب لإقرارها , أن الأهداف الاستراتيجية للخطة تتمثل في تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي من خلال حزمة برامج في مقدمتها زيادة المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمنظمات المجتمع المدني, وترشيد دور الحكومة مع تحفيز دور الأطراف الفاعلة في عملية التنمية وتعزيز دور القطاع الخاص في دفع الاستثمارات الجديدة بهدف توليد فرص العمل التي تصل إلي 4.5 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات المقبلة.كما تستهدف تخفيض التكدس السكاني والخروج من الوادي الضيق من خلال التوسع عرضيا علي طول الوادي بإنشاء قري علي الظهير الصحراوي, إضافة إلي تدعيم الارتقاء بنوعية الحياة ورفع مستويات المعيشة وتنمية القدرات للثروة البشرية إلي جانب مد مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل كل الفئات الفقيرة لتأهيلها ومعاونتها للخروج من دائرة الفقر, مشيرا إلي وجود برنامج علي مستوي عال لتحديد الفئات الفقيرة المستحقة ورصد التكلفة لهذا الأمر.وقال وزير التنمية الاقتصادية آن معدلات النمو الاقتصادى خلال الخمسين سنة الماضية كان 4% فى المتوسط كما ذكر فى الجلسة الصباحية ، ولكن الخطة الخمسية السادسة تستهدف تحقيق معدل نمو لا يقل عن7% وتخفيض معدل البطالة إلي6% وزيادة الصادرات بمعدل12% سنويا, ورفع معدل نمو الصناعات التحويلية بنسبة9% سنويا. وأشار إلي ان الخطة تولي اهتماما كبيرا برفع مستويات التعليم وجودته ، وكذلك الرعاية الصحية, من خلال تعزيز الاستفادة من المرافق في المدارس والوحدات الصحية والمستشفيات ومن خلال تقديم خدمات عالية الجودة.وأن كل هذه الأهداف لن تتحقق إلا بزيادة معدل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر ليصل إلي8 مليارات دولار العام المقبل , ويتزايد بشكل مطرد, وأشار إلي أن تحقيق الخطة يتطلب ان تصل حجم الاستثمارات25% من متوسط الدخل القومي, وهو ما يعني أهمية زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في ظل معدل الادخار المحلي الحالي, وأوضح ان هذا الأمر يمكن تحقيقه خاصة ان حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغ6.1 مليار دولار العام الماضي منها 85% لإقامة مشروعات استثمارية جديدة , و15% فقط ضمن برنامج الخصخصة , وكذلك70% من هذه الاستثمارات في غير القطاعات البترولية.ومن ناحية أخري أكد وزير التنمية الاقتصادية آن إدارة الدين العام تسير وفق سياسة مالية رشيدة تضمن وتلتزم بخدمة ديون صناديق التأمينات وتغطية العجز في المعاشات, ولا مجال للتشكيك أو القلق إطلاقا.وأشار إلي أن المؤشرات تؤكد تحسين نوعية الحياة بمصر حيث آن كل طفل يجد مكانا له في المدارس رغم ان عدد الداخلين الجدد للمدرسة الابتدائية يصل إلي1.3 مليون طفل سنويا في حين آن الأمم المتحدة تضع تحقيق هذا الهدف عام2015 في الدول النامية , ألا أن هذا الأمر متاح بمصر الآن.وقال الوزير إنه لأول مرة تصل قيمة الأصول في مصر والتى تمثل أجمالي الطاقة الإنتاجية تريليون جنيه للمجتمع ويتجاوز حجم الناتج المحلي الاجمالي650 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي , وقد وصل الاحتياطى النقدى إلى 24 مليار دولار ، مؤكدا آن الاقتصاد المصري قوي لأنه مفتوح ويرتكز علي قطاعات قوية تنمو باطراد خاصة فى قطاع الزراعة الذي يسهم بخمس الناتج المحلي ، وتشهد صادرات الحاصلات الزراعية نموا متزايدا.
وكان المتحدث الثانى فى هذه الجلسة الإعلامي المعروف سعد هجرس الذى ركز حديثة على الرد على ما جاء فى تصريحات الوزير فذكر آن إنجازات الاقتصاد المصرى طوال العقود الماضية كان هزيل وعشوائى وبدون تخطيط ، إنجاز أعمى بلا أفق ، العائد منه لم يعود على غالبية الشعب ولكن على فئات قليلة لها علاقات بأطراف النظام الحاكم ، وإذا قارنا ذلك ببلدان كثيرة كانت أكثر منا تخلفا حتى ستينيا ت القرن الماضى مثل ماليزيا التى تبلغ صادراتها الآن 14 ضعف الصادرات المصرية ، ومدينة مونتريال تنتج ما يقارب إنتاج دولة مصر ، فأين هى الرؤية الواضحة المحددة ؟ ، ولماذا تم إلغاء وزارة التخطيط ؟.
الخطط الاقتصادية تدعم السيطرة على قطاعات هامة وتؤدى إلى كوارث وتساهم فى تركز الاحتكارات ، فهناك سيطرة واحتكار لصناعات الأسمنت والحديد والسيراميك لصالح أشخاص نراهم الآن فى السلطة وداخل الحزب الحاكم ، كما أن مصر تدعم إسرائيل بإمدادها بالغاز بأسعار تفضيلية رخيصة .
ورغم هذه السخونة التى سيطرت على المؤتمر ، ما بين تفاؤل التصريحات الرسمية ، وما نراه فى الواقع من تردى ، والذى عبر عنه المتحدثون من الخبراء والمختصين ، وأجمع عليه المعلقين ، وصعوبة استمرار الأوضاع على نفس المنوال ، فقد كانت المفاجأة فى نهاية المؤتمر من خلال الجلسة الخاصة التى دعى إليها مجموعة من الشباب الذين تحدوا هذا الواقع وصنعوا تجارب تتميز بالتفرد والنجاح ، وكانوا بمثابة الضوء فى نهاية طريق تظلله الظلمة ، فهذا طبيب استطاع أن يتصدى لمشكلة الإدمان ، وهؤلاء مجموعة من الشباب قضوا إجازتهم بين القرى المهمشة وسكانها الفقراء يعالجون المرضى وينشرون الوعى الصحى ، وهذه فتاة تفتح الطريق أمام ابناء جيلها لتبوء المناصب على أساس من الاجتهاد واكتساب المهارات العلمية فى التعامل مع الآخرين ، ومن خلال عدم قناعتهم بالرؤية الرسمية ، قدم الشباب رؤية مغايرة ، يرون أنها تفيدهم فى صنع مستقبل أفضل لوطنهم .
فالدكتور أحمد سعفان 25سنة - طبيب بمستشفي العباسية للأمراض النفسية - أراد أن يتصدي لمشكلة الإدمان بين الشباب. انضم إليه مجموعة من الشباب تشاركه نفس الهدف. قاموا برصد العوامل التي تدفع إلي الإدمان.. علي رأسها عدم وجود هدف يسعون إلي تحقيقه.. حالة الإحباط الناتجة عن غياب الأمل في إيجاد الوظيفة.. أو الاستقرار.. وأوقات الفراغ التي لا يحسنون استغلالها.
اتصلوا بهيئات دولية ومحلية قدموا إليها برامج عمل حظيت بالموافقة والإعجاب .. تم عرض مشروعهم علي "كوفي عنان" فعلق أن الشباب في الغرب لم ينجح في مواجهة مشكلة المخدرات.. ولكنكم ستنجحون. امتد نشاطهم إلي 20 محافظة.. ووصل عدد المتطوعين إلي 3100 شاب يعملون من خلال 350 جمعية.. يوضح سعفان للمؤتمر.. أنهم وضعوا أمامهم هدف خلق مجتمع نابذ للمخدرات. واتجهوا إلي تجمعات الشباب سواء في المدارس والجامعات خلال العام الدراسي.. أو النوادي والمصايف أثناء الإجازات.. ذلك بعد أن تم تدريبهم علي وسائل إقناع المدمنيين وتوعيتهم بأساليب غير تقليدية.. ولاحظوا أن قابلية الشباب للاقتناع من خلال تعامل شاب في نفس عمره. أكبر من تلقي المواعظ أو المحاضرات.
استخدموا المسرح والأغاني والرحلات.. تعاملوا مع مائة ألف شاب من الذين وقعوا فريسة للإدمان.. إما بسبب غياب رقابة الأسرة أو للظروف الصعبة التي تواجه الشباب.
وحصلت التجربة علي شهادات من مؤسسات عالمية متخصصة في تقييم تجارب الشباب وتم اختيار الدكتور سعفان مديرا إقليميا لمنطقة الشرق الأوسط.. وامتد نشاطهم إلي 13 دولة .
أحمد زكريا - طالب بالسنة الثانية كلية الصيدلة جامعة عين شمس - فكر مع مجموعة من الطلاب في الاستفادة من الإجازة الصيفية في عمل مفيد.. قرروا إعداد قافلة طبية واختيار إحدي القري لتوعية سكانها طبيا وتقديم بعض الخدمات الصحية.. نجحوا في إقناع أساتذتهم بالفكرة وتشكلت المجموعة من طلاب كليات الطب والصيدلة.. وشارك معهم بعض الأطباء الشباب.
اختاروا إحدي عزب الإسماعيلية.. اسمها "الحمادة والعبايدة" العزبة تفتقر إلي الخدمات الصحية.. قاموا بالكشف الطبي علي 3500 مواطن هم سكان القرية.. أقاموا معسكرهم داخل المدرسة الوحيدة بالقرية.. وحولوها إلي مستشفي.. قاموا بزيارة الفلاحين في منازلهم لتوعيتهم.
مها جاد - بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية عام 2004 - منسقة تدريب عضو في جمعية "علشانك يا بلدي" لاحظت مها أن بعض الإداريين لا يصلون إلي المناصب الإدارية العليا.. وعندما رجعت إلي الدراسات المتخصصة وجدت أن السبب الرئيسي يتمثل أن هؤلاء غير قادرين علي التعامل مع الآخرين اتفقت مع زميلاتها في الجمعية علي إعداد مشروع لتدريب الشباب علي اكتساب مهارات تساعدهم علي التعامل مع الآخرين وسد الفجوة بين أصحاب الأعمال والشباب الذين يبحثون عن عمل.
وحتي يحقق المشروع أهدافه كما تقول مها: لابد من تحقيق شراكة بين ثلاثة أضلاع.. القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ، وقد وافقت جامعتا عين شمس والقاهرة علي التجربة وتولي القطاع الخاص التمويل وتقديم الخبرات العملية وقامت جمعية "علشانك يا بلدي" بتجميع الدارسين و تم تدريب 1050 دارسا منذ فبراير 2006 حتى الآن .
ريم رفيق العلمي - طالبة بكلية الصيدلة - ورنا عبدالفتاح - خريجة الصيدلة عام 2006 - قدمتا رؤية واضحة للتغيير تتلخص في النقاط التالية:
· النهضة المنشودة تعتمد علي التواصل بين الأجيال.. جيل الخبرة.. وشباب اليوم.. وشباب المستقبل "أطفال اليوم".. تريد أن تكتمل مسيرة العطاء.. أن تتفاعل مع مشاكل المجتمع نسعي في الجانب الاجتماعي أن يعيش كل مواطن حياة كريمة.. ويتحقق الترابط الأسري وفق منظومة قيم وأخلاق تمتد لتحكم التعاملات بين الأفراد.
· نود أن نحقق تعليما يرتبط بالمجتمع.. ونشجع الفكر الإبداعي.
· نسعي من أجل إعلام صادق يرسخ القيم الإيجابية ويساعد الشباب علي اكتساب خبرات جديدة.
· نحلم بأن تكون للعملة المصرية قوة شرائية عالية وأن نتخلص من الديون. أن نوفر للمواطنين رعاية صحية أفضل.
صور مضيئة ، ونماذج مختلفة لشباب يفكر فى المستقبل ولا يفرط فى الأمل .
وهكذا كانت نهاية المؤتمر الثانى والأربعون لجماعة الإدارة العليا نوفبر 2006 . نتمنى انتصار أفكار الشباب ، وأن تكون تصريحات المسئولين المتفائلة تعبيرا عن تحسن حقيقى فى الواقع .
#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟