جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية
(Jadou Jibril)
الحوار المتمدن-العدد: 7806 - 2023 / 11 / 25 - 02:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بخصوص سورة أهل الكهف ورد على لسان أهل التفسير
" كانت اعين فتية الكهف تظل مفتوحة وهم نائمون لذلك كان الناظر إلى المشهد يحسبهم أيقاظا لكثرة تقلبهم كالمستيقظ في مضجعه. وقال ابن عباس تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال لئلا تأكل الأرض لحومهم", وتفنن المفسرون بهذا الخصوص وكشفوا تفاصيل التفاصيل كأنهم كانوا شهداء عيان. فقد قال أبو هريرة" كان لهم عام تقلبات وقيل كل سنة مرة وقال مجاهد " في كل سبع سنين مرة وقال آخرون "إنما انقلبوا في التسع الأواخر من مكوثهم في الكهف أما خلال الثلاثمائة سنة فلا. وكان هذا التقليب من فعل الله ويجوز أ، يكون بفعل ملاك بأمر من الله."
أما بخصوص الكلب , فهناك عدة أقوال وتخريجات علما أن جمهور المفسرين أقروا بحضور كلب مع الفتية بالكهف بل وأدلوا بتفاصيل دقيقة بخصوصه. لقد قيل أنه كلب صيد لأحدهم أو كلب حراسة لراعي غنم حسب مقاتل, واختلفوا في لونه إلى حد أن الثعلبي قال " إن لون ذكرت أصبت" فقد قيل أصفر ودقق القرطبي قائلا " صفرته تضرب إلى الحمرة وقال الكلبي " لونه لون الحجر". كما اختلفوا في اسمه فعن ابن عباس كان اسمه قطمير وعن الأوزعي "مشير" وعن علي "ريان" وعن كعب "صهيا أو صهية" وعن عبدالله بن سلام "بسيط" وعن وهب "نقيا" وعن السودي "تور"....
وقام بعض المفسرين بتبيان كيف وصل هذا الكلب إلى الكهف وعلاقته بالفتية الخمسة أوالسبعة ومكوته معهم
فقد قال ابن عباس " هرب الفتية ليلا وكانوا سبعة فمروا براع معه كلبه اتبعهم على دينهم"
وقد قام كعب بتصوير دقيق للمشهد كأنه عاينه عن قرب إذ قال" مروا بكلب فنبح لهم , فطردوه مرارا, لكنه في الأخير انتصب على قوائمه الخلفية ثم رفع قوائمه الأمامية إلى السماء كهيأة الداعي وهو يقول " لا تخافوا مني أنا من أحباء الله فناموا و حرسهم" وقد قيل " كلب أحب قوما فذكره الله معهم"(1)
----------
(1) جاء الحديث عن دراعي الكلب وليس عن قوائمه علما أن الحيوانات التي تمشي على أٍربع لا تنعت عادة قوائمها الخلفية بالأرجل وقوائمها الأمامية بالأيدي خلافا للطيور التي قد تنعت قوائها بالأرجل وجناحيها بالدراعين.
-----------------------
فهل الأمر متعلق بكلب فعلا ؟
قال الكثيرون لم يكن حقيقة كلبا وإنما كان أحدهم قعد عند مدخل الكهف طليعة كما سمي التابع للجوزاء كلبا في الفلك إلا أن ابن عطية أضعف هذا القول نظرا لذكر "باسط ذراعيه" وقد نهى النبي عن هذا الوضع حين قال "لا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب"
وحكى أبو عمر المطرز في كتاب "اليواقيت" أنه قرأ " وكالبهم باسط ذراعيه بالوصيد احتمل ان يكون كالبهم يعني صاحب الكلب (أي سيده)
أما السعدي فقد أٌقر بالكلب حقيقة في حين قال البغوي عن ابن جريح فقد كان أسدا سمي كلبا لأن النبي دعا على عتبة بن أبي لهب قائلا" اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه أسد" (2)
وأكد ابن كثير أنه كلب حقيقي وورد عند الطبري أنه قيل كلب أحدهم وقيل كلب طباخ الملك وقد وافقهم الدين والإيمان صاحبه كلبه عندما تبعهم( أي الطباخ)والتحق بهم
--------------------
(2) تناسلت قصة عُتيبة بن أبي لهـب في السردية والموروث ال في السردية والموروث الإسلاميين و عُتيبة بن أبي لهـب بن عبد المطلب ابن عم النبي محمد أبو لهب بن عبد المطلب. وأمه أم جميل بنت حرب بن أمية، وهي اخت ابي سفيان، وهي المذكورة في القرآن بحمالة الحطب. كان الرسول قد زوجه من ابنته أم كلثوم ثم طلقها بغضا للرسول وبعد أن أمره أبوه بذلك. ولما أراد «عُتيبة» الخروج إلى الشام مع أبيه قال: لآتينَّ محمداً وأوذينَّه فأتاه فقال يا محمد: إِني كافر بالنجم إِذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم بصق أمام النبي وطلَّق ابنته «أم كلثوم» فغضب النبي ودعا عليه وقال: "اللهم سلط عليه كلباً من كلاب". وكان سبب دعاء النبي أذيته له واستهزاؤه والتهجم عليه ، وقد استجاب الله دعاء النبي ووحسب السلف كانت هذه عقوبة الله لكل من استخف بالنبي أو سبه أو احتقره، أو تنقص سنته، وتم عرص القصة كالتالي : "خرج عتيبة مع أصحابه في عير إلى الشام و في طريقهم زأر أسد فجعلت فرائص عتيبة ترتعد فقالوا له: من أي شيء ترتعد؟ فقال: إن محمدا دعا علي وما ترد له دعوة. فلما ناموا أحاطوا به وجعلوه في وسطهم فجاء الأسد فشم رؤوسهم جميعاً حتى انتهى إلى عتيبة فهشم رأسه هشمة فقضى عليه، فتحققت دعوة النبي محمد".
-----------------------------
يظهر مما سبق أن هناك لخبطة عاشها المفسرون الذين حاولوا بكل الطرق الخروج منها والتخلص من الحرج بأي وسيلة
والحالة هذه نحن نعلم اليوم ما ورد في القصة الأصلية عبر مراجع غير إسلامية منها النص السرياني المتوفر لدينا " نص يعقوب السروجي"
ويبدو أن جل ما ورد في تفسيرات المسلمين بعيد جدا عما ورد في المرجع الأًصلي للحكاية
فأغلب ما ورد في السردية والموروث الإسلاميين هومن بطون المفسرين وربما يكون الداعي لكل فدلكاتهم وفبركاتهم و تخريجاتهم أملته قراءة خاطئة لعبارة كتبت خالية من التنقيط في البداية في الآية المعنية و هي "كلىـــ" إذ تم تنقيط النبرة الأخيرة في الكلمة بنقطة أسفل تحت حيث قرأت باءا ولم يكن أمامهم سوى تبريرها عوض تصحيحها إذ لم يكن أمامهم خيار اعتبارا لإقرارهم مسبقا أن القرآن كلام الله الحرفي المحفوظ في اللوح المحفوظ منذ الأزل وفي الصدور بعد نزوله وبالتالي فهو مقدس نطقا ورسما ومضمونه حقيقة ومطلقة أبدية وهذا علما أن النص الأصلي المدون للقرآن( النص الأول المكتوب )عمل بشري محض والخط الذي كتب به أبدعه وطوره بشر قد يقعوا في الخطأ ليس بالضرورة عمدا . إن المصادر غير الإسلامية لم يسبق أن تحدثت عن وجود كلب مع فتية أفيسيس ولم تشر إلى ذلك بوجه من الوجوه
لم تتحدث القصة السريانية الاصلية عن وجود كلب مع فتية أفيسيس.
وهي قصة تواترت في التراث السرياني* وقد تناولها عدد من المؤرخين السريان من صمنهم
- زكريا الفصيح
- يوحنا الأفسيسي
- الراهب الزوقنيني(3)
- القديس الملفان مار يعقوب السروجي الذي قدم القصة شعرا عبر74 بيتا
--------------------------
*- يشير موقع دائرة الدراسات السريانية أنَّ هذه القصة كُتبت بالأصل بلغة سريانية أصيلة نثراً ونظماً. أمَّا النثر فقد كتبه زكريا الفصيح (توفي سنة 536 ميلادية) ويوحنا الأفسسي (توفي سنة 587 ميلادية) وكلاهما من المُؤرِّخين الثقات، وهما قريبا العهد من زمن الحادثة. أما النص الشعري السرياني للقصة فقد كتبه الشاعر السرياني مار يعقوب السروجي (توفي سنة 521 ميلادية) الذي نظم قصيدة على الوزن الإثني عشري تقع في أربعة وسبعين بيتاً، وبالرغم بأنه سمح لفكره أن يسبح في الخيال، إلا أنه احتفظ بعناصر القصة الرئيسية
-----------------------------------------------
عموما إن المصادر السريانية التي ذكرت قصة اصحاب الكهف هي عبارة عن نصوص تاريخية و شعرية. وقد اختلفت بخصوص
التاريخ الحقيقي لذكر القصة.
ففي مصدر زكريا الفصيح هو 569م ، وتاريخ زكريا الفصيح مدون باللغة اليونانية وقد فقد كله ، و اما فيتاريخ يوحنا الافسسي فهناك اختلاف في سنة النص ( 585م او 587م )، و بنقله الراهب الزوقنيني عام 775م
يمكن إيجاز تاريخ النصوص السريانية حسب القويم الروماني :
1 - نص شعري لماري يعقوب السروجي .... 521 م
2 - نص تاريخي لزكريا الفصيح .............. 569 م
3 - نص تاريخي ليوحنا الافسسي ........... 775م
4 - نص تاريخي لابن العبري ............... 1286م
--------------------
(3)- ذكر الزوقنيني في تاريخه أحداثاً مفصلة لفترة أواخر الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية حتى عهد الخليفة المهدي، و ذكر حوادث ونوازل كثيرة في تلك الفترة لم تُذكر في السردية والموروث الإسلاميين واليونانية والسريانية .وقيل اعتمد الزوقنيني في تاريخه من بدء الخلق حتى سنة 313 م على كتاب أوسابيوس القيصري، وعلى تاريخ يوحنّا الأفسسيّ فيما بين 489 و578م وفيه وصف للأحوال الاجتماعية والاقتصادية. للمزيد من التفصيل انظر مقالة د يوسف متى اسحاق مجلة المجمع العلمي العراقي يناير 1984 عن المخطوطة المعنية –المصدر الأصلي بالسريانية.
---------------------
ذكر المؤرخ الروماني جريغوري أن أهل الكهف ناموا لمدة 373. أما المؤرخ الإيطالي جاكوبوس فقد قدر سنوات نومهم ب 196 عام (من عام 252 حتى 448م في حين أ، الروايات الإسلامية بما في ذلك القصة المذكورة في القرآن ذكرت أنَّ أهل الكهف ناموا لمدة تعادل 300 سنة في التقويم الشمسي.
وأشارت المصادر السريانية أن موقع الكهف هو على مرتفع يدعى جبل (انكيلوس) في ضواحي مدينة أفسس في تركيا اليوم، وهو ما أيده بعض المؤرخين والمفسرين المسلمين الذين تأثروا بالروايات المسيحية منهم الطبري وابن كثير والزمخشري والمسعودي، إلا أن البعض نفى أن يكون موقع الكهف في مدينة (أفسس) مستندين على عدد من الروايات التاريخية التي قالت أن بعض الصحابة وقادة الجيوش الإسلامية قد ذكروا أن موقع الكهف يقع في جبل الرقيم بالأردن حيث زاروا هذا الموقع وعرفوه ومنهم الواقدي و عبادة بن الصامت الذي مر على الكهف في زمن عمر بن الخطاب وأيضا معاوية بن أبي سفيان، وكذلك حبيب بن مسلمة وابن عباس قد دخلوا هذا الكهف وعاينوا عظام أصحاب الكهف. لكن الأردن أعلن رسميًا في 1963 امتلاكه للعديد من الأدلة والبراهين التي تثبت أنَّ كهف أهل الكهف هو ذلك الواقع في قرية «الرجيب» قرب عمان، وهو ما أيَّده مجمع الفقه الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -يونسكو-، بالرغم من ادعاء عشرات الدول الأخرى بوجود الكهف على أراضيها. وقيل أيضا في طرطوس بسوريا
جاء في كتاب السنكسار القبطي
في سنة 252 م. استشهد الفتيان السبعة القديسين الذين من أفسس: مكسيموس، مالخوس، مرتينيانوس، ديوناسيوس، يوحنا، سرابيون، قسطنطين، وكانوا من جند الملك داكيوس وقد عينهم لمراقبة الخزينة الملكية ن ولما آثار عبادة الأوثان وشي بهم لديه فالتجأوا إلى كهف خوفا من أن يضعفوا فينكروا السيد المسيح. فعلم الملك بذلك وأمر بسد باب الكهف عليهم وكان واحد من الجند مؤمنا بالسيد المسيح. فنقش سيرتهم علي لوح من نحاس وتركه داخل الكهف. وهكذا أسلم القديسون أرواحهم الطاهرة. وأراد الله أن يكرمهم كعبيده الأمناء. فأوحي إلى أسقف تلك المدينة عن مكانهم. فذهب وفتح باب الكهف فوجد أجسادهم سليمة. وعرف من اللوح النحاس أنه قد مضي عليهم نحو مائتي سنة. وكان ذلك في عهد الملك ثاؤذوسيوس الصغير كما عرفوا من قطع النقود التي وجدوها معهم وعليها صورته أنهم كانوا في أيام داكيوس
جاء في كتاب سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
"القديسون أهل مغارة أفسس"
"احتلت قصة أهل مغارة أفسس أو ما يسميهم السريان "أهل الكهف" مركزًا خاصًا لدى مؤرخي السريان وأدبائهم، سجلها الكثيرون نثرًا، كما كتبها مار يعقوب السروجي (521 م) في قصيدة على الوزن السباعي تقع في أربعة وسبعين بيتًا. ولا يزال بعض السواح إذ يزورون آثار أفسس القديمة، يقصدون بجوار هيكل أرطاميس وكاتدرائية مار يوحنا زيارة كهوف أهل الكهف. تُعيِّد لهم الكنيسة السريانية في 24 من شهر تشرين الأول.
يمكن الإطلا ع على الكراس الإلتروني كاملا بصيغة PDF انقر كراس سورة الكهف كلب أن ملاكالرابط https://www.4shared.com/web/preview/pdf/3SFFzDsmku?
__________________ يتبع __________
#جدو_جبريل (هاشتاغ)
Jadou_Jibril#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
