|
كُلُّ شَيْءٍ يَدْفَعُ لِلرِّيبَةِ وَيَهْدِمُ ذَلِكَ اَلْغُرُورِ
اتريس سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 7803 - 2023 / 11 / 22 - 15:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
1_ عَنْ أُولَئِكَ اَلْجَهَلَةِ اَلْمُحَرِّضِينَ وَالْمُتَعَطِّشِينَ لِلدِّمَاءِ مِمَّنْ يَتَظَاهَرُونَ فِي اَلشَّوَارِعِ يَحْتَاجُونَ إِلَى اَلْغِذَاءِ وَ السَّكَنِ وَ الْمَلَابِسِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْعَمَلِ. عَجَبِي ! 2_ لَا يُمْكِنُكَ تَغْيِيرُ حَيَاتِكَ بَيْنَ عَشِيَّةٍ وَضُحَاهَا. لَكِنْ بَيْنَ عَشِيَّةٍ وَ ضُحَاهَا يُمْكِنكَ تَغْيِيرُ اَلْأَفْكَارِ اَلَّتِي سَتُغَيِّرُ حَيَاتَكَ إِلَى اَلْأَبَدِ. 3_ مَنْ يُدْرِكُ أَنَّ اَلْحَيَاةَ تَافِهَةٌ يُصْبِحُ غَيْرَ مُكَثْرِتْ بِدَنَاءَةِ اَلْبَشَرِ 4_ تَخَيَّلُوا ! عَبْد فِي سُوقِ اَلنَّخَّاسِينَ يَتَنَافَسُ اَلنَّاسُ لِشِرَاءِ حُرِّيَّتِهِ وَ هُوَ يَتَطَلَّعُ لِحُكْمِهِمْ ! 5_ تَخَيَّلُوا ! فَيْلَسُوف فِي حَدَائِقِ اَلْإِمْبِرْيَالِيَّةِ اَلْمُتَعَفِّنَةِ تَتَنَافَسُ اَلنُّظُمُ اَلِاسْتِبْدَادِيَّةُ وَ الِاسْتِهْلَاكِيَّةُ عَلَى سَحْقِهِ وُجُودِيًّا وَ رَغْمُ ذَلِكَ هُوَ يَتَطَلَّعُ إِلَى تَغْيِيرِ اَلْعَالَمِ 6_ اِنْعِدَامُ اَلرَّغْبَةِ أَمَامَ اَلشَّيْءِ اَلَّذِي أَدْمَنَتْه اِنْتِصَارٌ 7_ اَلْعَقْل اَلْحَصِيفِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَهَابَ اَلْخَوْضُ فِي هَكَذَا مَوَاضِيعُ وِجْدَانِيَّةٌ، ذَاتِيَّةً، إِنْسَانِيَّةً خَالِصَةً كَمَوْضُوعِ (اَلْحُبِّ) وَ أَنْ يَتَجَنَّبَ تَمَامًا إِصْدَارَ أَحْكَامِ اَلْعَلَمِ اَلْيَقِينِ حَوْلَهَا. 8_ يُخَيَّل إِلَيَّ أَحْيَانًا أَنَّ اَلْحَدِيثَ عَنْ اَلْحُبِّ وَ مُحَاوَلَةِ فَهْمِهِ، أَشْبَه مَا يَكُونُ بِمُحَاوَلَةِ عَقْلِ اَللَّامَعْقُولِ، يَقَعُ اَلْفَهْمُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ أَنْ يَسْأَلَ اَلْمَرْءُ نَفْسُهُ مَا هُوَ اَلْحُبُّ ؟! 9_ مَا أَعْرِفُهُ جَيِّدًا، أَنَّ اَلْحُبَّ غَالِبًا مَا يَظْهَرُنَا بِلَبُوسِ جُنُونِ اَلْعَظَمَةِ، وَ يُعَزِّزَ فِينَا رَغْبَةُ اَلتَّمَلُّكِ، أَوْ يُفَاقِمُ نَرْجِسِيَّتَنَا إِلَى دَرَجَةٍ مُؤْذِيَةٍ، لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ نَحْنُ نُدْرِكُ جَيِّدًا أَيْضًا، أَنَّنَا قَدْ نَفْقِدُ إِنْسَانِيَّتُنَا تَمَامًا، وَ تَغَيَّبَ ذَوَاتِنَا اَلْحَيَّةَ كُلِّيًّا عَنْ حِضْنِ اَلْوُجُودِ اَلْحَقِيقِيِّ، إِذَا مَا اِبْتَعَدْنَا عَنْ نَبَضَاتِ اَلْحُبِّ، فَهُوَ اَلسِّحْرُ اَلْوَحِيدُ اَلَّذِي يُعِيدُنَا أَطْفَالاً وَ يَجْعَلنَا حَقِيقِيِّينَ وَ صَادِقِينَ لِفَتَرَاتٍ قَصِيرَةٍ لِلْغَايَةِ 10_ مَا أَخَالُهُ اَلْآنَ بِنَزَقٍ اَلْحَائِرِ وَ عَجَلِ اَلْعَاشِقِ أَنَّ اَلْحُبَّ لَا يُوجَدُ لِذَاتِهِ وَ حَسَبً، وَ هُوَ لَيْسَ بِكَافٍ عَبْدُهْ، بَلْ ظَنِّي هُوَ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِنُقْطَةِ اَلْمَرْكَزِ فِي دَائِرَةِ وُجُودِ اَلْإِنْسَانِ كَكُلِّ لِيَفِيضَ فُؤَادْ اَلْإِنْسَانِ إِثْرَ ذَلِكَ حَيَاةً وَ شَغَفًا وَ وُجُودًا حَقِيقِيًّا وَ إِلَّا دُونهُ اَلْفَنَاءُ. 11_ وَ لَكِنْ مَا هُوَ هَذَا اَلشُّعُورِ اَلْفَرِيدِ اَلَّذِي يُلَوِّنُ فِينَا كُلُّ مَوَاضِيعِ اَلْبَصَرِ مِنْ جَدِيدٍ ؟ وَ مَا هِيَ مَاهِيَّةُ ذَاكَ اَلْإِحْسَاسِ اَلْعَمِيقِ اَلَّذِي يُعِيدُ فِي أَفْهَامِنَا صِيَاغَةَ اَلِاهْتِمَامَاتِ، وَ يُوَزِّعَ اَلْأَوْلَوِيَّاتِ فِي مَرَامِي اَلْبَصِيرَةِ ؟ أَعْتَقِدُ سَوْفَ نُدْرِكُ أَبْعَادُ اَلْإِشْكَالِيَّةِ فِي اَلْإِجَابَةِ عَلَى ذَاكَ اَلسُّؤَالِ اَلْغَامِضِ، إِذَا مَا عَرَفْنَا أَنَّ اَلْإِجَابَةَ عَلَى هَذَا اَلسُّؤَالِ بِالتَّحْدِيدِ، لَا بُدَّ وَ أنْ يَكُون لِلْعَاطِفَةِ اَلْقَوْلَ اَلْفَصْلَ فِيهَا، وَ أَنَّهُ لَنْ يَكُونَ لَهَا أَيَّةُ قِيمَةٍ مَعْرِفِيَّةٍ أَيْ اَلْإِجَابَةِ إِذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ إِنْصَاتًا جَيِّدًا وَ تَصْوِيرًا حَقِيقِيًّا وَ صَادِقًا، لِمَا تَجُودُ بِهِ قَرِيحَةَ اَلْعَاطِفَةِ اَلْمُجِيبَةِ، أَوْ يُصَوِّرُهُ بَوْحُ اَلْوِجْدَانِ فِي أَعْمَاقِ اَلْعَاشِقِ، عِلْمًا أَنَّ هَذِهِ اَلْحَقَائِقِ اَلَّتِي تُقَدِّمُهَا اَلْعَوَاطِفُ مَا هِيَ إِلَّا حَالَاتٍ ذِهْنِيَّةً شُعُورِيَّةً، لَا يُمْكِنُ أَنْ تَخْضَعَ إِلَى سُلْطَانْ اَلْعَقْلِ أَوْ حُدُودِ اَلْمَنْطِقِ اَلتَّامِّ، أَوْ جَلَاءِ اَلْإِفْصَاحِ وَ التَّعْبِيرِ اَلْعِلْمِيِّ اَلدَّقِيقِ، دُونُ أَنْ تَفْقِدَ اَلْكَثِيرَ مِنْ كَيْنُونَتِهَا أَوْ مِنْ جَوْهَرِهَا أَوْ مِنْ بَهَاءْ سِرِّهَا وَ جَاذِبِيَّتِهَا وَ سُمُوّهَا 12_ مِنْ أَكْثَرِ اَلْحَقَائِقِ اَلَّتِي لَا يُرِيدُ أَحَدًا مِنْ اَلْعُشَّاقِ أَنْ يُصَدِّقَهَا هِيَ أَنَّ اَلْحُبَّ لَا يَدُومُ، نَعِمَ، إِنَّهَا اَلْحَقِيقَةُ اَلَّتِي يُدْرِكُهَا اَلْإِنْسَانُ لَكِنْ لَا يُطِيقُ أَنْ يُصَدِّقَهَا تَمَامًا كَمَا أَنَّهُ يُدْرِكُ حَقِيقَةً أَنَّ اَلْمَوْتَ سَيُطَالُ كُلُّ إِنْسَانٍ لَكِنْ لَا يُرِيدُ أَنْ يُصَدِّقَ أَنَّهُ سَيَطَالُ أَحِبَّاءَهُ يَوْمًا مَا ؟ أَجْلُ اَلْحُبِّ لَيْسَ خَالِدًا وَ لَيْسَ هُنَاكَ نَارُ حُبٍّ، أَوْ شَمْسِ مَحَبَّةٍ تَدُومُ حَرَارَتَهَا لِلْأَبَدِ، وَ لَنْ تَبْقَى طَوَالَ اَلْعُمْرِ كَمَا هِيَ كَمَا يَتَغَنَّى بِهَا اَلشُّعَرَاءُ وَ الرُّومَانْسِيِّينَ. 13_ إِنَّ جِسْرَ اَلْحُبِّ سَيْرُورَةً مُتَجَدِّدَةً لِعَاطِفَةٍ نَشِطَةٍ وَصَلَتْ بَيْنَ ضَفَّتَيْنِ عَلَى اَلْأَقَلِّ، لَكِنَّ اَلْحُبَّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْقَى لِلْأَبَدِ، لِأَنَّهُ يَتَطَلَّبُ دَائِمًا رَائِحَةً جَدِيدَةً وَ عُمْر جَدِيدِ وَ لُغَةً جَدِيدَةً وَ فُيُوضَ خُرَافِيَّة مِنْ اَلْمَشَاعِرِ اَلصَّادِقَةِ وَ الْمَقْبُولَةِ عَلَى اَلدَّوَامِ وَ هِيَ قُدُرَاتٌ لَا يَمْتَلِكُهَا اَلْإِنْسَانُ إِلَّا فِي جِنَانْ اَلْوَهْمِ كَمَا أَنَّهَا أُمُورٌ لَا تَحْظَى بِهَا سِوَى اَلْآلِهَةِ اَلَّتِي تَسْكُنُ أُولُمْبَ اَلْخَيَالِ 14_ حِين تَقْرَأُ تَارِيخَ اَلْفَلْسَفَةِ بِدُونِ اِسْتِحْضَارِ تَأْثِيرِ اَلْأُسْطُورَةِ وَ الدِّينِ وَ الْعِلْمِ، سَتُلَاحِظُ غُمُوضَهُ، سَتَرَى اِنْتِقَالَاتٍ غَيْرَ مَفْهُومَةٍ بَيْنَ مَرْحَلَةٍ وَ أُخْرَى. وَ سَتَبْدُو لَكَ اَلنَّظَرِيَّةُ اَلْفَلْسَفِيَّةُ أَوْ اَلنَّسَقِ اَلْفَلْسَفِيِّ عُمُومًا مُجَرَّدٌ كَلَامٌ مِثَالِيٌّ لَا قِيمَةً لَهُ، مَثَلاً : عَالَمُ اَلْمِثَالِ اَلْأَفْلَاطُونِيِّ، هَرَمِيَّةُ اَلْكَوْنِ اَلْأَرِسْطِيِّ اَلْمُتَنَاغِمِ، خُلُودُ اَلنَّفْسِ، تَأْثِيرُ اَلدِّينِيِّ فِي اَلْعَلَمِ اَلْإِنْسَانِيِّ، اَلِاخْتِزَالُ اَلدِّيكَارْتِيُّ لِلْإِنْسَانِ فِي اَلْعَقْلِ، اَلْإِرَادَةُ اَلطَّيِّبَةُ مَعَ كَانْطْ، تَطَوُّرُ اَلرُّوحِ اَلْمُطْلَقَةِ مَعَ هِيجِلْ وَ هَلُمَّ جَرًّا، وَ لَكِنْ حِين تَرْبُطُ بَيْنَ اَلْفَلْسَفَةِ وَ مَجَالَاتِ أُخْرَى، سَتَفْهَمُ عُمْقَ اَلْفَلْسَفَةِ وَ الْفَيْلَسُوفِ وَ جَمَالِ اَلتَّفَلْسُفِ. 15_ اَلْمَادِّيَّةَ اَلرَّأْسِمَالِيَّةِ (Capitalist Materialism) وَ هِيَ اَلْمَادِّيَّةُ بِالْمَفْهُومِ اَلشَّعْبِيِّ اَلدَّارِجِ أَوْ اَلْأَكْثَرِ شُيُوعًا بَيْنَ اَلنَّاسِ.وَ مَعْنَاهَا عُبُودِيَّةَ اَلْمَالِ أَوْ تَقْدِيرِ اَلْمَالِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ اَلْقَوْلِ إِنَّ اَلْمَالَ يُمْكِنُهُ شِرَاءُ كُلِّ شَيْءٍ، وَ أَيَّ شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ لِلْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ هُوَ بِلَا قِيمَةٍ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ. وَ هَذَا اَلْمَفْهُومُ مُرْتَبِطٌ عُضْوِيًّا بِالرَّأْسِمَالِيَّةِ (Capitalism) وَ بِالنَّزْعَةِ اَلِاسْتِهْلَاكِيَّة وَ أُسْلُوبِ اَلْحَيَاةِ اَلِاسْتِهْلَاكِيِّ (Consumerism). وَ هِيَ نَزْعَةٌ سَطْحِيَّةٌ فِي اَلْغَالِبِ وَ تُلَخِّصُ اَلْإِنْسَانَ بِتَعَسُّفٍ بِإعْتِبَارِهِ زَبُونٍ أَوْ مُسْتَهْلِكٍ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ مَالٍ فَقَطْ، عَلَى طَرِيقَةٍ : تَمْلِكَ دُولَارَ إِذْنٍ أَنْتَ تَسَاوِي دُولَارِ، تَمَلُّكِ 10 دُولَارِ إِذْنٍ أَنْتَ تَسَاوِي 10 دُولَارٍ . 16_ أَفْضَعْ مِنْ اَلْمَوْتِ أَنْ يَتَمَلَّكَكَ شُعُورُ بِأَنَّكَ جُثَّةٌ مُتَحَرِّكَةٌ تَعِيشُ بِدُونِ حَيَاةٍ، كَأَنَّكَ مَصْلُوبٌ فَوْقَ هَشِيمٍ اَلْجَسَدِ اَلْهَامِدِ أَوْ رَمَادِ اَلْعُمْرِ 17_ مِنْ اَلْغَبَاءِ أَنْ تَتَحَدَّثَ عَنْ اَلْمَنْطِقِ وَ مَرْجِعكَ اَلْفِكْرِيَّ هُوَ اَلْعَشْوَائِيَّةُ 18_ لَيْسَ مُهِمًّا مَا تَعْتَقِدُهُ، اَلْأَهَمَّ تَأدْبُكْ وَ تُقُبِّلَكَ لِلْفِكْرِ اَلْمُغَايِرِ، فَرْدَكَ اَلسَّرِيعَ لِلْكَلَامِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ مَعَكَ هُوَ عَمَى حَدْسٍ. 19_ يَنْهَضَ اَلْمُجْتَمَعُ عِنْدَمَا تَنْهَضُ فِيهِ اَلْأَسْئِلَةُ اَلْحَرِجَةُ وَ الْمَصِيرِيَّةُ وَ الْحَسَّاسَةُ 20 _ مَهْمَا كَانَ اَلْأَمْرُ عَلَى اَلْإِنْسَانِ أَنَّ لَا يَخْتَلُّ بِسَبَبِ اَلْمَادَّةِ وَ الْحَدَاثَةِ، وَ أَنْ يَتَحَلَّى بِالْإِيمَانِ فِي وَجْهِ اَلْآلَةِ، وَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْأَرْضِ وَ رُوحَانِيَّتِهِ كَإِنْسَانٍ. 21 _ أَلَمْ تَسْأَلْ نَفْسَكَ لِمَاذَا عُلَمَاء اَلْفِيزْيَاءِ اِسْتَحْدَثُوا عِبَارَةُ مُصَمِّمٍ ذَكِيٍّ وَ لَيْسَ خَالِقٌ ذَكِيٌّ، بِبَسَاطَةِ لِأَنَّ اَلْعَلَمَ لَا يَعْتَرِفُ بِالْخَلْقِ وَ يَعْتَبِرُهُ شَيْئًا مُسْتَحِيل مُخَالِفٍ لِكُلِّ اَلتَّطْبِيقَاتِ وَ الْقَوَانِينِ اَلْعِلْمِيَّةِ، حَسَبَ قَانُونِ اَلْمَادَّةِ لَا تَفْنَى وَ لَا تَأْتِي مِنْ اَلْعَدَمِ، لِذَا لَا تَسْأَلُ مِنْ أَيْنَ جَاءَ اَلْكَوْنُ لِأَنَّ اَلْكَوْنَ لَمْ يَذْهَبْ حَتَّى يَأْتِيَ، بِبَسَاطَةِ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، لِأَنَّهُ أَزَلِيٌّ، لَكِنَّ عَقْلَكَ مَصْنُوعٌ أَنْ يَضَعَ بِدَايَةً وَ نِهَايَةً لَيْسَ لِكَشْفِ حَقَائِقَ وُجُودِيَّةٍ كَوْنِيَّةٍ بَلْ لِلْمُلَاحَظَةِ وَ الِاسْتِنْتَاجِ اَلَّذِي يَنْفَعُكَ بِالصَّيْدِ وَ تَوْفِيرِ مَكَانٍ وَ غِذَاءِ وَ تَجَنُّبِ اَلْخَطَرِ، إِنَّكَ خُلَاصَةُ مِلْيَارَاتِ اَلْحَوَادِثِ وَ التَّحَوُّلَاتِ اَلْمُتَعَاقِبَةِ لَيْسَ لِكَشْفِ حَقِيقَتِهَا بَلْ لِلْحُصُولِ عَلَى تَوَافُقٍ يَحْمِيكَ أَوْ يُسَايِركَ مَعَهَا فِي اَللَّحْظَةِ اَلْحَالِيَّةِ وَ حِينَ يُصَادِفُكَ أَيُّ حَدَثٍ مُمِيتٍ عَارِضِي سَهْوًا نَتِيجَةِ لِغَبَاءٍ أَوْ خَلَلِ أَوْ سُوءِ تَقْدِيرِ مِنْ اَلْوَعْيِ أَوْ اَلْعَقْلِ سَيَتَسَبَّبُ بِتَوَقُّفِكَ وَ تَنْتَهِي اَلْمُرَاوَغَةُ مِنْ اَلْقَوَانِينِ وَ سَيَتِمُّ إسْتِخْدَامُكَ مِنْ مَادَّةٍ أُخْرَى أَوْ مِنْ مُرَاوِغٍ نَشِطٍ آخِرٍ، أَقُولُ لَكَ سَبَبٌ آخَرُ لِمَاذَا لَا يُمْكِنُكَ اَلْكَشْفُ عَنْ أَصْلِهِ أَوْ اَلتَّخَيُّلِ بِوَعْيِكَ وَ عَقْلِكَ هَذَا دُونَ مُسَاعَدَةِ أَوْ تِكْنُولُوجْيَا مُنَاسِبَةٍ ؟ لِأَنَّكَ لَوْ عَرَفَتْ أَصْبَحَتْ خَالِقٌ وَ خَرَجَتْ عَنْ قَوَانِينَ هَذَا اَلْكَوْنِ وَ لَنْ تُتْعِبَ نَفْسَكَ فِي تَفَاهَةِ قَوَانِينِهِ وَ مَوَادِّهِ اَلْمُبَعْثَرَةِ وَ لَكُنْتَ ذَهَبَتْ وَ لَنْ نَعْرِفَ عَنْكَ شَيْءٌ وَ لَيْسَ مِثْلٌ مَا أَنْتَ اَلْآنَ مُجَرَّدَ مَادَّةِ مُرَاوَغَةٍ 22 _ فِي هَذَا اَلزَّمَنِ تَبْحَثُ اَلنَّاسَ عَنْ مُفَسِّرِ أَحْلَامٍ لَكِنَّ أَنَا أَبْحَثُ عَنْ شَخْصٍ لِيُفَسِّرَ لِي اَلْوَاقِعُ 23 _ مَا أَكْثَرُ مِنْ خُدِعُوا بِالْمُسَمَّيَات وَ الْأَلْقَابِ اَلَّتِي مَنَحَتْ لَهُمْ فَغُرَّتِهِمْ وَ أَوْرَدَتْهُمْ اَلْمَهَالِكُ، وَ مَا أَكْثَرَ مِنْ قَدَّمَتْ لَهُ اَلرُّتَبُ وَ كَانَتْ بِمَثَابَة اَلْخُطْوَةِ اَلْأُولَى لِلسَّيْرِ إِلَى مُسْتَنْقَعٍ لَا خُرُوجَ مِنْهُ ! وَ مَا أَكْثَرَ مِنْ أَعْطَوْا اَلْمَنْصِبُ وَ كَانَ فَخًّا مُحْكَم اَلْإِعْدَامِ 24 _ إِنَّ اَلَّذِي يَكْذِبُ مَرَّةً لَا يُدْرِكُ قَدْرَ اَلْوَرْطَةِ اَلَّتِي أَوْقَعَ نَفْسَهُ بِهَا، إِذْ عَلَيْهِ اِخْتِرَاعُ عِشْرِينَ كِذْبَةً أُخْرَى لِلْحِفَاظِ عَلَى هَذِهِ اَلْكِذْبَةِ 25 _ اَلْمَعْرِفَة لَا تَحَرُّرَكَ بِقَدْرِ مَا تَدْفَعُكَ لِلتَّصَالُحِ مَعَ طَبِيعَتِكَ وَ الْوَاقِعِ اَلْمَعَاشِ، قِرَاءَةُ اَلتَّارِيخِ تُخْبِرُكَ بِأَنَّ إِنْسَانَ اَلْيَوْمِ مَا زَالَ يَخُوضُ حُرُوب مَضَتْ عَلَيْهَا قُرُونٌ، قِرَاءَةُ اَلْفَلْسَفَةِ تُخْبِرُكَ بِأَنَّ اَلْبَشَرَ لَا تَهْتَمُّ بِمَعْرِفَةِ اَلْحَقِيقَةِ بِقَدْرِ مَا يَهُمُّهَا تَرَفُ لَذَّةِ اَلْوَهْمِ لِذَلِكَ يُعَاقِبُونَ مِنْ يَطْرَحُ اَلسُّؤَالُ اَلصَّحِيحُ لَا اَلْإِجَابَةُ اَلْخَاطِئَةُ، قِرَاءَةُ عِلْمِ اَلنَّفْسِ تُخْبِرُكَ بِأَنَّكَ تُقَادُ مِنْ قُوًى خَفِيَّةٍ لَا تَمْلِكُ أَنْ تَرْفُضَ أَوْ حَتَّى أَنْ تُدْرِكَ غَايَتَهَا وَ جُذُورَهَا، قِرَاءَةُ اَلْكُتُبِ اَلْعِلْمِيَّةِ تُخْبِرُكَ بِأَنَّ كُلَّ مَا يَمُدُّكَ بِالرَّاحَةِ لَيْسَ إِلَّا سُوءُ فَهْمٍ، قِرَاءَةُ اَلْأَدَبِ تُخْبِرُكَ بِأَنَّ اَلنَّاسَ تَقُولُ كُلَّ شَيْءِ إِلَّا مَا تَوَدُّ قَوْلَهُ، تَأْمُلَ اَلْفَنَّ يُخْبِرُكَ بِأَنَّ اَلْحَدَّ اَلْأَدْنَى مِنْ اَلتَّعْبِيرِ هُوَ اَلْكَلَامُ. كُلُّ شَيْءٍ يَدْفَعُ لِلرِّيبَةِ وَ يَهْدِمُ ذَلِكَ اَلْغُرُورِ
#اتريس_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تعتقد أن الله سيحميك
-
نعم أنا مع حرب الإبادة الجينومية
-
هل بدأت معالم الحرب الكبرى في الظهور
-
شيء ما أقحمني في هاته اللعبة
-
أقذر مجموعة بشرية وجدت على الإطلاق
-
طائرة إستشهادية أم طائرة إنتحارية
-
من قال لك أني مع طرف ضد آخر
-
يا لها من كارثة أن تعيش في هذا العالم
-
عندما تستيقظ ينتهي كل شيء
-
حتّى أنّ المقابر باتت هدفاً للإحتلال
-
الإنسان كان وسيبقى شريرا قبل الأديان وبعدها
-
ربما سيكون القناع سيد الموقف
-
نهاية الكون تعادل أقل من موت ذبابة
-
شبح المجاعة يحلق في سماء القارة العجوز
-
سيبقى هذا العالم قذرا حتى النهاية
-
عزيزي الله هل ترى ما يحدث
-
الآن إنكحوا جراحكم أيها المسلمين
-
كأنهم دمى مشلولة مبتورة الأطراف
-
أنا مع فصل الدين عن كوكب الأرض
-
الإنسان أسؤا ما في الوجود
المزيد.....
-
15 أغسطس 1944: مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بإنزال بروفانس
...
-
إيران تقيد الرحلات الجوية في منطقتها الغربية بسبب -نشاط عسكر
...
-
الجزائر والنيجر.. تنشيط العلاقات
-
حملة المقاطعة تطيح بالرئيس التنفيذي لستاربكس والإقالة ترفع أ
...
-
هل يحتاج العراق إلى قانون الأحوال الشخصية الجعفري؟
-
تغيير قانون الأحول الشخصية في العراق.. تهديد للديمقراطية اله
...
-
روسيا والإمارات تبحثان التعاون في إطار مجموعة -بريكس-
-
-نتائجه كارثية-.. خبير أمريكي يتحدث عن هجوم مقاطعة كورسك وتو
...
-
المغرب.. مديرية الأمن تعزز الخدمات في مطارين بالمملكة
-
بعد تسجيل حريق بمقرها.. القنصلية العامة الجزائرية بجنيف تصدر
...
المزيد.....
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|