|
تمجيد وتخليد رابطة الدم
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7801 - 2023 / 11 / 20 - 21:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
-------------------------- ** فى «مرتفعات وذرينج»، الرواية الوحيدة التى ألفتها الكاتبة والشاعرة البريطانية إيميلى برونتى «٣٠ يوليو ١٨١٨ ١٩ ديسمبر ١٨٤٨»، تتوارى قيمة الرابطة البيولوجية أو رابطة الدم، لتتجلى وتتفوق الرابطة الإنسانية . فالأب وجد طفلًا شريدًا فى الطريق، حافى القدمين، يئن من ألم الجوع والبرد والوحدة المظلمة ، فأخذه الى بيته ، وعامله مثل ابنه . البشر منذ بداية الجنس البشرى، يسرقون ويسفكون الدماء ، لحماية الروابط البيولوجية ، وتمجيد وتخليد علاقات الدم. لقد عشت طوال عمرى ، مع أب لست ابنته البيولوجية ، وهو الطبيب والمناضل والكاتب د. شريف حتاتة 13 سبتمبر 1923 – 22 مايو 2017 . أحاطنى بحنان نادر ، ومنحنى حبا على مدى سنوات ، حقق لى السعادة والرعاية والحماية . ولم أشعر أبدا ، أن أخى عاطف حتاتة ، ابنه البيولوجى ، من أمنا نوال السعداوى ، يحظى بأى معاملة مميزة . لهذا فان التبنى قيمة انسانية عليا ، تنقذ الأطفال الذين فقدوا الأهل ، من حاضر بائس ، ومستقبل مجهول محفوف بالمخاطر . داعبتنى هذه الأفكار وأنا أرى امرأة من معارفى ، تجرى إلى الزيجة الثالثة أملًا فى الإنجاب، وربما تعرض حياتها إلى خطر جسيم ، بإجراء عملية ليست مضمونة ، كما قالت لها الطبيبة . كل هذا من أجل طفل ، لا يأخذ اسمها ، لأن اسم الأم ، عار ، وعورة ، وفضيحة ، وعيب ، ومهانة . قالت: «عندى طاقة رهيبة للأمومة .. دى فطرة مقدسة عند كل سِت .. مخبيش عليكى أنا خايفة من العملية ... لكن هاعملها ... أنا حاسة انى أرض بور". سألتها: « لحد امتى ؟ .. دى جوازتك التالتة » . قالت: «التالتة تابتة.. لو مخلفتش خلاص بقى، يبقى عملت اللى عليا ، وربنا مش عاوزنى أحقق أمومتى الفطرية المقدسة »، قلت لها: «طب ليه متحققيش أمومتك الفطرية المقدسة مع طفل يتيم ، محتاج رعاية وفلوس وتعليم وحب وعطف وحنان، وأم تعوضه عن غلب اليتم وقسوة الزمن وتنصل الأهل، يمكن ربنا عاوز ينقذ طفل مسكين على إيديكى؟». انتفضت من الغضب: «يا سلام.. أهو ده اللى كان ناقص.. أصرف فلوسى على يتيم وأديله حبى وحنانى وحياتى.. أدخله أسرتى وعيلتى.. ليه هو أنا عبيطة ولا هبلة.. حتى لو كان التبنى حلال ، مستحيل أربى وأعلم وأصرف على عيل مش جاى من بطنى.. إنتى مجنونة ولا إيه؟». تركتها تستعد للزيجة الثالثة، وأنا أردد بينى وبين نفسى: « نعم.. مجنونة.. ولن يرتقى البشر، وتنعدل الحياة ، إلا بزيادة عدد المجانين مثلى، من النساء والرجال ، يساوون بين طفل من دمهم ، وطفل فى الشارع يتسول اللقمة والحنان». ********** 2 نوفمبر الماضى 2023 ، الذكرى الثالثة والسبعون ، لرحيل واحد من النوابغ ، التى عرفتهم البشرية " جورج برنارد شو"، 26 يوليو 1856 - 2 نوفمبر 1950 . وهى فرصة مواتية ، لأننى كثيرا أحب هذا الرجل . هو كاتب مسرحى من ايرلندا / دبلن ، جمع بين الابداع فى الكتابة والابداع فى الفلسفة والمقالات الصحفية الصادمة والنقد الساخر .... يؤمن بالاشتراكية الفابية ، التى أسس جمعيتها مع "بياتريس ويب " ، وزوجها " سيدنى ويب " 1884 . كان من أبرز أعضاء حزب العمال البريطانى ، الذى اسسته الجمعية 1900 . كتب عدد كبير متنوع من المسرحيات أشهرها " بيجماليون " ، التى تحولت الى فيلم سينمائى أكثر من مرة ، وألهمت العديد من الأعمال الدرامية فى العالم كله ، حتى فى مصر تحولت الى مسرحية " سيدتى الجميلة " . كان " شو " غزير الانتاج ، ترك 50 مسرحية ، " مثل الانسان والانسان الأعلى " ، " بيوت الأرامل " ، وغيرها . وعندما حدثت مجزرة دنشواى فى مصر ، فى 13 يونيو 1906 فى قرية دنشواى / المنوفية ، كتب ضد الأحكام الصادرة فى حق فلاحى القرية ، والمعاملة البشعة التى تلقاها المتهمين الأبرياء دون محاكمة عادلة ، من أجل ضابط انجليزى مات من ضربة شمس ، واتهم " اللورد كرومر " ومنْ معه بالتآمر الخسيس لصالح سلطات الاحتلال ابريطانى ، بل انه حرض المصريين بعد هذه الواقعة ، للتمرد على الاحتلال البريطانى لمصر ، رغم أنه مواطن بريطانى . فاز " شو" بجائزة نوبل عام 1925 ، ورفض استلامها ، فى أول واقعة من نوعها . وهذا ما جعلنى أحترم شجاعته واستغناءه وصدقه مع نفسه . وقال حينئذ : - جائزة نوبل تشبه طوق النجاة يلقى لسباح وصل الى الشاطئ ...... أغفر لألفريد نوبل اختراعه الديناميت ، لكننى لا أغفر له انشاء جائزة نوبل ...... - - أكتب لمنْ يقرأنى وليس لأفوز بجائزة . من أقواله الساخرة ، أحفظها عن ظهر قلب ، وأطبقها فى حياتى : من الأفضل ألا تأتى عن أن تأتى متأخرا . . .تعلمت منذ زمن طويل ألا أتصارع مع خنزير أبدا ، لأننى سأتسخ أولا ، وسيسعد هو بذلك ثانيا . أكثر الناس قلقا فى السجن هو السجان . . .الانسان العاقل يكيف نفسه مع العالم . الانسان غير العاقل يكيف العالم مع نفسه . ولهذا فان كل تقدم فى الحياة يعتمد على الانسان غير العاقل . ليست الفضيلة ألا نرتكب الرذيلة ، ولكن ألا نشتهيها . . اذا قتل الانسان نمرا يسمونه رياضة ، واذا قتل النمر انسانا يسمونها شراسة . . لست أقاوم أى اغراء ، لأن الأمور السيئة لا تغرينى . . الأزياء الفاخرة تدل على ضعف العقول . . لا تكن كالشمعة ، تضئ للآخرين وتحرق نفسها . . - لن يعم السلام فى العالم حتى تختفى الوطنية وحب الوطن . أول ما قرأت له كانت مسرحية " المسيح ليس مسيحيا " ، وحفزتنى على قراءة المزيد ، مثل مسرحية " جان دارك " ، " بيت القلب الكسير " ، " السلاح والانسان " . وهو الوحيد الحاصل على جائزة " نوبل " 1925 ، وجائزة أفضل سيناريو عن "بيجماليون"،1938 .
وأنا أعتبر مسرح " جورج برنارد شو " ، لا يقل نبوغا عن مسرح " شكسبير " ، و مسرح " ابسن " .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العواصف تسقط الأوراق الميتة عن الشجر
-
- حماس - الجهاد المقدس لاتأسيس خلافة اسلامية عالمية
-
لنتجنب الخطر الأكبر
-
- مايسترو - جسدى .. قصيدتان
-
ماذا بعد ؟؟ .. قصيدة
-
القلب الخرب ... قصيدة
-
البيوت تُخرب لعدم التوزيع العادل للحريات والمسئوليات
-
مئوية ميلاد د . شريف حتاتة
-
القطة وأنا .. 8 قصائد
-
كل المنتجين قالوا لى : - آسفين نوال السعداوى جريئة والرقابة
...
-
سنغزو أوروبا بأرحام النساء
-
قضيتى .. وبيت القصيد الذى أتوق الى كتابته
-
أمى وأنا نتنافس على حب رجل واحد
-
عزيزى الرجل : - اقعد فى البيت اذا لم توفق بين بيتك وشغلك -
-
ما أهمية الفحولة الجنسية ؟
-
22 مايو 2023 الرحيل السادس لأبى شريف حتاتة عشت عمرى معه ولم
...
-
رد شرف الراقصة
-
التنميط والبرمجة لافتعال الفرح فى الأعياد
-
لا أحد يحب الفقراء الا أمهاتهم
-
حتى - فساتينى التى أهملتها - فرحت بى وأنا أكتب لذكرى ميلاده
...
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|