أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - حول مشروع نتنياهو بالتغيير الثقافي في غزة















المزيد.....


حول مشروع نتنياهو بالتغيير الثقافي في غزة


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7801 - 2023 / 11 / 20 - 20:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالنسبة للتغيير الثقافي في غزة الذي يقصده نتنياهو

المعني بهذا التغيير (قلب ثقافة) الشعب الفلسطيني ليتقبل الصهيونية شريكا أو صديقا، مثلما تقبل اليابانيين والألمان رأٍسمالية الغرب ونموذجهم الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية..

أولا: يفترض نتنياهو أنه انتصر مقدما في غزة، ويلزمه الحديث عن تغير ثقافي، وهذه حماقة سياسية منه تثبت جهله وعدم نضوج النخبة السياسية في إسرائيل، لأن حديثه عن الانقلاب الثقافي لصالح الصهيونية في غزة وقت الحرب وقبل الحسم يشجع خصومه على التضحية والفداء أكثر، وينتبه الفلسطينيون لحجم الخطة الموضوعة وتفاصيلها مما يدفعهم لوضع حواجز معرفية واجتماعية أمام المشروع الصهيوني الجديد..فضلا عن استشعار العالمين العربي والإسلامي لخطورة المشروع مما يلزمه لإجراءات قوية في المقابل..

ثانيا: التغير الثقافي في ألمانيا واليابان حدث بشكل جزئي وناعم وعلى فترات زمنية طويلة، ولم يصرح قادة الغرب بهذا الانقلاب الثقافي وقت الحرب أو بعدها بقليل، فضلا عن تأثير القطبية (السوفيتية والأمريكية) في التأثير على الألمان، بمعنى أن الشعب الألماني أصلا هو خصم ومختلف عن الروس ويفكر بطريقة مغايرة عن الشرق، حتى الاشتراكية الألمانية مختلفة بشكل كبير عن اشتراكية الروس..

هذه القطبية سارعت بتحول الألمان نحو النموذج الأمريكي الليبرالي في زمن الحرب الباردة...وأرجو الانتباه بأن التغير حدث هناك جزئيا، فالكثير من الشعب الألماني يمتلك روح عدوانية تجاه الأمريكيين ولا يثق فيهم، ويمكن ملاحظة ذلك في موقف ألمانيا تجاه أوكرانيا، حيث يتسم بالتردد والاختلاف عن الموقف الأمريكي..

ثالثا: أمريكا لكي تكسب ثقة الألمان قدمت مشروع مارشال لإعمار أوروبا كلها، فهل إسرائيل مستعدة لإنفاق مليارات الدولارات لإعمار غزة؟؟..لا أقول عرب ومسلمين بل إسرائيل تحديدا، فالفلسطيني لن يرى الصهيوني شريكا أو صديقا سوى بعدة إجراءات منها الإعمار، وبنظرة استباقية على سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين بداخلها، فهي تتعامل معهم في مناطق 48 بشكل عنصري، حيث تستفيد بالضرائب وفائض القيمة الفلسطينية داخل الخط الأخضر، لكنها لا تهتم بهؤلاء العرب والمسلمين من نواحي التوظيف والإدارة والثقة في القيادة..

إنها تعطيهم حقائب وزارية غير مهمة، عضوية كنيست غير مؤثرة، لكن ممنوع على الفلسطيني أو العربي والمسلم عموما أن يحكم إسرائيل أو يكون رأيه نافذا في المؤسسات الأمنية الكبرى (كالدفاع والشاباك والموساد) فضلا عن رئاسة الحكومة، ويدير ذلك نظام انتخابي لصالح يهود الإشكيناز..فإذا كانت إسرائيل بخيلة في الإنفاق على عرب الداخل، فكيف تُنفق على عرب الخارج؟

رابعا: يلزم هذا التغيير الثقافي (حرية علمانية) فالمتغيرات على الشعب الألماني حدثت بفضل تمتع أمريكا آنذاك بالحرية العلمانية وتبرؤها نوعا ما من أيديولوجيات (الحكم الديني) فلو أقدمت أمريكا على تغيير الألمان ثقافيا لصالح البروتستانت سينتفض الكاثوليك الذين يشكلون أغلبية مسيحيين ألمانيا، ولو أقدمت على تغييرهم لصالح "الصهيونية المسيحية" مثلا سينتفض الألمان أيضا ويرفضوا هذا الخطر الذي يتهددهم باعتبار أن الألمان ينظرون للصهيومسيحية على أنها أيديولوجيا دينية للأنجلوساكسون، وهي خصيصة للمجتمع الإنجيلي البروتستانتي لا الكاثوليكي..

المنطق هنا يقول أن إقدام صهيوني متعصب كنتنياهو على تغيير شعب غزة ثقافيا لصالح أيديولوجيته (مستحيل) لعدة أسباب أبرزها أن الأيديولوجيا الشائعة في غزة إسلام سياسي وقومية عربية وهي أفكار معادية بشكل شرس للصهيونية، فنحن أمام صراع حضاري أيديولوجي يغيب فيه عامل الثقة، فلا فرصة لتغيير ثقافي يلزمه الحد الأدنى من الثقة المفقودة..

خامسا: التغير الثقافي في غزة يلزمه إجراءات اقتصادية كرفع الحصار وفتح الموانئ والمطارات ودخول الرأسمال الأجنبي ممثلا في شركات متعددة الجنسيات إضافة للسوق الفلسطينية الحرة، وهذا مستحيل حدوثه قبل إعلان الدولة الفلسطينية، فأي حديث عن تغير ثقافي قبل إعلان الدولة وحدودها وهويتها ودستورها مجرد (عبث)..

إلا لو يقصد نتنياهو تطبيق الخطة الصينية في إقليم شنغيانغ، حيث يقوم الحزب الشيوعي الصيني برعاية وتأسيس مدارس للمسلمين الإيجور هي أقرب للسجون المُكبّرة، تقوم في جوهرها على تدريس ثقافة مختلفة للإيجور كي يتقبلوا (شعب الهان) وأصحاب الديانات (البوذية والكونفوشيوسية والطاوية) ومحاربة أيديولوجيا الإسلام السياسي التي يرعاها الغرب في الإقليم والمُعادية للهان والبوذيين وسائر الديانات الصينية..

وعلى فرض حدوث هذه القصدية فبناء هذه المعتقلات/ المدارس يلزمه (سنوات طويلة من الاستقرار) ووقف تام للحروب وكل أشكال الصراع السياسي والعسكري بين الصهاينة والفلسطينيين لتهيئة التربة الغزاوية لقبول المعتقد الجديد، وبالنظر لتاريخ إسرائيل فهو تاريخ حربي لا يتوقف، وطوارئ بشكل مستمر، فلو نجحت إسرائيل بعزل غزة عن طريق تلك المدارس في ظل صراعها السياسي والعسكري مع دول المحيط فالشُعاع الثقافي العربي والإسلامي لهذا المحيط كاف لإفشال ذلك المشروع، لأن الثقافة عابرة للحدود خصوصا في عصر السوشال ميديا التي يصبح فيها القول (بالتغير الثقافي الإجباري) مجرد عبث وجهل مستحيل حدوثه..

سادسا وأخيرا: هذا المشروع الصهيوني لنتنياهو والذي يستهدف قلب ثقافة الفلسطينيين لم يطرح لأول مرة، بل سبق طرحه بعدة أسماء منها (الشرق الأوسط الكبير- الدين الإبراهيمي – صفقة القرن) وكلها مشاريع أمريكية وصهيونية باءت بالفشل..

مشروع الدين الإبراهيمي رغم أن ظاهره السماحة لكن في جوهره كان يهدف لقبول الاحتلال الصهيوني وإغلاق ملف اللاجئين وحق العودة، عن طريق تبني سردية (اليهودي هو الصهيوني) فتصبح أي دعوة لقبول اليهودي لصالح الصهيونية..وهذا الخلط المفاهيمي كنت من الذين شاركوا بفضحه منذ البداية ، وقلت أن مشروع كوشنر يتجاوز فكرة التسامح الديني ولا يؤمن بها، بل يهدف لترسيخ الاحتلال تحت عناوين براقة..

أما الشرق الأوسط الكبير فكان مشروعا صهيونيا أمريكيا يهدف لإشعال الحروب بالشرق الأوسط وإعادة تشكيله على أسس طائفية عرقية، يميل بعض العرب فيه لإسرائيل عاطفيا من فرط كراهيته لأخيه..والميل العاطفي هو مقدمة لأي ميول من أنواع أخرى سواء سياسية أو ثقافية، تصبح بعدها الصهيونية فكرة صديقة ورديفة للإسلام والعروبة، ونحن نشهد حاليا نهاية لذلك المشروع بانتفاضة ليست فقط عربية وإسلامية بل عالمية كبرى ضد إسرائيل والصهيونية وتشبيه هذه الكيانات والمعتقدات بالداعشية والنازية،



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب حسن نصر الله والدور المتوقع لحزب الله في حرب غزة
- قراءة في الانتخابات الرئاسية المصرية
- معنى الحاجة للاحتفال بالمولد النبوي
- حقيقة سلطة المحتسب وجماعات المطاوعة..القرآن يرد عليهم
- العرّاف توفيق عكاشة بين الواقع والخرافة
- الأخلاق في الدين الإسلامي..من سلسلة الرد على الإلحاد
- الوباء الأمريكي على الشرق الأوسط
- القرآن براء من السب والشتم
- الحدوث والخلق في الفكر السلفي
- عادل إمام ورسائل بين السطور
- من قصص التكفير في التراث الإسلامي...عجائز نيسابور
- صراع السلطات الدينية والسياسية..الطلاق الموثق نموذج
- حين تدعو الدراما إلى الجريمة
- موقف الإسلام من العبودية
- الحلف بين الإخوان واليسار..يوسف البدري نموذج
- الإسلام بين الفقه والحديث..أيهما أولى؟
- أزمة الفكر الإسلامي..علم الحديث نموذجا
- خرافة أكل المصريين للحوم البشر في الشدة المستنصرية
- حقيقة السيد البدوي
- حقيقة حديث أمرت أن أقاتل الناس


المزيد.....




- سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
- بالصور.. الزاوية الرفاعية في المسجد الأقصى
- جماعة -الإخوان المسلمون- تنعى الداعية يوسف ندا
- قائد الثورة الاسلامية: اثارة الشبهات من نشاطات الاعداء الاسا ...
- قائد الثورة الاسلامية يلتقي منشدي المنبر الحسيني وشعراء اهل ...
- هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س ...
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - حول مشروع نتنياهو بالتغيير الثقافي في غزة