|
كلمة عن الصحافة الثقافية
خالد المعالي
الحوار المتمدن-العدد: 1738 - 2006 / 11 / 18 - 11:23
المحور:
الصحافة والاعلام
حينما تكتب مقالاً لجريدة غريبة، تحرص الجريدة على أن تكون معلوماتك موثقة وأن تبرّر آراءك، أي أن تشير إلى مصادرك، وأن تكون مصادرها معروفة لك وللجريدة، في حال أرادت ذلك، سواء تعلّق الأمر بكاتب أو كتاب، بمعرض للكتب أو بظاهرة اجتماعية أو اقتصادية، ومهما قيل عن الصحافة الغربية من أنها "تصدر ثلاث مرات في اليوم لكي لا تقول الحقيقة"، كما كتب ماكس فريش مرّة عن واحدة من أعرق الجرائد الأوربية والعالمية، نويه تسوريشه تسايتونغ! فهي ربما تناور لكي تضخّم أو تقلل من أهمية أمر ما! لكن أمر الصحافة العربية بجميع أصنافها، ونحن نتحدث هنا عن الصحف التي يمكن تصفّحها وهي تعدّ على أصابع اليد الواحدة أو أكثر قليلاً.. مختلف تماماً مهما حاولت تقليد الصحافة الغربية، فالإشكالية تقع بشكل أساسي في رهط صحافييها وكتّابها! فالأغلب الأعم مما ينشر على صفحاتها بلا مصادر، معلومات واستنتاجات غير موثّقة، انشاء مدرسي عن الوطن والدين والأخلاق، نشيد وطني لا ينقطع عن حال يُحلم بها، مجرّد رطانة زاحفة على بطنها، جعجعة بلا طحن في عالم يعيش على أوهام عن الماضي. صحافة وصحافيون وكتّاب بألف لسان ولسان، في عالم عربي لا يعرف التفكير العقلاني، كتّابه مثل سياسييه لا يخطأون، ويسيرون، يجرّون وراءهم جريرة الإصرار المرضي على المضي قدماً في المسيرة.. ثقافتهم محجّبة، في عالم لا يسمح بالرأي الشخصي وصحافة هي طبق الأصل عنه. * * * لم نعد نتكلّم، فأنت لا تعرف الكلام، أنت تتكلّم إذا كان الكلام يجلب لك منفعة، وأنا لا اتكلم الا إذا كان لدي ما أقوله، انت تريد أن تُكلّف، أن تضع القناع أو ترش المساحيق وماء الورد على الجثث. انت لا تقرأ، إلا بحثاً عن سبب لكي تمدح أو تقدح، فيما القراءة اكتشاف! الفرق بينك وبين الرسام، - حسب كارل كراوس- رغم انكما تشتركان بصفة أساسية هي العلاقة بالألوان وتحملان الريشة، كلاكما يمارس الطلي، كالفرق بين صباغ الحيطان والرسام. لقد حاولت أن تجيّر كلّ شيء لصالحك، كذبت وكذّبت وزوّرت من أجل تأنيث المذكر وتذكير المؤنث! فقط من أجل أن تبقى على قارعة الصحافة سطلاً فارغا... أنت كالمحبّ الأعمى للفواتير. لم ينجو منك حتى ذاك الكاتب الجميل، نايبول، فقد رأيناك تهرّ مع الآخرين، ولهذا رميته بكل ما سمعت من تهم حال فوزه بجائزة نوبل... وهو بالضبط كان عكس ما قلت.. لكن لا يهم، فأنت لا رأي لديك لكي تعلنه... وقد كتبت عن ذاك الشاعر العربي الكبيرة جهرة وشهرة، وعن ترجمات شعره الى اللغات العالمية، خصوصاً تلك الترجمة التي أنجزها ذلك المستشرق الكبير، وبالطبع، مدحت فقط... حسب الطلب او حسب الحاجة... من يدري. وبالطبع لم تنتبه الى أنه ترجم الخطاف، وهو هنا السنونو، كما تقول القصيدة الى خطّاف، أي: الطائر الجارح، الأول يطير بأسراب وهو المعني بالقصيدة، والثاني متوحد وهو غير معني في القصيدة... وترجم الخطوات الأميرة، الى خطوات الأميرة والخ... والذي يخطأ بأشياء بسيطة كهذه يقع حتما في الكثير غيرها... والأدهى ان هذه الترجمة تمت بالتشاور واشراف الشاعر النحرير... ولكنك بالطبع صمتّ عن كل هذا وعن غيره صمت النعامة! وسيّدت نفسك على المساكين الذين لا تعرف اللغة التي يترجمون عنها وجعلت من نفسك خصماً وحكماً... ولم تكتف بها، بل رحت تطنب في مديح ترجمة مزعومة لا يعرف صاحبها اللغة التي يترجم عنها، وأخرى حذف صاحبها أربع وعشرين سطرا من أحدها، دونما اشارة لذلك، وأنت بالطبع لم تذكر كلمة عن هذا! ولم تكتف بهذا، بل رحت تحاول منع نشر أي متابعة شعرية مثلاً، لم يرد فيها اسمك، حتى لو كانت عن "الوقوف على القبور" أو عن "شعر الغابات" أو "البلاغة الفارغة في شعر الانحطاط..." فأنت، رجل لكل شيء وتريد أن تكون حاضراً في كل مكان... رِجْل تسير في كل شارع، ووجهك حاضر في كل عرس ومأتم... حتى لو كان في الانترنيت. اذا اتتك قصيدة لم تفهمها وكيف يكون بامكانك ذلك! فأخذت تمرّر قلمك بين سطورها، حاذفاً تلك الكلمة، محوّرا الأخرى، وهكذا يتحول هذا المخلوق البسيط الى مجرد "ثرثرة على صفحات جريدة". في حين ان المحرر المحترم... لكن لماذا نتحدث عن المحرر المحترم... دعنا من هذا، فأنت شخص غير محترم بكل معنى الكلمة. أنا لا أعتب عليك حقاً، وكيف لي ذلك، فأنت تعيش في ثقافة، الميتُ فيها وحده يتحرّك، وأنت لا تحرّك ساكنا ولا تسكّن متحرّكا... واذا كتبت فأنت لا تحرّك إلا خصلة وهمية على رأس أصلع.. كما يعبّر كارل كراوس!
#خالد_المعالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة من وادي عبقر
-
ديناصورات الفكر القومي
-
الكاتب الحي والبرلماني الميت
-
الناقة السعودية
-
رسالة إلى شخص جاهل
-
-أعزائي القتلة-
-
المثقف العربي: سيرة قصيرة
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|