|
أَلْفُ يَدٍ وَيَد
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 15:04
المحور:
حقوق الانسان
غالبا ما تفشل ممانعة العمال في مجتمعات رأس المال بسبب سوء التدبير وضيق الرؤى وكثرة آلانقسامات وشدة تفشي ضروب آلجهل وضيق الأفق وقصر بعد النظر ونزوعاتهم المتباينة وتطرف أهوائهم وتباين آرائهم ومصالحهم مما يدفع بمجهوداتهم لتغيير أوضاعهم إلى آفاق مسدودة .. مثل هذا التوصيف يزداد قتامة في حالة مياومين غير منظمين أو مؤطرين ضمن تنظيم وتجمع قانوني نقابي مثلا، كما هو الوضع مع يد عاملة أمية غير واعية بما لها من حقوق لا إطار حقوقي يحمي تواجدها بالعمل ويعينها في التخفيف من حدة وقع المعاناة عليها، فهي تعمل ليل نهار دون رعاية لأحوالها، دون صون لكرامتها حتى من لدن مَن أسند لهم أمر الدفاع عنها ككتلة آدمية لها ما لها وعليها ما عليها، فالنقابات التي ينتظر أن تقوم بهذا الدور يبدو أنها _ في وضعيتنا هذه _ تواطأت وآستأنست بحياة المشغِلين وراحت تعيش عيشة الدعة وإياهم رامية عرض الفراغ كلما يمت بصلة لحياة العمال الضنكة الذين لا تهتم بهم إلا في فترات ذروة الحملات الانتخابية الموسمية حزبية كانت أو نقابية .. يحدث هذا في أغلب معامل قطاع الخاص الذي تزداد ذروة آفتراسه بتزايد أرباحه التي لا تنتهي ... (١) من هذه البويبة يمكن معاينة شريط « ألف يد ويد » من إنتاج عام 1972م، الذي يمكن آعتباره الآن مثالا لذاك الماضي الموصوف ب "الجميل" الذي لا جَمَال فيه غير نعته بما ليس فيه جريا على عادة آجترار نغمة فجة آسمها : نوستالجيا النكوص ... (٢) الشريط يعتبر التجربة الإخراجية الأولى للمخرج المغربي (سهيل بن بركة) (٣) عالج فيه بطريقة فنية وفكرية ملتزمة بقضايا الإنسان البسيط مشكلة اليد العاملة المستغلَّة في المغرب التي يتم آنتهاك آدميتها بوحشية من قبل لوبيات القطاعات الصناعية المتوحشة الخاصة بُعَيْد فترة الاستقلال عن طريق وضع اليد على جراح واقع مغربي سبعيني لم يسلم أحد من ظلم سنوات رصاصه .. الكل تحت سياط عذاب جماعي لا مفر منه .. مَن قال رواية (جيرمينال) حكاية شقاء متجاوزة لن تعاد .. من قال رواية (الأم) حكاية حلم يوتوبي قابل للتحقق على أرضية واقع معيش .. مَن قال (عناقيد الغضب) حكاية أمريكية غير عابرة للقارات وغير قابلة للتصدير ... عنوان الفيلم يلخص هذا الجحيم الذي يغرق فيه المهمشون ب " ألف يد " دون نتيجة تحسن أوضاع المفقرين أطفالا إناثا صغارا وأمهات يرزحون جماعات تحت جبروت أشغال مضنية شاقة في زمن يأكل الغني فيه الفقير تحت رعاية ترسانة قوانين تخدم صالح أقلية متحكمة في رقاب أغلبية لا حول لها لا قوة .. تدور أحداث الفيلم حول رجل مفقر من أصول بدوية على غرار أغلبية المغاربة المهاجرين إلى ضواحي المدن الكبرى، يعيش في مدينة مراكش يمتهن دباغة الصوف بصحبة آبنه (ميلود) يقومان بنقل أكوام من خيوط الصوف المعدة لنسج الزرابي تصدر الى خارج البلاد .. رَبَط المخرج زاوج مصالح رأس المال الداخلي بالخارجي على حساب يد عاملة مهضومة الحقوق تعيش معاناة مهانة مهنية زادت أوضاع ليميزيغابل ماغوكان العاملين والعاملات النساء والرجال والأطفال بهذه القطاعات سوءا وتدهورا لأنها غير محمية في أبسط شروط الاشتغال من لدن المجتمع المسمى (مَدَنيا) الذي يظل بلا جدوى آسما على مسمى في ظل تغييب تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية في الواقع .. لا قانون إلا قانون قوى رأس المال المتعالق بسلط تحمي مصالحه على حساب إقصاء حقوق الأغلبية اللاهثة وراء شدق خبز حلال .. ويبدو أن الأمر قد زاد آستفحالا وتفاقمت وتيرة ضغوطه اللاإنسانية بعد أن تمكنت هذه الرأسمالية المتوحشة من عروق جل المغاربة طوقتها من كل الجهات، مما عقد النسيج الاجتماعي للكيان المغربي المترع بالهشاشة، فآنقرضت الطبقة التي كانت بالأمس القريب توصف ب (المتوسطة) أمام آزدياد ريييع لوبيات الفساد والمفسدين؛ أما مُفَقَّري أهل البلد من سكان الأرياف والبلدات وغيطوهات أشباه المدن، فقد أُعْدِموا داخل أحشاء أشباه الشركات والمعامل والمصانع في آنتظار مدافن جماعية حديثة تليق بالمقام ...
☆إشارة : _في الدقيقة 52 و53 من الشريط يبصم المسؤول على الإدارة (لحسن أولبيز)على بصمة أمازيغية وراينية من خلال خلفية غنائية نسوية (ما يعرف في أهازيج الأطلس المتوسط ب "لْغا" .. ) لمشهد ختامي يقتل فيه ميلود المستغلة الفرنسية زوجة صاحب شركات ومصانع النسيج ...
١_من أغاني (ناس الغيوان) التي تعكس هذا الحال أغنية (زاد الهم) التي جاء فيها :هــا هــو ليــك مــا بقـات إفـادَا هــا هــو ليــك الجهــــل تمـادَا هــا هــو ليــك الســرقة عــادَا هــا هــو ليــك منيــــن جـــــاك هذا هــا هــو ليــك طــــاح الــــــذلْ هــا هــو ليــك الغنــي فرحـــانْ هــا هــو ليــك معري قومــــانْ
٢_يقول أبو نواس : غير مأسوف على زمن ينقضي بالهم والحَزَنِ إنما يرجو آلعيشَ فتًى عاش في أمن من آلمِحَنِ
٣_من أفلامه كذلك : •حرب البترول لن تقع •آمُوكْ •عرس الدم •ظل الفرعون •طبول النار
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اَلْغَزَالَةُ وَآلثَّوْرُ
-
فصاحَ الجَميعُ ... هَااااااا...
-
صَوْتُ آلْخَفَاء
-
اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ
-
ثُقْبٌ أَسْوَدُ أَوْ شَيْءٌ مِثْلُ ذَلِكَ
-
أَبْصَرْتُ هَضَباتِ آلْأَحْلَامِ فَعَاوَدْتُ آلْمَنَام
-
مَا وَرَاءَ أَجَمَةِ آبُّوكَالِيبْسْ أَمِيرِكَا
-
هَذا حَبْ الرَّمَّانْ وَتْسَاسْ فْ لَخْرِيفْ
-
اقْتُلُوا آلْمُعَلِّمَ وَفَرِّقُوا دَمَهُ بَيْنَ آلْمَدَارِس
-
عَنَاقِيدُ مَفْقُوءَة
-
اَلْمُفَقَّرُون
-
بخصوص(جحيم بارد) لخليل حاوي
-
غَبَشٌ
-
الخطاطة السردية حسب المقاربة المدرسية
-
ذَاكَ آلدَّمُ آلْفَائِرُ الَّذِي يَسْرِي فِي آلْعُرُوقِ
-
صيغ التفضيل غير الرافعة
-
ثآليلُ آلغَضَبِ
-
تمردُ فرانكنشتاينْ شِيلِي
-
رَضاع
-
طَائِرُ آلْوَقْوَاقِ يَبْنِي عُشَّهُ مِنْ جَدِيدٍ
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|