علي مارد الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 11:21
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
صديقي لديه شغف غريب بأكياس النايلون
حيث أنه يهتم بنوعية الكيس وشكله وألوانه
أكثر حتى من اهتمامه بالبضاعة نفسها
وفي أحيان كثيرة يشتري بعض الأشياء
وهو ليس بحاجة لها
فقط من أجل عيون كيس أعجبه!
وكثيرًا ما يستغرق في حديث طويل عريض
عن كيس نايلون وجده مصادفة في إحدى المحلات
فإشترى لأجل الحصول عليه الكثير من البضائع
لكن صاحب المحل غدر به واعطاه كيس مختلف!
سنوات طويلة وأنا لم أفكر في يوم من الأيام
أن أسأله أو أحلل سلوكه لفهم
سر ولعه الغريب بأكياس النايلون
حتى جاء اليوم الذي أكتشفت فيه عن طريق الصدفة
أن لديه "عمى ألوان" بدرجة ما
تجعله غير قادر على تمييز بعض الألوان.
قال لي ما رأيك بهذا القميص الأزرق
بينما كان القميص الذي يشير له ذو لون أخضر.
ومن يومها عرفت سره الذي أخفاه عني
منذ أن أصبح صديقي قبل ربع قرن
وهو السبب الذي يجعله في الغالب
لا يجيد اختيار ألوان الملابس التي تناسبه.
افهمت صديقي أن حالته طبيعية
وليس فيها ما يبعث على الخجل
فأعترف لي بأن هذه المشكلة التي عانى منها
كانت سببًا بعدم قبوله في الكلية البحرية
ولهذا شكلت لديه عقدة نفسية صامتة
لكنه شعر أخيرًا بأنه تحرر من ضغطها
بعد أن شاركها معي وصار يتحدث
عن المفارقات التي واجهته بسببها وهو يضحك.
وهذا ما جعلني أتقدم خطوة أخرى لأفهم
السر وراء شغفه بأكياس النايلون
فقال لي بعد أن استغرقت في تحليل سلوكه
أنه حين كان في سن الخامسة من عمره
ذهب مع والدته إلى السوق
ولفت نظره في إحدى محلات الالعاب
كيس نايلون براق الألوان وفيه رسم جميل
ألح على والدته أن تشتريه له
لكنها رفضت لأن الكيس لا يباع لوحده.
عاد إلى البيت وظل يبكي طيلة اليوم
لأن والدته تجاهلته ولم تطيب خاطره..
ولأنها رفضت أن تلبي طلبه.
ومن ذلك الوقت بدأت تتحكم فيه
رغبة محمومة دائمة لا يستطيع تجاهلها
لشراء أكياس النايلون ذات الألوان الزاهية
رغبة.. للأسف الشديد فات الأوان لإشباعها.
#علي_مارد_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟