أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد عيسى طه - تضارب التشريعات وتناقض القوانين















المزيد.....

تضارب التشريعات وتناقض القوانين


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 11:09
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يوم تسود الفوضى التشريعية ويرجع المجتمع الى تقاطع القوانين وتناقضها بعضها مع البعض وردت البلد الى حالة من الارتباك التشريعي ، كان هذا في ظل الحكم الدكتاتوري الشمولي وصدور قوانين مزاجية وفق رغبات الرئيس المغتصب للسلطة المستفيد ، والبعيد عن الشورى ، أوالرجوع الى هيئات استشارية دستورية يكون واجبها الأول صياغة القوانين وتشريعها ثم تولي الرقابة على تطبيقها ، وهذا ما كان عليه العراق أيام الرئيس المخلوع صدام حسين ، وكانت أيام صدام محنة حقيقية لضياع الحقوق وهدر الكرامات ومصادرة أموال الناس دون مبرر، وكل هذا لا يستند الى تشريع قانوني تركن اليه العدالة بحدها الأدنى .
إن المدقق يجد أن تلك الفترة كانت تواجه زخات من مطر تشريعي ، منها مراسيم لها قوة القانون وقرارات مجلس قيادة الثورة هي الأخرى ملزمة ونافذة بعد أن تعلن وتنشر بالجريدة الرسمية ، وما كانت تعبر هذه القوانين الصادرة بمرسوم وقرارات مجلس قيادة الثورة في معظمها عن مصلحة الشعب أو الوطن ، بل ان كانت تصدر لخدمة فئة معينة بالذات أو مدينة محددة مفضلة لدى الرئيس مثل تكريت والانبار ، وهذه القوانين يصدرها الرئيس المخلوع لفترات قصيرة محددة لتؤدي غرضها المطلوب ثم تلغى بمرسوم آخر ، ومثال بسيط على ذلك ، أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً في أواخر الثمانينات بالسماح للعراقي أن يستورد ما يرغب فيه من سيارات وبأي نوع من دول الجوار وتحديداً من الكويت ، وذهب الذين صدر هذا القانون لمصلحتهم الى الكويت وأخذوا بشراء السيارات والعمل على تصديرها الى العراق بأعداد كبيرة حتى ملأت السوق وحين قاربت حدود الاشباع وأصبح الطلب يوازي العرض ، صدر قراراً آخراً يمنع استيراد السيارات من الكويت ولا يجوز الاستيراد الا عن طريق الدولة ، هذا قانون شرّع بمرسوم وألغي بمرسوم آخر ما كان غرضه الا اثراء فئة معينة قد يكونون من التكارتة أو الأنبار أو القريبة الى الرئاسة من اصدقاء الرئيس ومن حلقته المفضلة ، هذه وغيرها من قوانين خلقت طبقات وفئات جديدة فاحشة الثراء، وهكذا ضربت الفوضى التشريعية أطنابها في عهد العراق ورئيسه في العهد السابق ، ووجدت ساحة التشريع عشرات القوانين تصدر في اسبوع واحد وبعضها لا يتفق مع الآخر بل ويناقض قانوناً آخر صدر قبله ، بل ويتعارض معه ويتعارض مع الدستور المؤقت وذلك حسب رأيي بالأمثلة التالية:
أولاً: صدور قرار من مجلس قيادة الثورة باعتبار الأكراد الفيلية غير عراقيين وهم تحت تصنيف التبعية ، رغم أنهم عاشوا في العراق ، والعراق وطنهم جيلاً بعد جيل وقاموا بأداء الخدمة العسكرية والتزموا بدفع كافة الضرائب بما فيها ضريبة الدخل وضريبة العقار وضريبة الارث وكافة الضرائب الأخرى المنصوص عليها في القانون ، وهؤلاء جميعاً وهم عشرات الآلاف وجدوا أنهم مطرودين من بلدهم يقفون في العراء بعد سلبهم كل ما يملكون على الحدود الايرانية ، بعد أن ضاعت ثرواتهم وذهبت جهود كدحهم وارتزاقهم لفترة طويلة ، كل ذلك نتيجة قرار غير دستوري أصدره نفر ممن لا يفهمون الانسانية ولا يعرفون معنى المواطنة ، ولكن الظروف جعلتهم يملكون مفتاح القرار وهو قرار مجلس قيادة الثورة الذي احتوى على خمسة أسطر وفيه الرئيس صدام حسين هو الكل في الكل والبقية إمّعة.
ثانياً: اصدار مجلس قيادة الثورة مرسوماً بتشكيل الجيش الشعبي ، الذي أجبر كل العراقيين حسب ووفق قرارات مزاجية خوّل بها رؤساء الفرق البعثية المتواجدة وبعض المسؤولين ، واستمروا في العمل في تجييش خريجي الجامعات والتجار والملاكين في جيش أطلقوا عليه اسم الجيش الشعبي ، هذا الجيش الذي لا مبرر لإنشائه وجاء بقرارات مزاجية ، وهذا القرار ألحق الضرر الجسيم بافراد هذا الشعب المبتلى ، وتضاعف خطره يوم قررت القيادة السياسية الغاشمة زج هذا الجيش الذي لا يملك خبرة قتالية أو تدريب في معركة الكويت مما كان أن عمدت قوات الأمريكان والتحالف على ضربه بالقنابل الفسفورية قصفاً وتدميراً ، وذهب لقاء هذا القصف أكثر من 180 ألف خريج جامعة عراقي أجبرهم النظام للإنتماء للجيش الشعبي ، مثل هذا القانون الذي يخالف الدستور لا يجوز أن يترك مصير هؤلاء النخبة من العراقيين الذين صرفت عليهم الدولة مئات الآلاف من الدنانير من أجل تخرجهم وتثقيفهم ليكونوا قدوة للشعب وقياديين لمستقبله . إن هذا القرار يخالف صراحة كافة الدساتير العالمية والدستور العراقي الذي يمنع أن ترسل الميليشيات للحرب خارج الحدود ، هذه الأرواح الكثيرة ذهبت نتيجة قرار غير عادل من مجلس قيادة الثورة لا يزيد أعضاءه على اصابع اليد الواحدة ، وهم جميعاً من اتباع ومريدي ما يقرره الرئيس صدام ، هم بيادق شطرنج ينفذون ما يملى عليهم .
في الواقع ان الأمثلة كثيرة ومساحة الكتابة قليلة ومع ذلك يجب القول أن النظام السابق استمر في الاكثار من اصدار القوانين المتاقضة مما أدى الى فوضى في التطبيق ، ليس فقط بالنسبة الى الناس الاعتياديين بل حتى لدى القضاة ، هؤلاء القضاة ترددوا في اصدار قرارات واجب اصدارها لأنهم لم يكونوا في ركن يقين مما يستوعبون أو يتأكدون أن قرارهم لا يأتي خطأ نتيجة هذه التناقضات.
وبعد فترة اقترحت الرئاسة وقررت علاجاً جذرياً لقطع هذا التردد باصدار القوانين التي تحتوي على جملة هي بالحرف الواحد لا يؤخذ بأي نص أو قانون يخالف هذا القانون ، المصدر في ذلك الوقت من تاريخ صدوره ونشره في الجريدة الرسمية ، وكان هذا القرار مخرجاً استثنائياً وشاذاً يرتكز عليه القضاة في معالجة تقاطع النصوص للكثير من القوانين وتنافر المواد في الصياغة والغرض وبعدها الأكيد عن السلامة الدستورية أو تطابقها معه .
السؤال هنا هل أنهى الاحتلال هذه الحالة القانونية الاستثنائية ، برأيي ان الاحتلال لم يستطع ذلك ولم يوفق في انهاء هذا التناقض ، بل زاد الطين بلة ، وأحرج في قراراته المسؤولين من القضاة علة تطبيق القانون .
إن الحاكم المدني الأمريكي خالف اتفاقيات جنيف باصدار قوانين لا يملك هو وفق هذه الاتفاقيات حق اصدار أي قانون أو تشريعه ، والتي زادت على 180 قراراً ، والسبب واضح كون المحتل لا يستطيع اصدار أي قانون الا بما يضمن سلامة جنوده وسلامة شعب العراق .
ان بول بريمر قد أصدر هذه القوانين دون التوصل الى صياغة واقرار دستور جديد بعد دستور صدام حسين ، ولا شك أن مواد الدستور القديم لا تتلائم نصوصه مع الكثير من هذه القوانين المشرعة وخاصة قانون الجنسية ، وهو أخطر القوانين في رأيي ، إذ ان هذا القانون أعطى اليهودي العراقي حامل الجنسية الاسرائيلية والمشارك في الجيش الاسرائيلي ضد الشعوب العربية والعراق في حروب اشتعلت بين الطرفين ، هذا الشخص قانون الجنسية أعطاه الحق بأن يتمتع بحقوق المواطن الذي يحمل الجنسية رغم أن الحرب لا زالت قائمة بين العراق واسرائل ، ان هذا خطر على الأمن القومي وليس فيه سلامة الصياغة أو الهدف أو المصلحة الوطنية ، وهناك حالات أخرى لا يسعنا الدخول فيها وتحتاج سعة من الوقت والكتابة لبيان مخالفتها لمصلحة الوطن والشعب والدستور . اني لا استطيع أن أصل الى علاج قانوني تشريعي الا أن أقترح بكل قوة ووضوح أن على العراق الجديد أن يطلب من المجلس النيابي المنتخب أن يعيد النظر في جميع هذه القوانين بعد أن يبت في شرعية صدورها وبالتالي يقوم بغربلة واسعة تضع العراق في وضع قانوني سليم ويمارس قوانين غير متاقضة وغير مخالفة للدستور وأتت لمصلحة العراق شعباً واعتقاداً وديناً، هذه هي خطوة مهمة تعيد البلاد الى العدالة التي تؤدي الى حالة الاستقرار التي ينشدها الجميع ، فإلى تنفيذ هذا القصد يجب أن نسعى جميعاً .



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطورة استخدام المرتزقة في قوة الجيش الامريكي
- بألوعي وحده نوقف الفتنة الطائفية
- الخيانة القانونية قد تكون مقبولة ..ولكن فلسفتها.. مستحيلة..
- عندما يكون القضاء في العراق مسيسا: محاكمة صدام حسين ورفاقه ن ...
- فُرض التخطيط السياسي والاقتصادي الامريكي على الشعب العراقي
- الدستور العراقي : العيوب القاتلة !!
- المظاهرات الاحتجاجية هي الوسيلة الناجعة لطرد الاحتلال
- تيسير علوني : استقاء الخبر وحرية الصحافة !!
- احتمالات نفوذ الغير في الاعلام العربي
- لماذا...... وما سبب الزيارة المفاجئة لوزيرة الخارجية الامريك ...
- المغزى الحقيقي لجعل صدام حسين أسير حرب
- الديمقراطية سلعة نسوقها لمصلحتنا .. فقط
- الارهاب : بين قوة التحدي وقوة الاحتجاج
- الفوضى الامريكية الخلاقة
- العراق يواجه سياسة الارض المحروقة
- الشعب العراقي تحت مطرقة القوات الامريكية والمليشيات
- غرقنا جميعاً في داء الطائفية !!
- المغتربون لماذا يترددون في الرجوع ؟
- يومنا مثل أمسنا...والعراق واحد
- ابطال العراق بين الوهم والحقيقة


المزيد.....




- بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بحرب الإبادة في غزة ولبن ...
- 2024 يشهد أكبر خسارة في تاريخ الإغاثة الإنسانية: 281 قتيلا و ...
- خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرا ...
- القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في ...
- شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد عيسى طه - تضارب التشريعات وتناقض القوانين