|
إلى رئيسنا الصالح المُصلح: حتّى ينصلح لكم البال!!
كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 7787 - 2023 / 11 / 6 - 12:16
المحور:
الفساد الإداري والمالي
إلى قيس سعيد: كتبت لك في بداية الصيف الماضي مكتوبا أشرح فيه سبب تعب الدولة في عهدك الحاضر و أدعوك إلى المبادرة بإصلاح الإدارة و مداواتها و تطبيبها من عِللها المزمنة لأنها، هي و لا غيرها، بيت الداء في جسد الدولة المنهَكة. لم أكن أقصد وقتها تطهيرها فقط من المنتدبين الجدد في عهد الاخوان، بل كنت خاصة أنادي بفرض الانضباط و الأخلاق السليمة في أدائها، و جعل الولاء للوطن وحده... ولائها. يبدو أنّ رسالتي لم تصل!! و كيف تصل و من يوصلها، و إدارتنا المصون مازالت كما عهدناها، بالبيروقرطية و الأنانية، مُثقلة و سقيمة و أحيانا كثيرة عقيمة!! اليوم و بعد أن انتبهنا كلّنا إلى اختراق الإدارة و تواطؤ المسؤوليين الإداريين في عملية تهريب الإرهابيين الأكثر خطرا على أمن تونس من داخل سجن المرناقية بمنتهى السلاسة و بدون أدنى اشتباك أو انتباه من الحرّاس، لا شك أنكم وقفتم على خطر الخَونة المُندسين في الإدارة و في أدق المواقع السيادية و هم ليسوا بالضرورة فقط من بقايا حزب الإخوان بل فيهم الكثير من المتشدقين بالوطنية أمام الناس و العاملين، في السر، بجد على إفناء هذا الوطن!! من أجل ماذا؟؟! في سبيل الحصول على السُّلطة و المال و لذلك هم لا يتوانون عن وضع خبرتهم الإدارية و كل الوثائق و الطوابع الرسمية على ذمّة كل من يَعدهم بالحماية و المال لا يهمهم في ذلك إن كان من المفسدين من رجال المال و الأعمال أو من أذناب الصهيونية أو من أي حزب من أحزاب الشيطان. الادارة...الادارة... صيحة أطلقتُها و كتبتها للرئيس الصالح المصلح منذ شهور و أعيدها اليوم- باختصار كبير- لعلّ المكتوب يَصِل فتنصلح إدارتنا و و تفرح ثورتنا و تنجح دولة الحق دولتنا. ʺسيدي الرّئيس المجاهد: إنّ الدولة النّاجحة هي من تكون إدارتها على قلب رجل واحد...و دولتك اليوم لا تبدو بالضبط كذلك!! لكأنّي بك قد اكتفيت، و أنت رئيس الإدارة، باحترام القالب الظاهر و تركتَ لهم قلب الإدارة يتقلّبون به في اتجاهات عديدة بعيدة كلّ البُعد عن بوصلة الثورة الواضحة و الدقيقة. الحُكم الحق- يا سيدي الحامي للثورة- هو أن تُخضع لكَ قلب الإدارة لتكون معكَ قلبا و قالبْ، و هو أمر يبدو في متناول يدك فليس صعبا إخضاع القلوب لمن مَنَّ الله عليه برضا الناس و تأييدهم الواسع و هذا ما نراه حاصل لك، بتوفيق إلهي إعجازي، منذ تولّيك الحكم إلى يوم تونس هذا. سيدي طبيب قلب الوطن المكلوم: لاستمالة القلوب و ضمان وفائها للمبادئ العظيمة و الخالدة لثورتنا المغدورة، يلزمك صِفتان لا ثالث لهما:الأدب و الحزم، و لَكَ في زياد ابن أبيه أروع مثال في الحُكم الرّشيد و الرّأي السّديد. لقد وُلي على البصرة زمن خلافة معاوية و عندما كانت البصرة في قمّة اضطرابها غداة الفتنة الكبرى فسادَها التناحر و الفساد و اشتدّت فيها المعارضة لحكم الأمويين و تعدّدت فيها البِدَعُ و الأقوال و الأحزاب. دخل زياد البصرة يحدوه العزم و الإقدام لوضع حدّ للتّدافع و التقاتل و الاضطراب فعمل على ضبط أمورها المنفلتة باعتماد سياسة إصلاح عامة لخّصها في خطبته المرجعية المشهورة فيما قلّ و دلّ من الكلمات: ʺاللين في غير ضُعف و الشِدّة في غير عُنفʺ. و هي كما ترون، سيدي الحاكم، قاعدة ذهبية تصلحُ في إدارة تونس اليوم و إن بَعدت تونس عن البصرة في المكان و بَعُد زماننا هذا عن ذاكَ الزّمان. سيدي الرئيس و أستاذ القانون و الحقوق: إنّ المعضلة عندنا اليوم في تونس هي كيف نُصلح حال الإدارة؟؟؟ كيف نجعل الإدارة بكلّ من فيها مع الثورة و الوطن؟؟؟ كيف نقطع فعلا لا قولا فقط مع الفساد الذي- و رغم حربك المُبشِّرة عليه- مازال يتنفّس و يتحرّك على أصابع رجليه داخل الممرّات السرّية في أعماق الإدارة. يا لحزن الثورة اليوم و يا لعظيم الخسارة للدّولة و للإدارة!! مازلنا نسمع، إلى اليوم، من الأعوان المفسدين أنّ الرّشوة وحدها تقضي الحوائج المستعصية...و مازلنا نرى المحاباة بين المتنفّذين بمثابة حجر الأساس عند ضبطهم لقوائم التعيينات و الترقيات، و مازال العمل عندهم جاريا و حثيثا لإبعاد كلّ الصادقين من الكفاءات... و مازل التخاذل ملحوظا في حسم الملفات و البتّ في الشكايات... و مازال التعطيل المقصود واضحا و جليّا في بدء و إنهاء المشاريع و الإنجازات!!! سيدي الإداري الأوّل في البلاد: إنّ الإدارة إذا فسدت صارت بيت الدّاء في جسد الدولة، و حتى لا يتعمّم الداء و ينخر قوائم البنيان وجب إصلاح أخلاق أهل الإدارة هنا و الآن. أصلحوها ما استطعتم، ينصلح لكم البال و كل الأحوال في زمنكم هذا و في قادم الأزمان. سيدي الكريم: كيف تجعل الإدارة ذات مُثُلٍ و أخلاق؟؟؟ عليك أن تتفكّر جيّدا كيف تجعل، و دائما بالحزم و بالأدب، كلّ أعوانك – مهما كانت مراتبهم- مؤمنين بدورهم، مخلصين في خدمتهم، أوفياء لمبادئ ثورتهم و مجاهدين متطوّعين في سبيل إحلال الحق و العدل على أرض دولتهم. سيدي المُعلّم المخلص الأمين: هذا قلمي و هذا مِدَادُه... و هذا الزمن زمنك فبلِّغهم، كما يجب، فَهمُك و قَصْدُك و غاية مُرادكʺ.
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أَيُنْسَى دَمُ الصِّبْيَانْ؟!
-
قُلْ يَا ابْنَ العَمْ: وَ هَلْ أَنْتُمْ تَقْرَؤُونَ حَقًّا؟!
-
إلى الطاهر بن جلّون: الشاعر إمّا يكون مُتنبي أو لا يكون!
-
على باب الخمسين...
-
ارفعوا أيديكم رجوعا للحق و استسلاما!!
-
لا تبني وطن غيرك...لن يبني وطنك غيرك!
-
و اسمعي يا عَمّة لمفخرة الجزائر و كلّ العرب
-
احذري يا عَمَّة من التآمر على حبّ الوطن!!
-
حركة ʺالنهضةʺ : الحلّ ليس هو الحلّ
-
هل يعرف محامي المخلوع طباخ الرّئيس؟؟؟
-
عن المحامي الذي أراد أن يكون بورقيبة!!
-
المحامي المغرور الذي لا يعشق الظهور
-
استغاثة قاضي أمريكي...
-
مِدادُ قلمي في زمن الشدّة القيسيّة (3/4)
-
مٍدادُ قلمي في زمن الشِدّة القيسيّة!!
-
مِداد قلمي في زمن الشِدّة القيسيّة!!(١/٣)
-
حُرُوبُ العرب...و حُزْنُ البنات!!
-
و فهمتُ المكتوب...!!
-
أيّتها التلفزة الوطنية عُودِي...لقد انتهى زمن السّفاهة و الت
...
-
أيّتها التلفزة الوطنية عُودِي...لقد انتهى زمن سامي الفهري!!
...
المزيد.....
-
عزلة وخبز مهلوس.. صور لجزيرة في إيطاليا لا يعيش فيها سوى 100
...
-
زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب بحيرة البايكال الروسية
-
فولودين: محاولة اغتيال بوتين جريمة خطيرة والتفكير بها سبب لح
...
-
الزعيم الكوري الشمالي يدعو لتعزيز ترسانة بلاده النووية
-
الجيش الروسي يدمر أكثر من مئة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية
...
-
بدأوا بتحضير الشعب الأوكراني للهزيمة
-
مذبحة أثناء صلاة العشاء..
-
بعد إزالة صورته من البنتاغون.. تحرك جديد ضد الجنرال ميلي
-
مفتاح النجاح الدراسي والصحة النفسية للأطفال
-
حيل الولايات المتحدة
المزيد.....
-
The Political Economy of Corruption in Iran
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|