|
الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية
أبوبكر المساوي
...
(Aboubakr El Moussaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 7785 - 2023 / 11 / 4 - 08:38
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حاول الهوموسابيان ( الانسان العاقل ) منذ عشرات الآلاف من السنين تفسير ما يحدث من حوله من ظواهر طبيعية وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهه وتهدد بقاءه، فأخطأ تارة وأصاب أخرى، وكانت التجربة وسيلة ومنهجا للتعلم وتصحيح الأخطاء، ثم عمل على اكتساب مهارات وتطويرها لجعل حياته أفضل مع تعاقب الأجيال، إلى درجة أنه تجاوز إرادة البقاء وحلت محلها إرادة القوة والرغبة في التحكم في كل ما يحدث وتطويعه لصالحه، والتحكم حتى في أشياء محتملة الحدوث في المستقبل القريب أو البعيد ، أو بصيغة أخرى صناعة المستقبل بحسابات رياضية دقيقة، حيث يكون احتمال الخطأ فيها مهملا في مقابل احتمال التحقق والحدوث؛ إضافة إلى أن الإنجازات التي حققها الإنسان على المستوى الفردي إلى حدود الساعة والتي لم تنشر بعد قد يعجز ذوي العقول المتوسطة استيعابها، وبالأحرى أصحاب العقول (الضعيفة) أو الذين فضلوا ركن عقولهم في تلك الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية وأصروا على البقاء فيها بحجة أن تلك الزاوية هي الأفضل على الإطلاق؛ والأفظع أنهم يروجون لذلك ويلقنون مخلفاتهم الجينية أن الأمر عظيم والخروج عنه خطب جلل، مصحوب بجرعة لابأس بها من الترغيب والتحايل - في حالات الضعف - وكثير من الترهيب - في حال امتلاك القوة ووسائل الردع- مع خلفية مصبوغة بأطنان من العاطفة ومعزوفات على مقامات تليق بمستوى ونوع الحدث. أما من حيث إصدار حكم القيمة على معتقدات وتصرفات الإنسان و إنتاجه الفكري في ظل تلك الزاوية المظلمة فيبقى مجرد عبث و -إتلاف للذخيرة في الفراغ- لأنه لا يمكن الحكم على أشياء خارجة عن نطاق العقل بمعايير العقل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال العمل على قطع تلك العلاقة العاطفية التي تربط بين الفرد وتلك الزاوية المظلمة التي الفت فيها أشعار ونسجت حولها ملاحم وبطولات وأساطير لا حصر لها من حيث العدد و لا حدود فكرية تحدها حيث تجاوزت ما يمكن للعقل السليم أن يتقبله، وليس من السهل إيجاد مدخل إلى عقل الانسان الذي تغلب عليه العاطفة تجاه الموروث العقدي لفك عقده ، بسبب ذلك الجدار الضخم الذي يزداد متانة مع مرور السنين، والذي يبنيه اللاشعور بين الفرد وعقله فيعتبر أن كل ما يمس بسلامة ذلك الجدار تهديد لشخصه ولوجوده، لكن لابأس من إبداء الرأي في هذا الأمر مهما كان هذا الرأي مجانبا للصواب، فأقول أن هذا التماهي مع المعتقدات الموروثة عن أناس عاشوا قبل أكثر من ألف عام، و هذا الذوبان في أفكار أنتجت في زمن و في بيئة لغرض خدمة مصالح خاصة دون دراسة أو تمحيص دليل عل وجود خلل واضح في التفكير عند عموم أفراد المجتمع، لكن هذا لا ينفي ظهور حالات استثنائية لأفراد من حين لآخر يختارون الخروج عن المألوف (القطيع) و يجعلون منه قضية حياة، و هذا ما يشهد به التاريخ، حيث لا يخفى على الكثير ممن تعرضوا لعوامل التصحر الفكري عندنا (المتعلمون) ما أصاب العلماء والفلاسفة والفنانين في ظل محاكم التفتيش من ملاحقات وتعذيب ومحاولات اغتيال أو قتل بأبشع الطرق وإحراق وبتر للأعضاء...هؤلاء الذين احترقوا لينيروا دروبنا وعملوا بجد ليجعلوا حياتنا تسير دائما نحو الأحسن. أما إن أردنا الحديث عن حالنا فلا نملك إلا أن نتأسف ونندب حظنا التعيس نظرا لكوننا نعيش تحت رحمة قوانين مقتطعة من زمن القرون الوسطى بخصوص الحريات -التي من بينها حرية الاعتقاد واعتناق الأفكار أو التخلي عنها في حال اكتشاف بطلانها أو عدم جدواها أو خرافيتها- لا لشيء إلا لكونها ما تزال صالحة لخدمة مصالح أفراد أو جماعات تمتلك القوة ووسائل الردع. فهل يكون الخروج عن القطيع كبيرة من الكبائر التي تستدعي الاستتابة والعقاب أم هو اجتهاد يستحق التشجيع؟ وهل يكون الخروج عن المعتاد اختياريا نابعا من قناعات حقيقية ومبنيا على أسس علمية أم أنه نتيجة حتمية لظروف قاهرة محيطة بالفرد؟ وهل يكون الخروج عن القطيع كافيا أم أن هذا يستدعي إنتاج فعل مضاد لتحقيق الغاية من الخروج؟ وما هو العدد الذي يلزم هذا المجتمع من الخارجين لتصحيح مساره الفكري أو لتقويم الاعوجاج والإعاقات الفكرية التي تلاحقه منذ زمن طويل؟
#أبوبكر_المساوي (هاشتاغ)
Aboubakr_El_Moussaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التبن والشعير والحمير
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|