أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - يدفعون إلى العنف ويدينونه














المزيد.....

يدفعون إلى العنف ويدينونه


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7782 - 2023 / 11 / 1 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد إدانة قتل المدنيين، وإدانة كل أنواع الجرائم التي يرتكبها هذا الطرف أو ذاك، والكلام عن الردود المتناسبة وغير المتناسبة ... الخ، يبرز سؤال تلقائي هو لماذا الإلحاح الشديد على هذه الإدانات والسكوت التام عن إدانة انتهاك مستمر لحقوق صريحة يعرفها ويقر بها المجتمع الدولي منذ عقود، ويعرف الجميع أنها مصدر ووقود الانتهاكات الحالية التي لا يكف العالم عن المطالبة بإدانتها؟
ما يجري في الواقع يتجاوز هذا السؤال البسيط المتكرر، في الواقع يتم استخدام إدانة قتل المدنيين الإسرائيليين (من الحق إدانة قتل المدنيين) ليس فقط من أجل تبرير قتل أضعاف مضاعفة من المدنيين الفلسطينيين، بل أيضاً، وهو الأهم، من أجل تمرير وتكريس واقع انتهاك الحقوق الوطنية الصريحة للشعب الفلسطيني. هذا هو أخطر ما يجري، وهذا ما يجعلنا نقول إن الإلحاح الشديد على إدانة قتل المدنيين الإسرائيليين بوجه خاص (حتى الآن يكتفي الغرب الرسمي بإبداء الأسف ولا يدين قتل المدنيين الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على غزة)، لا يصدر عن حرص على المدنيين بقدر ما يصدر عن حرص على محو حقوق وطنية، وإخفائها وراء دخان كثيف يثار حول الهمجية والفظائع التي ارتكبها مقاتلو "حماس" وراح ضحيتها مدنيون اسرائيليون.
المنطق السياسي السائد في الغرب حيال ما يجري في فلسطين اليوم يسير في الواقع عكس المنطق، فبدلاً من اعتبار أن العدالة هي الأساس الذي يبنى عليه السلام، والذي من شأنه أن يفكك تشكيلات العنف، يذهب إلى اعتبار أن القوة الكاسحة (قوة الجيش الإسرائيلي مسنوداً بأقوى الاقتصادات وأقوى مصانع الأسلحة وأقوى الجيوش في العالم) يمكن أن تبني سلاماً على جثة العدالة، على غرار حروب المستوطنين الأمريكيين ضد الهنود الحمر. غير أن هذا المنطق الإجرامي، لسوء حظ أصحابه، لا يمكن تطبيقه في القضية الفلسطينية التي لها مكانة مهمة لدى شعوب واسعة تشمل ليس فقط الشعوب العربية بل وغالبية المسلمين في العالم. ما يعني أن هذه القضية غير قابلة للموت، وأنه لا يمكن حلها بالقوة بل بالعدل.
يمكن لكاتب عربي بارز مثل "الطاهر بن جلون" أن يقول في الصحف الفرنسية، تماشياً مع الموجة الغربية الكاسحة لإدانة عملية "طوفان الأقصى" وعزلها عن كامل سياق الصراع، إن القضية الفلسطينية ماتت في السابع من أكتوبر. أي إن الانتهاكات والفظاعات التي جرت في هذا اليوم بحق أفراد مدنيين اسرائيليين، وهي ممارسات مدانة بحد ذاتها من غالبية الناس، تلغي الانتهاكات الاسرائيلية التي سبقتها وتلتها، وتجعلها منسية، وهي انتهاكات بحق شعب كامل، كما تجعل قضية هذا الشعب تموت. ولكن يمكن لأي متابع أن يقول إن العالم يفكر في الموضوع الفلسطيني اليوم أكثر مما كان يفكر فيه قبل عملية طوفان الأقصى. الأمين العام للأمم المتحدة يعيد عملية "طوفان الأقصى" إلى سياقها حين يصرح إن هجمات حماس لم تأت من فراغ، معظم سياسيي العالم يتذكرون القرارات الدولية الخاصة بفلسطين ويفكرون في أسباب فشل اتفاق أوسلو ... الخ. وفي المحيط العربي، يلغي زعماء عرب لقاء قمة مقرر مع الرئيس الأميركي خلال زيارته التضامنية مع إسرائيل، ويرفض زعماء دول عربية وإسلامية توقيع بيان مشترك لا يطالب بوقف القصف على غزة، وذلك كله تحت ضغط حراك شعبي واسع لدعم غزة.
كل هذا يقول إن الموضوع الفلسطيني بعد "طوفان الأقصى" هو أكثر حياة مما كان عليه قبلها، وذلك على عكس الكلام عن موت القضية الفلسطينية. صحيح أن الاهتمام بالموضوع الفلسطيني اليوم ثمنه دم فلسطيني غزير وآلام مهولة، لكن من يراقب ير أن مسيرة الإجرام الإسرائيلي المتمثلة في القمع والقتل والتضييق والحصار والمصادرات والتوسع وتفتيت المناطق وتقطيعها كي لا يبقى مكان للكلام عن دولة فلسطينية ... الخ، كانت متواصلة ولا تكف عن تغيير الواقع بصورة يومية في اتجاه تمويت القضية الفلسطينية، مدعومة بتفوق هائل في القوة العسكرية والاقتصادية، قياساً على ما يملكه الفلسطينيون، دون أي إدانة أو رد فعل عالمي مؤثر.
من يراقب ير أن العالم لا يتوقف للنظر في الموضوع الفلسطيني إلا عقب عملية فلسطينية، وقد مالت العمليات في الفترة الأخيرة إلى أن تكون فردية في مناطق ال48، مثل عمليات الطعن أو الدهس، هذا في حقيقته هو تعبير عن يأس المظلوم، وليس عن نزوع جرمي، كما يحاول التيار الرئيسي من الإعلام الغربي تصويره. وفي الضفة الغربية ظهرت في السنوات القليلة الماضية جماعات مسلحة مثل "كتيبة جنين" ومجموعات "عرين الأسود" للتأكيد على البندقية، وهذا تعبير عن فشل اتفاق أوسلو، وعن اليأس من الحلول التفاوضية المجردة من قوة السلاح. الدرس الذي يحشر نفسه حشراً في رأس كل فلسطيني، هو أن المقاومة سبيل التحرر. "بشرف عرضكم لا تتركوا البارودة"، هذه وصية سريعة بأنفاس لاهثة قالها، قبل حوالي سنة، أحد المقاتلين الفلسطينيين وسط اشتباكه مع قوات الاحتلال، قبل استشهاده بقليل.
إدارة الظهر لحق منتهك تولد عند صاحب الحق، دوافع قتالية، ويمكن له أن يتجاوز في اندفاعه ويأسه أخلاقيات القتال وحتى القيم الإنسانية. نرى هذا ضمن المجتمعات الديموقراطية نفسها. حين تدير الحكومات ظهرها لمطالب المحتجين مراهنة على تعبهم وتخامد قواهم، يميل بعض المحتجين إلى تخريب الممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتكسير، كي يرغموا الحكومة على معالجة مطالبهم. وقد حمل هذا السلوك التخريبي هناك اسم "بلاك بلوك" وبات له منظرون وأتباع.
لا يختلف الأمر كثيراً هنا، لا غرابة في أن يخرج من الشعب المظلوم والمنتهكة حقوقه دون أمل باستعادة هذه الحقوق بالسياسة، مجموعات "انتحارية" لا تبالي بحياتها، كما لا تبالي بالعالم وحساسياته. المفارقة، أن هذه المجموعات التي يدينها أصحاب القوة العالمية بأشد العبارات، هي وحدها التي تجعل العالم يعيد التفكير في سلوكه تجاه الشعب الذي خرجت منه هذه المجموعات. العالم الحالي المنحاز للأقوياء والضعيف الحساسية تجاه حقوق الضعفاء، إنما يحرض، في تواطئه مع مغتصبي الحقوق، بروز الجماعات العنفية التي لا يكف عن ادانتها.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات بمناسبة -طوفان الأقصى-
- من يمتلك -الحق- في الإجرام / حياة الفلسطينيين العارية على خط ...
- اللاعودة في انتفاضة السويداء
- اليسار السوري، هامش واسع في الحياة السياسية
- قمصان زكريا، لمنذر بدر حلوم عن الموت الذي يضمر الحياة
- عن توبيخ السوريين العلويين المتجدد
- نقاش مع كتاب -سؤال المصير- لبرهان غليون
- عن مشكلة الرموز في سورية
- أهمية حركة 10 آب في سوريا
- ماذا ينتظر سورية في المستقبل
- ظاهرة الموالين الغاضبين
- البكالوريا السورية ضحية الغش العام
- السجن يتسلل إلى نفوسنا
- أجراس بعيدة وكتل سياسية في المنفى لقاء برليني مع راتب شعبو/ ...
- الغضب المعزول في فرنسا
- عن قلق المسلمين في الغرب
- هل المثقف السوري طائفي؟
- -حانة الأقدار-
- التحليل السياسي الماورائي
- العزلة هي الشرط الأنسب لنظام الأسد


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - يدفعون إلى العنف ويدينونه