|
الخاسرون و الرابحون 1
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7782 - 2023 / 11 / 1 - 00:31
المحور:
القضية الفلسطينية
الخاسرون و الرابحون ! (1) من الصعب على المراقب ألا يتوقف أمام معطى أساسي أظهرته الحرب التي أعلنتها في السابع من تشرين أول ، أكتوبر، الجاري ، الدولة الصهيونية على " قطاع غزة" في ظاهر الأمر، لا سيما أن الضفة الغربية تشهد " مجازر " )بوغروم ) يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون الذين وزع عليهم السلاح ، ضد السكان الأصليين ، هذا كله توازيا مع توتر متصاعد على الحدود اللبنانية ، يعكس في أغلب الظن ، أن ساحة الحرب المعلنة أوسع من القطاع .حيث لم يخف القادة الإسرائيليون نيتهم بإسكان أهله في سيناء و بإنهم أعدوا مسبقا ، العدة و الخطة ، لبناء مدن و مرافق عيش لهم في منفاهم الجديد . إذن ، و في هذا السياق ، من المحتمل ألا تبقى هذه الحرب محصورة في قطاع غزة ، استنادا إلى أن مسببات انفجارها متوافرة من وجهة نظرنا في الضفة الغربية ، و ربما تكون متوافرة أيضا في لبنان و سوريا و العراق ، أي في كل المدى الساخن بين العراق و مصر عموما . فمن المعروف أن الدولة الصهيونية تواجه مشكلة سكانية تتجسد بتساوي عدد السكان اليهود مع عدد السكان الفلسطينيين غير اليهود ، فصار التستر عن عن التمييز العنصري الذي تطبقه هذه الدولة على الذين يرزحون تحت وطأة سلطاتها منذ سنة1948 صعبا . نجم عنه أن تقسيم فلسطين إلى كيانين ، فلسطيني و إسرائيلي كما كان مرسوما في القرارات التي تبنتها الأمم المتحدة في سنة 1947 ، والتي أخذ بها بعد تعديلها في اتفاقية أوسلو سنة 1993 ، لم يعد ممكنا نتيجة أنتشار المستوطنات الإسرائيلية بكثافة في الضفة الغربية ، حيث لم يبق الفلسطينيون إلا على بقع متناثرة ، تفصل فيما بينها مستعمرات المستوطنين، و شبكة مواصلات برية مخصصة حصريا لتنقل الأخيرين بحرية تامة في كل أنحاء فلسطين ، بسلاحهم ، تحت حماية الجيش الإسرائيلي . تحسن الملاحظة هنا ، أن فئة من الإسرائيليين اليهود ترفض نظام التمييز العنصري الصهيوني . يقابلها مشكلة مشابهة في الجانب الفلسطيني ـ العربي ، لا بد من التوقف عندها بجدية و عقلانية و صراحة، هي أن الكثيرين من سكان فلسطين من الفلسطينيين الأصليين ، يرفضون ، نطقا ، حق الإسرائيليين اليهود في العيش في فلسطين ، علما أن أجداد هؤلاء اليهود هاجروا إلى فلسطين ، في الفترة ما بين الحربين العالميتين ، الأولى و الثانية و في ما بعدها بقليل ، أي انهم من أبناء الجيل الثالث بعد الهجرة . نشير هنا إلى أن الفلسطينيين و غيرهم من الشعوب في معظم الدول العربية كانوا يضمون ، قبل تدخل المستعمرين الأوروبيين ، و قبل نشوء المسألة اليهودية في أوروبا ، طائفة يهودية بين طوائفهم ، حيث يمكننا القول و القطع بان النزاعات فيما الطوائف لم تبلغ في بلدان العرب درجة الإبادة التي تعرض لها اليهود في بلاد مثل ألمانية و فرنسا و بولونيا ، فظاعة. و لكن إذا كان حل " الدولتين " مستحيلا ، فلا يبقى إلا حل الدول الواحدة ، و هذه تكون وطنية ،مؤسّسة على المواطنة الكاملة ، دون أخذ المعتقد و العقيدة و العرق و الرأي بالحسبان ، بالمناسبة هذا ما اقترحه في أيار 1930 ، ممثلو الفلسطينيين ، أعضاء الوفد الذي حمل إلى السلطات البريطانية اقتراحات من أجل الخروج من الأزمة بعد المواجهات الدموية التي و قعت بين العرب و اليهود في سنتي 1928 و 1929 ، في القدس والخليل حول حقوق كل جماعة في الأماكن المقدسة (انتخاب جمعية وطنية من قبل جميع السكان ، دون تمييز بينهم على أساس العرق او الديانة ) و لكن هذه السلطات رفضتها ، التزاما منها بوعد بلفور . ينبني عليه أن المطروح هو " دولة للأمة اليهودية " كما تريدها الحركة الصهيونية ،ومن ورائها الدول الاستعمارية في الغرب ، و كل دولة استعمارية هي بالقطع عنصرية ، أو" دولة الأمة الفلسطينية الغربية " التي ما تزال موعودة ،بحسب الخطاب الغوغائي الفلسطيني و العربي المعروف الذي لم يمنع أصحابه من قمع الحركات الوطنية التقدمية من جهة و من الدخول في مساومات مع الحركة الصهيونية من جهة ثانية، اثمرت تطبيع العلاقات الديبلوماسية و التواطؤ معها ضد الانتفاضات الجماهيرية رفضا الاحتلال . ينبني عليه أن دولة " الأمة اليهودية " الصهيونية و دولة " الامة الفلسطينية " الرجعية الظلامية ، تمثلان مفهومية غير واقعية للدولة العصرية . فلا نغالي بالقول أن تحقيق " دولة الامة اليهودية " بحسب مفهوم الصهيونية ، يتطلب إبادة الفلسطينيين ، أو استعبادهم لخدمة من هم "أرقى منهم " في الترتب العرقي ، او إفراغ فلسطين منهم . أما دولة " الأمة الفلسطينية " الرجعية الظلامية فإن الكلام عنها لا يعدو الهراء ، فالتجارب تفيدنا بأن الخطر منه هو على الفلسطينيين و الشعوب العربية و ليس إطلاقا على المشروع الصهيوني الاستعماري الذي يتولى تنفيذه ، كما لا يخفى معسكر الدول الغربية التابعة للولايات المتحدة الأميركية . فهذا كله صار مقروءا اليوم ،بسهولة في قطاع غزة ، و في منظر أساطيل المعسكر المذكور في شرق المتوسط . يبقى أن نذكر في الختام ، بأن الشعب المصري لا يتنازل عن ترابه الوطني ، فلقد أسترجح شبه جزيرة سيناء بعد احتلالها في حرب السويس ، ثم بعد احتلالها مرة ثانية في حرب حزيران 1967 . و بان الدولة الفرنسية لم تتمكن من تحقيق مشروعها الاستيطاني " الجزائر الفرنسية " و أن مرد فشلها يعود من و جهة نظرنا ، لعدم قبولها إشراك الجزائريين في مشروع حضاري تقدمي واحد ، مع الفرنسيين ، و هو فشل كبير ما يزال الفرنسيون والجزائريون يتحملون تكاليفه العالية إلى الآن . من البديهي أنه ليس بمقدورنا أن نتنبأ متى ستنتهي الحرب على قطاع غزة و لا أين ستنتهي . و لكن يمكننا القول أن البيئة التي تشكلت في ظل الوضع المفروض على سكانها أنبتت مقاومة ذات شوكة ، هرعت الجيوش الكبيرة في الدول الغربية للتصدي لها إلى جانب الجيش الإسرائيلي الذي نسمع بأنه من أقوى جيوش العالم ( يتبع )
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل أم نفهم ، انصر أخاك ظالما أو مظلوما
-
كل حرب إسرائيلية هي حرب أميركية أيضا
-
جولة جديدة
-
الصلف القاتل
-
ملحوظات على الزيارة
-
الفرد المهاجر و جماعة المهاجرين
-
المعارف التي لم تثمر
-
مقتلات تطييف البشر و الحجرّ!
-
بين فلسطين و أوكرانيا
-
بين لبنان و إسرائيل 2
-
بين لبنان و إسرائيل
-
حروب العرب بالقياس على الحرب في أوكرانيا
-
الجماعة الدينية و المجتمع الوطني
-
ملحوظات في تحولات حركة التحرير الوطني
-
كلنا نازحون (2)
-
عن الدين و الدولة
-
دولة غير وطنية
-
كلنا نازحون
-
سلاح الدولة و سلاح الجماعات
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الإيراني : توطين النازحين 2
المزيد.....
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
-
10 شهداء في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ببلدة طمون بال
...
-
إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق
...
-
تحول تاريخي في سوريا.. تشكيل إدارة جديدة وإنهاء ستة عقود من
...
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|