راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 7778 - 2023 / 10 / 28 - 17:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نهاية المرحلـــــــــة
والذين يرغبون أن يقرنوا أمر بهاء الله بمرحلة إتمام التطور العجيب للبشر كافة في حياته الاجتماعية المشتركة هم وحدهم الذين يستطيعون أن يدركوا أهمية الكلمات التي نطق بها بهاء الله . فهو يتفضل مشيرا إلي عظمة هذا اليوم الموعود وإلي مدى الدور البهائي بقوله عزّ بيانه :
" هذا يوم الأيام ".
وفي مقام آخر :
" اليوم الذي شهد المنعوت من الأزل بمحبوب العالم ".
ثم يتفضل ويقول :
" أن آثار الأدوار الأولي تحتفل في هذا اليوبيل الأكبر الذي يهتف بيوم الله الأعظم , طوبي لمن شهد هذا اليوم وأقرّ به".
" مترجم من الإنجليزية "
وفي مقام آخر يتفضل ويقول :
" من المعلوم أن كل عصر ظهر فيه مظهر إلهي كان بتقدير إلهي وأنه يعتبر يوم الله الموعود ولكن هذا اليوم يوم فريد ممتاز عن كل الأيام السابقة وأن كلمة- ( خاتم النبيين )- تكشف عن مقامه الرفيع . قد انتهت أدوار النبوة وجاء الحق الأبدي واظهر آية القدرة ويرسل اليوم علي العالم نور أمره اللميع ".
ثم يتفضل ببيان واضح بقوله الأعز :
" قد انتهت كل الأدوار بهذا الأمر الأعز وبلغت غايتها وكمالها . والذي ظهر في هذا الظهور الأعظم الأرفع أنه ما ظهر مثله في الأدوار السابقة ولن تر شبهه القرون الآتية ".
" مترجم عن الإنجليزية "
وبيانات حضرة عبد البهاء تثبت أيضا بلغة مؤكدة صريحة عظمة الدور البهائي التي لا مثيل لها في لوح من ألواحه المباركة يتفضل ويقول :
" سوف تمر أجيال بل تنقضي عصور لا عدّ لها قبل أن يتلألأ نجم الحقيقة مرة أخرى في بهاء صيفه أو يظهر مرة أخرى في صفاء ربيعه وأن مجرد التأمل في الدور الذي أفتتحه الجمال الأبهي يكفي لأن ينصعق به أولياء الله في القرون الخالية الذين تاقوا لأن يشتركوا لحظة واحدة في هذا المجد العظيم "
ثم يتفضل مشيرا إلي المظاهر الإلهية الذين يظهرون في المستقبل بقوله الأحلى :
" وأما عن المظاهر الذين ينزلون في المستقبل في ظلل من الغمام فأعلم بأنهم من حيث مصدر الوحي يستظلون بظل جمال القدم وأما في عالم الحق كل يفعل ما يشاء "
ثم يتفضل مشيرا إلي أمر بهاء الله بقوله الأحلى :
" إن هذا الدور المقدس منور بشمس الحقيقة المشرقة من أفقها الأرفع بنهاية الجلوة والحرارة و البهاء "
" مترجم عن الإنجليزية "
آلام الموت والـــولادة
قد ظهر أمر حضرة بهاء الله وأعلن ، إلا أن النظام العالمي الذي لابد ينبعث عنه لم يولد بعد , ومع أن عهد البطولة المقرون بدينه قد تم فلا تزال القوى الخلاقة التي انسابت منه لم تتبلور في الهيأة العالمية , وهي التي سوف تعكس عند تمام الوقت لمعة جلال الدورة التكوينية للعصر البهائي , والملكوت الموعود الذي فيه تزدهر بذرة معاهده ومؤسساته لايزال محتجباً بعد .ومع أن صوته قد ارتفع وعلم دينه يخفق على مالايقل عن أربعين مملكة في الشرق والغرب , ولكن وحدة البشر لم يعترف بها بعد واتحاد العالم لم يعلن وعلم سلامه الأعظم لم يرفع , أن بهاء الله يشهد بقوله الأعز الأقدس :
" إن المقامات العالية التي يمكن للإنسان أن يحصل عليها بفضل من الله في هذا اليوم لم تنكشف لعينه بعد لأن عالم الخلق لم يكن له بها طاقة وأنه لا يزال غير قادر علي احتمال هذا الأمر ولسوف يأتي يوم ينكشف للناس بأمر من لدنه مكنونات هذه الموهبة الكبرى "
" مترجم عن الإنجليزية "
لذلك يبدو من الضروري انقضاء دورة مملوءة بالعذاب الشديد والآلام الشاملة قبل انكشاف هذا الفضل العظيم , وبقدر جلال العصر الذي شهد إشراق الرسالة التي جاء بها بهاء الله بقدر ما يحيط بالفترة التي تنقضي قبل أن يجني ثمار هذا النصر من ظلمات أخلاقية واجتماعية غاية في السواد كما يشاهد بازدياد . وهذه الظلمات الحالكة هي وحدها التي تهيئ إنسانية متعنتة لمكافأة قدّر لها أن ترث ــ من بعد عذاب شديد ـ وها نحن نسير نحو تلك الفترة سيرا حثيثا , وفي وسط السحب التي يزداد تجمعها من حولنا نشاهد عن بعد موجات من أنوار سلطنة بهاء الله الخاطفة تلمع في أفق التاريخ... ونحن أبناء جيل نصف النور ـ الذي نعيش في وقت يمكن اعتباره فترة ـ حضانة الجمهورية العالمية ـ والتي صورها بهاء الله , قد أوكل بنا عمل لن نستطيع تقديره تقديراً كافياً ولا يزال إقرارنا بعظمته ضعيفا بعد , ونحن الذين دعوا لمواجهة تلك العوامل والقوي المظلمة واجتياز مرحلتها القائمة التي سوف ينفجر عنها طوفان الضوائق والمحن والآلام يجب أن نعتقد بأن الساعة الرهيبة التي هي أشد الساعات سوادا والتي يجب أن تسبق شروق عصر ديننا الذهبي , لم تدق بعد. وبقدر ما يحيط العالم اليوم من ظلمات حالكة فاٍن المصائب والبلايا التي لابد يجتازها ما تزال بعد في دور التكوين بل لا يمكن تصور ظلمتها وسوادها .
أننا نقف علي عتبة عهد تنادي حالته المتوترة بما يقاسيه من نضال مزدوج ما بين موت نظام قديم وولادة آخر جديد , وهذا النظام العالمي الجديد يمكن يقال عنه أن فكرته اتصلت بالأفئدة والقلوب وذلك بتأثير نفوذ الدين الذي أعلنه بهاء الله , ونستطيع في هذه اللحظة أن نحس بالنضال القائم بين أحشاء عصر متمخض , عصر يفيض منه الدمع وهو يتطلع إلي الساعة المعينة التي فيها يلفظ حمله ويؤتي ثمرته العادلة وإلي هذا يتفضل بهاء الله بقوله الأقدس :
" أن الأرض اليوم في حالة المخاض ولسوف يأتي يوم فيه تحمل أعظم الفواكه ومنها ترتفع الأشجار العالية وتخرج الإزهار المفرحة والبركات السماوية ..... تبارك النسيم الذي يتموج به قميص ربك المجيد , قد فاحت نفحاته وجددت كل الأشياء طوبي للعارفين " .
" مترجم عن الإنجليزية "
وفي سورة الهيكل يتفضل بقوله عز بيانه :
" قل اليوم قد هبت لواقح الفضل علي الأشياء وحمل كل شيء ما هو عليه ولكن أكثر الناس لا يشعرون , قد حملت الأشجار بالأثمار البديعة والبحور باللآلئ المنيرة والإنسان بالمعاني والعرفان والأكوان بتجليات الرحمن والأرض بما لا أطلع به أحد إلا الحق علام الغيوب , سوف تضع كل حملها تبارك الله مرسل هذا الفضل الذي أحاط بالأشياء كلها عما ظهر وعما هو المكنون ".
" مترجم عن الإنجليزية "
ويتفضل عبد البهاء بقوله الأحلى :
" عندما أرتفع نداء الله نفخ حياة جديدة في جسد العالم وروحا جديدا في سائر المخلوقات ولهذا السبب تموج العالم وتحركت القلوب والأفهام وعن قريب تنكشف آثار هذا التجديد ويستيقظ كل غافل ".
" مترجم عن الإنجليزية "
الاختمار الفكري العام
أننا بحكم نظرنا إلي العالم وإلي ما يحيط بنا من الحوادث مجبورون علي ملاحظة الشواهد المتعددة علي وجود غليان عام في كل قارة من قارات الأرض يتناول كل ناحية من مرافق الحياة الإنسانية وهذا الغليان يعمل بدوره علي تطهير الإنسانية وإعدادها لاستقبال اليوم الذي فيه تتقرر وحدة البشر ويتأسس اتحاده , ففي العالم يوجد عاملان متضادان يمكن تمييز احدهما عن الآخر إذ كل منهما يعمل في طريقه الخاص لتوجيه قواه نحو أحداث التغيير في وجه عالمنا الأرضي . ودفع هذه القوي للوصول إلي نهاية المرحلة بسرعة .
أحد هذين العاملين مستقيم في جوهره بينما الثاني هادم في أساسه , الأول ينكشف في سيره الثابت عن نظام يمكن اتخاذه نموذجا للسياسة العالمية يدنو منه العالم المضطرب المبلبل دنواً حثيثاً . بينما العامل الثاني , حيث نفوذه الداعي لأحداث الانحلال والتفكك يزداد اتساعاً وامتداداً , نراه يتجه بصورة قاسية فظيعة ويتناول بالتهديم الحواجز العتيقة التي تقوم في وجه الإنسانية سداً يحول بينها وبين تقدمها نحو هدفها المقدر .
الأول عامل إنشائي يعمل بجانب دين بهاء الله الناشئ وهذا العامل بشير النظام العالمي الجديد الوشيك أن يتأسس بقوة هذا الدين .
وأما قوي الهدم المقترنة بالعامل الثاني فهي تعني مدنية رفضت تلبية نداء عصر جديد. وإنها بما رفضت تتدهور في هوة الاضطراب والفناء .
وكنتيجة لهذين العاملين المتضادين نرى الجامعة البهائية المنظمة خاصة والعالم عامة يواجهان في دور الانتقال الحالي نضالاً روحانياً هائلاً ذا أهمية فائقة وآثار بعيدة المدى . ذلك لأن الروح الذي يتجلى في صورة نظم دين ناشئ قد واجه وهو يتقدم لخلاص العالم قوى سلبية شديدة إعترضته لتحقيق غاياته بالسرعة المطلوبة . علي أنه يمكن من بعض الوجوه أن يعزي تقويض وتهديم النظم العتيقة والمبادئ والعقائد البالية والتقاليد العقيمة السقيمة التي تمثلها هذه القوي إلي ما وصلت اليه من القدم والشيخوخة وفقدان قوتها ونفوذها بحكم زوال صلاحيتها . فبعضها تلاشي أمام القوة المعجزة التي انسابت من الدين البهائي في بدء ظهوره , والبعض الآخر منها فني وانعدم كنتيجة مباشرة للمقاومة الضعيفة التي وجهتها عبثاً نحو الدين في بدء نشأته، ومع ذلك فقد تجمعت تلك القوى مرة أخرى لمهاجمة النظم التي تجلي فيها روح هذا الدين في مرحلته الثانية حيث يمتد نفوذه , ولكنها بعد نجاح قصير موهوم سوف تمنى بدورها بالهزيمة المنكرة .
دور الانتـــــــــــــــقال
لا أقصد أن أعيد إلي الأذهان ذكريات النضال الروحي الذي تتابع. ولا أن استعرض وأتناول بالتحليل نواحي الغلبة التي أحرزها دين بهاء الله منذ اليوم الأول لتأسيسه , وليس اختصاصي الأول ذكر الوقائع الأولي التي أمتاز بها العهد الرسولي والدور الأول البهائي , ولكن اختصاصي إنما يتناول استعراض الحالات الأخرى التي تتخلل مرحلته الحالية والاتجاهات التي يمتاز بها دورة التكوينى وهو دور الانتقال الذي يحمل في ضوائقه وشدائده بشارة عهد هنئ سعيد هو غاية الله لأهل العالم .
ولقد أشرت في رسالة سابقة مدي السقوط الهائل الذي منيت به الممالك والإمبراطوريات المنيعة عشية صعود عبد البهاء الذي بصعوده بدأ دور الانتقال الذي نحيا فيه , فانحلال الإمبراطورية الألمانية و الذلة التي حاقت بعاهلها خليفة وسليل ملك بروسيا وقيصرها الذي إليه وجه بهاء الله نداءه التاريخي المشهور , ثم انقراض الملكية في النمسا والمجر بقية الإمبراطورية الرومانية المقدسة ذات العظمة والمجد القديم , كل ذلك حدث علي أثر حرب كان وقوعها إيذانا بعهد الاضطراب الذي يتقدم تأسيس نظام بهاء الله العالمي , وكلا هذين الحادثين الخطيرين يمكن اعتبارهما بدء العهد المضطرب الذي أخذنا الآن ندخل في ظلماته الحالكة , فلقد وجه بهاء الله في كتابه الأقدس إلي قاهر نابليون الثالث غداة نصره إنذارا المبين قوله الأعز :
" قل يا ملك برلين أسمع النداء من هذا الهيكل المبين أنه لا أله إلا أنا الباقي الفرد القديم . إياك أن يمنعك الغرور عن مطلع الظهور أو يحجبك الهوى عن مالك العرش والثري كذلك ينصحك القلم الأعلى أنه لهو الفضال الكريم . اذكر من كان أعظم منك شأنا وأكبر منك مقاما ( نابليون ) أين هو وما عنده أنتبه ولا تكن من الراقدين , أنه نبذ لوح الله وراءه اذ أخبرناه بما ورد علينا من جنود الظالمين . لذا أخذته الذلة من كل الجهات إلي أن رجع إلي التراب بخسران عظيم .يا ملك تفكر فيه وفي أمثالك الذين سخروا البلاد وحكموا علي العباد قد أنزلهم الرحمن من القصور إلي القبور . أعتبر وكن من المتذكرين ".
وفي مقام آخر يتفضل بقوله الأقدس :
" يا شواطئ نهر الراين قد رأيناك مغطاة بالدماء بما سل عليك من سيوف الجزاء ولك مرة أخرى . ونسمع حنين البرلين ولو أنها اليوم علي عز مبين ".
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟