أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء المياح - المرتشي والراشي والدبس














المزيد.....

المرتشي والراشي والدبس


ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)


الحوار المتمدن-العدد: 7776 - 2023 / 10 / 26 - 10:56
المحور: المجتمع المدني
    


دخل مدرس مادة العقوبات إلى قاعة الدرس التي لم تكن ممتلئة بجميع طلبة المرحلة الثالثة في كلية القانون في أحدى الجامعات الحكومية في بغداد ليشرح لهم ماهية عقوبة الرشوة في القانون العراقي. وابتدأ محاضرته بأن حمدَ الله وشكره على نعمه التي أنعم بها على بلدنا. ثم أستدرك: ان بلدنا يعاني من هذه الآفة؛ إذ أن ما موجود من حالات الرشوة لدينا قد يصل إلى أكثر من 90% من مجموع المعاملات والعاملين في الأعمال الحكومية. وبدأ محاضرته مفسرا معنى الرشوة وأطرافها وأركانها ومتطلباتها وإثباتها والعقوبة للراشي والمرتشي والوسيط في حالة إثباتها، وأن المرتشي يفترض أن يكون موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة. أعطى أمثلة عديدة ومتنوعة عن حالات وحالات شملت كثيرا من المعاملات في مؤسسات الدولة.
كانت المحاضرة هي الأولى في يومها، وتساهل المدرس في دخول بعض الطلاب المتأخرين الذين جاؤوا بعده بسبب زحام بغداد. أحس مدرسهم أن كثيرأ منهم متكاسلون ورأى تثاؤب البعض، فأراد أن يحفزهم على الإنتباه ويثير حماسهم على المشاركة في الدرس، حينها فتح باب النقاش للطلبة ليسألوا عما يدور في خلدهم عن الموضوع. ورغم قناعة معظم الطلبة بالأمثلة التي ذكرها مدرسهم واتفاقهم عليها، أعترض طالب منهم على النسبة التي حددها في بداية محاضرته، ووصفها زميل له بأنها أكثر من الحقيقة وقال أخر أنها معكوسة وأردف غيرهم بأنها لا تصل إلى أكثر من 15% من مجموع العاملين بسبب جهود الحكومة وفعالياتها للحد منها.
في جانب أخر، أتفق طلبة اخرون أكثر عددا من المعترضين مع مدرسهم بما اعلنه وحاولوا أن يعطوا أمثلة جديدة وحالات سمعوا بها أو عايشوا أحداثها. كانت آراء كثير من الطلبة متفقة في أن نسبة المتعاملين بالرشوة كبيرة جدا وتتفق مع ما ذكره أستاذهم. حينما سألوا مدرسهم عن توصيف ما يستلمه الموظفون المكلفون بخدمة عامة من هدايا عينية أو وعد بمنفعة مستقبلية والمقدمة بشكل مباشر أو غير مباشر من مواطنين / مراجعين لتمشية معاملاتهم!! أجاب مدرسهم؛ بأنها تدخل في مجال الرشوة التي يعاقب عليها القانون.
شارفت المحاضرة على الإنتهاء ولم يتفق جميع الطلبة مع مدرسهم على حجم الفساد الموجود في مؤسسات الدولة، ولكنهم متفقون على وجوده بنسبة قد لا تكون صغيرة. وفي الدقائق الأخيرة من المحاضرة،سأل المدرس طلابه عن العقوبة المقررة لأطراف الرشوة؛ ما هي عقوبة المرتشي؟ أجاب الطالب الأول: سبع سنين. أعاد المدرس السؤال باختصار وهو يشير بيده لطالب اخر؛ ها المرتشي ما هي عقوبته؟ أجاب الثاني: عشر سنوات.
ظل المدرس يتنقل بين طلبته وهو يعيد السؤال باختصار أشد؛ المرتشي .. الراشي، والطلبة يجيبون أجوبة مختلفة. لمح المدرس أحد طلبته نائما في قاعة الدرس. توجه إليه وأقترب منه والطلاب يضحكون وزملاؤه القريبين منه يحاولون إيقاظه حتى أنتبه إلى نفسه والمدرس أمامه. طلب منه جوابا لسؤاله؛ والراشي. تفاجأ بالسؤال وأستغربه، التفت يمينا ويسارا طالبا بعيونه الناعسة أن يساعده أحد ولو بكلمة. أعاد المدرس عليه السؤال بصوت أعلى وأقسى؛ والراشي؟ أجابه مضطرا ليتخلص من هذا الإحراج: نخلط معه دبس كربلاء. هنا ضجت القاعة بالضحك وأبتسم المدرس وقال بسخرية: نعم أعتقد هذا هو الجواب الصحيح. أدار وجهه نحو المنضدة القريبة من لوحة الكتابة، لملم أوراق محاضرته في حقيبته وغادر القاعة.



#ضياء_المياح (هاشتاغ)       Dhiaa_Al_Mayah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسبب العرب تضيع فلسطين
- قل الكلمة وإلتزم بها
- طالبتني طالبتي بالحل!!
- الدراسة والتميز في الحياة
- لنتوقف عن الكتابة .. لنوقف الكتابة
- التدريسي في الجامعة ليس موظفا كغيره
- أنانيتنا سبباً للتخلف
- لماذا علينا احترام السيئين والمسيئين؟
- ما الكتابة؟
- مشاكل العشيرة
- دولة بلا تعليم .. دولة بلا مستقبل
- رواتب العاملين في الجامعات الخاصة
- هل نحن شعب يقرأ؟
- امتحانات البكالوريا الوزارية وقطع الأنترنيت
- يا مجلس القضاء: أنقذ الأبرياء من أخطاء القٌضاة
- لماذا الاعتداء على شرطة المرور


المزيد.....




- تقنية التعرف على الوجه سلاح الجيش الإسرائيلي للإعدامات والاع ...
- نائبة مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة تشير إلى ازدواجية معايير ...
- أول رد فعل من نتنياهو بعد اعتقال اثنين من مكتبه في قضية التس ...
- حماس: اتفاق يوليو الماضي هو المفتاح لوقف الحرب وعودة الأسرى ...
- ممثل الأمم المتحدة يؤكد للسيستاني عدم التدخل في شؤون العراق ...
- فيديو: ما وراء قرار الاحتلال وقف عمل وكالة الأونروا؟
- السيسي يؤكد لعباس دعم مصر للسلطة الفلسطينية وحماية حق تقرير ...
- بعد توقيف 4 أشخاص بمكتب نتنياهو.. اعتقال ضابط إسرائيلي في قض ...
- أسامة حمدان: حظر الاونروا يؤكد اصرار الكيان على التمرد والاس ...
- موسكو تطلق سراح بعض العسكريين الأوكرانيين الأسرى


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء المياح - المرتشي والراشي والدبس