|
الثقافة الحمراء في المنطقة الخضراء
عمرخان شاه بك
الحوار المتمدن-العدد: 1736 - 2006 / 11 / 16 - 07:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حدثني شيوعي راحل عن رحلة وتجربة نضالية خاضها في بداية الثمانينيات عندما تم اعتقاله في مخيم كفر سوسة السورية وثم تحويله الى سجن التسفيرات لكي يرحل الى العراق ..وكان قد ترك العراق في عام 1979بعد تسلم صدام حسين جميع المناصب في العراق وحملته الشهيرة لتصفية اصدقائه قبل اعدائه وطبعا كان ضرب الجبهة الهشة بين حزبه –البعث الحاكم- والحزب الشيوعي في سلم اولوياته ..ويتحدث ..وبعد موافقتي لترحيلي الى العراق بعد ان تخلى عني جميع المعارف والاصدقاء نقلني سيارة الى الحدود العراقية السورية وكانت العلاقات مقطوعة بين الجانبين لوقوف سورية جنب ايران في الحرب الدائرة بين العراق وايران ..وفي ليلة (ظلماء يفتقد فيها البدر) وصلنا الى منطقة صحراوية مقطوعة وكنت وحدي مع السائق فسألت السائق عن المسافة المتبقية فقال 15 كم تقريبا فطلبت ان كان باستطاعته ان ينزلني هنا ..فقال لا مانع لديّ ولكن المنطقة مقطوعة وسوف تحتاج الى المسير على الاقل ساعتين لكي تصل اقرب مخفر عراقي وربما تتعرض لنيران الهجانه السورية هذا اذا لم يعترضك الذئاب ..فدعني يا ولدي او صلك المنطقة الامنة وتسير مسافة 500م.. وتصل جماعتكم العراقيين .. فقلت له دعني براحتي ياعماه اريد ان انزل هنا ..فوافق الرجل ..وقال قبل ان يفارقني لا تفكر ان ترجع الى الوراء لان المناطق المأهولة اصبحت على مسافات بعيدة والبدو في هذه الاوقات لا ينزلون الى الجزيرة ..شكرته على النصيحة ..فبدأت المسير نحو المجهول ..(وكم كثيرة المجاهيل في حياتنا ) ..وسرت مسافة مايقارب 2 كم ..وخشيت ان افقد الاتجاهات الثلاثة لانني قررت ان اسير الى الشمال اوالى الجنوب اوالى الغرب واتجنب الاتجاه الشرقي لان الوصول الى العراق كانت نتائجها معروفة ومحسومة ..ولانني ابن ريف لم يؤثر فيّ وحشة الليل والمسير ..وعدت بذكرياتي ايام الصبا عندما كنت انصب الفخاخ واستطاد القطا في قريتي ..فبعد مسير اكثر من 6 ساعات (فرجت بعد ان استحكمت حلقاتها وكنت اضنها لا تفرج ) واهتديت الى ضوء لبدو رحل ..فكان الفرج . ويروي الشيوعي السابق الراحل انه عندما انتقل الى دمشق وبالتحديد الى منطقة السيدة زينب لكي يحصل على منفذ للخروج من سورية الى لبنان كان لا يمتلك شيئا لا مال ولا ماوى وكان يتمالكه الخوف والذعر لانه كان يخشى تكرار المأساة( ولا تسلم الجرة كل مرة) وكان لا يثق بأحد حتى بأصدقائه القدماء لانهم تخلوا عنه في المرة السابقة ويوصف حالته المظهرية كأنه مكدي- بنطلون جينز ممزق متسخ جدا وقميص مقطع الازرار وشعر اشعث اغبر ولحية طويلة قذرة لانه لم يستحم ولم يحلق ذقنه لاكثر من شهرين ..ويروي بأنه التقى بشخص كان جالسا في سيارة فارهة في المقعد الخلفي واقفة بجنب رصيف ومعه شخصين وكان يبدو انه شخص مهم بعض الشيء وكان يعرفه بالاسم وليس بالشكل وسمع من اناس في الشارع يقولون (الاستاذ عبد الرحمن منيف)الروائي الشهير ..فيقول اقتربت منه وتحدثت معه وشرحت له قصتي بصورة مختصرة وسريعة ..شيوعي عراقي هارب من العراق ومطلوب للترحيل يطلب مساعدتك ..فقلت يا استاذ انا سعيد بلقاءك انا بطلك في( الشرق المتوسط) ومرزوق في –الاشجار وأغتيال مرزوق-وسباق المسافات الطويلة – ولكن الكاتب الكبير لم يسمعه وتجاهله واغلق الزجاج وتحركت السيارة ..فقال فلم اجد غير بصقة بصقته خلف السيارة وهي تبتعد عني. هذه قصة وغيرها ..واخرى مثل ذلك الذي حلم لسنوات طويلة بناتاشا ..والساحة الحمراء ..وعندما كان يسمع موسيقى اذاعة موسكو –دار الاذاعة السوفيتية – كان يبتهج فرحا وطربا ..وتحقق الحلم وهاجر الى بلاد السوفيات ..بلاد لينين وانجلز ..فتزوج من ناتاشا وقضى سنوات طويلة وعندما ضاق به الحياة البعيدة عن واقعه كره واحتقر نفسه ..فرجع الى بلدته –عين كاوة – وبدأ حياته الطبيعية . والاخر قضى سنوات طويلة في المنفى - بلغاريا- وبعد عام 1991 عاد الى الوطن والتحق بصفوف الحزب –الحزب الشيوعي- في مصيف شقلاوة وراى التناقضات التي لا تلائم افكاره في السبعينات فقام بلكم سكرتير الحزب وفقد صوابه وهو الان مصاب بشيزوفرينيا (الانفصام) ويعيش في مدينته كركوك . هذه بعض الوقائع الواقعية ارويها لاستدل بها على الخطأ الفادح التي وقع فيها اصحاب المباديء التقدمية والتحررية أولئك الحالمون بواقع غير واقعهم وناس غير اناسهم الغارقون في الاوهام اولئك الذين انكروا او قللوا من اهمية او خطورة المال وراس المال الخبيث وسلطته الغريزية في تخريب الانفس ..وها نحن في العراق نرى اعرق حزب في العراق تأسيساً وثقافتاً وهو الحزب الشيوعي العراقي لم يحصل على اكثر من مقعدين ولولا انضمامه الى قائمة راسمالية امريكية بعثية(قائمة علاوي) كان من الممكن ان يخرج خالي الوفاض . قيل قديما (المال خادم مطيع وسيد مفسد) وعلينا ان نميز ما بين المثقف الحر الاصيل النبيل ومابين المتمثل للثقافة والاصالة والنبل ..وهناك مجموعة من الاختبارات والقياسات لتحقيق ذلك منها واهمها –المال – وكما هو معلوم هناك جانبين :- اما ان يكون المال خادم مطيع أي ان المرء هو الذي يسيطر ويتسيد المال. او ان المال هو الذي يصبح السيد ويصبح مالك المال هو الخادم . ومع الاسف الكثير من ادباءنا وشعراءنا واحباءنا الشيوعيون ( وليس كلهم )عندما انتقلوا الى المعسكر الراس مالي تحولوا الى عبيد للمال وخدم ...ومعلوم للقاصي والداني ان اغلب المثقفين العراقيين هم من الشيوعيين لذا الثقافة العراقية في ازمة حقيقية ..لان لا بد ان نضع في الحسبان ان معظم المثقفين في هذه الحالة سوف يقومون بتمثيل الثقافة او بتقمص الثقافة والنبل والاخلاق الرفيعة وبالتالي هم سوف يظهرون بالطبعة المزورة . ولكي نفهم أو نحاول أن نفهم المسألة بصورة اوسع واشمل لابد ان نجد الاجابات الوافية والكافية للاسئلة التالية أو على الأقل لمعظمها :- 1.ما هو تعريف الثقافة ؟ 2.من هم المثقفون ومن هن المثقفات ؟ 3. هل المثقفون هم فقط الشعراء والأدباء من كتّاب القصص والروايات والمقالات بأنواعها المختلفة ؟ 4. هل حملة الشهادات العليا أو الأكاديميين والذين ليس لهم نشاط أدبي أو فني أو اجتماعي أو سياسي وليس لهم غير ممارسة مهنهم كالطبابة والهندسة والمحامات والتعليم والشرطة والجيش والخ ..يمكن اعتبارهم مثقفون؟ 5. هل شيوخ واغوات ووجهاء ورجال الدين الذين ليس لهم رصيد من التعليم الاكاديمي الا قليلا بل لديهم فقط ثقل اجتماعي ومادي في مجتمعاتهم . بمثقفين؟ 6. هل يمكن أن نعتبر أولئك النساء اللواتي أنجبن وربين الرجال الصالحين والمفكرين والمؤثرين في مجتمعاتهم ..مثقفات؟ 7. هل يمكن وضع الفنانين من اهل الغناء والطرب والسينما والتلفزيون في خانة المثقفين والمثقفات ؟ واذا تم فرزهم الى مثقفين وغير مثقفين و مثقفات وغير مثقفات فما هو الية وتفسير هذا الفرز . 8. كيف يمكن ان نميز او نعرف او نفسر المفهوم الرجعي والمفهوم التقدمي ؟. 9. لماذا في الاغلب مصطلح التقدمي يفهم على انه الشيوعية ..والرجعية هو المضاد او العكس تماما ؟ 10.لماذا لا نعتبر الشيوعيون هم الرجعيون ؟على الاقل في الوقت الراهن ..وعلى اساس المتغيرات الفكرية في الساحة العالمية ..فمنتصف القرن العشرين غير بداية القرن الحادي والعشرون . 11. من هو الافضل والاكثر ثقافة ؟الزبال الذي ينظف شارع المتنبي في وسط بغداد تحت النار والدخان ام ذلك الجالس في مقهى الفاكهاني وسط بيروت يدخن النرجيل ويبيع الكلام .؟ 12. هل حقا العقل على الزمان ميزان غير ثابت ؟ 13. اين يضع الشارع العربي او الشرقي عموما بأغلبية شبابه وشاباته اليسا وهيفا وبنت عجرم وشعبوله ؟في خانة الثقافة ام في خانة السخافة ؟ 14.ماذا فعل البياتي والجواهري والسياب وسعدي والنواب بعد الهجاء والمدح ؟ والاحياء منهم لماذا لم يترجموا اقوالهم الى افعال عندما حانت الفرصة ؟ 15. اليس من المنطق ان نميز بين ثقافة الفنادق وثقافة الخنادق ؟
#عمرخان_شاه_بك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفقر افة مرضية.. ومذلة للنفس البشرية ..وجرح للكرامة الانسان
...
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|