|
الحمام الابيض يكسر الحصار
السيد نجم
الحوار المتمدن-العدد: 7772 - 2023 / 10 / 22 - 09:34
المحور:
الادب والفن
الحمام الأبيض يكسر الحصار قراءة لرواية الكاتب الكبير/ الدكتور السيد نجم بقلم محمد عباس علي داود
لا تستطيع وأنت تقرأ رواية حصار الحمام الأبيض للكاتب الكبير الدكتور السيد نجم إلا الشعور بأنها رواية حية نابضة بالاحساس متدفقة بالمشاعر، مشاهدها تمضي امامك بحركة مستمرة لا تتوقف، تندمج بكليتك في احداثها مستعيدا أياما لا يمكن ان تنسى ، تلك الأيام عشناها نحن المدنيون بمشاعر الخوف والقلق المعجونين بالأمل ونحن نرى مصر تنتفض رافضة الهزيمة وتقوم عن طريق جيشها الذي تجرع مرارة الكبوة العارضة في 1967 وقدر الأعداء انه لن تقوم له قائمة قبل خمسين عاما فاذا به في مدة قياسية لا تقاس بزمن في عمر الشعوب يهب من جديد منافحا عن سمعته وعن تاريخه وعن كرامته متحديا قوة غاشمة تساندها اعتى قوى الشر على مدى التاريخ فنحن جميعا لانقاتل دويلة اسرائيىل بل من وراءها وهم الذين يمنحونها السلاح والعتاد والتكنولوجيا والمال وكل مايمنحها القوة التي تتفوق على قوى العرب مجتمعين، نعيش الاحداث مع بطل الرواية سالم وفي ذات الوقت ننغمس مع شروح وتفاصيل لايكتبها الا من عاشها وذاق ويلات مرارتها وعرف ألم التجربة بكل ابعادها، وليس لنا هنا بكل الأحوال ان نقول انها رواية سيرة ذاتية ام لا طالما ان الكاتب لم يشر لهذا، ولكن لنا ان نقول بثقة انها مكتوبة بمداد القلب وعصير الروح وان كل حرف فيها ينبض بالحياة. نقول ينتفض جيش مصر متحديا كل المستحيلات ويقول هاانا ذا، نحن المدنيون كنا نتابع وهذا شيء طبيعي ، اما ان يكتب من داخل مطبخ المعركة قلم حاذق يعرف كيف يصور ويشرح ويعبر بجدارة عن المواقف المتعددة والازمات والأمال والاحباطات بطريقة سلسلة وكأنك تجالس أخاك في جلسة ود فترى انفعاله وتعبيرات وجهه وخفقات قلبه وهو لا يترك شاردة ولا واردة الا احصاها وتحدث عنها حديث العارف وحديث المشارك وحديث الخبير عن طريق ابرازه لحياة شخصية اعتقد انها حقيقية وربما كانت شخصية الكاتب نفسه هي شخصية سالم الابن البكري لوالديه والذي كانت ولادته متعسرة وهذا بطبيعة الحال له دلاله ثم مسيرته في التعليم ودخوله كلية بيطرية وتخرجه منها ثم سلسلة التحاقه بالجيش في عز ازمة الانكسار والتحضير للمعركة القادمة ، يقول الكاتب كل هذا بلغة كما قلت سلسلة بعيدة عن طنين الشعارات وألوان الزخرفة اللفظية ومشاكل االحشو وماإليها، لغة سهلة سلسلة طيعة قادرة على النفاذ الى قلبك لأنها من القلب . لم يترك شاردة او واردة إلا ذكرها حتى احاديث هيكل في مقالاته الاسبوعية بجريدة الاهرام بعنوان بهدوء ووصفه للطائرات الفانتوم وهى مقالات مشهورة تحدث عنها الكثيرون معترضين على اساس أنه بهذا يتسبب في خفض الروح المعنوية لمتخذي القرار والجنود وللمدنيين من ابناء الشعب ايضا، وكذلك تحدث الكاتب عن التلاحم بين المسلم والمسيحي بطريقة لا مبالغة فيها ولا تمثيل لفظي كما يحدث في كثير من الاحيان بل هو هنا يصف تلاحم دم وتعانق ارواح ومصير واحد كما في ص 189 وهو يصف الجندي بطرس زميلهم في الوحدة الطبية يجهز طعام الافطار للمسلمين والمسيحين معا فالمسيحي يوم الصيام يأبى تناول الأكل الا في نفس توقيت المسلمين، ولم ينس الكاتب وهو معني تماما بمعلوماتية الحرب وبيانتها وظروفها أن يكتب البيانات العسكرية وماصاحبها من مشاعر الجنود وتخوفهم المشروع من اطالة حالة الانتظار والترقب للحظة التحرك والعبور ثم بشائر النصر والثغرة والحصار الذي تم على الوحدة الطبية التي يعمل بها سالم ، ومن اجمل اللحظات الممتعة التي عشت معها في هذه الرواية الجندي المصري الجريح الذي كان يحتفظ بلفافة فيها جزء من العلم الاسرائيلي الممزق يعتز بها ويحتفظ بها بجوار صورة حبيبته، مشهد رائع بحق، ثم معركة الدبابات والتي قيل انها كانت اكبر معركة دبابات حدثت منذ الحرب العالمية الثانية وباعداد كبير لدرجة تناطح مواسير الدبابات ببعضها لتقاربها ، وكذلك معركة الطيران فوق المنصورة ومواجهة الطيران الميج بعدده الأقل مع طائرات الفانتوم بأعدادها الكبيرة ومقدرة الطيار المصري وعبقريته في مواجهة العدو وتكبيده أشد الخسائر واجباره على الفراروانهاء اسطورة الجيش الذي لايقهر، أيضا لم ينس الكاتيب البطل ابراهيم الرفاعي اسطورة الصاعقة الذي ارعب اسرائيل وكان يسمى الشبح لمقدرته على التخفى وفعل الخوارق من الأعمال ، وكذلك وفكرة اللواء زكي باقيفي استخدام خراطيم المياه لإزالة الساتر الترابي في خط بارليف والذي اخذ الفكرة من عمله في السد العالي كمهندس اثناء بناء السد، وكذلك تعطيل مواسير النابلم التي قال ديان انها ستحرق عظام المصريين لو فكروا في عبور القناة فاذا به بعد حرب اكتوبر يبكي طالبا نجدة اسرائيل . اهتمام كبير بالتوثيق والمعلوماتية دون اخلال بالسرد ودون استعراض عضلات المعلومات بل هو سرد ضمني لا تمثيل فيه ولا حشو، بطريقة طبيعية مرتبطة بالاحداث سلسه استطاع الكاتب بها أن يقدم لن اقول وجبة بل ملحمة هائلة للجنود البسطاء ومقدرتهم الهائلة على التحمل وعلى البذل وعلى التضحية بالنفس في سبيل هدف واحد اسمه بلدي كما ذكر الكاتب وهو يتحدث عن الاغاني المصاحبة لتلك الفترة وتوثيقها وذكر وقت اذاعتها .بلدي تلك الكلمة الساحرة التي تدور حولها مشاعر البسطاء والكبار والصغار المتعلمين وغير المتعلمين وكأن خلايا المصري قد خلقت ومعها حب البلد لن اقول الوطن فهو كلمة فصحي للكتب والأشعار اكثر، ولكن بلدي كلمة شعبية عامية فيها حميمية وترابط واندماج يشعرك انها منك وانت منها، وهي في ذات الوقت فصحي يستخدمها البسيط والمثقف والكبير والصغير .. وكنت الى ما قبل الخاتمة اتساءل عن العنوان وارتباطه بالعمل فاذا به يقدم صورة ولا اروع يمتزج فيها السلام بالحرب والحمام بالبارود وهو يطير لا يملك إيقافه مخلوق ، ولولا وجود اخطاء املائية ونحوية بالرواية لكانت المتعة اكبر لكن هذا لا يقلل بحال من تقديري للكاتب الذي وهب قلمه ومداد روحه ليكون معبرا بصدق عن هذه الفترة من تاريخ مصر في كتاباته المتعددة للكبار وللأطفال ايضا. لذلك اعتقد ان هذه الرواية ستكون مرجعا للكثيرين للتحدث عن هذه الفترة . اولا لاهتمامها بالتفصيل البسيطة والدقيقة للأحداث وحتى الاغنيات المصاحبة لها وحال البلد وقتها وشعور الجنود والمدنيين وارتباط الجميع بقائد المسيرة ايامها جمال عبد الناصر الذي ولأول مرة في التاريخ رغم هزيمته يتمسك به الشعب ويصر على عودته رافضا التنحي طالبا منه الاعداد لمعركة الثأررافعا شعار مااخذ بالقوة لايسترد بغير القوة، وثانيا لتوخي الصدق والمعلومات الموثقة التي اوردها الكاتب. اخيرا أقول شكرا دكتور سيد فقد استمتعت بالرواية كثيرا، عشت معها وتابعت بشغف شديد احداثها وكل تمنياتي لك بمزيد التوفيق إن شاء الله
#السيد_نجم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسرار ودوافع الكتابة للطفل عند السيد نجم
-
اسرار النزهة المؤجلة
-
النيل والثورة والناس فى ضجيج الضفادع للسيد نجم
-
نقد لى/ مجموعة قصص -كمستير- لجعفر العقيلى.
-
-رئيس التحرير بين الرواية والسيرة.. قراءة للسيد نجم
-
ابداع التجربة الحربية المصرية لمعارك اكتوبر 73
-
قصة من التراث للصغار- الاخوة المغامرون
-
التقنية الرقمية تبدع مسرحها.. المسرح الرقمى
-
ملف -السيد نجم أديب المقاومة-
-
المنتج الثقافى لثورة 25يناير.. تحت المجهر
-
ملامح ثقافية وأدبية مع ثورة25يناير
-
عالم -نجيب محفوظ- فى أضخم ببليوجرافيا!
المزيد.....
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|