أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - باسم المرعبي - سيرة بطاقة هوية -10- الرؤيا العجيبة المنقذة














المزيد.....

سيرة بطاقة هوية -10- الرؤيا العجيبة المنقذة


باسم المرعبي

الحوار المتمدن-العدد: 7767 - 2023 / 10 / 17 - 14:52
المحور: سيرة ذاتية
    


مع بطاقة هوية اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، التي جاءت في توقيت، بدا كما لو أنه مخطط له، أستطيع القول أن حياة جديدة قد كُتبت لي. إذ كم من المواقف الخطرة والحرجة لم يكن بالإمكان اجتيازها لولا هذه البطاقة ـ كما سيأتي تفصيل ذلك في قسم لاحق ـ وكأنها، أي البطاقة، كانت أداة من لدن مقدرة عليا شاءتها لي، لتمدّني بأوقات إضافية من الحياة والحرية، كما أنها في الوقت ذاته منحتني فرصة مديدة للتمرد والعصيان على النظام الذي كان يواصل عمله وخططه بإرسال الشباب إلى محرقة الحرب أو إلى ساحات الإعدام، بالنسبة للرافضين، وحتى أولئك الذين هم فعلياً في جبهات القتال لم ينج الكثير منهم، من الموت ببنادق فرق الإعدام، بدعوى التخاذل. وذات ليلة وفي مناخ القلق والضغط النفسي، والترقّب هذا، ولم يتبقّ سوى شهر وربما أقل على انتهاء تاريخ صلاحية بطاقة الهوية التي أحملها، كنت أفكر في كيفية الخلاص من مأزق كهذا، فإذا كانت الأمور حتى هذه اللحظة تسير بشكل آمن نسبياً، فإنه مع نفاد صلاحية الهوية تنتفي تماماً الإمكانية لأيّ فسحة أمان، إلّا ما شاء الله.
لم يكن أمامي سوى خيارين، إما الاستسلام لتنفيذ قرار الفصل الذي تنص التعليمات الداخلية له، على إلحاق الطلبة المشمولين به بالخطوط الأمامية لجبهات القتال، وبالفعل فقد قُتل بعض الطلبة جرّاء ذلك، وهو ما حدثني به أحد الأصدقاء معي في الكلية، ممن شملهم قرار الفصل وكان على درجة كبيرة من القلق، إذ كان ينوي مراجعة دائرة التجنيد الخاص به، تنفيذاً للقرار، بعد تردد استغرق شهوراً. وهو ما لم يخطر لي على بال، ولم أكن مستعداً لتنفيذه بأي حال، حتى مع العيش تحت ظل التهديد بحكم الإعدام، فبقيت على موقفي متجاهلاً قرار الفصل، وكأني لست معنياً به. وكان الموقف على الصعيد النفسي، بالنسبة لي، بالغ الحساسية، فلم أكن لأستوعب أو أريد التسليم بالأمر الواقع الذي يعني انتزاعي المباشر من مقاعد الدراسة، وزجّي في عالم مجهول لا أعرف عنه شيئاً ولا أريده، هو عالم العسكرية والحرب، وما يُفاقم من مشاعر السخط والإحباط لدي أنه لم يتبق لي، عملياً، سوى بضعة أشهر على التخرج. على أن السخط والتمرد ما كانا ليخفّفا من وقع وواقع الخسارة التي مُنيت بها في دراستي ومستقبلي المهني، خاصة وأني كنت شغوفاً باختصاصي، حدّ التقديس، فكنت كالراهب الذي يمارس بإخلاص، العبادة في صومعته. هذا ما كان يمثله لي قسم المسرح الذي اخترت دراسته عن حب ووعي وتصميم. لكل ذلك كان قراري البات هو عدم الامتثال لعقوبة الفصل، احتجاجاً ورفضاً للقرار ومصدر القرار وظروف القرار.

الرؤيا العجيبة المنقذة

في غمرة الهواجس وتلاطم الأفكار في رأسي، وأنا مستلقٍ على فراشي، غفوت تلك الليلة، وكنت لا أزال أسكن الشقة المستأجرة في مدينة الشعب، وإذا بي أرى رؤيا عجيبة، لا يمكن وصفها إلّا بالمعجزة، فقد حلمت أني كنت في المدينة المنورة، مدينة الرسول الكريم (ص)، وثمة إيحاء وتذكير بأحد أسمائها، وهو "طيبة". كان جو الرؤيا مغموراً بموسيقى على درجة من الجمال لا يمكن وصفه حقاً، وصوت يتردّد، لن أنساه ما حييت، وكيف يُنسى صوت كهذا وهو يتكرر أكثر من مرّة، مخاطباً إياي: "إنّ الله قريبٌ منك. إنّ الله قريبٌ منك". صحوت وأنا ممتلىء بالثقة والسرور والشكر لله على هذه الرسالة، وقد كانت بمثابة جواز مرور لي. وصرتُ، على هذا الأساس، أتصرّف باطمئنان، لكن دون نسيان الحذر. وأول شيء فعلته في صباح ذلك اليوم، هو أن عمدت إلى بطاقة الهوية التي بحوزتي ومدّدتُ تاريخ صلاحيتها سنتين إضافيتين، بشكل غير متقن وبدائي، وما أعقب ذلك من مغامرة، كما تم تفصيل ذلك في القسم الثاني من هذه السيرة. ورغم كل هذه المخاطرات والمجازفات في جو أمني ملتهب، إلا أن العناية الإلهية كانت هي التفسير للنجاة من تلك المواقف الخطرة التي مررت بها. وقد عرفت من تجربتي الشخصية والحديث هنا عن هذه الجزئية، بشكل خاص، من سيرتي الحياتية عموماً، أن ما من شيء خاضع للصدفة، وإنْ بدت الأمور أكثر الأحيان، وفي مسارها العام أنها كذلك. وهو ما ينطبق على الكون، كذلك، أي أنه محكوم بالقانون ذاته. ما أومن به أيضاً أن زمن المعجزات لم ينقض، بل أن في كل آن تقع معجزة. أتحدث هنا من منطلق من عايش وخبِر هذا الشيء، وحتى اللحظة.
15ـ10ـ2023
يتبع



#باسم_المرعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة بطاقة هوية -9- وأخيراً البطاقة الذهبية!
- سيرة بطاقة هوية -8- إفلات يعقبه استجواب!
- سيرة بطاقة هوية -7- معجزة كوب الشاي
- سيرة بطاقة هوية -6- مطارَد لا يريد أن يستسلم بسهولة
- سيرة بطاقة هوية -5- حقيبتي في يدي وفي جيبي بضع قصائد
- سيرة بطاقة هوية -4-
- سيرة بطاقة هوية -3- وقائع هروب فاشل
- سيرة بطاقة هوية 2 القرار المكلّف
- سيرة بطاقة هوية -1-
- مأثرة الصفاء الشعري في-مخطوف من يد الراحة- لمُبين خشاني
- بياني الشعري: لئلّا تحكمنا التماثيل، طويلاً!
- الكاتب وصخرة اللغة
- عن علاقتي بمؤامرة محمد عايش 1979!
- -بطنها المأوى- لدُنى غالي: روايةُ وقائع لم تحدث!
- -العذراء على النيل-*: حين تكون اللغة إنذاراً بإبادة مُضمَرة
- شمسُ نهارٍ شتائيّ
- زهير الجزائري -في ضباب الأمكنة-: نشدان أبدية المكان
- مرجعية السيستاني أم مرجعية إرنستو ساباتو؟
- أحلامي: نبوءات، سيَر أدباء وسياسيين
- من أجل الكلمة الوحيدة قصيدتان


المزيد.....




- الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة ...
- عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير ...
- كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق ...
- لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟ ...
- مام شليمون رابما (قائد المئة)
- مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
- مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة ...
- إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا ...
- نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن ...
- وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - باسم المرعبي - سيرة بطاقة هوية -10- الرؤيا العجيبة المنقذة