غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 7766 - 2023 / 10 / 16 - 21:56
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الهوس بالسلطة هو ظاهرة تشمل العديد من الثقافات والمجتمعات حول العالم، ولا يقتصر على الشرقيين فقط. إلا أنه يمكن أن يتجلى بشكل مختلف في ثقافات مختلفة
ومنها ثقافة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ,لأسباب تاريخية
، يمكن تعريف الهوس بالسلطة بأنه الرغبة المفرطة والمستمرة للفرد او مجموعة في السيطرة والتحكم والتأثير على الآخرين والسيطرة على الموارد والمؤسسات. يكون للهوس بالسلطة تأثيرا سلبيا على الفرد الذي يعاني منه وعلى المجتمع بشكل عام
من الصعب تعميم الهوس بالسلطة على الشرقيين كمجموعة واحدة لأنهم بالأساس ليسوا مجموعة واحدة متجانسة، حيث إن الثقافات الشرقية تشمل مجموعة متنوعة من الدول والشعوب والتقاليد. هناك أشخاص في الشرق الذين يميلون إلى السعي وراء السلطة والتحكم، ولكن هذا لا يعني أن جميع الشرقيين يعانون من الهوس بالسلطة, لا ان الأغلبية تعاني من هذا الهوس,
يؤدي الوعي المنهزم والسياسة الرعناء والتوق الى القيادة والتفوق الاجتماعي, وهو من بين العوامل التي يمكن أن تعزز الهوس بالسلطة في أي مجتمع. وقد تؤثر العوامل الثقافية والتاريخية والاجتماعية في تشكل وتطور هذه الظاهرة
تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الشرقيين الذين يعملون على تعزيز العدالة والمساواة وعدم التمييز، ويسعون للعمل بشكل مستقل وتحقيق أهدافهم الشخصية دون التشبث بالسلطة.
هناك عدة عوامل ثقافية يمكن أن تؤثر في تشكل الهوس بالسلطة في بعض المجتمعات. ومن بين هذه العوامل
التقاليد والقيم الاجتماعية: قد تكون هناك تقاليد وقيم اجتماعية تعزز أهمية السلطة وتعطي قيمة خاصة للأفراد الذين يتمتعون بها. على سبيل المثال، قد تكون هناك ثقافات تعتبر القوة والقدرة على التحكم هي صفات مرغوبة وتحظى بتقدير عالٍ
التربية والتعليم: يمكن أن يؤثر نوع التربية والتعليم الذي يتلقاه الفرد على نظرته للسلطة وتعامله معها. على سبيل المثال، التربية التي تركز على الطاعة المطلقة والاحترام الكبير للسلطة قد تسهم في تشكل هوس بالسلطة
التاريخ والتقاليد السياسية: تاريخ المجتمع وتجاربه السياسية قد تؤثر في تشكل الهوس بالسلطة. على سبيل المثال، الثقافات التي شهدت نظمًا سياسيًة مركزية أو دكتاتوريًة قويًة قد تشجع على ارتفاع قيمة السلطة وتجعل الأفراد يسعون للحصول عليها
التفاعلات الاجتماعية: تتأثر النظرة للسلطة والهوس بها بالتفاعلات الاجتماعية في المجتمع. على سبيل المثال، إذا كان هناك أنماط اجتماعية تشجع على التفوق والتمييز الاجتماعي، فقد يزيد ذلك من رغبة الأفراد في الحصول على السلطة لتحقيق الاعتراف والمكانة الاجتماعية, وذلك لتدني المستوى الاجتماعي لبعض الافراد
الوسائل الإعلامية والثقافة الشعبية: يمكن أن تؤثر الوسائل الإعلامية والثقافة الشعبية على تشكل الهوس بالسلطة. على سبيل المثال، إذا كانت الثقافة الشعبية تمجّد الشخصيات القوية والمتحكمة، فقد يؤثر ذلك على تصور الأفراد للسلطة والرغبة في الحصول عليها
يجب ملاحظة أن هذه العوامل ليست قائمة شاملة، وقد يكون لكل مجتمع عوامل ثقافية محددة تؤثر في تشكل الهوس بالسلطة. كما يجب أن نذكر أن هذه العوامل ليست بالضرورة تعزز الهوس بالسلطة في جميع الأفراد, يعتبر الهوس بالسلطة ظاهرة نفسية تتعلق بالسعي المفرط والمستمر للسيطرة والتحكم والتأثير على الآخرين واستغلال الموارد والمؤسسات. هذا النوع من الهوس يتجاوز الثقافات والجغرافيا، ويشمل الناس مختلف الخلفيات الثقافية
والنظم السياسية والاقتصادية: يمكن أن تؤثر النظم السياسية والاقتصادية في تشكل الهوس بالسلطة. في النظم السياسية المركزية أو الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية القوية، قد يكون هناك رغبة متزايدة في السيطرة على الموارد والمؤسسات والنفوذ
الهوس بالسلطة في حقيقته هو اضطراب نفسي يتعلق برغبة مفرطة ومستمرة في السيطرة والتحكم والتأثير على الآخرين. يمكن أن تلعب العديد من العوامل النفسية دورًا في تشكل هذا النمط السلوكي، ومن بين هذه العوامل
الحاجة للسيطرة والأمان: قد يكون لدى الأفراد الذين يعانون من الهوس بالسلطة حاجة قوية للسيطرة والأمان. قد يكونون يشعرون بالقلق والعجز عند فقدان السيطرة، وبالتالي يسعون بشكل مفرط للحفاظ على السيطرة والتحكم في البيئة من حولهم
النقص الذاتي والثقة الضعيفة: يمكن أن يكون للأفراد الذين يعانون من الهوس بالسلطة نقص في الثقة بالنفس والشعور بالقيمة الذاتية. يقومون بالاعتماد على السلطة والتحكم كوسيلة لتعزيز شعورهم بالأهمية والقدرة
الرغبة في التميز والتفوق: قد يكون لدى الأفراد الذين يعانون من الهوس بالسلطة رغبة قوية في التميز والتفوق على الآخرين. يرون أن الحصول على السلطة يمنحهم المكانة الاجتماعية والاعتراف الذي يسعون إليه
الشعور بالعدم الكفاية والضعف: قد يعاني الأفراد الذين يعانون من الهوس بالسلطة من شعور دائم بالعدم الكفاية والضعف. يعتقدون أن الحصول على السلطة والتحكم يعزز شعورهم بالأهمية والكفاءة
الرغبة في تعويض الصعوبات النفسية: يمكن أن يكون للهوس بالسلطة دور في تعويض الصعوبات النفسية الأخرى. قد يكون للأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب تحديات نفسية مثل الضغط النفسي أو الشعور بالضعف، ويستخدمون السلطة كوسيلة لتقليل هذه الصعوبات والشعور بالقوة والتحكم.
من المهم أن نلاحظ أن هذه العوامل النفسية ليست قائمة شاملة، وقد يكون لكل فرد عوامل نفسية فردية مختلفة تساهم في تشكل الهوس بالسلط الهوس بالسلطة يعتبر امتداد لسلطة الأله في الثقافات البدائية
لدى البعض أن الهوس بالسلطة يعتبر بالضرورة امتدادًا لسلطة الآلهة في الثقافات المعاصرة. لكنه اضطراب نفسي يحدث على مستوى الفرد، ويتعلق بالرغبة المفرطة في السيطرة والتحكم على الآخرين
ومع ذلك، فإن الهوس بالسلطة يمكن أن يحدث في جميع الثقافات والمجتمعات، بغض النظر عن تشبعها بالثقافات البدائية أو المتقدمة. إنه اضطراب نفسي يتأثر بعوامل متعددة مثل الوراثة والبيئة والعوامل النفسية الشخصية، بالإضافة إلى الثقافة والتراث
هناك أدلة تشير إلى أن الوراثة يمكن أن تلعب دورًا في تطور الهوس بالسلطة. الأبحاث العلمية قد أظهرت أن هناك عوامل وراثية محتملة ترتبط بالعرض العام للشخصية والصفات المرتبطة بالهوس بالسلطة
دراسات التوائم قد وجدت أن الخصائص المرتبطة بالهوس بالسلطة قد تكون مرتبطة بعوامل وراثية. فعلى سبيل المثال، قد تكون هناك توابع وراثية للسمات الشخصية مثل الثقة بالنفس والرغبة في التحكم والاستقلالية التي يمكن أن تزيد من احتمالية ظهور سلوكيات الهوس بالسلطة
التجارب الحياتية يمكن أن تلعب دورًا هامًا في ظهور سلوكيات الهوس بالسلطة. الأحداث والتجارب التي يمر بها الفرد خلال حياته قد تؤثر في تشكل شخصيته ونمط سلوكه، بما في ذلك الرغبة المفرطة في السيطرة والتحكم وانهزام الوعي امام تحديات العصر
الدين يمكن أن يلعب دورًا في تطور الهوس بالسلطة في بعض الحالات، وذلك بناءً على الثقافة الدينية والمعتقدات المتعلقة بالسلطة والتحكم. هناك عدة طرق يمكن للدين أن يؤثر بها على تشكل سلوكيات الهوس بالسلطة
إلهية السلطة: في بعض الأديان، يُعتقد أن السلطة والقوة تنبع من الاله أو الكيان العلوي. قد يؤدي هذا المعتقد إلى احترام قوة السلطة وتمجيدها، وبالتالي يعزز الرغبة في السيطرة والتحكم على الآخرين
الهيكل الديني والقيادة الروحية: في بعض الأديان، يوجد هيكل تنظيمي وقيادي محدد، حيث يتم تعيين القادة الروحيين والحاكمين. يمكن لهذا النظام الديني أن ينشئ بيئة تشجع على الهوس بالسلطة، حيث يحاول الأفراد السعي للوصول إلى المراتب العليا والحصول على السلطة والتحكم في المجتمع
القوانين والتوجيهات الدينية: يمكن للقوانين والتوجيهات الدينية أن تؤثر في تشكل سلوكيات الهوس بالسلطة. قد تتضمن بعض الأديان تعاليم تنص على الطاعة والانقياد للسلطة الدينية، وبالتالي يمكن أن يحفز ذلك الأفراد على رغبة مفرطة في السيطرة والتحكم بناءً على الاعتقادات الدينية
ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الدين يختلف من ثقافة إلى أخرى ويتنوع في العقائد والممارسات. لذلك، لا يمكن العمومية بشأن تأثير الدين في تطور الهوس بالسلطة. يعتمد الأمر على السياق الثقافي والديني الذي يحدد النظرة إلى السلطة والتحكم فيها,لكن يبقى الهوس السلطوي دليلا على انهزام الوعي المعرفي وتهافته امام التحديات الحضارية..
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟