|
في ضرورة النقد والنقد الذاتي:الحركة الامازيغية نموذجا
محمد انعيسى
الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 11:54
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
ـ 1) مفهوم النقد ماذا يعني النقد؟هل النقد لون من ألوان الابداع ؟ أم أنه ذلك الاحتجاج الأعمى على أفكار معينة وسلوكات معينة؟ بالرغم من تعدد مفاهيم وتعاريف النقد وتنوع أساليب استعماله ،فاجمالا يمكن القول أن النقد يتضمن أساليب المراجعة والتقييم للأفكار والوقائع والأفعالالتي تنطلق من معايير معينة ،كما أن هدفه الأسمى هو الكشف عن التناقض بين فكرة معينة وفعل معين مع واقعيتها وموضوعيتها مع العمل على رفعها وتجاوزها ،ولا يخلو تاريخ الانسانية من النقد باعتبار هذا الأخير هو التعبير الحي والفعال على نضج الوعي ،فطبيعي أن يكون النقد الذي يكتفي بالتهجم على الآخر ونفي الواقع القائم ونقضه وتعرية أخطاء هذا الواقع في أدنى المستويات ، وهذا ما نقصد به بالنقد السلبي ( أو الهدام)لأن هذا النوع من النقد لا يقدم بديلا عمليا وفعليا بغية تجاوز ما قائم ،أما النقد البناء فهو ذلك النقد الذي ينبني على معطيات معينة ويعمل على اكتشاف الأخطاء للاستفادة منها ،والعمل على تجاوزها ،والتوقف عند مكامن الخلل، لهدف عدم تكرار الأخطاء في المستقبل ، وربما من خلال النقد قد تظهر أفكار جديدة لم تكن في الحسبان، وهكذا فالنقد صيرورة ، أي لا يمكن فصله عن التاريخ ، وبهذا يصبح النقد تاريخيا أو على الأقل زمكانيا . هكذا نخلص الى أن النقد هو الجهد العقلي والعملي لعدم تقبل الأفكار وأساليب الفعل والسلوك والظروف الاجتماعية والتاريخية وسائر العلاقات التي تربط الانسان بأخيه الانسان بعالمه ومجتمعه تقبلا أعمى .وبالتالي فالنقد ليس أقل مستوى من الابداع ،بل هو الابداع نفسه أحيانا. النقد اذن يستلزم بالضرورة اضفاء صفة التاريخية والصيرورة على الفكر البشري ، اذ أن السلوكات والافكار التي تنتج في زمن معين لا يمكن ان نحكم عليها بالسلب أو بالايجاب انطلاقا من زماننا ، وقد عبر عن ذلك الفيلسوف هيجل حين قال أنه لا يمكن لمفكر أو فيلسوف قديم عنا أن يفكر لنا وعوضا عنا ،والافكار والمعطيات التي تبدو لنا اليوم صحيحة وغير قابلة للنقاش قد تكون في المستقبل القريب عرضة للسخرية والاستهزاء . والنقد ملازم للفكر بمعنى أن أي فكرة كيفما كانت تحمل بين طياتها عملية نقدها ، والنقد لا يمكن أن يسبق التاريخ الا في حالات شاذة ،لهذا نؤكد بالضرورة على التزامن النسبي بين الفكر والنقد ، أو على الأقل ان لم يكن تزامنا فان النقد يلحق الفكر غالبا ، ويكفي أن نقوم بجولة في تاريخ الفكر البشري لنستشهد على ما ندعي،فهذا ماركس ينتقد هيجل ،وهذا ابن رشد ينتقد الغزالي ... الخ، وعموما لا يمكن فصل عملية النقد عن الايديولوجية باعتبار هذه الأخيرة نسق من التمثلات .وبخصوص علاقة النقد باليديولوجيا فقد أسلفنا الذكر ان أية عملية نقد لا تخلو من رؤية معينة للامور وخير دليل على هذا بروز مدارس كبرى تحمل أسماء من قبيل النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت ، اذن فالنقد بالضرورة عملية لا يمكن فصلها عن الايديولوجيا ، فاما ان يكون النقد مدعما لطرح ايديولوجي معين ، أو يكون على النقيض من ذلك وقد يكون النقد حياديا أو موضوعيا ومع ذلك فهو مدعم لايديولوجية معينة . رغم اننا لا ننكر وجود نقد عام يهدف الى التطور والرقي فانه ليس للنقد مقياس عام يقبل الجميع لنحتكم اليه. 2ـ مستويات النقد : بعد عرضنا لمفهوم النقد واقترابنا منه أكثر سنقف عند مستوياته ، بمعنى آخر ماهو أبسط أنواع النقد ؟ ومتى يرتقي النقد ليبلغ ذروته ؟ لا نختلف في كون أن جميع الناس يعرفون كما قال اينشتين ، ومادام الناس يعرفون فانه من السهل عليهم ان يقوموا بعملية النقد،فهناك من ينتقد بالكلام أو بفعل سلوك ، وهناك من يكتفي بالصمت وهو نقد في حد ذاته لكن ما هو النقد البسيط أو النقد الذي يشترك فيه جميع الناس بمختلف مشاربهم ومستوياتهم المعرفية؟ انه نقد السلوكات . ـ نقد السلوكات طبعا لا ينتقد الانسان سلوكات الحيوانات لان هذه الاخيرة غير واعية بذاتها وحتى اذا ما انتقدت فان هذا النقد لا جدوى له.وهذا ما يجعل الانسان ينتقد أخاه الانسان عندما يحس هذا الاول ان هذا الثاني دخل بسلوك معين الى المملكة الحيوانية ، وكما قلنا فهذا النقد من ابسط انواع النقد لان جميع الناس بامكانهم القيام بذلك ، وقد أضفينا على هذا النوع من النقد صفة البساطة لأنه بين طرفين غير متوازنين لأن المنتقد يحس في هذه الحالة ان مستواه أرقى من المنتقد(بفتح القاف)،وهذا النوع من النقد له مبرراته ويمكن اجمالها في كون ان الناقد مقيد بمعطيات الواقع والمجتمع وبالتالي ما على المنتقد (بفتح القاف)الا أن ينضبط للقوانين والاعراف المحددة مسبقا ،وعموما فان نقد السلوكات هو نوع من التواصل بين عقلين ، ولهذا لا ننتقد سلوكات الحيوانات اذا ما قامت بسلوك غير عادي بل نكتفي بالضحك فقط والضحك ما هو الا نوع من النقد من جانب واحد (من الانسان) لان الطرف الثاني (الحيوان) غير عاقل وبالتالي ليست له قدرة على استيعاب النقد الموجه له ، كما لا ننتقد الطبيعة عندما تنزل علينا بكوارث ،بل نكتفي بالهروب وأخذ الحذر ، وقد نلتجىء الى رفع دعاء الى السماء لتتوقف هذه الكوارث ،وهذا نقد من نوع آخر لاننا لا نقبل هذه المعطيات، وهذا ما يجعلنا نلجأ الى الدعاء لان الطرف الآخر هنا لا يحاورنا (الله لا يحاور) وهكذا نسلم امرنا للواقع. ـ نقد الأفكار قلنا أن أدنى مستويات النقد هو نقد السلوكات (سلوك البشر) ،ويعتبر نقد الأفكار أرقى مستوى من نقد السلوكات لأنه ليس من السهل على كل أنسان أن ينتقد الأفكار ،وحتى ما اذا انتقدت فكرة معينة فانه من الضروري الاتيان بفكرة بديلة عن الفكرة المنتقدة، وعموما لا يمكن فصل التكوين النفسي والفزيولوجي للانسان عن الأفكار التي يطرحها ، وبالتالي الأفكار التي ينتقدها.لكن السؤال المطروح هو لماذا ننتقد أفكارا ونقبل بأفكار أخرى؟ الجواب ربما لأن اقحام الذات في الموضوع هو المسؤول عن هذا ،وهكذا فلا يمكن ان نخرج عن تكويننا النفسي والاجتماعي والاطار الفكري عامة،وليس بمقدورنا أن نخرج من هذه الحدود المحددة مسبقا .وخلاصة القول أن أقحام الذات في الموضوع يحول دون النقد البناء ،ونقد فكرة معينة يستلزم بالضرورة فهم هذه الفكرة اولا قبل الاقدام علىنقدها ،فغاية نقد الأفكار هي تقديم أفكار جديدة لبناء مجتمع انساني ارقى ،وما نقد فكرة الا محاولة لتصحيحها وتطويرها.اذن فنقد الفكر يفتح بابا امام تطو ر المعارف الشخصية وبالتالي امام تطور المجتمع لان المجتمع هو مجموعة من الأفراد تربطهم علاقات ..،وهكذا لا يجوز لنا على أي حال من الأحوال ان ننكر ما للأفكار القديمة من فضل في تقدمنا ، لكن اعترافنا هذا لا يمنعنا من نقد هذه الافكار والتطور بالأفكار الجديدة حسب مقتضيات الوقائع والمستجدات ، وهذا هو نقد الافكار الذي نقصده ،وليس التعسف على كل الأفكار ورفضها بدعوى أنها قديمة ولا تصلح لنا ،فنقد أينشتين لنيوتن ما هو الا فهم جديد لانشتين لنظرية نيوتن وربما لو لم يكن نيوتن لما كان اينشتين ،وفي هذا الصدد يقول ميشيل فوكو: (ليس الفكر ما يجعلنا نؤمن بما نفكر أو نرضى بما، نفعل بل الفكر ما يجعلنا نطرح مشكلة ما نحن عليه بالذات ). فنقد أية فكرة لا بد أن ينصب حول مشكلة ما نحن عليه بالذات . ـ نقد المنظومات الفكرية ( الايديولوجيات ) بعد استعراضنا لنقد السلوكات ونقد الافكار فطبيعي أن يكون نقد الايديولوجيات ارقي ما يكون ،طبع لان نقد أية منظومة فكرية يستدعي بالضرورة فهم هذه الايديولوجيا أولا وتقديم رؤية بديلة ثانيا ،وهذا من أصعب ما يكون على الانسان ،لأن الايديولوجيا نسق من التمثلات لفهم العالم ،وعند الاقدام لنقد أية ايديولوجيا يجب التوقف عندها كمنظومة فكرية وليس كمجموعة من افكار منفصلة ، فنقد الماركسية مثلا أو الرأسمالية ليس من السهل على أي كان ان يمارس عليهما عملية النقد، اذ ان نقد أي منظومة فكرية لا بد من انقادها كبنية تعرف علاقات دقيقة بين جل العناصر المكونة لها ، وليس الاكتفاء بنقد تمظهرات وعناصر معينة يسهل على أي كان أن ينتقدها ،فانتقاء مجموعة من العناصر من منظومة فكرية وانتقادها لا يدخل في اطار نقد الايديولوجيات بل يدخل ضمن نقد الأفكار الذي تحدثنا عنه في الفصل السابق ،طبعا اذا ما ارتقى هذا النقد الى نقد الأفكار ، أما أن يكون النقد نقدا هداما مثل النقد الذي عودنا عليه المتاجرين بالدين باعتبار أن جميع الأفكار التي تختلف عن أفكارهم أفكار غير صحيحة، فالمنظومة الماركسية مثلا يلخصونها في انها فكر الحادي، والمنظومة الليبيرالية في أنها منظومة الانحلال الخلقي والديني، فلا يعتبر نقدا لا في اطار نقد الأفكار أو في اطار نقد الايديولوجيات .لان هذا النقد يكتفي بالتهجم على الآخر باعتباره شرا ضد الذات ،فنقد أية منظومة فكرية هو من قبيل المغامرة لانه يستدعي ( أي النقد) جهدا عقليا وعمليا رفيعا كي يتسنى كشف التناقضات ومدى عدم انسجام العناصر الداخلية المكونة لهذه المنظومة الفكرية. ومن بين الايديولوجيات المنتقدة (بفتح القاف) هي ايديولوجية الدولة ، وحيث وجدت دولة وجد معارضين لها وفي هذا الصدد يقول احد المفكرين الفرنسيين : (عندما تبدو الدولة كجحيم ،فغالبا ما يكون هناك أناس يريدون اقامة الجنة على الارض).فمن طبيعة البشر ان ينتقدوا كل سلطة لانهم ميالون الى الحرية، والسلطة ما هي الا الحرية الراقية التي يتمتع بها المتسلط، فاحداث التاريخ تؤكد لنا قيام ثورات على ثورات ،وكل ثورة قامت كانت في الأصل دعوة الى الحرية. الخلاصة ان نقد المنظومات الفكرية لا بد وان ينصب على جل العناصر المكونة لتلك المنظومة ، بعيدا عن النقد الهدام الذي غالبا ما يقحم الذات في الموضوع ،ويحول دون قيانم نقد موضوعي علمي حيادي. ـ النقد الذاتي : متى يصل النقد ذروته ؟ متى يسمو النقد؟ هل عندما يتعلق الاملر بالنقد الذاتي ام في حالات أخرى؟ لابد في البداية أن نشير الى ان كل البشر معرضون للقيام بأخطاء ،وق يرتقي الانسان الى الاعتراف بأخطائه وهذا ما نسميه بالنقد الذاتي ،وهذه الأخطاء يمكن ان تكون عن وعي او بغير وعي ،لكن المهم هو ان تقدم الذات عن انتقاد ذاتها ،وفي هذه الحالة يرتقي النقد الى اعلى مستوياته لان نقد الذات أمر صعب وليس بمقدور اي كان ان ينتقد ذاته .والنقد الذاتي هو الذي يجعل المجتمعات تتقدم الى الامام لان النقد الذاتي هو محاولة لتجديد الذات واعطائها طاقة جديدة لتستمر في العطاء ، وليس من الضروري ان يرتبط النقد الذاتي بالفرد وفقط ، بل ان النقد الذاتي هو صفة ملازمة لأية حركة سياسية او هيئة كيفما كانت ،وهكذا مثلا نجد مثلا لينين في كتابه مالعمل يقف عند ما يجب عمله في ظل مستجدات عرفها المجتمع الروسي ، بل ان سؤال مالعمل يكاد يطرحه جل السياسيين في العالم عبر التاريخ . فالنقد الذاتي يفتح بابا للتقدم، وكشف الاخطاء لتجنبها مستقبلا ،لتكون الذات منصفة للتاريخ لان اختزال الفشل في الظروف الموضوعيةوفقط هو ضرب من الأوهام وهروب من قصور الذات .وهكذا نخلص الى ان النقد الذاتي أو نقد الذات يستلزم بالضرورة الوقوف عند الاخطاء ومحاولة تفاديها في المستقبل ، لا البكاء على الاطلال والتغني بمجد الماضي . ـ 2) الحركة الأمازيغية بالمغرب بين النقد والنقد الذاتي : ـ الحركة الامازيغية والنقد الحركة الامازيغية هي الحركة التي تناضل من اجل القضية الامازيغية سواء على مستوى ثامزغا أو على مستوى المهجر ،وقد راكمت هذه الحركة على جميع المستويات منذ بروزها الى الآن .وأول ملاحظة يمكن ان نستشفها من خلال أدبيات هذه الحركة وخطابها كونها ا حركة انتقادية ،وهذا يعني انها تبني خطابها أساسا على بناء الذات ونقد الآخر الذي لم يحمل على عاتقه النضال من أجل القضية الامازيغية ، بل الأكثر من هذا ذهب هذا الآخر الى معاداة القضية الأمازيغية،ونقد الآخر مسألة طبيعية اذأن منطق السجال والمقارعة الفكرية يقتضي ذلك.أما مستوى النقد عند الحركة الامازيغية لا يمكن اقراره الا ضمن نقد الايديولوجيات باعتبار أن القضية الأمازيغية أقصيت من طرف ايديولوجيات مضادة وهذا الاقصاء كان ممنهجا بطبيعة الحال. ويمكن ان نقول ان الحركة الاسلاموية بالمغرب ،والحركة اليسارية أهم حركتين توجه لهما الحركة الامازيغية سهام النقد باعتبار هاتين الحركتين تقدمان مشروعا مجتمعيا بديلا حسب زعمهما طبعا ، بالاضافة الى النظام المخزني الذي اقصى بدوره قضية الشعب المغربي، بل هو المسؤول الاول عما آلت اليه وضعية الامازيغية بالمغرب. ـ الحركة الامازيغية ونقد ( الحركة الوطنية ) توجه الحركة الامازيغية نقدا لاذعا للحركة الوطنية التي ظهرت في الثلاثينيات من القرن الماضي ،وقد استغلت هذه الحركة صدور الظهير الاستعماري 16 ماي 1930 الذي أصدرته فرنسا لغاية تنظيم القبائل ذات الأعراف والعوائد الامازيغية، وكانت غاية هذا الظهير غاية تنظيمية بالاساس ، الا ان هذه الحركة جعلت من هذا الظهير مرجعا مهما في أدبياتها ، وقد اصبح في المستقبل اي حديث عن الامازيغية يربط بهذا الظهير المشؤوم .لهذا تنتقد الحركة الامازيغية هذه الحركة، واهم النقط المسجلة على الحركة الوطنية : ـ استغلال ظهير 16 ماي 1930 وجعله ظهيرا بربريا (مع ان الامازيغ لا دخل لهم في صياغة هذا الظهير) ـ وقوف هذه الحركة في وجه حركة المقاومة المسلحة (خاصة المقاومة الريفية بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي ) ـ تصفية جيش التحرير واغتيال عباس لمساعدي ـ التوقيع على اتفاقية ايكس ليبان 1955 من طرف اعضاء هذه الحركة ـ التشبع بالفكر القومي العربي والعمل على نشر هذه الايديولوجية من خلال وسائل التنشئة الاجتماعية خاصة المساجد والمدارس. ـ معاداة كل ما يتعلق بالامازيغية ، ووصف الحركة الامزيغية بانها حركة ممولة من طرف فرنسا مع أن الحركة الوطنية هي التي كانت ومازالت تتقاسم المصالح مع هذه الدولة. بالا ضافة الى مجموعة من النقط التي لا يسع المجال هنا لذكرها جميعا . ـ الحركة الأمازيغية ونقد الحركة اليسارية بالمغرب الحركة اليسارية بالمغرب نشأت اساسا من رحم الحركة الوطنية خاصة بعد انشقاق حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية 1959عن حزب الاستقلال الام، بالاضافة الى اعضاء مغاربة كانو ينتمون الى الحزب الشيوعي المغربي،الذين مغربوا الحزب واصبح يعرف فيما بعد بالحزب الشيوعي المغربي لينتقل الى حزب التحرر والاشتراكية. هكذا وقعت انشقاقات متتالية من الحزبين لتظهر في الأخير حركة ماركسية لينينية بالمغرب تجعل من التغيير الجذري لبنية المجتمع والدولة أهم الركائز في خطاباتها ، وهكذا سيطرت هذه الحركة مثلا على نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، والحركة التلامذية وقدمت مجموعة من الشهداء خاصة ضمن الحركة الطلابية .لكن هذه الحركة تسلم من الا شعور المؤامراتي الذي يؤطر العقلية العربية الاسلامية ،فكان موقف هذه الحركة من الحركة الامازيغية موقفا رجعيا، يعبر عن عدم تقبل الآخر ،خاصة في الجامعات المغربية اذ مارست بعض الفصائل الطلابية التي تنتمي الى هذا اليسار ، عنفا ماديا ورمزيا على مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية ،بالاضافة الى الاتهامات المجانية لهذه الحركة ،لكن هذا ليس موضوع نقاشنا بل ان الموضوع هو ماهي الانتقادات التي توجهها الحركة الامازيغية للحركة اليسارية بالمغرب باعتبار هذه الأخيرة تدعي امتلاك مرجعية مطلقة وتقدم مشوروعا مجتمعيا بديلا، ومن بين هذه الانتقادات نجد : ـ تشبع الحركة اليسارية بالمغرب بالفكر القومي العروبي مما يتناقض مع المرجعية الاشتراكية ـ ربط تحرر الشعب المغربي بقضية الشعوب العربية ،فلسطين والعراق خاصة ـ الدفاع على مبدأ التعريب ـ معاداة كل ما يتعلق بالأمازيغية (هوية ،تاريخا...) ـ الفكر المطلق الذي تدعيه ، واعتبار كل فكر معارض للفكر الماركسي فكرا رجعيا ـ عدم احترام الآخر خاصة العنف المادي المتبادل مع الاسلامويون ـ اعتبارها لمجموعة من الشخصيات كرموز مع ان هذه الشخصيات اثبت التاريخ انها كانت وراء اغتيال اعضاء جيش التحرير بالاضافة الى مجموعم من الانتقادات الأخرى. ـ الحركة الامازيغية ونقد( الحركة الاسلامية بالمغرب) يعتبر أول تنظيم اسلاموي بالمغرب افصح عن توجهه هو تنظيم الشبيبة الاسلامية بقيادة عبد الكريم مطيع في السبعينات من القرن الماضي ،لتظهر مجموعة من الحركات بعد ذلك في المغرب ، هدفها هو بناء الدولة الاسلامية أو الحكم بما أنزل الله حسب تعبيراتها طبعا .و أهم نقد توجهه الحركة الامازيغية لهذه الحركة الاسلاموية باعتبار هذه الاخيرة تدعي الاسلام كمرجعية لخطابها ،هو عدم انسجام الحركة مع الاسلام نفسه، باعتبار ان الدين الاسلامي هو دين التسامح والتعايش مع الآخر ويمكن تلخيص نقد الحركة الامازيغية للحركة الاسلاموية في النقط التالية: ـ استغلال الدين للوصول الى اهداف سياسية ـ تقديس اللغة العربية مع ان الدين نفسه لا يقدسها ـ خلط العروبة والاسلام وعدم الفصل بينهما باعتبار أن الاسلام دين عالمي ـ اتهامات مجانية لمناضلي الحركة الامازيغية (العمالة، الالحاد...) ـ القراءة الانتقائية للتاريخ اذ ان هذه الحركة تعتبر تاريخ الامازيغ قبل الاسلام هو تاريخ الجاهلية (عبد السلام ياسين مثلا من اهم المدافعين عن هذا الطرح) ـ معاداة كل ما يتعلق بالقضية الأمازيغية ـ تشويه هذه الحركة للعلمانية ونشرها لاشاعات تحط من قدر العلمانية باعتبار الحركة الامازيغية حركة علمانية. بالاضافة الى انتقادات اخرى ترتبط اساسا بحقيقة الاسلام والهوية الامازيغية. ـ الحركة الامازيغية ونقد النظام المخزني بالمغرب تنتقد الحركة الامازيغية النظام المخزني باعتبار هذا الاخير يبني شرعيته على النسب الشريف وبالتالي الانتساب الى العروبة ،بالاضافة الى انتقادات اخرى يمكن اجمالها في: ـ الدستو ر المغربي دستور غير ديموقراطي ـ الانتساب الى العروبة( انتماء الى جامعة الدول العربية) ـ منع الاسماء الامازيغية ـ التهميش المفروض على مجموعة من المناطق الامازيغوفونية (الريف، الأطلس، الجنوي الشرقي....) ـ مجموعة من المخططات التي تهدف الى تعريب الشعب المغربي ـ قمع الشعب المغربي ( انتفاظة الريف 1958،1984،اميلشيل،سيدي افني ،تاماسينت) بالاضافة الى انتقادات اخرى لها علاقة بالمستجدات الوطنية الخلاصة ان الحركة الامازيغية تنتقد الحركات التي تهدف الى التغيير باعتبارها ( أي هذه الحركات )تبني خطاباتها وايديولوجيتها على حقائق مناقضة لحقيقة الشعب المغربي، كما ان الحركة الأمازيغية لا تقف عند هذا الحد بل تنتقد حتى النظام الحاكم بالبلاد باعتباره نظاما مخزنيا تقليديا يبني اسسه على بنيات مغايرة لبنية المجتمع المغربي . ـ الحركة الامازيغية والنقد الذاتي اذا كانت الحركة الامازيغية تنتقد الآخر باعتباره ارتكب مجموعة من الاخطاء ،فهل تسمو هذه الحركة الى نقد ذاتها ، ام تعتبر ذاتها ذاتا منزهة عن الأخطاء . الحقيقة ان الحركة الامازيغية في نقد ذاتي مستمر، ا ذ غالبا ما تنظم لقاءات ومؤتمرات لتجديد الفعل النضالي ، ولعل طرح سؤال مالعمل من فينة الى أخرى لدليل واضح على وعي هذه الحركة بضرورة النقد الذاتي. ويمكن أن نقول أن عدم اجماع الحركة الامازيغية على مجموعة من المستجدات التي عرفتها الساحة الوطنية لخير دليل على وعي هذه الحركة (المعهد الملكي للثقافة الامازيغية نموذجا) بدورها التاريخي . والحركة الامازيغية لا تتمادى في نقد رموزها، اذ ان مبدا الدينامية والتطور من اهم المبادىء المؤطرة لخطابها ولفعلها النضالي ، ولعل الانسحابات التي عرفها المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، وكذا النقد الاذع الموجه لهذه المؤسسة لخير دليل على ايمان هذه الحركة بالنقد والنقد الذاتي . ـ خلاصة عامة الخلاصة ان النقد والنقد الذاتي ضروريان لاية حركة كيفما كانت ، لان النقد هو الطاقة الذي يزود المجتمعات بالرقي والتطور ، فمتى غيب النقد ركد المجتمع ، والمجتمعات الاوروبية لم تتقدم الا بممارستها لفعل النقد والنقد الذاتي لما كان سائدا ، فما اجمل ان ننتقد الآخرين حين نحس بان الذات و الآخر في حاجة لهذا النقد .
#محمد_انعيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوعي بالذات ،نحو فهم أعمق
-
عبد الله بن سبأ في شمال افريقيا دراسة تحليلية لنظرية المؤامر
...
-
العلمانية
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|