أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية















المزيد.....

تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 516 - 2003 / 6 / 12 - 20:24
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 

كاتب عربي يقيم في وارسو


حينما أقدمت إسرائيل على محاولة اغتيال عبد العزيز الرنتيسي القيادي في حركة حماس هرع الكثير إلى استنباط الحياة من عدم. فقد حامت التفسيرات والتأويلات للحدث على كونه ضربة قوية أو مميتة لشيء أصبح منذ اجتماع العقبة أمرا غير موجود. فخريطة الطريق كانت دمية بريطانية أمريكية اكتسبت بعض حياتها في الطريق حينما استضافا الأوروبيين والأمم المتحدة لمباركتها، ثم رمى الأمريكان الجميع على قارعة الطريق قبل التحرك إلى شرم الشيخ والعقبة.

وفي شرم الشيخ والعقبة لم يكن هناك حديث عن خريطة الطريق. ولم يستطع العمل المسرحي ذا الدقائق العلنية المعدودة أن يخفي أن الجمع لم يكن حول خريطة الطريق. فقد أعلن الجميع عربا وأمريكانا وإسرائيليين أنهم قد اتفقوا على إعلان الحرب على الإرهاب. ولم يكن خفيا أن المقصود لم يكن القاعدة. أولا، لأن الجميع يحاربها فعلا ، وثانيا، لأن هموما أخرى في المنطقة تثير قلق الأمريكان حاضرا ومستقبلا. وقد عبر عن ذلك تماما بوش في خطاب العقبة حيث أكد أن العرب في شرم الشيخ " وعدوا بقطع كل المساعدات وتدفق الأموال والأسلحة إلى المجموعات الإرهابية، وعلى مساعدة رئيس الوزراء عباس لتحرير الأراضي الفلسطينية من الإرهاب ". فلا الدول العربية المجتمعة في شرم الشيخ تقدم الدعم إلى القاعدة، ولا عباس معني بمحاربتها.

فأمريكا، ترى نفسها في ورطة في العراق. وهي أصبحت، أي الورطة، كالرمال المتحركة أية حركة فيها من الولايات المتحدة تغوص بها إلى أعماق أبعد. وهي تحتاج إلى كل المساعدات الممكنة لمنع انتشار الانتفاضة في العراق. وقد جاء بوش إلى المنطقة ليقول للعرب أن أمريكا لا تمزح. وأصبح على العرب واجبان. الأول، مساعدة شارون على إخماد الانتفاضة. الثاني، مساعدة أمريكا في العراق. أما الأول فقد كان واضحا في الإجماع العلني على تجفيف منابع الدعم للانتفاضة وقسر الحكومة الفلسطينية على تلاوة بيان إسرائيلي. أما الثاني، فستظهر علائمه في الأسابيع والأشهر القادمة. ولذلك، فقد كان واضحا أن خريطة الطريق أصبحت هي البيان الذي أدلى به شارون. وهذا باعتراف الجميع. إذ أن الكل يقول أن بوش طلب من الجانبين في الصراع أن يحدث كل واحد منهما العالم بما سيفعله لا بما يريده من الآخر.

وهكذا كان. فقد قال العرب أنهم سيحاربون الإرهاب والعنف. وقال الفلسطيني الديمقراطي أنه سيحارب الإرهاب. وقال شارون أنه سيحارب الإرهاب. ولم يكن هناك شك لدى سامع ما هو الإرهاب الذي حصل الإجماع من لدن تحالف الراغبين الجدد على محاربته.

ولذلك، فتسليط الاهتمام على خريطة الطريق في تفسير الإرهاب الإسرائيلي هو مد لها بنسغ الحياة التي نضب منها قبل انعقاد قمة العقبة. وتصبح الخريطة غير الموجودة هدفا للنضال من أجلها. فإذا كان شارون يريد تدمير خريطة الطريق فهي إذن شيء مهم. كما أن البعض الذي يرى أن خريطة الطريق قد قتلت بتحفظات شارون، يغيب عن بالهم أن تحفظات شارون لا تعادل صياغة بوش لنهاية الصراع. فقد كانت كلمة بوش محددة للحل النهائي وملغية لكل القضايا الرئيسية التي أجلتها أوسلو. فقد تبنى ما يريده شارون تماما. فقد ألغى حق العودة حينما قال في خطاب العقبة" أتعهد بقوة بأمن إسرائيل كدولة يهودية نابضة بالحياة ". بل أنه بذلك هدد الوجود الفلسطيني داخل الكيان الصهيوني. كما أنه وافق على الجسم الاستيطاني الأساسي في الضفة الغربية وقطاع غزة وبذلك حدد شكل وحجم الدولة الفلسطينية حينما شكر شارون في نفس الخطاب على " كلماته الصريحة حول الحاجة إلى الاتصال الجغرافي ". فهو يقول علنا أن فهمه للتواصل هو فهم شارون.

ولقد فهم شارون كما فهم العرب أن خريطة الطريق هي ورقة التوت للحكومات العربية لوأد الانتفاضة الجارية في فلسطين، وإجهاض الانتفاضة التي تتكون في رحم أرض العراق. لكن في لعبة التخفي يمتاز شارون عن رفقائه العرب بأنه لا يحتاج للتظاهر. فالعرب يحتاجون للتظاهر بوجود خريطة للطريق لتبرير ما سيقومون به من أعمال. كما أن شارون يحتاج لعدم التظاهر حتى يبرر ما يقوم من أعمال.

فالذي يحتاج إلى تفسير ليس قيام شارون بإرهابه، وإنما توقيت القيام به. فشارون يعرف أن الجميع أجمعوا في شرم الشيخ والعقبة على إنهاء الانتفاضة. وهو حينما قام في اليوم التالي على انعقاد قمة العقبة بمواصلة ما اعتاد عليه جيشه من اقتحام، وتدمير، واغتيال فإنما كان ينفذ مبدئيا ما تم الاتفاق عليه. وما تم الاتفاق عليه ينسجم عقائديا وسياسيا مع توجهات بوش وشارون. فبوش يرى أن القوة هي الوحيدة الكفيلة بحل القضايا. وهذا ما يراه شارون. فليس هناك خلاف مبدئي حول الموضوع. كما أن بوش يرى أنه لا بد من إنهاء الانتفاضة لأسباب أمريكية وإسرائيلية. كذلك يرى شارون أنه لا بد من إنهاء الانتفاضة لأسباب إسرائيلية. فكل الأسباب العقائدية والسياسية، إضافة إلى ما تم في قمتي شرم الشيخ والعقبة، تؤكد ضرورة إنهاء الانتفاضة. وكلنا يعرف أنه لا يمكن إنهائها إلا بالعنف. ولذلك فما قام به شارون لم يكن لتدمير خريطة الطريق لأنه بعد القمتين لم يعد وجود لها. كما أنه أمر طبيعي لأنه منسجم مع كل شيء التوجه العقائدي، والضرورات السياسية، والتوافق العربي الأمريكي الإسرائيلي. فقيام شارون باستعمال العنف لا يحتاج إلى تفسير، بل عدم قيامه به هو الذي يحتاج إلى تأويل لو لم يجر.

لكن الإشكالية الموجودة على الأقل ظاهريا هي في تفسير التوقيت. فمن حق المرء أن يسأل إذا كانت خريطة  الطريق ورقة توت فلم لم يعط بعض الوقت لها حتى تستر عورة من أعطيت لهم لحين معقول. وتتضمن الإجابة أسبابا موضوعية وأخرى ذاتية. فمن الناحية الموضوعية، يدرك شارون أن الديمقراطي الفلسطيني ليس لديه القوة الفعلية لتنفيذ ما تعهد به. وإذا طال الانتظار فقد تسقط حكومته بفعل تصاعد انكشافها. وربما كان التصور الإسرائيلي أن اغتيال الرنتيسي قد يخلق حالة من الاضطراب السياسي في المجتمع الفلسطيني قد تؤدي إلى الاقتتال الداخلي. ومثل هذا التصور الإسرائيلي لا ينبني على وقائع بل على أحكام أيضا. وإذا كان كذلك فلا بد من البحث عن الخلل في الأحكام الإسرائيلية على الواقع  الفلسطيني. وقد بدا واضحا ذلك في الاضطراب الإسرائيلي عشية فشل المحاولة. فقد أعدوا كل شيء على أساس نجاحها، ثم تأخروا لساعات قبل أن يستعيدوا صوابهم بعد فشلها. فنجاح العملية في ظنهم قد يقود إلى بدء مواجهة فلسطينية.

وتبقى مسألة الانزعاج الأمريكي. فهي قد تكون صورية لإبقاء مسافة ولو قليلة بينهم وبين العمل الإسرائيلي. وقد تكون حقيقية من حيث فشلها من ناحية، ومن حيث أنها بداية خاطئة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وإذا كان الانزعاج الأمريكي حقيقيا، فهو عابر، لأن العملية تقع في نطاق المتفق عليه، والمعتقد به. بل أن هذا الفهم واضح من تصريح لرئيس دولة عربية انتقد توقيت العمل الإسرائيلي.

لقد بلغ التضليل السياسي والإعلامي درجة من التطور والتفنن أصبح السراب فيه واحات يستفيء الناس بظلالها. وهذا شأن خريطة الطريق، لم نقرأ ما قاله بوش، أو شارون، أو عباس أو العرب الآخرون، بل وقر في عقولنا مصطلح خريطة الطريق لكثرة ترداده. وقد كان بإمكاننا أن نحول السراب إلى حقيقة لو قيدناه بأهدافه. فشارون لم يعمل على تدمير خريطة الطريق التي حشيت بها أذهاننا لأنها لا توجد، لكنه ينفذ خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في شرم الشيخ والعقبة.

كنعان



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة إيفيان: خريطة طريق إلى أين؟
- خريطة الطريق : الانتقام من الانتفاضة
- تغيير الخريطة العربية: منطقة التجارة الحرة
- تأمين الغنيمة
- زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- العجلة الأمريكية لرفع الحصار عن العراق
- مستقبل الجامعة العربية
- الإخفاق الأمريكي الذريع
- قمة بوش وبلير
- معذرة بغداد
- تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية
- الديمقراطي الفلسطيني
- قمة تسليم مفاتيح بغداد
- الإفلاس السياسي للقيادة الفلسطينية
- مبدأ بوش: الحياة يستحقها الأقوياء فقط
- الديمقراطية الأمريكية
- مؤتمر استنبول لمنع الحرب!
- مؤتمر التضليل السياسي


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية