أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إياد العبدالله - الشباب السوري ولعنة الاغتراب














المزيد.....

الشباب السوري ولعنة الاغتراب


إياد العبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1733 - 2006 / 11 / 13 - 08:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أجمل القش
يفقد نضارة بشرته
تحت الأغلال

( ... )

كثيرا ما كانت "الحكمة" القائلة: "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب" هي الحكمة التي طالما رددها مدرسينا على مسامعنا أو طلبوا كتابتها في أعلى السبورة.وذلك بالطبع، ليس بهدف إنشاء جيل حكيم،وإنما بهدف إنشاء جيل مشبع بقيم الطاعة والامتثال.وقد كانت الترجمة العملية لهذه "الحكمة" هي آلية "الحفظ والتلقين" المعتمدة في العملية التربوية,والتي هي ـ هذه الآليةـ بفضل النمط الفوقي التسلطي الذي تتضمنه في التعامل مع الطلاب, تقوم تدريجيا, بالقضاء على إمكانية أن يعبر هؤلاء الطلاب عن أنفسهم عبر آليات المبادرة والمشاركة والحوار، مما سيؤسس بالتالي لقذف العقل بعيدا وتحريم النقد وإعلاء فضائل التلقين وتعطيل الخيال ... الخ.


بكلمة أخرى تقف هذه العملية التربوية ضد نفسها عندما تعتمد على آلية " الحفظ والتلقين " التي تستبعد عمليات التفكير من إدراك وتذكر فعال وتخيل وتحليل وتركيب وتجريد وتعميم ومحاكمة وإبداع.

عندما سيدخل هؤلاء الطلاب إلى الجامعة لن يتغير عليهم الشيء الكثير فالآلية التلقينية الفوقية هي التي تعتمد في التعليم، وما على الطلاب في هذه الحالة إلا الاستمرار بما أتقنوه سابقا. هذا بالإضافة إلى المستوى المتدني للكتاب الجامعي الذي يصح عليه وصف الدكتور عزت السيد أحمد بأنه " مقبرة التعليم الجامعي في سورية " (جريدة تشرين، العدد 8910)

ليست طوارئية التعليم هذه إلا امتداداً أو نتاجاً لحالة طوارئ لازالت تثقل على المجتمع السوري منذ أكثر من أربعين عاماً. وحالة الطوارئ هذه ما هي إلا نتيجة طبيعية لكل ثورة تفصح عن نفسها على أنها الوليدة الشرعية الآتية من التزاوج الذي تم بين الضرورة التاريخية والفضيلة الوطنية. تنطوي حالة الطوارئ على فهم خاص للكينونة الاجتماعية، قائم على تراتب هرمي يقسم المجتمع إلى مستويين: أعلى (السلطة) و أسفل (المجتمع)، يعطي للسلطة مضمونا " رسالياً " يهدف إلى تطوير وتحضير المجتمع الذي تتجلى عناصره على أنها كم منفعل، أو سديم لا ملامح له. وهذا ما سيظهر السلطة على أنها علّة وجود هذا المجتمع و شرط تشكله. كما يقوم منطق الطوارئ بتأميم التاريخ وإعادة إنتاجه بحيث يظهر أداءه أشبه بأداء البوليس، فصيرورته هي باتجاه التخلص من كل ما يعيق تقدمه نحو الأهداف الكبرى . وهذا ما سيعطيه مضموناً غائياً، فهو يسير إلى نهاية ـ مشرقة بالطبع ـ ولا يعرف الطريق إليها إلا من استدعاه التاريخ لأداء هذه المهمة.

سيترعرع الشباب السوري في مواجهة ما يتخلق عن حالة الطوارئ من قوى ومهام متعالية عن مستوى البشر، (التاريخ، التحرير، الوحدة، البيروقراطية، الأمن...)، وسينوء تحت حملها الثقيل، وهو الذي يعاني من هامشيته، وعدم أخذ رأيه فيما يتعلق بحياته الشخصية، فما بالك بمصير الوطن. هذا بالإضافة إلى الفجوة المعرفية التي تفصله عن العالم، وتمنعه من محاولات التأقلم والتفاعل معه. بالإضافة أيضا إلى مشاكل العمل والبطالة، الحب و الزواج...

إنه جيل فقدان الأمل بامتياز.ولهذا لا يجد مجالا للتنفيس إلا بالهجرة أوالحلم بها ، وبالإرهاب أو بالانزواء في تجمعات مغلقة و مفصولة عن بعضها البعض. أي انتماء نستطيع أن نتحدث عنه في مجتمع بلا نوافذ ؟

إن مرجعيات الانتماء عند هؤلاء الشباب دائما خارجية، فهي إما مستمدة من الماضي الذي مضى، أو من الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً، أو من فراغ لا اطمئنان فيه. أما الواقع الحاضر فهو دائماً مصادر لصالح إحدى هذه المرجعيات وغيرها، ولهذا يعيش هذا الشباب واقعه بشكل سحري، فهو لا يدرك واقعيته إلا بقدر ما يتماهى مع إحدى النماذج أو الشخصيات التي تتيحها له هذه المرجعيات، حيث يعي وجوده من خلالها، ممارساً في هذا نوعاً من الكوجيتو الخاص به: " أنا فلان إذاً أنا موجود ". أي أنه يكف عن أن يكون نفسه، إنه غيره.



#إياد_العبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية الوطنية..سورية الديمقراطية
- شذرات من وحي الشهيدة هدى أبو عسلي
- الشباب الجامعي السوري: محاولة تصنيف
- الشباب السوري.. السياسة والانتماء
- الشباب السوري: بين جهاد الإقصاء وجهاد الحضور
- الحوار/المظاهرة... وموضة الإساءة إلى السوريين
- حلفاء الفراغ...
- المجتمع السوري في وعي نخبه


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إياد العبدالله - الشباب السوري ولعنة الاغتراب