|
محبة الكراهية فضيلة إلهية
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 7751 - 2023 / 10 / 1 - 08:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قرأت مقال الأستاذة الكبيرة/ فاطمة ناعوت : الكراهية رصاصة مرتدة، وشاركتها فى كل مشاعرها وكلماتها التى أصابت أهدافها الإيجابية، وأتفقت معها حتى آخر كلمة كتبتها، ثم رجعت للمقال فى اليوم التالى حتى أرى ردود فعل القراء، ووجدت خمس تعليقات وبعد قراءتهم تأثرت جداً برد واحد فقط هو الذى دفعنى لأكتب هذا المقال.
الحب المرفوض هو الحب المرضى للذات نعم, الأنانية وعدم حب الناس مرض خطير على المجتمع وأفراده، ليس مطلوب أن تحب الجميع بنفس المستوى وبنفس النسبة لأننا بشر وعواطفنا تتأثر بسلوكيات الآخرين التى نقبلها أو نرفضها لكننا لا يجب أن نكرههم من أجلها بل نتعاطف على ضعفهم وعجزهم عن أن يظهروا لهم مقدار من مشاعر الحب، والوعى الإنسانى بأهمية الحب فى حياتنا يجعلنا نتمسك به حتى لا تنزلق نفوسنا فى ظلمات الكراهية وما تنتجه من مشاعر سلبية بغيضة نحو الآخر. منذ أكثر من ثلاثة أو أربعة آلاف سنة وعالم الله الإبراهيمى يعانى من الأمراض السلبية التى أسمها الصحيح جرائم، نعم أرتكب إله وشعب إبراهيم ونسله على مدار الآلاف من السنين جرائم بشعة ضد الآخر من سفك دماء وتعذيب وقتل شيوخ ونساء وأطفال بلا رحمة، لأن إله إبراهيم أوصاهم بعدم محبة الآخر وكراهيته وبغضه لأنه يعبد آلهة آخرى ومحاربتهم بلا هوادة، ولم تعرف البشرية الحب والسلام منذ ظهر إبراهيم أو أبرام العبرانى الذى أصبح أبو الأديان الثلاثة الذى تعلم من إلهه أن يبارك الذين يباركونه ويلعن الذين يلعنونه، هكذا سيفعل إلهه بالآخرين وهكذا تعلم إبراهيم الأبن المطيع من أبيه الإله وهكذا قام إبراهيم بتعليم وتنشئة نسله على كراهية ولعن الآخرين وهذه كانت بداية وصايا إله إبراهيم والبقية تأتى!!!
الكراهية للحب هى فكرة متأصلة فى ماضينا وحاضرنا لأننا نشأنا على تربية وتعليم الله الذى نطيعه أولاً ثم تأتى إنسانيتنا فى المركز الثانى التى هى من ألد أعداء الآلهة، لا تفكر بنفسك أى بعقلك لا, المثقفون والفلاسفة والبسطاء يقولون لا تفكر بعقلك وتحب الآخر بل يقولون لك نفذ أوامر ووصايا إلهك فى نصوصه الإلهية وألغى عقلك ومشاعرك وعواطفك كما حسمها الغزالى!
الحب حرام يقول الله:
يقول الدكتور مصطفى محمود: " إن الله لم يذكر الحب إطلاقاً إلا فى حادثة واحدة عندما كانت إمرأة العزيز تراود يوسف عن نفسه قد شغفها حباً"، أى أنها أرادت علاقة غير شرعية، المعنى واضح أنها لم تكن تحبه بل كانت تشتهيه لكن العبارة التى جاءت بعد هذا الكلام غير موفقة: قد شغفها شهوة وليس حباً والدليل أنها أمسكت بملابسه لممارسة العلاقة الغير شرعية من وراء زوجها، وليس من حق أحد تجريم الحب بسبب حادثة واحدة غير سوية مثل هذه لم يصدر الله بعدها تشريعاً يحرم فيه الحب، فالفطرة الإنسانية فى الأسرة والمجتمع قائمة على الحب وبدونه يكون الإله متهم بأنه يبيح الكراهية ويحرم الحب تلك العاطفة النقية التى لولاها لكانت المجتمعات الإنسانية منذ إبراهيم وحتى الآن فى صراعات وحروب وسفك دماء لأن المشاعر المباحة هى مشاعر الكراهية، وألغى الإله أو الأديان كل ما عداها من عواطف ومشاعر ترتقى بسلوكيات الإنسان مثل الحب! الحب يبنى والكراهية تهدم، الكراهية حاضرة دائماً بينما الحب غائب لا أحد يفكر فيه، أفكار الكراهية كثيرة بينما أفكار الحب نادرة، سلوكيات البشر فى عالمنا العربى تتسم بالبغض ولا تسألنى لماذا يكفى أن تسأل نفسك ماذا يعلمونى فى البيت والمدرسة وفى المسجد والكنيسة والكنيس اليهودى؟ الإجابة سترشدك فوراً عن ينبوع الكراهية وينبوع الحب من أين جاء!
اى إله تعبد؟ مع الحب يعيش السلام ومع الكراهية يعيش القتل ورغبات سفك دماء الآخرين لأن الله قال أنهم أعدائنا وأعداءه، من المؤكد أن "جميع شرور العالم سببها غياب الحب" كما كتبت الأستاذة فاطمة فى مقالها، عندما اتعلم منذ الصغر أن كل من ليس على عقيدتى الدينية فهو عدوى لأنه عدو الله، ماذا أنتظر من تعاليم مثل هذه؟ إنها الجريمة والشر الكبير الذى يؤمن به الملايين من الناس ومستحيل أن يتنازلوا عنه، لأن العداء سلاح الضعيف الذى يختبئ خلفه لأنه فقير عاطفياً ليست لديه " شريعة الحب "، من الصعب على من لا يملك الحب ان يعطي منه شيئاً لأنه منذ صغره ولم يعطيه أحداً من عائلته او أقربائه أو مجتمعه الحب لأن الجميع مشبعين بالكراهية حتى رؤوسهم، نعم الفقير فى الحب يشعر بالجوع والعطش إليه لكن لا أحد من حوله يملكه لذلك لا يشبع ولا يروى عطشه إلا الكراهية!!
التعليق الذى تأسفت له:
فى مقالة الأخت الأستاذة الكبيرة/ فاطمة ناعوت كانت التعليقات ناقدة ضد مثال الحب الأم تيريزا، حتى الرجل صاحب التعليق الخامس الذى أعتقدت أنه سيضع التعليقات السلبية فى مكانها الذى يليق بها وجدته أنضم لفريق الكراهية للحب، بل أستعار من الكاتب الصحفى وصف الأم تيريزا بأنها: ملاك الجحيم، وأعترف بتفانيها فى العمل الخيرى لكنه يتكلم بلسان النقاد والصحفيين بأنها كانت راضية هن القوانين المجتمعية ولم يكن لديها طموح لإجراء تغييرات من شأنها إنقاذ الفقراء، ومن إيطاليا حيث أعيش أحب توضيح أن الأم تيريزا ليس رفاعة الطهطاوى أو محمد عبده أو سيد قطب، إنها إنسانة فضلت أن تعيش بهذا الأسلوب الرهبانى وخرجت من عزلة الأديرة الرهبانية، لكنها كانت إنسانة ضعيفة بالمعنى الجسدى والمعرفى لأنها لا تتمتع بمستوى ثقافى يؤهلها لأن تطرح تغييرات فى المجتمع الفقير، لأنه كان يحكمها النظام الدينى الكاثوليكى الذى تنتمى إليه ومنظمة أو جماعة القديس إجيديو التى كانت وراءأعمال الأم تيريزا وغيرها من الجماعات الدينية التى تعمل فى المجالات الخيرية، وكما يعرف الجميع فالديانة المسيحية من مبادئها عدم الإنخراط أو التدخل فى السياسة، فما بالك بأمرأة مثل الأم تيريزا لا حول لها ولا قوة ومحاصرة بالمجتمع الهندى وحكومته ومحاصرة بالفاتيكان والجماعات الخيرية الأخرى، أى أنها كانت مجرد خيال مآته يحركها الأقوياء من وراء الكواليس، وأكتفى بذلك حتى لا أخرج عن الحب ونتكلم فى أشياء يهتم بها النقاد والصحفيين ليكسبوا المال والشهرة من وراءها.
إخوتى القراء والقارئات, إن مقالة الأستاذة الكبيرة فاطمة هى تحذير لكل من يعتقد أن الكراهية هى الوصية الأولى والأخيرة التى أوصى بها الله بنى البشر، أقولها بصراحة أن مصر إنهارت من الداخل بسبب غياب الحب وتسلط القوة الضاربة للكراهية ألا وهى الوصايا الدينية التى تلعن الآخر سواء ملحد أو مؤمن، لأنه يختلف عنهم فالكراهية حاضرة والبغض الذى ينظر ويقيم الآخر على أساس دينه، من هنا كانت الإنهيارات الأسرية والمجتمعية لأنهم وضعوا الأخلاق الدينية فى مستوى أعلى من الأخلاق الإنسانية التى هى أساس الحضارة الحقيقية لأن الإنسان هو الذى يصنع حاضره ومستقبله بأخلاقه الإنسانية، وليكن العقل مصدر أستنارتكم حتى تكون شريعة الحب هى التى تهدينا إلى نعمة السلام الحقيقى.
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعتقدات وتضليل العقول
-
زلزال إله الأديان
-
أستنزاف الإنسان المصرى
-
أزمة الإنسان العربى
-
بسنت حميدة ضد وحوش الدين
-
شهود يهوه وتهمة الصهيونية
-
نهاية العالم لماذا؟
-
معتقدات الله بشرية بجدارة
-
الإنسان هو الحل الوحيد
-
الإنسان والشيطان أمام الله
-
الله ليس هو الحل
-
التنوير وإزدراء الأديان هو الحل
-
بؤساء الحداثة والتراث
-
وين الملايين يا لبنان
-
الكتابة على أمواج الإسلام الملتهبة
-
سقطت السياسة وعاشت كورونا
-
عالمنا واحد قبل وبعد كورونا
-
السماء التى لا وجود لها
-
الله أم صورة الله البشرية؟
-
الله يكذب قصصه السحرية
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
-
الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|