|
حول زلزال المغرب 2023، بالأطلس الكبير.. (بحوز مراكش وما جاورها)
بنعيسى احسينات
الحوار المتمدن-العدد: 7745 - 2023 / 9 / 25 - 15:05
المحور:
المجتمع المدني
حول زلزال المغرب 2023، بالأطلس الكبير.. (بحوز مراكش وما جاورها)
(تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة حول الموضوع، من دون ترتيب، التي تم نشرها سابقا، أود تقاسمها مع القراء الكرام لموقع الحوار المتمدن الكبير المتميز.)
أذ. بنعيسى احسينات – المغرب
زلزال الحوز ونواحيها بجبال الأطلس الكبير بالمغرب، عرى سوءة سياسات الحكومات السابقة والحالية، في التنمية القروية والجبلية، والعناية بساكنتها المهمشة المعزولة لسنين، والمتروكة لمصيرها المحتوم. فلولا الزلزال لما عَلِم هؤلاء أنهم ينتمون إلى دولة اسمها المغرب. وأنهم كادوا يكونون غير موجودين على خريطته وبجغرافيته.
في الحقيقة، ليس كل ما يظهر، هو ما يجري في الواقع، لأنه شيء وما يمكن إظهاره شيء آخر. هذه سياسة الدول الغير عادلة والغير ديمقراطية بالأساس. لهذا يمكن أن نتحدث عن طمس الحقيقة وإخفائها عن الناس، والتركيز فقط على ترويج وتبيان ما يراد تثبيته في عقول المواطنين، بأنه الحقيقة، وإخفاء أخرى حتى لا يُكتشف الواقعُ.
هل كان سكان الجبال بالمغرب العميق، ينتظرون الزلزال المدمر، ليعري عن وضعهم المزري البئيس لسنين؟ لقد ملوا الانتظار الممل لالتفاتة الدولة؛ بحكومتها وبرلمانها وأحزابها.. فلا حياة لمن تنادي لإنقاذ هؤلاء، من الفقر والتهميش والنسيان. لكن الله سبحانه، استجاب برحمته الواسعة، لتنبيه المسئولين، وجلب الخيرات للباقين.
هل تم استشارة الأرض بالسكن فيها، في منطقة محددة دون غيرها؟ فلماذا نلومها أو نلوم خالقها، عندما تزلزل تحت أقدامنا؟ إنها تتصرف بتلقائية، حسب ما أودع الله فيها من قوانين. فعلى الإنسان، أن يتقبل انتفاضتها من حين لآخر. لأن وراء زلزال الحوز، منافع آنية كانفجار عيون الماء، وتدفق المساعدات، ثم التعمير والتنمية مستقبلا.
لم تتفوق فرنسا وبعض الدول الغربية، في لعب دور المنقذين للدول المنكوبة المستعمَرة سابقا. إنها عقدة الإنسان الأوروبي الأبيض، التي لم يتخلص منها منذ فترة الاستعمار ولا يزال. فمغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس. لقد تغيرت الأحوال في العالم، وحليمة دول استعمارية الأمس، لا زالت تحتفظ بعادتها القديمة. فنحن أمة تميل لكن لا تسقط.
إن الزلزال ظاهرة طبيعية من خلق الله، لكن هو في نفس الوقت ابتلاء من عند الله، يكشف عن العلاقة بين النقمة والنعمة، وبين العسر واليسر. فهي تقوم على جدلية الخير والشر باعتبار أن وراء كل شر خير لا محالة؛ أي أن وراء كل نقمة كيف ما كانت نعمة وانفراج، ووراء كل عسر يسر، كما يقول تعالى: "إن مع العسر يسر" (صدق الله العظيم).
إن معدن المغاربة، يظهر في الأفراح والأحزان الوطنيين. فمن أفراح "المونديال 22"، إلى حزن زلزال الحوز ونواحيه 23، يتجلى هذا المعدن الصافي في التضامن والتآزر والتلاحم، وفي التضحية ونكران الذات، وفي المحبة الخالصة والوطنية الصادقة. تلك خصال راقية حميدة، لا نجدها إلا في أمة، يمتد تاريخها لأكثر من إثنى عشرة قرنا.
إن رفض المساعدات، من فرنسا والجزائر، فيما يتعلق بكارثة زلزال المغرب، تعني أن المغاربة ملكا وشعبا، لا يحتاجون إلى أي مساعدة كانت، تم تسييسها من أنظمة، تكره المغرب وتسعى لتشويه صورة البلاد والعباد، ومحاولة عرقلة وطمس كل المجهودات المبذولة؛ من تضامن المغاربة جميعهم وتلاحمهم، الذي قل نظيرها في العالم.
إن الصمت المطبق، أمام ما حدث في كارثة الزلزال في المغرب، عند أفراد الحكومة والطبقة السياسية بكل مكوناتها؛ أحزاب، برلمان وغيرها، ثم أرباب المال والأعمال والأغنياء والأعيان، يُبَينُ جليا أن هؤلاء جميعا، لا علاقة لهم بالوطن والمواطنة. إنهم أجانب، أو قل هم فوق هذا وذاك. يبحثون عن تحقيق مصالحهم الخاصة، ويتنكرون للملة والوطن.
من فاجعة الزلزال بشهدائه ودماره للمساكن في أعالي الجبال، إلى موجة البرد والأمطار والثلوج القادمة. فالباقون على قيد الحياة، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، جلهم يسكن بيوتا من البلاستيك أو خياما عادية، بدون تجهيزات ضرورية، لا تمكن من مقاومة قسوة الطبيعة. فما العمل يا أهل العقد والحل، والموت يتربص بالأطفال والمسنين؟
من التضامن الحاصل في ملحمة المسيرة الخضراء، لاسترجاع الصحراء المغربية، إلى التضامن من أجل إغاثة ضحايا أكبر زلزال في المغرب، بحماس أكبر هذه المرة. لقد هب المغاربة جميعا، من كل مناطق البلاد، لمساعدة إخوانهم في الجبال الصعبة المعقدة. إلا أن رحمة الله كانت حاضرة، بتفجير عيون وشلالات، في بؤر الزلزال.
إن جبر الضرر لساكنة الجبال إثر الزلزال الذي ضرب مناطق محددة، يدعو إلى التفكير في التنمية الجبلية عموما. هذا الأمر سيجعل حدا للتمييز الذي مكث طويلا، بين المغرب النافع والغير النافع، إن عُممتْ على الجبال والعالم القروي. نتمنى أن يكون هذا الزلزال نهاية لهذا التمييز المدمر، وتشمل التنمية المغرب كله بجباله وقراه ومدنه.
في عز أزمة الزلزال بالمغرب، وفي خضم تجند المغاربة، لجمع المساعدات وتوصيلها إلى المحتاجين المنكوبين، تظهر جماعات وأفراد، تستحوذ على المساعدات؛ بالسرقة والاختلاس والنصب والاحتيال، من أجل إجهاض هذه المجهودات النبيلة المبذولة. على الدولة، أن تضرب بيد من حديد، هؤلاء المجرمين اللاوطنيين أللإنسانيين.
على صندوق الكوارث المزمع خلقه، لإعادة تأهيل المناطق المنكوبة، من جراء الزلزال الأخير، في منطقة الحوز وما جاورها، أن لا يقف عند هذه المناطق المذكورة، بل يجب أن يشمل باقي ساكنة الجبال والقرى في المغرب العميق عموما، لأنها تعاني من الفقر المقذع، ومن الخصاص في كل شيء، ومن التهميش والنسيان.
إن صعوبة المناطق، التي تعرضت للزلزال المدمر بالمغرب، ووعورة المسالك وخطورة الطرق المؤدية لها، واستمرار الهزات الارتدادية، قد أعاقت انسياب فرق الإغاثة ومقدمي المساعدات للساكنة المنكوبة. لذا وجب التفكير في طُرُق التعامل مع الأمر حالا ومستقبلا. على الدولة أن تتكفل بالأطفال والمسنين، الذين فقدوا ذويهم وأهلهم. منذ الاستقلال إلى اليوم، نتحدث عن المغرب النافع والغير النافع. إلا أن الفرق بينهما بدأ يتسع مع الزمن، بدل أن يضيق ويتقلص. بل بدأ يشمل حتى المدن الكبرى، حيث نجد بها أحياء نافعة وأخرى غير نافعة. وهذا يقع في غياب التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي، وسوء التدبير السياسي، واستمرار سياسة الريع، وانتشار الفساد في البلاد.
لقد كان زلزال منطقة "الحوز" وما جاورها، الموت الرحيم لجل ساكنة الجبال، وليس غضب من الله. لقد تم تجاهلهم منذ زمان، إذ تُرِكوا لمصيرهم، من حيث التهميش والتخلي والنسيان. لقد كانت حياتهم خارج ظروف الحياة ذاتها، لكونهم مرغمين على العيش رغم أنف الحياة. إذ تكاد ظروفهم أن تكون أقل بكثير من ماشيتهم، من حيث الاهتمام والعناية.
مع زلزال المغرب، اختفت الأحزاب وممثلي الأمة والحكومة وأغنياء البلاد. باستثناء المؤسسة الملكية ووزارة الداخلية، والجيش والدرك والقوات المساعدة، والوقاية المدنية ورجال المطافئ.. لكن حضور المواطنين والجمعيات كان ملفت، يكاد يغطي على الكل. لقد أبان المغاربة على روح التضامن والتلاحم والتكافل، مما أبهر العالم كله.
جل سكان الجبال، كانوا يعيشون تهميشا كبيرا ولا يزالون، إلى درجة أنهم في مستوى أقل بكثير من ماشيتهم، خصوصا صيفا وشتاء. لا أحد يهتم بحاجياتهم ولا بمشاكلهم، باستثناء فترة الانتخابات، التي يصبح لهم فيها وجود، ومٌفَكر فيهم كموضوع. اليوم تَفَكرَ الله بعضهم بزلزاله الرحيم، لدق ناقوس الخطر، لإنقاذ ساكنة الجبال، الذين يعيشون خارج الحياة.
ماذا يريد رجال الدين من تعميق الجراح؟ بعد الزلزال الذي ضرب المغرب، باعتباره غضب من الله؟ لكون خروج الناس عن الصراط المستقيم؟ والمناطق المنكوبة هذه، أكثر حفظة للقرآن ذكورا وإناثا؟ فماذا قدم هؤلاء لحماية الناس، من جشع ذوي المال والأعمال، ومن المفسدين والمتسلطين والطغاة؟ ألم يكونوا معاول هؤلاء، مقابل فتات رخيص؟
لقد أبان الشعب المغربي، عن تضامنه وتلاحمه وتكافله المعتادة، إزاء المناطق التي أصابها الزلزال، بناحية مراكش وما جاورها. لقد أبهروا العالم بأفعالهم هذه، ورسخوا صور مشرقة في التعاون والتضحية والانضباط، مزودين بأحاسيس نبيلة صادقة؛ من المحبة والأخوة، وبروح الإسلام الصافي والإنسانية الخالصة.
إن الشدائد سواء كانت طبيعية وغيرها، تصنع الرجال والنساء في المغرب، وتكشف عن المعدن النقي الطاهر للإنسان المغربي. فمع زلزال منطقة الحوز بمراكش ونواحيها، تحركت آلة التعاون والتضامن والمساعدات، في كل مناطق المغرب، تتجه نحو المنطقة المنكوبة. زد على ذلك، الطوابير العملاقة للتبرع بالدم، التي فاقت كل التوقعات.
نداء واقتراح مستعجلان: على السلطات في المغرب، خلق مخيمات مؤقتة، مجهزة بكل المرافق الضرورية، في المدن الغير بعيدة عن مراكش، لفائدة ضحايا الزلزال الناجين منهم: للحفاظ على سلامتهم وأمنهم، لتقريب توزيع المساعدات لهم وضبط حاجياتهم الضرورية، لتمدرس أبنائهم ولو مؤقتا، لعلاج جرحاهم ومرضاهم والعناية بهم.
رحم الله شهداء زلزال ليلة الجمعة 08/ 09/ 2023 بالمغرب، خصوصا في حوز مراكش والمدن المجاورة له، وتغمدهم الله برحمته الواسعة، وأسكنهم فسيح جناته، مع الشهداء والصديقين. كما ندعو بالشفاء العاجل، للمصابين في هذا المصاب الجلل. لنتعلم من هذه الكوارث الطبيعية، الاهتمام بوضعية الساكنة المستضعفة.
اللهم لا نسألك رد القضاء، بل نسألك اللطف فيه. هذا الدعاء نردده كلما تعرضنا لكارثة أو مصيبة أو ضرر ما، لأن الإنسان المؤمن، يطمع دائما في رحمة الله الواسعة. اللهم ارحم شهداء زلزال منطقة الحوز بمراكش وغيرها، القريبة منها والبعيدة، واشفِ المصابين منهم، وارزُقِ الصبر والسلوان للأهل والأحباء.
#بنعيسى_احسينات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الدين والقيم والإنسان.. (18)
-
في الدين والقيم والإنسان.. (17) / أذ. بنعيسى احسينات - المغر
...
-
في الدين والقيم والإنسان.. (16) /
-
في الدين والقيم والإنسان.. (15)
-
مختلفات خاصة منها وعامة 17..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 16..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 15.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 14..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 13.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 12.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
حول المغرب والصحراء والجزائر 6.. (من منظور مغربي) / أذ. بنعي
...
-
حول المغرب والصحراء والجزائر 5.. (من منظور مغربي)
-
مختلفات خاصة منها وعامة 11.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 10.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 9.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 8..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 7..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 6..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 5.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 4..
المزيد.....
-
3 شهداء في قصف استهدف مجموعة من المواطنين في محيط خيام الناز
...
-
بين شبح المجاعة وصرخات الاستغاثة.. تحذيرات من كارثة وشيكة في
...
-
ليبيا.. تحرير عشرات المهاجرين من معسكر للمهربين في طبرق
-
طائرة إماراتية محملة بمساعدات للاجئين اللبنانيين والعائدين ا
...
-
تضامن شبابي مع فلسطين ولبنان في لندن
-
رايتس ووتش: الدعم العسكري لإسرائيل يعتبر انتهاكا للقانون الد
...
-
الأمم المتحدة تحذر جنوب السودان من -شلل سياسي-
-
لافروف ووزير خارجية إثيوبيا يبحثان تعزيز التنسيق بينهما في ا
...
-
هيومن رايتس ووتش تدعو الغرب لوقف بيع الأسلحة لإسرائيل
-
الأمم المتحدة: غزة أصبحت كوم دمار
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|