|
أمل فى المستقبل
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 7743 - 2023 / 9 / 23 - 19:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال : فى كتابك ( شاهد على بضعة أشهر من حُكم السيسى ) أنت قلت فى مقدمته : ( بدأ مقالا أستبشر فيه بالسيسى أملا فى إصلاح شامل يوفر على مصر تكلفة باهظة فى تحولها الديمقراطية فى وقت تشتعل فيه حروب أهلية فى دول الجوار . لكن السيسى خيّب الأمال ، فكتبت أنقده على أمل موضحا أُسُس الاصلاح المطلوب التى يتجاهلها مع قدرته عليها . ثم كتبت أنقده بعد فقدان الأمل ، أكتب بأساليب مختلفة أصولية ) . ولكن ألاحظ أن هجومك على الاخوان ومرسى كان أشد فى مقالات كثيرة وأكثر من كتاب . أسألك يا د صبحى : 1 ـ بعد عشر سنين من خراب مصر وقهر المصريين على يد السيسى هل لا تزال ضد الاخوان وحكمهم وهم لم يفعلوا بمصر واحد فى الميّة مما فعله السيسى ؟ 2 ـ ما الذى تريده بالضبط ؟ التيار الليبرالى الذى تؤيده ضعيف ومتشرذم وحائر بين العسكر والاخوان . وصديقك السابق فريد زهران رضى أن يكون كومبارس فى مسرحية الانتخابات الحالية . وتعرف ان الصراع بين العسكر والاخوان مستمر من عام 1952 ، وهما وحدهما القوتين الفاعلتين فى المشهد المصرى . أما انت ودعاة حقوق الانسان والدولة المدنية فلا حول لكم ولا قوة . وأمريكا التى تترجون منها التأييد لم تستطع إخراج هشام قاسم من السجن وفشلت من قبل فى الضغط على السيسى لاطلاق سراح علاء عبد الفتاح وغيره . يا د صبحى انت تعرف إن السياسة هى فن الممكن . واللى تغلب به إلعب به . وأنتم خارج الممكن ، أنتم تلعبون فى فراغ وفى عالم موازى ، بعيد عن الواقع وعن الشارع ، الشعب بعيد عنكم ، وهو يسمع للمساجد والفضائيات ، وهى بين الاخوان والعسكر . يا د صبحى إسمح لى أصارحك ليس لك ثقل ولا وزن فى الشارع . ولو افترضنا انتخابات حرة تحت اشراف الأمم المتحدة وترشحت فأنت ستسقط بالتأكيد ، وستعرف كم يكرهك الملايين . طبعا هذا لا هو تقليل من قيمتك كمفكر ولا من شخصك كانسان مستقل ونزيه ، ولكنه الواقع الأليم . أرجوك أن تعترف بالواقع وتتعامل معه حتى تقترب من الناس وتنجح فى تغييرهم . انت تعلم حبى لك فارجو أن تسامحنى فى صراحتى معك . الاجابة : بعد الشكر والتقدير للصديق القديم أقول : 1 ـ أنا ضد العسكر والإخوان منذ حوالى نصف قرن . وأرى أن الخلاص منهم لا يكون إلا سلميا وبالوعى الذى يدمّر ثقافة الاستعباد والاستبداد . هذا الوعى يحتاج عقودا فى تأسيسه وترسيخه ، ويحتاج معاناة وصبرا وإبتعادا عن الانحراط فى الصراعات السياسية ، وتعففا عن المكاسب الشخصية ليكون الداعية حُرّا ، لا يسعى لرضى أحد ولا يهمه غضب أحد . وجهادنا السلمى فى نشر الوعى هو فى تخصصنا ، دينيا بالقرآن الكريم وتاريخيا وتراثيا ، وهذا بإقتناع ( لا تقول : قناعة ) بأن الاصلاح الدينى وعلمانية الدولة الاسلامية هو الأساس . ونحن الآن ننشر عن ماهية الدولة الاسلامية ، والباب الأخير عن علمانية الدولة الاسلامية ، والفصل الأخير فيه عن علمانية الشريعة الاسلامية . وهو أحد الكتب التى ألّفتها فى مصر فى التسعينيات ونسيتها . نشرت الأول عن تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى ، ثم حاليا ننشر هذا عن ماهية الدولة الاسلامية ، وارجو أن أنشر الثالث عن ماهية الشريعة الاسلامية . هذه الكتب وغيرها مع آلاف المقالات والحلقات فى قناتنا ( أهل القرآن ) هى للإصلاح السلمى فى مواجهة الاخوان والعسكر . 2 ـ نحن ضد القفز على السلطة بانقلاب عسكرى أو فوضوى . التغير المفاجىء لا يفرز سوى فراعنة يجددون مسيرة الفساد والاستبداد . الشعب الجاهل يظل مطية لأى فرعون حالى أو فى المستقبل . النتيجة ديمقراطيات هزلية ديكورية ومعاناة أشد تجعل الناس تترحّم على الديكتاتور البائد . الشعب إذا تسلح بالوعى لا يدع مجالا لمن يخدعه بالدين أو الوطنية أو القومية . هذا الشعب الواعى يجعل الحكومة خادمة له تخشاه وتتفانى فى رضاه . 3 ـ يتفق المستبد فى الدولة الدينية مع المستبد العسكرى فى موضوع التأليه . كلاهما يزعم أنه فوق المُساءلة وأنه مثل رب العزة لا يُسأل عما يفعل ، وأنه ( الزعيم المُلهم ) أى الذى يأتيه الوحى الالهى ، بل مزاعم أكثر نستحى من ذكرها . لا يمكن التخلص من الخضوع لهذا المستبد بنوعيه إلا بالايمان بأنه مخلوق كبقية المخلوقات ، وأن الخضوع لا يكون إلا للخالق وحده جل وعلا ، وأن فى مصر من هم خير منهم ، بدليل تفوق المصرى فى الخارج فى مناخ نظيف ، وأنه من العيب فى المصريين أن يٌقال ( جهات سيادية ) تتسيد الشعب لا أن تخدم الشعب . وهذا يعنى أن نقوم بتغيير ما بأنفسنا من خضوع وخنوع ورضى بالذُّل والمهانة الى قيم الشجاعة والكرامة والتضحية ورفض أن تكون ظالما أو مظلوما أو ساكتا عن الظلم . والله جل وعلا لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم . هذا التغيير لا يحدث بين ليلة أو ضحاها ، ولا خلال سنوات ، بل عقود . 4 ـ الجيل الحالى لا أمل فيه . وصحيح أننى لو ترشحت لأى منصب فلن أنال سوى اللعنات ، ولكن من قال إننى أرضى أن أعمل بالسياسة ؟ ومن قال إننى أساسا اصلح لأى منصب ؟ لا يمكن لمفكر مصلح أن يرضى لنفسه هذا . المفكر المصلح عينه على المستقبل ، إذ لا أمل له فى الجيل الذى يعيش فيه يحاول إصلاحه وهو يرفض الاصلاح . ليس هذا إحتقارا لهذا الجيل على الاطلاق ، بل هو الفهم الحقيقى للوضع . قبل 1952 كانت هناك ليبرالية ودستور وملكية دستورية وديمقراطية قابلة للتطور . أجهض العسكر كل هذا ، وخلال عقود أسسوا ثقافة الاستعباد والخضوع والخنوع للفرعون العسكرى . الجيل الحالى هو نتاج هذا . لايمكن إصلاح هذا إلا بعقدين على الأقل من التنوير وتبصير الناس بحقوقهم . لنتذكر أن بنى إسرائيل عانوا عقودا طويلة من الاستبداد الفرعونى ، وبعد التدخل الالهى لانقاذهم ظلوا يحتفظون بإيثار السلامة والخضوع والخنوع ، ورفضوا دعوة موسى لدخول الأرض المقدسة التى كتبها الله جل وعلا لهم ، ولهذا فقد حكم الله جل وعلا على هذا الجيل بأن يتيه فى الأرض أربعين عاما ، لينتهى ويأتى جيل جديد ، وفعلا أتى الجيل الجديد الذى إنتصر . أرجو أن يحتاج المصريون الى اربعين عاما فقط . وعندما تتحق أمنيتى سأكون ميّتا من وقت طويل ، ولعلهم يتذكروننى بالخير ، فلم أُداهن ولم أُنافق ولم تأخذنى ـ فى قول ما أعتقده حقا ــ لومة لائم .!. 5 ـ أما عن السيسى والإخوان فأقول : وصل السيسى بمصر والمصريين الى الحضيض ، وزعم لنفسه أوصافا إلاهية يضاهىء بها ما قاله الاخوان عن قادتهم . لو يصحُّ أن نفترض أن الاخوان حكموا مصر عشر سنين مثل السيسى لوصلوا بها الى أسفل سافلين ، أى لخرّبوها بجهلهم وسذاجتهم وغبائهم . ليس هذا تجنيا عليهم ، فهم الذين خدعهم ضابط مغمور كان نسيا منسيا ثم إشتهر فجأة حين إرتكب جريمة غير مسبوقة ، هى ( كشف العذرية ) والتى إنتهك بها عورات الحرائر المصريات . بهذا قفز الضابط السيسى الى الاعلام ، وإصطنع التقوى فجعلوه وزيرا للدفاع فأطاح بهم . هم الذين صنعوا السيسى خلال مدة قياسية . فى حكمهم القصير أثبتوا أنهم أفشل من الفشل نفسه ، فكيف ينجحون فى حُكم مصر؟ . وقد قلت من قبل إن الإخوان ظلوا ثمانين عاما يخططون للوصول للحكم ، ولم ينفقوا ثمانين دقيقة فى التفكير فى كيفية الحكم . الاخوان شؤم فى أى وطن . بسبب ثقافتهم الوهابية لا تزال رياح الديمقراطية علينا عصيّة ، تصل الى مجاهل أفريقيا وآسيا ، دون كوكب المحمديين . يستمر الصراع بينهم وبين العسكر ، ويظل أحبّاؤنا المستضعفون فى الأرض أسرى لأكابر المجرمين من الساسيين ورجال الدين .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقاعسهم عن القتال الدفاعى
-
عن ( ولا تدخلنا في تجربة / زوجة العزيز ويوسف / يذهب جفاءا )
-
حريتهم فى التآمر وفى التحالف مع العدو
-
عن ( يكرهون القرآن الكريم / سيدة سيئة السُّمعة )
-
مدي حرية المعارضة في دولة النبى محمد عليه السلام ( 1 )
-
عن ( يا حسرة على الوفد / ملة ابراهيم حنيفا )
-
تطبيق حرية الدين والرأى في الدولة الاسلامية للنبى محمد عليه
...
-
عن ( مقتدى الصدر وليبيا / أنواع العلماء )
-
تدبر فى الآيات ( 99 : 101 ) من سورة يوسف
-
عن ( زواج المثليين و السبى / إصطبر / هذا جائز / معنى (هل ))
-
الرسول مهمته البلاغ فقط وليس مسئولا عن هداية أحد
-
عن : ( مظاهرات المثليين / الزلازل / عصمتهم الشيطانية / عنوان
...
-
حوار الله جل وعلا مع خلقه أعظم دليل على حرية الدين
-
عن ( زلزال المغرب وعلامات الساعة / معاوية وعلى وعمر بن الخطا
...
-
حرية الدين بين مشيئة الرحمن ومشيئة الانسان
-
عن ( المدد / الشذوذ والمونديال )
-
الحرية الدينية فى الدولة الاسلامية
-
عن ( إنتقاد الحسين / الشيعة والفتوحات / الطباطبائي / أعداء ا
...
-
( الاحسان / التسامح ) من القيم الأساس للدولة الاسلامية
-
عزاء ..!!
المزيد.....
-
خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب
...
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|