أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هوية ليليث














المزيد.....

هوية ليليث


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7740 - 2023 / 9 / 20 - 13:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من الثابت اليوم وبعد عدة قرون من الدراسات المقارنة، بأن أغلب إن لم يكن كل أساسيات قصة التكوين في الديانات "السماوية" ترجع إلى ميثولوجيا حضارة ما بين النهرين. إبتداء من فكرة تكوين العالم بداية من الماء، ثم خلق بقية الكون، ثم كيفية خلق الإنسان من الطين والشجرة المقدسة أو شجرة الخلود إلى قصة عقاب الآلهة للبشرية بواسطة الطوفان. وقد تطورت هذه القصص بمر العصور وبواسطة شعوب وقبائل متعددة ليحولها الشعب اليهودي في النهاية إلى سرد ملحمي ديني يحكي قصة تنقلات اليهود وعلاقاتهم ببقية الشعوب في المنطقة. غير أنه هناك العديد من الشخصيات الأسطورية التي كانت حاضرة في التراث البابلي والسومري، ولكنها اختفت بعد ذلك من التراث اليهودي، ولم يبق منها سوى آثار تكاد لا ترى بالعين المجردة. ومن هذه الشخصيات الرمزية "ليليث" المرأة الأولى، المرأة الثائرة والرافضة لسلطة الرجل آدم. السلطات الدينية المتعابقة حولت ليليث إلى ما يمكن إعتباره النقيض الموضوعي لإبليس الذي رفض بدوره السجود للكائن الطيني، رغم أن ليليث كائنة طينية بدورها وليست مخلوقة من النار كإبليس. فوفقا للكابالا اليهودية ، ليليث هي رفيقة آدم الأولى وأول إنسان "آخر" يشاركه حياته في جنة عدن وذلك قبل حواء التي جاءت لتحل محلها، غير أن إسمها أختفى نهائيا بعد ذلك ولم يعد لها أي ذكر لا في الكتاب المقدس المسيحي ولا في القرآن العربي، رغم بقائها حاضرة في الخيال الشعبي تحت صور مختلفة على غرار طائر الموت أو كما يسمى بـ"النعوشة" في بعض الجهات أو "أم الصبيان" أو "أم الذراري" في الجنوب التونسي، وهو طائر يقال إنّه يتربّص بالأطفال حديثي الولادة.
الكلمة العبرية Lilit ، التي تأخذ شكل الأكادية Lilitu، هي إسم مؤنت في اللغة السامية القديمة proto-sémitique أصله الجذر "ليل - LYL" ، والذي يعني حرفياً "امرأة الليل". ومع ذلك، في النقوش المسمارية، يشير الإسم Lilit و Lilitu إلى أرواح الرياح التي تجلب الأمراض. في اللغة الأكادية، وهي من أقدم اللغات السامية "ليل - إيتو"، هي إستعارة لكلمة "ليل" السومرية والتي تعني "الريح"، وبالذات من كلمة "نين- ليل" والتي تعني"سيدة الريح"، إلهة الرياح الجنوبية، والتي تضاف إليها في بعض الحالات كلمة "itud" أي القمر. غير أنه من الواضح أن كل الأصول المختلفة لإسم ليليث، layil ،leila أو lavlah، تشير دائما وبدون شك إلى "الليل".
يعود أول ذكر لليليث إلى الأسطورة السومرية نان وشجرة هولوبو Nanne et l arbre huluppu، المذكورة في اللوحة الثانية عشرة من أسطورة أو ملحمة جلجامش. هذا اللوح الذي يعود تاريخه إلى عام 2000 قبل الميلاد. تم نشر نصه في عام 1930 من قبل C.J. Gadd ، من المتحف البريطاني. إنه أول نص سومري تم العثور عليه يذكر كي سيكيل lil-là - ki-sikil أي "امرأة شابة هوائية"، لأنها عاشت في شجرة huluppu، التي تترجم عادة بشجرة الصفصاف على ضفاف نهر الفرات. وكان الصفصاف يستعمل في الحضارة السومرية في التعاويذ والطقوس الدينية، أما الصفصاف الابيض فقد كان يستعمل عند المرأة وقت الحيض كمطهًر، ولأغراض علاجية اخرى. هذه هي الشجرة التي أنقذتها الإلهة إنانا من المياه عن طريق أخذها وزرعها في حديقتها المقدسة في أوروك. تقول الاسطورة السومرية ان شجرة الصفصاف مقدسة، وكانت تنمو على ضفاف نهر الفرات، ثم اقتلعتها رياح الجنوب ذات يوم، وحملتها مياه الفيضان. وحينها كانت الألهة "إنانا" تتمشى على ضفاف النهر، فالتقطت الشجيرة الصغيرة وحملتها الى مدينتها اورك - الوركاء، وهناك زرعتها في حديقتها واولتها عنايتها الفائقة لتصنع من خشبها بعد ان تكبر سريرا وكرسيا. غير أن إنانا لم تتمكن من تحقيق مشروعها الأثاتي ذلك أنه بعد ان نمت الشجرة وكبرت سكنتها افعى، وبنى طائر الصاعقة المرعب "زو" على اغصانها عشا، وفي أعلى الشجرة كانت تسكن مخلوقة متوحشة تسمى ليليث. إلا ان جلجامش جاء لمساعدة إنانا وتمكن بقوته الخارقة من تطهير الشجرة من هذه الافات، فصنعت له أنانا من خشب هذه الصفصافة آلتين موسيقيتين، سمت الاولى باكو، والثانية ماكو.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة إبليس
- إنتصار إبليس
- الدوامة
- إبليس، المتمرد الأول
- بروميثيوس سارق النار
- العصيان كضرورة وجودية
- أسباب تشبت العسكر بالسلطة
- حرب العسكر ضد العسكر في السودان
- قهوة الصباح
- ليبيا وإستمرار الكارثة
- الرأس المجوفة
- مآثر العسكر في السودان
- العسكر وإمبراطورية الكذب
- العسكر طاعون الشعوب - الحلقة الثانية
- العسكر، طاعون الشعوب
- الشعر وزقزقة العصافير
- العلاقة بين الشعر والهلوسة
- المعنى الضائع
- لماذا يخاف العالم من إسرائيل؟
- عن التوكل والتوكيل والإقتراع


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هوية ليليث